إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. " إسلام سياسي".. أم ديمقراطية !!.. (3)

 

لا يغرق المرء عادة، لأنه وقع في بحر متلاطم الأمواج ليس له مراد إلا إياه فهو يتشبث بكل شيء للوصول الى برّ النجاة، إنما يغرق لبقائه مغمورا تحت سطح الماء.

ذكر ذلك المنظر الأمريكي الخطير، صموئيل هنتنغتون في عام 1984 إن الإسلام لم يرحب بالديمقراطية .

مما يعني أنه عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية، ليس لدى الإسلام مصادر يمكن الاستفادة منها .

ردد هذا التأكيد من قبل هنتنغتون اتجاها شائعا، ليس فقط في وسائل الإعلام، ولكن حتى بين الفلاسفة والمفكرين في العالم العربي .

لهذا ففي منظور "الإسلاميين" الدولة أقوى من المجتمع .

بالتالي لا وجود لسلطة خامسة تتمثل في "المجتمع المدني" باعتبار أنّ الإعلام هو السلطة الرابعة والقوى الناعمة السّادسة حسب التصنيف الأحدث للقوى النافذة والمؤثرة في الدول وداخل المجتمعات .

إن التنظيمات والهيئات الاجتماعية والسياسية تبقى دون هوية مؤسسية قوية في ظلّ حكم "الإسلاميين"، وهي الاستثناء، في حين أنّ المجموعات غير الرسمية هي القاعدة (أنصار الشريعة على سبيل الذكر..) وستكون هذه قبل كل شيء بمثابة أداة للتعاون والدعم للسلطة، التي تقوم علاقاتها السياسية على الزبائنية .

خلّفت هذه الرّؤية صداما قاتلا بين حركة "النهضة" والنخب التونسية  .

فشلت الحركة في التموقع داخل المنظمات والجمعيات والهياكل المهنية الممثّلة، من محامين ومهندسين وأطباء وكتاب وأصحاب مهن حرة .

عجزت عن استقطاب أيّ من الوجوه المثقفة والمبدعة البارزة  .

حتى الذين قاربوها وهم  قلَة قليلة كانوا يقومون بذلك  بالأساس لأسباب انتهازية، بحثا عن منصب أو طمعا  في منفعة أو فائدة أو حتى خوفا من انتقام  .

من المفارقات أنّ الحركة نفسها لم يبرز من داخل صفوف مناضليها مبدع أو كاتب أو فنان واحد  .

بالتالي وجدت نفسها أمام تلك المعادلة الصعبة، ثنائية:  دولة ضعيفة ومجتمع مدني قوي .

خلّفت هذه الحالة وجود أكثر من "نهضة"، "نهضات" متباينة متنافرة في مقارباتها، الى حدّ علت  فيه أصوات داخل التنظيم نفسه تدعو الى الحاكمية الإلهية مقابل سيادة البشر، وسلطان الشريعة المتعالية مقابل سلطة الشعب،  لنا في الصادق شورو النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة ودعوته في مداخلته بالمجلس إلى "قتل " أو "قطع أيدي وأرجل" المعتصمين، نموذجا في ذلك .

كان يمكن ألاّ  تفشل الحركة،  لأنها ببساطة وجدت ألف حلّ وبلغتها ألف نصيحة لكنها لم تعمل بها، أعمى قيادتها غرور السلطة والتمكّن من الدولة ووجود خونة ومرتزقة لا يفوّتون فرصة ليركبوا على الأحداث، كما الأخطر أنّ طبيعة العقل السياسي المتعصّب تجعله لا يستطيع أن يفكّر باعتبار انّه عقل غير قادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها.

سيبقى هذا الفشل مرا إذا لم تبتلعه القيادة التي ترفض الى اليوم أيّ عملية مراجعة أو نقد ذاتي.

حكاياتهم  .. " إسلام سياسي".. أم ديمقراطية !!.. (3)

 

لا يغرق المرء عادة، لأنه وقع في بحر متلاطم الأمواج ليس له مراد إلا إياه فهو يتشبث بكل شيء للوصول الى برّ النجاة، إنما يغرق لبقائه مغمورا تحت سطح الماء.

ذكر ذلك المنظر الأمريكي الخطير، صموئيل هنتنغتون في عام 1984 إن الإسلام لم يرحب بالديمقراطية .

مما يعني أنه عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية، ليس لدى الإسلام مصادر يمكن الاستفادة منها .

ردد هذا التأكيد من قبل هنتنغتون اتجاها شائعا، ليس فقط في وسائل الإعلام، ولكن حتى بين الفلاسفة والمفكرين في العالم العربي .

لهذا ففي منظور "الإسلاميين" الدولة أقوى من المجتمع .

بالتالي لا وجود لسلطة خامسة تتمثل في "المجتمع المدني" باعتبار أنّ الإعلام هو السلطة الرابعة والقوى الناعمة السّادسة حسب التصنيف الأحدث للقوى النافذة والمؤثرة في الدول وداخل المجتمعات .

إن التنظيمات والهيئات الاجتماعية والسياسية تبقى دون هوية مؤسسية قوية في ظلّ حكم "الإسلاميين"، وهي الاستثناء، في حين أنّ المجموعات غير الرسمية هي القاعدة (أنصار الشريعة على سبيل الذكر..) وستكون هذه قبل كل شيء بمثابة أداة للتعاون والدعم للسلطة، التي تقوم علاقاتها السياسية على الزبائنية .

خلّفت هذه الرّؤية صداما قاتلا بين حركة "النهضة" والنخب التونسية  .

فشلت الحركة في التموقع داخل المنظمات والجمعيات والهياكل المهنية الممثّلة، من محامين ومهندسين وأطباء وكتاب وأصحاب مهن حرة .

عجزت عن استقطاب أيّ من الوجوه المثقفة والمبدعة البارزة  .

حتى الذين قاربوها وهم  قلَة قليلة كانوا يقومون بذلك  بالأساس لأسباب انتهازية، بحثا عن منصب أو طمعا  في منفعة أو فائدة أو حتى خوفا من انتقام  .

من المفارقات أنّ الحركة نفسها لم يبرز من داخل صفوف مناضليها مبدع أو كاتب أو فنان واحد  .

بالتالي وجدت نفسها أمام تلك المعادلة الصعبة، ثنائية:  دولة ضعيفة ومجتمع مدني قوي .

خلّفت هذه الحالة وجود أكثر من "نهضة"، "نهضات" متباينة متنافرة في مقارباتها، الى حدّ علت  فيه أصوات داخل التنظيم نفسه تدعو الى الحاكمية الإلهية مقابل سيادة البشر، وسلطان الشريعة المتعالية مقابل سلطة الشعب،  لنا في الصادق شورو النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة ودعوته في مداخلته بالمجلس إلى "قتل " أو "قطع أيدي وأرجل" المعتصمين، نموذجا في ذلك .

كان يمكن ألاّ  تفشل الحركة،  لأنها ببساطة وجدت ألف حلّ وبلغتها ألف نصيحة لكنها لم تعمل بها، أعمى قيادتها غرور السلطة والتمكّن من الدولة ووجود خونة ومرتزقة لا يفوّتون فرصة ليركبوا على الأحداث، كما الأخطر أنّ طبيعة العقل السياسي المتعصّب تجعله لا يستطيع أن يفكّر باعتبار انّه عقل غير قادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها.

سيبقى هذا الفشل مرا إذا لم تبتلعه القيادة التي ترفض الى اليوم أيّ عملية مراجعة أو نقد ذاتي.