هل تنجح كل الأطراف في تجاوز الإشكاليات والخروج من دائرة التصريحات النارية المغذية للخلافات
تونس – الصباح
أيام قليلة تفصلنا عن دخول الموسم الدراسي والجامعي 2023/2024 ، المقرر انطلاقه يوم 14 من الشهر الجاري وانتهاءه يوم 29 جويلية القادم، وفق الروزنامة الخاصة بالموسم الدراسي الجديد التي أعلنت عنها وزارة التربية، فيما لا يزال الخوف يخيم على الأولياء والتلاميذ والأسرة التربوية والعاملين في القطاع بالأساس، في ظل عدم الحسم في عدة قضايا وملفات حارقة لا تزال عالقة، من الجانبين الرسمي والهياكل النقابية المختصة. وهو ما من شأنه أن يلقي بثقله على مجرى الموسم الدراسي الجديد خاصة بعد أن اتجهت انتظارات الجميع للإيجاد حلول للإشكاليات والملفات المفتوحة.
وذلك بهدف الارتقاء بخدمات التعليم ويضمن مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم بالنسبة للتلاميذ في تونس، سواء في علاقة بالمطالب الاجتماعية وتسوية الوضعيات الهشة أو سد الشغورات ومراجعة البرامج التربوية والتقويم الأكاديمي أو هيكلية وتنظيمية من قبيل تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي تم التنصيص عليه في دستور 2022 ليضطلع بدوره في الإصلاحات المنتظرة والضرورية للقطاع وفق ما نص عليه الفصل 135 من الدستور الجديد ومفاده "يتولّى المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم إبداء الرّأي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجال التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ وآفاق التّشغيل". إضافة إلى وضع حد للممارسات السلبية التي أثرت سلبيا على خدمات القطاع وأدت إلى ترذيل المؤسسة التربوية والعاملين فيها خاصة منها تلك التي ترتهن التلميذ وتستنزف الأولياء وتحمّلهم مسؤوليات مضاعفة ومضنية سواء تعلق الأمر الدروس الخصوصية أو حجب الأعداد أو الإضراب عن لتدريس وغلق المؤسسات التربوية في وجوه التلاميذ باعتبارها ممارسات عرفها القطاع التربوي في السنوات الأخيرة وكانت من بين أسباب تردي مستوى التعليم وتزايد عدد المنقطعين عن الدراسة في سن مبكرة، حسب تأكيد عدد من المختصين في المجال، وذلك عبر معالجة الأسباب والدوافع والعمل على إيجاد الحلول الجذرية، خاصة أن تلك الممارسات دفعت البعض الآخر للهروب إلى القطاع الخاص الأمر الذي دفع البعض إلى تحميل المسؤولية في ذلك إلى النقابات وذلك بضرب التعليم العمومي لفائدة القطاع الخاص.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير التربية محمد علي البوغديري أكد مؤخرا أنّ عدد التلاميذ المقبلين على مقاعد الدراسة خلال الموسم الدراسي المرتقب قد شهد ارتفاعا بأكثر من 67 ألف تلميذ جديد بالإضافة إلى تعزيز الإطارات التربوية بـ760 إطارا بعد أن كان عدد التلاميذ المسجلين في العام الدراسي المنقضي في حدود مليونين و300 ألف تلميذا فيما بلغ عدد المدرسين 154309 مدرسا في جميع مستويات التعليم أي ابتدائي وإعدادي وثانوي بقطع النظر عن عدد المغادرين.
لتظل تلك الملفات والإشكاليات العالقة مفتوحة للانفجار من جديد خلال العام الدراسي الجديد خاصة في ظل إصرار سلطة الإشراف على التمسك بقراراتها وسياسة الحزم والحسم التي يعمل البوغديري على تكريسها منذ مسكه حقيبة وزارة التربية في نهاية جانفي الماضي خلفا لسلفه فتحي السلاوتي. خاصة بعد تأكيد الوزير على أن وزارة التربية ستتخذ كل التدابير والإجراءات الإدارية والقانونية المستوجبة عند الامتناع عن تنزيل الأعداد أو حضور انعقاد مجالس الأقسام وذلك على قاعدة العمل المنجز ووفقا للتراتيب المعمول بها في الغرض ومضي سلطة الإشراف في تنفذ ذلك بمنع صرف الرواتب للممتنعين وغيرها من الإجراءات الأخرى.
فمسار الإعداد والقيام بالإجراءات والمتعلقات القانونية والإستراتيجية واللوجيستية لبعث المجلس الأعلى للتربية والتعليم رسميا لا تزال في مراحلها الأولى قبل أن يتم عرض ذلك على مجلس وزاري ثم عرضه على مجلس النواب فتنظيم استشارة في الغرض. ليتواصل العمل وتسيير العملية التربوية بنفس الآليات والأدوات التي كانت معتمدة في السنوات الماضية.
كما يعد عدم الحسم في ملف المدرسين النواب خاصة أن عددا منهم لم يحصلوا بعد على مستحقاتهم والمستحقات المتخلدة بذمة الوزارة بعنوان منحة الريف ويغرها وفق ما طالبت به جامعة التعليم الأساسي سلطة الإشراف، كلها تعد من الإشكاليات التي ورثها الموسم الدراسي الجديد من القديم بما من شأنه أن يساهم في إعادة جانب من سيناريوهات المشاكل وسياسية الشد والجذب التي ميزت العلاقة بين سلطة الإشراف من ناحية والهياكل النقابية الممثلة للقطاع والمنضوين تحتها من ناحية ثانية. خاصة أن وزارة التربية عبرت عن عزمها على إعادة الاعتبار للتعليم العمومي انطلاقا من هذا الموسم الدراسي والتصدي لظاهرة الدروس الخصوصية غير المنظمة ووضع حد للممارسات غير القانونية داخل المؤسسات والفضاءات التربوية العمومية. خاصة أمام تواصل تهديد الهيكلية النقابية بتمسكها بمطالب منظوريها على اعتبار أنها استحقاق لا يمكن التنازل أو التخلي عنه. كما أكد كاتب عام جامعة التعليم الأساسي نبيل هواشي إثر انعقاد الهيئة الإدارية للجامعة العامة للتعليم الأساسي مؤخرا، " أن الهيئة خلُصت إلى أنّ القطاع مؤمن حتى النخاع بأن تسوية الإشكاليات مع الوزارة متعذّر بل مستحيل خارج إطار الحوار والتفاوض معها، فلا سبيل آخر لتسوية الإشكاليات ووضع حد لحالة التوتر والتشنج"، مشدد على أن كل أشكال النضال الأخرى متاحة من اعتصامات وتجمعات بهدف تسوية المشاكل وإشاعة مناخات طيبة ومتوازنة.
فيما أكيد البوغديري أن أبواب الوزارة ستكون مفتوحة لكل الأطراف النقابية، شريطة أن يكون الحوار في كنف الاحترام، من أجل إيجاد حل مشترك لتجنّب الوقوع في الأزمة ذاتها التي جدت العام الماضي.
فهل ينجح الطرفين في تجاوز الإشكاليات والخروج من دائرة التصريحات النارية المغذية للخلافات دون تقديم برامج ومشاريع ومبادرات حلول لقطاع التربية والتعليم، الذي أصبح في أمس الحاجة إلى تضافر جهود كل الأطراف من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذه خاصة أن الثروة البشرية وذروة النخبة تعد إحدى مميزات تونس التي تحسب لنظام التربية والتعليم والمؤسسة التعليمية العمومية في مستوياتها المختلفة.
نزيهة الغضباني
هل تنجح كل الأطراف في تجاوز الإشكاليات والخروج من دائرة التصريحات النارية المغذية للخلافات
تونس – الصباح
أيام قليلة تفصلنا عن دخول الموسم الدراسي والجامعي 2023/2024 ، المقرر انطلاقه يوم 14 من الشهر الجاري وانتهاءه يوم 29 جويلية القادم، وفق الروزنامة الخاصة بالموسم الدراسي الجديد التي أعلنت عنها وزارة التربية، فيما لا يزال الخوف يخيم على الأولياء والتلاميذ والأسرة التربوية والعاملين في القطاع بالأساس، في ظل عدم الحسم في عدة قضايا وملفات حارقة لا تزال عالقة، من الجانبين الرسمي والهياكل النقابية المختصة. وهو ما من شأنه أن يلقي بثقله على مجرى الموسم الدراسي الجديد خاصة بعد أن اتجهت انتظارات الجميع للإيجاد حلول للإشكاليات والملفات المفتوحة.
وذلك بهدف الارتقاء بخدمات التعليم ويضمن مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم بالنسبة للتلاميذ في تونس، سواء في علاقة بالمطالب الاجتماعية وتسوية الوضعيات الهشة أو سد الشغورات ومراجعة البرامج التربوية والتقويم الأكاديمي أو هيكلية وتنظيمية من قبيل تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي تم التنصيص عليه في دستور 2022 ليضطلع بدوره في الإصلاحات المنتظرة والضرورية للقطاع وفق ما نص عليه الفصل 135 من الدستور الجديد ومفاده "يتولّى المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم إبداء الرّأي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجال التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ وآفاق التّشغيل". إضافة إلى وضع حد للممارسات السلبية التي أثرت سلبيا على خدمات القطاع وأدت إلى ترذيل المؤسسة التربوية والعاملين فيها خاصة منها تلك التي ترتهن التلميذ وتستنزف الأولياء وتحمّلهم مسؤوليات مضاعفة ومضنية سواء تعلق الأمر الدروس الخصوصية أو حجب الأعداد أو الإضراب عن لتدريس وغلق المؤسسات التربوية في وجوه التلاميذ باعتبارها ممارسات عرفها القطاع التربوي في السنوات الأخيرة وكانت من بين أسباب تردي مستوى التعليم وتزايد عدد المنقطعين عن الدراسة في سن مبكرة، حسب تأكيد عدد من المختصين في المجال، وذلك عبر معالجة الأسباب والدوافع والعمل على إيجاد الحلول الجذرية، خاصة أن تلك الممارسات دفعت البعض الآخر للهروب إلى القطاع الخاص الأمر الذي دفع البعض إلى تحميل المسؤولية في ذلك إلى النقابات وذلك بضرب التعليم العمومي لفائدة القطاع الخاص.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير التربية محمد علي البوغديري أكد مؤخرا أنّ عدد التلاميذ المقبلين على مقاعد الدراسة خلال الموسم الدراسي المرتقب قد شهد ارتفاعا بأكثر من 67 ألف تلميذ جديد بالإضافة إلى تعزيز الإطارات التربوية بـ760 إطارا بعد أن كان عدد التلاميذ المسجلين في العام الدراسي المنقضي في حدود مليونين و300 ألف تلميذا فيما بلغ عدد المدرسين 154309 مدرسا في جميع مستويات التعليم أي ابتدائي وإعدادي وثانوي بقطع النظر عن عدد المغادرين.
لتظل تلك الملفات والإشكاليات العالقة مفتوحة للانفجار من جديد خلال العام الدراسي الجديد خاصة في ظل إصرار سلطة الإشراف على التمسك بقراراتها وسياسة الحزم والحسم التي يعمل البوغديري على تكريسها منذ مسكه حقيبة وزارة التربية في نهاية جانفي الماضي خلفا لسلفه فتحي السلاوتي. خاصة بعد تأكيد الوزير على أن وزارة التربية ستتخذ كل التدابير والإجراءات الإدارية والقانونية المستوجبة عند الامتناع عن تنزيل الأعداد أو حضور انعقاد مجالس الأقسام وذلك على قاعدة العمل المنجز ووفقا للتراتيب المعمول بها في الغرض ومضي سلطة الإشراف في تنفذ ذلك بمنع صرف الرواتب للممتنعين وغيرها من الإجراءات الأخرى.
فمسار الإعداد والقيام بالإجراءات والمتعلقات القانونية والإستراتيجية واللوجيستية لبعث المجلس الأعلى للتربية والتعليم رسميا لا تزال في مراحلها الأولى قبل أن يتم عرض ذلك على مجلس وزاري ثم عرضه على مجلس النواب فتنظيم استشارة في الغرض. ليتواصل العمل وتسيير العملية التربوية بنفس الآليات والأدوات التي كانت معتمدة في السنوات الماضية.
كما يعد عدم الحسم في ملف المدرسين النواب خاصة أن عددا منهم لم يحصلوا بعد على مستحقاتهم والمستحقات المتخلدة بذمة الوزارة بعنوان منحة الريف ويغرها وفق ما طالبت به جامعة التعليم الأساسي سلطة الإشراف، كلها تعد من الإشكاليات التي ورثها الموسم الدراسي الجديد من القديم بما من شأنه أن يساهم في إعادة جانب من سيناريوهات المشاكل وسياسية الشد والجذب التي ميزت العلاقة بين سلطة الإشراف من ناحية والهياكل النقابية الممثلة للقطاع والمنضوين تحتها من ناحية ثانية. خاصة أن وزارة التربية عبرت عن عزمها على إعادة الاعتبار للتعليم العمومي انطلاقا من هذا الموسم الدراسي والتصدي لظاهرة الدروس الخصوصية غير المنظمة ووضع حد للممارسات غير القانونية داخل المؤسسات والفضاءات التربوية العمومية. خاصة أمام تواصل تهديد الهيكلية النقابية بتمسكها بمطالب منظوريها على اعتبار أنها استحقاق لا يمكن التنازل أو التخلي عنه. كما أكد كاتب عام جامعة التعليم الأساسي نبيل هواشي إثر انعقاد الهيئة الإدارية للجامعة العامة للتعليم الأساسي مؤخرا، " أن الهيئة خلُصت إلى أنّ القطاع مؤمن حتى النخاع بأن تسوية الإشكاليات مع الوزارة متعذّر بل مستحيل خارج إطار الحوار والتفاوض معها، فلا سبيل آخر لتسوية الإشكاليات ووضع حد لحالة التوتر والتشنج"، مشدد على أن كل أشكال النضال الأخرى متاحة من اعتصامات وتجمعات بهدف تسوية المشاكل وإشاعة مناخات طيبة ومتوازنة.
فيما أكيد البوغديري أن أبواب الوزارة ستكون مفتوحة لكل الأطراف النقابية، شريطة أن يكون الحوار في كنف الاحترام، من أجل إيجاد حل مشترك لتجنّب الوقوع في الأزمة ذاتها التي جدت العام الماضي.
فهل ينجح الطرفين في تجاوز الإشكاليات والخروج من دائرة التصريحات النارية المغذية للخلافات دون تقديم برامج ومشاريع ومبادرات حلول لقطاع التربية والتعليم، الذي أصبح في أمس الحاجة إلى تضافر جهود كل الأطراف من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذه خاصة أن الثروة البشرية وذروة النخبة تعد إحدى مميزات تونس التي تحسب لنظام التربية والتعليم والمؤسسة التعليمية العمومية في مستوياتها المختلفة.