إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين فشل الخيارات وسيطرة "اللوبيات".. منظومات فلاحية مهددة بـ "الانهيار".. !!

 

تونس ستواصل توريد اللحوم الحمراء إلى غاية سنة 2028 باعتبار أن الإنتاج الوطني لا يمكنه تلبية الاحتياجات المحلية

تونس – الصباح

هل أوشكت منظومات الإنتاج الفلاحي في تونس على الانهيار؟ ومن يقف وراء ضرب السيادة الغذائية للتونسيين؟ مشاكل الأعلاف وارتفاع الأسعار ومن يقف وراءها؟ ونقص المواد آخرها الحليب أزمات حقيقية أم هي مفتعلة كما يصفها اتحاد الفلاحة والصيد البحري؟

أسئلة حارقة تتبادر إلى الأذهان في ظرف أصبح فيه التونسي يعيش هواجس حقيقية بسبب نقص المواد الأساسية وهو الذي بات يتكبد العناء ليظفر برغيف خبز أو كيس فارينة.

 وفي سياق الحديث الرسمي عن محاسبة المحتكرين وكل من يلعب بقوت التونسيين قد نسهى عن الحديث عن إشكالات حقيقية لها علاقة بالسيادة الغذائية وهي حماية منظومات الإنتاج الفلاحي رغم التحذيرات بالانهيار منذ سنوات.

وقد ذكر تقرير سابق صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في سبتمبر 2021 “أن القطاع الفلاحي في تونس يتجه نحو الانهيار الكامل جراء السياسات والخيارات الفاشلة التي تعتمدها الحكومات المتعاقبة في إدارة هذا القطاع الحيوي الذي يمثل شريان الاقتصاد الوطني".

وكشف التقرير “أن لوبيات الفساد المتمثلة في رجال أعمال وسياسيين يسيطرون على القطاع الفلاحي هي العامل الأساسي للاتجاه بالقطاع الفلاحي نحو الانهيار حيث تحقق مجموعة منهم أرباحا على حساب الفلاح والمربي اللذان يصارعان من أجل إنقاذ مورد رزقهم والمواطن ضحية غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

كما تشكو منظومة اللحوم الحمراء العديد من الصعوبات، في ظلّ تراجع القطيع بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج، وكان مدير وحدة الإنتاج الحيواني في الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري منور الصغير تطرق منذ افريل 2023 خلال حلقة نقاش من تنظيم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بعنوان "الحلول الممكنة للصعوبات التي تواجه قطاع اللحوم"، عن "الصعوبات الكبيرة" التي تعيشها اليوم منظومة اللحوم الحمراء.

وقال إن "كلفة الإنتاج ارتفعت بشكل كبير بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، ما دفع عددا كبيرا من المربّين إلى إيقاف النشاط بالمرة، وعددا آخر إلى الاستغناء عن جزء هام من قطيعهم في انتظار الحلول"، وأشار إلى أنه أصبح هناك تراجع حاد على مستوى القطيع اليوم سواء بالنسبة للأبقار أو الأغنام، ما أثّر مباشرة على الإنتاج من اللحوم الحمراء.

وشهد معدل استهلاك التونسي من اللحوم الحمراء تراجعا من 9.5 كيلوغرام سنويا للمواطن الواحد إلى 8.3 كيلوغرام.

وفي 2018 كشفت ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى، أن تونس ستواصل توريد اللحوم الحمراء إلى غاية سنة 2028 باعتبار أن الإنتاج الوطني لا يمكنه تلبية الاحتياجات المحلية وذلك خلال ورشة عمل وطنية "لإعداد دراسة استشرافية حول منظومة اللحوم الحمراء في أفق 2030"، تحدثت فيها ممثلة عن الديوان بأن الوزارة كانت تلجأ دائما إلى التوريد إلى حدود سنة 2016 قبل أن تقرر عدم الاستيراد، لتستأنف مجددا، في 2017، عملية التوريد بالنظر إلى أن الإنتاج المحلي يبقى غير كاف لمواجهة متطلبات السوق الوطنية.

وأفادت المسؤولة أنّ استيراد الماشية الحيّة يهدف إلى تنظيم السوق ودفع الدورة الاقتصادية المحلية من خلال توفير فرص العمل للفلاحين ومربي الماشية.

وبالنسبة لمنظومة الدواجن والبيض فقد أكد ممثل منظمة الفلاحين أنها منظومة إستراتيجية وهي مرتبطة بغلاء أسعار الأعلاف، مضيفا أن ارتفاع درجات الحرارة في شهر الجويلية الأخير أثر على الإنتاج وأدى إلى نفوق الفلوس كما أثر على منظومة البيض.

وقال خرباش إنه في ظرف أسبوع سيعود تزود السوق بمادة البيض والدواجن بشكل طبيعي.

وللتذكير فان رئيس الغرفة الوطنية لتجار لحوم الدواجن تحدث الخميس الفارط عن ارتفاع أسعار الدواجن وقال في تصريح لإذاعة "موزاييك" أن أسعار الدواجن ارتفعت بشكل بسيط بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم قدرة أصحاب الدواجن على توفير آليات التبريد لمواصلة الإنتاج.

وتعد التغيرات المناخية أهم عنصر مؤثر في منظومة الإنتاج النباتي خاصة وان 94 بالمائة من المساحات المزروعة من الحبوب هي مساحات مطرية وفي هذا الموضوع قال مساعد رئيس اتحاد الفلاحين المكلف بالإعلام انه خلال العشر سنوات الأخيرة يعاني الفلاح خلال الاستعداد للموسم الزراعي من نقص حاد في الأدوية والبذور الممتازة التي لا يتوفر منها سوى 20 بالمائة رغم إنتاجياتها العالية التي تصل  إلى 70 قنطارا في الهكتار الواحد مثاب 15 قنطارا في الهكتار الواحد بالنسبة للبذور العادية.

وشدد خرباش على أن الاتحاد كان قد طالب منذ سنة 2017 بتوفير 50 بالمائة على الأقل بذور ممتازة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ودعا خرباش إلى تأسيس مجلس قومي للأمن الغذائي تحت إشراف رئيس الدولة وله سلطة تقريرية ويجتمع بشكل دوري، منوها بدور وزير الفلاحة الذي أعطى نفسا جديدا داخل الوزارة من خلال تحركاته الميدانية ومعالجته لبعض المشاكل، حسب قوله.

وكان رئيس الاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، نور الدين بن عياد، تحدث في جانفي 2023 على ضرورة رسم إستراتيجية مستقبليّة ومراجعة الخارطة الإنتاجيّة للمواد الفلاحيّة وذلك من أجل تفادي الضرر الناجم عن التحوّلات المناخيّة والانحباس الحراري وشحّ المياه.

ودعا بن عياد إلى ضرورة التفكير في إنتاج منتوجات أساسيّة بأقلّ كلفة على مستوى الماء وعبر تكنولوجيات ذكيّة من شأنها أن تهدر المخزونات المائيّة.

جهاد الكلبوسي

بين فشل الخيارات وسيطرة "اللوبيات"..   منظومات فلاحية مهددة بـ "الانهيار".. !!

 

تونس ستواصل توريد اللحوم الحمراء إلى غاية سنة 2028 باعتبار أن الإنتاج الوطني لا يمكنه تلبية الاحتياجات المحلية

تونس – الصباح

هل أوشكت منظومات الإنتاج الفلاحي في تونس على الانهيار؟ ومن يقف وراء ضرب السيادة الغذائية للتونسيين؟ مشاكل الأعلاف وارتفاع الأسعار ومن يقف وراءها؟ ونقص المواد آخرها الحليب أزمات حقيقية أم هي مفتعلة كما يصفها اتحاد الفلاحة والصيد البحري؟

أسئلة حارقة تتبادر إلى الأذهان في ظرف أصبح فيه التونسي يعيش هواجس حقيقية بسبب نقص المواد الأساسية وهو الذي بات يتكبد العناء ليظفر برغيف خبز أو كيس فارينة.

 وفي سياق الحديث الرسمي عن محاسبة المحتكرين وكل من يلعب بقوت التونسيين قد نسهى عن الحديث عن إشكالات حقيقية لها علاقة بالسيادة الغذائية وهي حماية منظومات الإنتاج الفلاحي رغم التحذيرات بالانهيار منذ سنوات.

وقد ذكر تقرير سابق صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في سبتمبر 2021 “أن القطاع الفلاحي في تونس يتجه نحو الانهيار الكامل جراء السياسات والخيارات الفاشلة التي تعتمدها الحكومات المتعاقبة في إدارة هذا القطاع الحيوي الذي يمثل شريان الاقتصاد الوطني".

وكشف التقرير “أن لوبيات الفساد المتمثلة في رجال أعمال وسياسيين يسيطرون على القطاع الفلاحي هي العامل الأساسي للاتجاه بالقطاع الفلاحي نحو الانهيار حيث تحقق مجموعة منهم أرباحا على حساب الفلاح والمربي اللذان يصارعان من أجل إنقاذ مورد رزقهم والمواطن ضحية غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

كما تشكو منظومة اللحوم الحمراء العديد من الصعوبات، في ظلّ تراجع القطيع بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج، وكان مدير وحدة الإنتاج الحيواني في الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري منور الصغير تطرق منذ افريل 2023 خلال حلقة نقاش من تنظيم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بعنوان "الحلول الممكنة للصعوبات التي تواجه قطاع اللحوم"، عن "الصعوبات الكبيرة" التي تعيشها اليوم منظومة اللحوم الحمراء.

وقال إن "كلفة الإنتاج ارتفعت بشكل كبير بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، ما دفع عددا كبيرا من المربّين إلى إيقاف النشاط بالمرة، وعددا آخر إلى الاستغناء عن جزء هام من قطيعهم في انتظار الحلول"، وأشار إلى أنه أصبح هناك تراجع حاد على مستوى القطيع اليوم سواء بالنسبة للأبقار أو الأغنام، ما أثّر مباشرة على الإنتاج من اللحوم الحمراء.

وشهد معدل استهلاك التونسي من اللحوم الحمراء تراجعا من 9.5 كيلوغرام سنويا للمواطن الواحد إلى 8.3 كيلوغرام.

وفي 2018 كشفت ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى، أن تونس ستواصل توريد اللحوم الحمراء إلى غاية سنة 2028 باعتبار أن الإنتاج الوطني لا يمكنه تلبية الاحتياجات المحلية وذلك خلال ورشة عمل وطنية "لإعداد دراسة استشرافية حول منظومة اللحوم الحمراء في أفق 2030"، تحدثت فيها ممثلة عن الديوان بأن الوزارة كانت تلجأ دائما إلى التوريد إلى حدود سنة 2016 قبل أن تقرر عدم الاستيراد، لتستأنف مجددا، في 2017، عملية التوريد بالنظر إلى أن الإنتاج المحلي يبقى غير كاف لمواجهة متطلبات السوق الوطنية.

وأفادت المسؤولة أنّ استيراد الماشية الحيّة يهدف إلى تنظيم السوق ودفع الدورة الاقتصادية المحلية من خلال توفير فرص العمل للفلاحين ومربي الماشية.

وبالنسبة لمنظومة الدواجن والبيض فقد أكد ممثل منظمة الفلاحين أنها منظومة إستراتيجية وهي مرتبطة بغلاء أسعار الأعلاف، مضيفا أن ارتفاع درجات الحرارة في شهر الجويلية الأخير أثر على الإنتاج وأدى إلى نفوق الفلوس كما أثر على منظومة البيض.

وقال خرباش إنه في ظرف أسبوع سيعود تزود السوق بمادة البيض والدواجن بشكل طبيعي.

وللتذكير فان رئيس الغرفة الوطنية لتجار لحوم الدواجن تحدث الخميس الفارط عن ارتفاع أسعار الدواجن وقال في تصريح لإذاعة "موزاييك" أن أسعار الدواجن ارتفعت بشكل بسيط بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم قدرة أصحاب الدواجن على توفير آليات التبريد لمواصلة الإنتاج.

وتعد التغيرات المناخية أهم عنصر مؤثر في منظومة الإنتاج النباتي خاصة وان 94 بالمائة من المساحات المزروعة من الحبوب هي مساحات مطرية وفي هذا الموضوع قال مساعد رئيس اتحاد الفلاحين المكلف بالإعلام انه خلال العشر سنوات الأخيرة يعاني الفلاح خلال الاستعداد للموسم الزراعي من نقص حاد في الأدوية والبذور الممتازة التي لا يتوفر منها سوى 20 بالمائة رغم إنتاجياتها العالية التي تصل  إلى 70 قنطارا في الهكتار الواحد مثاب 15 قنطارا في الهكتار الواحد بالنسبة للبذور العادية.

وشدد خرباش على أن الاتحاد كان قد طالب منذ سنة 2017 بتوفير 50 بالمائة على الأقل بذور ممتازة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ودعا خرباش إلى تأسيس مجلس قومي للأمن الغذائي تحت إشراف رئيس الدولة وله سلطة تقريرية ويجتمع بشكل دوري، منوها بدور وزير الفلاحة الذي أعطى نفسا جديدا داخل الوزارة من خلال تحركاته الميدانية ومعالجته لبعض المشاكل، حسب قوله.

وكان رئيس الاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، نور الدين بن عياد، تحدث في جانفي 2023 على ضرورة رسم إستراتيجية مستقبليّة ومراجعة الخارطة الإنتاجيّة للمواد الفلاحيّة وذلك من أجل تفادي الضرر الناجم عن التحوّلات المناخيّة والانحباس الحراري وشحّ المياه.

ودعا بن عياد إلى ضرورة التفكير في إنتاج منتوجات أساسيّة بأقلّ كلفة على مستوى الماء وعبر تكنولوجيات ذكيّة من شأنها أن تهدر المخزونات المائيّة.

جهاد الكلبوسي