إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي.. الفقد والهشاشة !

بقلم: فاطمة غندور

على مدى القرن لم يعبر الشمال الليبي البحري شرقا وغربا، ما يوازي هذه الفاجعة، معقبات أعصار دانييال من اليونان اتجه الى شرق ليبيا بنغازي شحات سوسة درنة البيضاء المرج..، نصفها أعلنت منكوبة وفاقدة لمقومات الحياة، ضحايا بالآلاف تحت الأنقاض، وآلاف مثلهم قتلى جرفهم السيل الهادر المجنون بلا رحمة إلى البحر الهائج، وآلاف في اضطراب نفسي فقدوا المعيل والمستقر الآمن، عانت ليبيا فقد رجالها في حروب خاسرة بفعل سلطة طاغية، منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي في تشاد أوغندا، نيكاراجوا،لبنان،إيران، وفيهم شباب بالآلاف لم نجد لهم جثامين ولا مقابر، ولانُصب اعتراف بجندي مجهول،بل وحُرمت عائلاتهم من إقامة بيوت العزاء! هذا صحيح القلب الليبي عاش عقودا مكلوما،لكن الطبيعة ظلت رحيمة عطوفة بذلك القلب، بل وملك الليبيون روحا تفاؤلية في مشهد الاعصار دانيال، إذ حمّلوا الفيديوهات أصواتهم المهللة بالغيث النافع،هم ذاتهم من هلكوا !.

واقع سياسي هش فيه انقسام، وقبله تركة نابذة لمنظومة الادارة المؤسسية، ولعقود سادت هشاشة في البنية التحتية ببلاد النفط!، لا جهوزية لمجابهة أبسط كارثة طبيعية في البلاد،نموذج ذلك ما يدلل على الهشاشة والفقد المجاني بما كان بالإمكان تخفيف مصابنا فيه، سد وادي درنة كان متآكلا، ومذكرات شارحة وصلت الحكومة والبرلمان،دراسات جيولوجية ومناخية بالجامعات الليبية منذ ثمانينات القرن الماضي تؤكد على ضرورة صيانة دورية، بل منها ما وضعت استراتيجيات بديلة بالمعابر المائية الأرضية،وبإمكان الحكومة وقتها إنجاز ذلك.

ما يبسلم الاوجاع والألم، ويدفع للثقة بنفوس حية جامعة لليبيا، التدافع الاهلي المدني، وأفراد من مدن كثيرة وصلوا شرق ليبيا،مسعفين متطوعين، وفي تواصلي مع عناصر الهلال والصليب الأحمر هبوا في عز هدير السيل والفيضان،وفقدوا رفاق لهم،بمناطق الأضرار الجسيمة،أسمعوني جملا فيها أن ما تصدره الحكومة بطرابلس،وحكومة البرلمان عبر منابر اعلامية للقنوات،من إطلاق فرق انقاذ ومعونة إغاثة، لم تطل مراكز الكارثة،ونحن في صباح اليوم الثالث!،أما الاستاذ فخري الاطرش من درنة،والذي غالبته الدموع في مكالمتي معه مساء يوم الثلاثاء: الانتشال مستمر، البحر يرمي الجثت،أكثر من أربعة آلاف ضحية تحت الانقاض،جثت وصلت عبر التيارات البحرية ،حوض ميناء درنة ممتليء بالجثت،شط الكورنيش الزوارق تواجه صعوبة في انتشال الاف الجثت حتى اللحظة انتشال جثت الكارثة كبيرة والمصاب جلل...!.

ورغم كل الساعات المفجعة والحاصل ليل الاحد فجرالاثنين،غابت التغطيات الاعلامية من ذوي الجيرة والاشقاء العرب،والعالم، لا عواجل ولا شهادات من عين المكان حتى والاحصاءات في القتلى والمفقودين تجاوزت الشقيقة المغرب التي أحزن الليبيون مصابها، قنوات اعلامية عالمية كبرى دخلت افغانستان في قلب مواقع الخطر، والقصف المتبادل فوق الرؤوس، بدت ليبيا كأن لابواكي لها في كل أحوالها قبلا وبعدا !!

 

إعلامية وكاتبة ليبية

رأي.. الفقد والهشاشة !

بقلم: فاطمة غندور

على مدى القرن لم يعبر الشمال الليبي البحري شرقا وغربا، ما يوازي هذه الفاجعة، معقبات أعصار دانييال من اليونان اتجه الى شرق ليبيا بنغازي شحات سوسة درنة البيضاء المرج..، نصفها أعلنت منكوبة وفاقدة لمقومات الحياة، ضحايا بالآلاف تحت الأنقاض، وآلاف مثلهم قتلى جرفهم السيل الهادر المجنون بلا رحمة إلى البحر الهائج، وآلاف في اضطراب نفسي فقدوا المعيل والمستقر الآمن، عانت ليبيا فقد رجالها في حروب خاسرة بفعل سلطة طاغية، منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي في تشاد أوغندا، نيكاراجوا،لبنان،إيران، وفيهم شباب بالآلاف لم نجد لهم جثامين ولا مقابر، ولانُصب اعتراف بجندي مجهول،بل وحُرمت عائلاتهم من إقامة بيوت العزاء! هذا صحيح القلب الليبي عاش عقودا مكلوما،لكن الطبيعة ظلت رحيمة عطوفة بذلك القلب، بل وملك الليبيون روحا تفاؤلية في مشهد الاعصار دانيال، إذ حمّلوا الفيديوهات أصواتهم المهللة بالغيث النافع،هم ذاتهم من هلكوا !.

واقع سياسي هش فيه انقسام، وقبله تركة نابذة لمنظومة الادارة المؤسسية، ولعقود سادت هشاشة في البنية التحتية ببلاد النفط!، لا جهوزية لمجابهة أبسط كارثة طبيعية في البلاد،نموذج ذلك ما يدلل على الهشاشة والفقد المجاني بما كان بالإمكان تخفيف مصابنا فيه، سد وادي درنة كان متآكلا، ومذكرات شارحة وصلت الحكومة والبرلمان،دراسات جيولوجية ومناخية بالجامعات الليبية منذ ثمانينات القرن الماضي تؤكد على ضرورة صيانة دورية، بل منها ما وضعت استراتيجيات بديلة بالمعابر المائية الأرضية،وبإمكان الحكومة وقتها إنجاز ذلك.

ما يبسلم الاوجاع والألم، ويدفع للثقة بنفوس حية جامعة لليبيا، التدافع الاهلي المدني، وأفراد من مدن كثيرة وصلوا شرق ليبيا،مسعفين متطوعين، وفي تواصلي مع عناصر الهلال والصليب الأحمر هبوا في عز هدير السيل والفيضان،وفقدوا رفاق لهم،بمناطق الأضرار الجسيمة،أسمعوني جملا فيها أن ما تصدره الحكومة بطرابلس،وحكومة البرلمان عبر منابر اعلامية للقنوات،من إطلاق فرق انقاذ ومعونة إغاثة، لم تطل مراكز الكارثة،ونحن في صباح اليوم الثالث!،أما الاستاذ فخري الاطرش من درنة،والذي غالبته الدموع في مكالمتي معه مساء يوم الثلاثاء: الانتشال مستمر، البحر يرمي الجثت،أكثر من أربعة آلاف ضحية تحت الانقاض،جثت وصلت عبر التيارات البحرية ،حوض ميناء درنة ممتليء بالجثت،شط الكورنيش الزوارق تواجه صعوبة في انتشال الاف الجثت حتى اللحظة انتشال جثت الكارثة كبيرة والمصاب جلل...!.

ورغم كل الساعات المفجعة والحاصل ليل الاحد فجرالاثنين،غابت التغطيات الاعلامية من ذوي الجيرة والاشقاء العرب،والعالم، لا عواجل ولا شهادات من عين المكان حتى والاحصاءات في القتلى والمفقودين تجاوزت الشقيقة المغرب التي أحزن الليبيون مصابها، قنوات اعلامية عالمية كبرى دخلت افغانستان في قلب مواقع الخطر، والقصف المتبادل فوق الرؤوس، بدت ليبيا كأن لابواكي لها في كل أحوالها قبلا وبعدا !!

 

إعلامية وكاتبة ليبية