إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد: المآسي التي فضحت واقعنا...

لان ما يصيب المغرب أو ليبيا أو أي شعب من شعوب العالم بسبب الكوارث الطبيعية، سبب من شأنه أن يحرك السواكن ويهز القلوب والعقول ويدعو أيضا لتأمل ما حدث ويحدث والتساؤل عما كان بالإمكان التقليل أو الحد من حجم المأساة والحد من الخسائر البشرية...

الخبر المشترك بين مراكش المنكوبة بعد الزلزال المدمر الذي هز محيط المدينة السياحية التي يقصدها ملايين الزوار ودرنة المكلومة على وقع تداعيات إعصار دانيال الذي أزال ثلث المدينة من الخارطة هو المخاوف من ارتفاع رهيب في عدد الضحايا والمفقودين جراء الكارثتين حتى انه تم فتح مقابر جماعية للضحايا في مدينة درنة التي تعيش مأساة غير مسبوقة قد لا تتضح تداعياتها قبل انتهاء عمليات الإنقاذ و تحديد الخسائر البشرية و المادية...

والأكيد أن أسباب هذه المخاوف كثيرة ولها مبرراتها ويفترض أن تدفع مختلف دول المنطقة إلى الاستنفار تحسبا لكل المفاجآت بما في ذلك تلك التي قد لا ترصدها المؤسسات المختصة في رصد الكوارث الطبيعية من زلازل و فيضانات وأعاصير ...

وقد لا يكون من المهنية أو الإنسانية في شيء الحديث عن تقصير أو تردد أو تأخر في مواجهة الفاجعتين فيما يواصل الشعبان الشقيقان في المغرب و ليبيا سباقهما ضد الزمن لإنقاذ الأرواح العالقة تحت الأنقاض ولملمة جراحيهما وتوفير الخيم الآمنة للمشردين الذين فقدوا بيوتهم. شهود عيان تحدثوا عن الجثث المتناثرة  في كل مكان في البحر وفي الوديان وتحت أنقاض المباني المنهارة، وأن نحو ثلث مدينة درنة اختفي تماما من الخارطة.. وقد تابعنا بعض الفيديوهات التي نشرت على المواقع الاجتماعية وأظهرت هول الفاجعة وصور الكثير من الأشخاص وهم يستغيثون بعد أن حاصرتهم المياه.. والأمر ذاته أيضا سجل بعد لحظات على زلزال المغرب وقد شاهد العالم الذي اهتز لوقع الزلزال وتسابق في تقديم الدعم ولتضامن مع المغرب...

المعلومات المتوفرة تشير إلى أن إعصار دانيال بلغ ذروته في ليبيا قبل أن يمر على اليونان وتركيا وبلغاريا ومصر وقطاع غزة ولذلك كانت النتائج اقل وقعا ويبدو أن اليونان سجل عددا من الضحايا بسبب السيول... لا خلاف إن ما حدث لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من وقعه وأن قوة الزلزال الذي ضرب مراكش كما قوة الإعصار الذي جرف درنة تجاوز كل التوقعات وكشف عما يمكن أن يسببه غضب الطبيعة ولكن يبقى أيضا ليد الإنسان مسؤولية عندما يتعلق الأمر بالتحولات والتقلبات المناخية الخطيرة في العالم والتي لم تعد ترفا أو مسألة غير ذات أولوية...

 والأكيد أن ما ينشر على مدار الساعة من معلومات حول عمليات الإنقاذ تؤكد أن الأمر يتجاوز بكثير إمكانيات المغرب وهو البلد الذي يمكن القول أن لديه من المؤسسات و الإدارات و الإمكانيات و الكفاءات المطلوبة في مثل هذه الكوارث و هي تتجاوز دون شك إمكانيات وقدرات ليبيا البلد الذي يعاني منذ أكثر من عقد بسبب الأزمة السياسية و الاقتصادية التي أنهكت بلدا اخترقته المنظمات الإرهابية و الجماعات المسلحة والصراعات و استنزفت ثرواته الطبيعية النفطية..

لكن الحقيقة التي لا تخفى على أعين مراقب أن تداعيات ومخلفات الكارثتين إشارة خطيرة ورسالة تحذيرية بن ما حدث يمكن أن يتكرر في أي بلد من دول المنطقة و هذا ما يتعين الانتباه له.. فالسيناريو الذي عاش على وقعه شرق ليبيا وقبل ذلك مراكش في المغرب مرعب إلى ابعد الحدود و لا احد أيا كان موقعه بما في ذلك مؤسسات رصد الزلازل و الأعاصير كان بإمكانه استباق المخاطر وتحذير السكان وليس من الواضح إن كان ذلك بسبب استحالة الأمر أو بسبب تقصير في الانتباه للخطر... والسؤال المطروح هل كان بالإمكان تفادي كل هذه الخسائر الفادحة و كل هذه المشاهد المأساوية؟

طبعا الأمر مجرد افتراضات يمكن أخذها بعين الاعتبار فقد تواتر شهادات الليبيين بشأن كميات الأمطار غير المسبوقة التي استمرت في التهاطل طوال ثلاثة أيام ولكن ظل الحديث السائد في مختلف الأوساط الإعلامية عن غيث نافع و موسم فلاحي واعد ولم تثر كميات الأمطار المتهاطلة المخاوف أو تدفع بالسلطات المحلية إلى تحذير الأهالي أو التفكير في إجلائهم إلى حين بلوغ الإعصار ذروته و حدث ما حدث وتكون المأساة التي تحتاج ليبيا معها إلى أكبر قدر من التضامن الدولي  الإنساني لتجاوز الكارثة... لا خلاف أن درنة مدينة كبيرة وهي من أجمل المناطق الليبية و قد حبتها الطبيعة بالكثير من الخصوصيات التي تتفرد بها ولكن درنة وكغيرها من المدن الليبية لم تشهد استثمارات تذكر في بنيتها التحتية وفي مستشفياتها التي باتت خارج الخدمة تماما مثل مدارسها التي لم يتسن استخدامها كفضاء لإيواء المشردين الذين يعدون بالآلاف ...والصورة تتكرر في القرى التي ضربها الزلزال في المغرب والتي انهارت بالكامل وتحول الكثير منها إلى ركام بسبب هشاشة البنايات واغلبها بنايات من الطين الذي لا يقوى أمام العواصف...

اسيا العتروس

 

 

 

ممنوع من الحياد:   المآسي التي فضحت واقعنا...

لان ما يصيب المغرب أو ليبيا أو أي شعب من شعوب العالم بسبب الكوارث الطبيعية، سبب من شأنه أن يحرك السواكن ويهز القلوب والعقول ويدعو أيضا لتأمل ما حدث ويحدث والتساؤل عما كان بالإمكان التقليل أو الحد من حجم المأساة والحد من الخسائر البشرية...

الخبر المشترك بين مراكش المنكوبة بعد الزلزال المدمر الذي هز محيط المدينة السياحية التي يقصدها ملايين الزوار ودرنة المكلومة على وقع تداعيات إعصار دانيال الذي أزال ثلث المدينة من الخارطة هو المخاوف من ارتفاع رهيب في عدد الضحايا والمفقودين جراء الكارثتين حتى انه تم فتح مقابر جماعية للضحايا في مدينة درنة التي تعيش مأساة غير مسبوقة قد لا تتضح تداعياتها قبل انتهاء عمليات الإنقاذ و تحديد الخسائر البشرية و المادية...

والأكيد أن أسباب هذه المخاوف كثيرة ولها مبرراتها ويفترض أن تدفع مختلف دول المنطقة إلى الاستنفار تحسبا لكل المفاجآت بما في ذلك تلك التي قد لا ترصدها المؤسسات المختصة في رصد الكوارث الطبيعية من زلازل و فيضانات وأعاصير ...

وقد لا يكون من المهنية أو الإنسانية في شيء الحديث عن تقصير أو تردد أو تأخر في مواجهة الفاجعتين فيما يواصل الشعبان الشقيقان في المغرب و ليبيا سباقهما ضد الزمن لإنقاذ الأرواح العالقة تحت الأنقاض ولملمة جراحيهما وتوفير الخيم الآمنة للمشردين الذين فقدوا بيوتهم. شهود عيان تحدثوا عن الجثث المتناثرة  في كل مكان في البحر وفي الوديان وتحت أنقاض المباني المنهارة، وأن نحو ثلث مدينة درنة اختفي تماما من الخارطة.. وقد تابعنا بعض الفيديوهات التي نشرت على المواقع الاجتماعية وأظهرت هول الفاجعة وصور الكثير من الأشخاص وهم يستغيثون بعد أن حاصرتهم المياه.. والأمر ذاته أيضا سجل بعد لحظات على زلزال المغرب وقد شاهد العالم الذي اهتز لوقع الزلزال وتسابق في تقديم الدعم ولتضامن مع المغرب...

المعلومات المتوفرة تشير إلى أن إعصار دانيال بلغ ذروته في ليبيا قبل أن يمر على اليونان وتركيا وبلغاريا ومصر وقطاع غزة ولذلك كانت النتائج اقل وقعا ويبدو أن اليونان سجل عددا من الضحايا بسبب السيول... لا خلاف إن ما حدث لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من وقعه وأن قوة الزلزال الذي ضرب مراكش كما قوة الإعصار الذي جرف درنة تجاوز كل التوقعات وكشف عما يمكن أن يسببه غضب الطبيعة ولكن يبقى أيضا ليد الإنسان مسؤولية عندما يتعلق الأمر بالتحولات والتقلبات المناخية الخطيرة في العالم والتي لم تعد ترفا أو مسألة غير ذات أولوية...

 والأكيد أن ما ينشر على مدار الساعة من معلومات حول عمليات الإنقاذ تؤكد أن الأمر يتجاوز بكثير إمكانيات المغرب وهو البلد الذي يمكن القول أن لديه من المؤسسات و الإدارات و الإمكانيات و الكفاءات المطلوبة في مثل هذه الكوارث و هي تتجاوز دون شك إمكانيات وقدرات ليبيا البلد الذي يعاني منذ أكثر من عقد بسبب الأزمة السياسية و الاقتصادية التي أنهكت بلدا اخترقته المنظمات الإرهابية و الجماعات المسلحة والصراعات و استنزفت ثرواته الطبيعية النفطية..

لكن الحقيقة التي لا تخفى على أعين مراقب أن تداعيات ومخلفات الكارثتين إشارة خطيرة ورسالة تحذيرية بن ما حدث يمكن أن يتكرر في أي بلد من دول المنطقة و هذا ما يتعين الانتباه له.. فالسيناريو الذي عاش على وقعه شرق ليبيا وقبل ذلك مراكش في المغرب مرعب إلى ابعد الحدود و لا احد أيا كان موقعه بما في ذلك مؤسسات رصد الزلازل و الأعاصير كان بإمكانه استباق المخاطر وتحذير السكان وليس من الواضح إن كان ذلك بسبب استحالة الأمر أو بسبب تقصير في الانتباه للخطر... والسؤال المطروح هل كان بالإمكان تفادي كل هذه الخسائر الفادحة و كل هذه المشاهد المأساوية؟

طبعا الأمر مجرد افتراضات يمكن أخذها بعين الاعتبار فقد تواتر شهادات الليبيين بشأن كميات الأمطار غير المسبوقة التي استمرت في التهاطل طوال ثلاثة أيام ولكن ظل الحديث السائد في مختلف الأوساط الإعلامية عن غيث نافع و موسم فلاحي واعد ولم تثر كميات الأمطار المتهاطلة المخاوف أو تدفع بالسلطات المحلية إلى تحذير الأهالي أو التفكير في إجلائهم إلى حين بلوغ الإعصار ذروته و حدث ما حدث وتكون المأساة التي تحتاج ليبيا معها إلى أكبر قدر من التضامن الدولي  الإنساني لتجاوز الكارثة... لا خلاف أن درنة مدينة كبيرة وهي من أجمل المناطق الليبية و قد حبتها الطبيعة بالكثير من الخصوصيات التي تتفرد بها ولكن درنة وكغيرها من المدن الليبية لم تشهد استثمارات تذكر في بنيتها التحتية وفي مستشفياتها التي باتت خارج الخدمة تماما مثل مدارسها التي لم يتسن استخدامها كفضاء لإيواء المشردين الذين يعدون بالآلاف ...والصورة تتكرر في القرى التي ضربها الزلزال في المغرب والتي انهارت بالكامل وتحول الكثير منها إلى ركام بسبب هشاشة البنايات واغلبها بنايات من الطين الذي لا يقوى أمام العواصف...

اسيا العتروس