هو واحد من اساطين العزف على الة الكمنجة في تونس وعلى المستوى العربي أيضا.
البشير السالمي نحت نجاحه الموسيقى من ذاته التواقة الى الأفضل والارقى والاجمل في الحياة. نذر جهده للموسيقى مؤمنا بجدوى رسالته الفنية. ارتبط بعلاقة وجدانية عميقة مع الة الكمنجة في رحاب فرقة الإذاعة التونسية، هذا الصرح الإبداعي الذي كانت بصمة البشير السالمي واضحة وعميقة ُثابتة في مسيرتها قبل ان تمتد لها ايادي الجحود وهو ما كان له عميق الأثر في نفسية مبدع –مازال وسيبقى متفائلا- في هذا الزمن الصعب فاختار التأسيس ثم التأثيثلإنتاجات موسيقية متفردة في مضامينها قوامها نفض الغبار على رواد لفًهم تيار النسيان والتناسي فكسب الرهان لإيمانه بان من لا ماضي له لا مستقبل امامه وهو ما يكشفه لنا في هذا الحوار معه:
**لو نتصفح معك دفتر الذكريات ماذا نقرأ بخصوص بداية العلاقة مع الموسيقى؟
-الموسيقى كانت حلمي الذي كنت أتمنى تحقيقه, كنت في المرحلة الثانوية بالقيروان اتابع تمارين فرقة الموسيقى التابعة للشبيبة المدرسية بالمعهد كنت مشدوها بالعازفين الشبان وكنت منبهرا بطريقة مسك الآلات الموسيقية والتعامل معها بدقة وانتباه ، كنت اغمض عيني واعيش لحظات العزف وانا امني النفس بان أكون احد هؤلاء. كنت مواظبا على حضور تمارين الفرقة الى درجة انني حفظت عن ظهر قلب ما كانوا يقومون به ولم يقف الامر عند هذا الحد فكنت اعيد ما استمعت اليه في المنزل من خلال استعمال اواني المطبخ في غياب الاهل.
تمكن مني حب الموسيقى الى حد لا يوصف فاتصلت بالأستاذ المدرب للموسيقى في فرقة الشبيبة الموسيقية وسألته كيف يمكن لي تعلم الموسيقى اجابني ان اول شرط يتمثل في توفر الموهبة والصبر والجدية والإرادةالحرة والتواقة الى الأفضل
حرصت على كسب الرهان، فالحياة تحديد مصير واعتقد انني اخترت هذا الاتجاه الصعب عن ايمان به وعشق كبير.
هل اخترت العزف على آلة الكمنجة ام هي التي اختارتك؟
-لا اخفي سرا اذا قلت ان بدايتي في عالم الموسيقى كان من خلال العزف على الة الناي لسبب وحيد هو عدم توفر عازف على هذه الالة بالمعهد الذي ادرس فيه وبعد حوالي العام تغير الاتجاه الى الة الكمنجة التي وجدت انها مناسبة لي ناهيك وان نغمات الناي يغلب عليها طابع الشجن وانا بطبعي ابحث على التفاؤل والطموح وارتبطت وجدانيا بالة الكمنجة
متى التقيت الجمهور عازفا على آلة الكمنجة، لأول مرة؟
-كنتعازفا على الة الكمنجة ضمن فرقة الموسيقى للشبيبة المدرسية حيث كانت لنا عديد المشاركات باسم المعهد في الكثير من التظاهرات والملتقيات الموسيقية المدرسية الى جانب المشاركة في أسابيع الفن تحت اشراف وزارة الشؤون الثقافية وتحصلت في احد هذه الأسابيع على احدى الجوائز الكبرى وقد سلمني إياها الأستاذ فتحي زغندة
تواصل نشاطي في المجال الموسيقى بكل عشق وجدية ومسؤولية الى ان وصلت الى رتبة المشرف على المنتخب الجهوي للموسيقى بالقيروان الذي برز بشكل لافت ومبهر في العديد من المشاركات على الصعيد الوطني منها على وجه الخصوص في الحفل الذي احتضنه قصر الرياضة بالمنزة سنة 1973
وماذا عن كيفية الالتحاق بفرقة الإذاعة للموسيقى ؟
-مثلت سنة1974 ابرز واهم محطة في مسيرتي الموسيقية حيث انتقلت من مرحلة الهواية الى مرحلة الاحتراف فقد صادف ان زار الأستاذ الراحل علي السريتي رئيس مصلحة الموسيقى بالإذاعة التونسية القيروان لمتابعة تمارين المنتخب الجهوي للموسيقى بها الخاصة بإعداد اوبيرات احتقالا بعيد ميلاد الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة. وبعد الانتهاء من عملنا طلب مني الأستاذ علي السريتي الالتحاق بالإذاعة التونسية والح علي بضرورة المشاركة في برنامج " نجوم الغد" الذي كانيشرف على اعداده صحبة الموسيقي الراحل صالح المهدي لفائدة التلفزة الوطنية
تم ذلك وعزفت موسيقى " فكروني " لام كلثوم ليتم بالإجماع التحاقي بفرقة الإذاعة للموسيقى حيث كانت البداية برتبة عازف ثم تسلقت سلم الترقية الى صنف عازف اول حيث كنت في كل حفل موسيقى اعزف استخبارا
وفي 1993 ارتقيت الى رتبة قائد للفرقة الموسيقية للإذاعة بعد بلوغ الراحل محمد اللجمي سن التقاعد القانوني وقضيت 14 سنة مشرفا عليها حيث سعيت الى تجديدها من خلال إعادة فتح استوديو 8 للتسجيلات الموسيقية لكني صدمت بقرارات لم اكن اتوقعها منها ان كل من يبلغ سن التقاعد القانوني لا يتم تعويضه رغم مراسلاتي العديدة الى المشرفين على مؤسسة الإذاعة التونسية و الوزارة الأولى ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تم غلق استوديو 8 في وجه الانتاجات الموسيقية والفنانين الذين كانوا يجدون ملاذهم في هذا الاستوديو لتسجيل أعمالهم والترويج لها، لاقتنع أخيرا انها نهاية هذه الفرقة عن قصد. امر حز في نفسي . انه " اعدام " لصرح موسيقى عريق دون سبب مقنع
ولم تسلم من هذا القرار الجائر فرقة الرشيدية و فرقة الموسيقي لإذاعة صفاقس التي اندثرت بشكل مؤلم
الا تعتقد ان تغير الذائقة الفنية اليوم وراء هذا الموقف من الفرق الموسيقية الوترية القارة رغم مشروعيتها التاريخية؟
-انا مع التجديد والتطوير الموسيقي على ان لا يكون ذلك ب" اعدام " ما تم إنجازه وتحقيقه سابقا وعلى امتداد عقود طويلة , ففرقة الإذاعة للموسيقي شانها في ذلك شان الرشيدية وفرقة الإذاعة الجهوية للموسيقى بصفاقس وغيرها من الفرق المحترفة الأخرى كتبت بشموخ وبأحرف من ذهب تاريخ الموسيقى في تونس وكان حضورها حاسما ومتوهجا في الترويج للإنتاج الموسيقى الوطني. انه مؤلم ان أرى اليوم فرقة الإذاعة للموسيقى يلفها التجاهل والنسيان وحتى التنكر والجحود لما قدمته على امتداد اكثر من 4 عقود
منذ 2008 بدأت عملية " اغتيال " الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية والنتيجة اليوم ما نعيشه من فوضى نتيجة تدني المستوى الموسيقى على اكثر من مستوى
اضمحلال فرقة الإذاعة للموسيقى –ورغم حالة اليأس التي تعيشها-اراك اليوم اكثر إصرارا على مواصلة رسالتك الموسيقية؟
-قدر الفنان العمل حتى في احلك الظروف ورغم العراقيل والصعوبات فانا لا أرى نفسي بعيدا عن الموسيقى فهي متنفسي والسلوى التي اهرب اليها لأعيش معها أروع اللحظات الوجدانية
اميل اليوم الى انتاج الاعمال الفنية الكبرى من نوع " الاوبيرات" من ذلك انني في 2002 قدمت على ركح مهرجان قرطاج اوبيرات " غن يا بلبل " احتفاء بمسيرة الفنان الخالد علي الرياحي وفي 2005 قدمت على ركح مهرجان قرطاج أيضا عرض " الفن الفن" احتفاء بمسيرة الفنان الخالد محمد الجموسي
وهذه الصائفة اعددت وقدمت اوبيرات " غدوة العرض" في افتتاح الدورة الثانية لمهرجان الفسقية بالقيروان باقتراح من هيئة المهرجان
ماهي خصوصية " غدوة العرض"؟
-" غدوة العرض " عبارة عن رحلة موسيقية وثائقية لخمسة من اعلام القيروان وروادها في الموسيقى والغناء خلال فترة الثلاثينات والاربعينات والخمسينات من القرن الماضي وهؤلاء الخمسة هم –شيخ المالوف حمودة الزرقاء ويحفظ له التاريخ مساهمته الكبيرة في اثراء خزينة الرشيدية بالعديد من الاعمال والانتاجات الفنية والثاني هو المطرب الصادق ثريا الذي كان له شرف اكتشاف المطربة الراحلة وردة الجزائرية علاوة على اعماله الموسيقية التونسية الاصلية
ثالث هذه الأسماء الراحل قاسم الشواشي وقد كان صاحب محل للحلاقة والفن من خلال تخصيص قاعة ضمن محل الحلاقة للموسيقى والابداع فيها باستضافة العديد من الموسيقيين وشعراء الاغنية
رابع هذه الأسماء بشيرة التونسية واسمها الأصلي بشيرة معالج وأكدنا من خلال ذلك قيمة فنية كبيرة وفاعلة ويكفي ان لحن لها خميس ترنان ومحمد التريكي وصالح المهدي وخامس هذه الأسماء المطرب كمال رؤوف النقاطي وسادسها المطربة سلاف
هذا العرض سيتم تقديمه بإذن الله يوم 11 أكتوبر القادم بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة
ستواصل في هذا التوجه الموسيقى؟
-فعلا حيث اعمل حاليا على وضع الخطوط العريضة لاوبيرات فنية جديدة نحتفي فيها بإحدى القامات الغنائية التونسية الخالدة والتي سأرشحها ان شاء الله لمهرجاني قرطاج والحمامات صيف 2024
ما مدى رضاك عن مسيرتك الموسيقية حتى اليوم؟
- -طموحاتي الموسيقية لا حدود لها. لقد قدمت عديد الاعمال وشاركت في الكثير من التظاهرات والمهرجانات الدولية العربية وكنت الثاني بعد الراحل الهادي الجويني في تلحين الدور من خلال دور " من كثر وجدي " الذي قدمته الفنانة الشابة عفوة قلوز في احدى دورات مهرجان الاغنية وتوج بجائزة مع الإشارة انني صحبة الراحل الهادي الجويني الوحيدين الى حد الان قمنا بتلحين الدور
وأقول انني عشت عديد الصعوبات وعرفت عديد العراقيل التي كان لها تأثيرها على مسيرتي لكني أعيش التفاؤل ففي جرابي الكثير من الاحلام الموسيقية التي اروم تحقيقها مادام في الحياة نصيب.
ماهي قراءتك للمشهد الموسيقى في تونس اليوم؟
-مشهد تكتنفه المحاباة والمحسوبية وما يؤلمني ما يعيشه المطربون الذين يعانون ويعيشون التهميش واللامبالاة, فالإذاعات والقنوات التلفزيونية غضت وتغض النظر عن بث الإنتاج التونسي الأصيل وحتى الأغاني المتوهجة في مختلف دورات مهرجان الاغنية لم تجد حظها من البث في هذه الإذاعات. انه الخذلان الذي يعيش على وقعه كل المطربين في تونس
وتراني استحضر أحد البرامج الخالدة التي كانت تعنى وتقدم الاغنية التونسية "اغنية لكل مستمع" على موجات الإذاعة الوطنية. برنامج نستمتع فيه بالإبداعات الموسيقية التونسية الاصيلة. ما احوجنا اليوم الى مثل هذا البرنامج. من العار اليوم ان لا تلقى الاغنية التونسية الاصيلة الاهتمام الجديرة به.
حوار محسن بن احمد
هو واحد من اساطين العزف على الة الكمنجة في تونس وعلى المستوى العربي أيضا.
البشير السالمي نحت نجاحه الموسيقى من ذاته التواقة الى الأفضل والارقى والاجمل في الحياة. نذر جهده للموسيقى مؤمنا بجدوى رسالته الفنية. ارتبط بعلاقة وجدانية عميقة مع الة الكمنجة في رحاب فرقة الإذاعة التونسية، هذا الصرح الإبداعي الذي كانت بصمة البشير السالمي واضحة وعميقة ُثابتة في مسيرتها قبل ان تمتد لها ايادي الجحود وهو ما كان له عميق الأثر في نفسية مبدع –مازال وسيبقى متفائلا- في هذا الزمن الصعب فاختار التأسيس ثم التأثيثلإنتاجات موسيقية متفردة في مضامينها قوامها نفض الغبار على رواد لفًهم تيار النسيان والتناسي فكسب الرهان لإيمانه بان من لا ماضي له لا مستقبل امامه وهو ما يكشفه لنا في هذا الحوار معه:
**لو نتصفح معك دفتر الذكريات ماذا نقرأ بخصوص بداية العلاقة مع الموسيقى؟
-الموسيقى كانت حلمي الذي كنت أتمنى تحقيقه, كنت في المرحلة الثانوية بالقيروان اتابع تمارين فرقة الموسيقى التابعة للشبيبة المدرسية بالمعهد كنت مشدوها بالعازفين الشبان وكنت منبهرا بطريقة مسك الآلات الموسيقية والتعامل معها بدقة وانتباه ، كنت اغمض عيني واعيش لحظات العزف وانا امني النفس بان أكون احد هؤلاء. كنت مواظبا على حضور تمارين الفرقة الى درجة انني حفظت عن ظهر قلب ما كانوا يقومون به ولم يقف الامر عند هذا الحد فكنت اعيد ما استمعت اليه في المنزل من خلال استعمال اواني المطبخ في غياب الاهل.
تمكن مني حب الموسيقى الى حد لا يوصف فاتصلت بالأستاذ المدرب للموسيقى في فرقة الشبيبة الموسيقية وسألته كيف يمكن لي تعلم الموسيقى اجابني ان اول شرط يتمثل في توفر الموهبة والصبر والجدية والإرادةالحرة والتواقة الى الأفضل
حرصت على كسب الرهان، فالحياة تحديد مصير واعتقد انني اخترت هذا الاتجاه الصعب عن ايمان به وعشق كبير.
هل اخترت العزف على آلة الكمنجة ام هي التي اختارتك؟
-لا اخفي سرا اذا قلت ان بدايتي في عالم الموسيقى كان من خلال العزف على الة الناي لسبب وحيد هو عدم توفر عازف على هذه الالة بالمعهد الذي ادرس فيه وبعد حوالي العام تغير الاتجاه الى الة الكمنجة التي وجدت انها مناسبة لي ناهيك وان نغمات الناي يغلب عليها طابع الشجن وانا بطبعي ابحث على التفاؤل والطموح وارتبطت وجدانيا بالة الكمنجة
متى التقيت الجمهور عازفا على آلة الكمنجة، لأول مرة؟
-كنتعازفا على الة الكمنجة ضمن فرقة الموسيقى للشبيبة المدرسية حيث كانت لنا عديد المشاركات باسم المعهد في الكثير من التظاهرات والملتقيات الموسيقية المدرسية الى جانب المشاركة في أسابيع الفن تحت اشراف وزارة الشؤون الثقافية وتحصلت في احد هذه الأسابيع على احدى الجوائز الكبرى وقد سلمني إياها الأستاذ فتحي زغندة
تواصل نشاطي في المجال الموسيقى بكل عشق وجدية ومسؤولية الى ان وصلت الى رتبة المشرف على المنتخب الجهوي للموسيقى بالقيروان الذي برز بشكل لافت ومبهر في العديد من المشاركات على الصعيد الوطني منها على وجه الخصوص في الحفل الذي احتضنه قصر الرياضة بالمنزة سنة 1973
وماذا عن كيفية الالتحاق بفرقة الإذاعة للموسيقى ؟
-مثلت سنة1974 ابرز واهم محطة في مسيرتي الموسيقية حيث انتقلت من مرحلة الهواية الى مرحلة الاحتراف فقد صادف ان زار الأستاذ الراحل علي السريتي رئيس مصلحة الموسيقى بالإذاعة التونسية القيروان لمتابعة تمارين المنتخب الجهوي للموسيقى بها الخاصة بإعداد اوبيرات احتقالا بعيد ميلاد الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة. وبعد الانتهاء من عملنا طلب مني الأستاذ علي السريتي الالتحاق بالإذاعة التونسية والح علي بضرورة المشاركة في برنامج " نجوم الغد" الذي كانيشرف على اعداده صحبة الموسيقي الراحل صالح المهدي لفائدة التلفزة الوطنية
تم ذلك وعزفت موسيقى " فكروني " لام كلثوم ليتم بالإجماع التحاقي بفرقة الإذاعة للموسيقى حيث كانت البداية برتبة عازف ثم تسلقت سلم الترقية الى صنف عازف اول حيث كنت في كل حفل موسيقى اعزف استخبارا
وفي 1993 ارتقيت الى رتبة قائد للفرقة الموسيقية للإذاعة بعد بلوغ الراحل محمد اللجمي سن التقاعد القانوني وقضيت 14 سنة مشرفا عليها حيث سعيت الى تجديدها من خلال إعادة فتح استوديو 8 للتسجيلات الموسيقية لكني صدمت بقرارات لم اكن اتوقعها منها ان كل من يبلغ سن التقاعد القانوني لا يتم تعويضه رغم مراسلاتي العديدة الى المشرفين على مؤسسة الإذاعة التونسية و الوزارة الأولى ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تم غلق استوديو 8 في وجه الانتاجات الموسيقية والفنانين الذين كانوا يجدون ملاذهم في هذا الاستوديو لتسجيل أعمالهم والترويج لها، لاقتنع أخيرا انها نهاية هذه الفرقة عن قصد. امر حز في نفسي . انه " اعدام " لصرح موسيقى عريق دون سبب مقنع
ولم تسلم من هذا القرار الجائر فرقة الرشيدية و فرقة الموسيقي لإذاعة صفاقس التي اندثرت بشكل مؤلم
الا تعتقد ان تغير الذائقة الفنية اليوم وراء هذا الموقف من الفرق الموسيقية الوترية القارة رغم مشروعيتها التاريخية؟
-انا مع التجديد والتطوير الموسيقي على ان لا يكون ذلك ب" اعدام " ما تم إنجازه وتحقيقه سابقا وعلى امتداد عقود طويلة , ففرقة الإذاعة للموسيقي شانها في ذلك شان الرشيدية وفرقة الإذاعة الجهوية للموسيقى بصفاقس وغيرها من الفرق المحترفة الأخرى كتبت بشموخ وبأحرف من ذهب تاريخ الموسيقى في تونس وكان حضورها حاسما ومتوهجا في الترويج للإنتاج الموسيقى الوطني. انه مؤلم ان أرى اليوم فرقة الإذاعة للموسيقى يلفها التجاهل والنسيان وحتى التنكر والجحود لما قدمته على امتداد اكثر من 4 عقود
منذ 2008 بدأت عملية " اغتيال " الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية والنتيجة اليوم ما نعيشه من فوضى نتيجة تدني المستوى الموسيقى على اكثر من مستوى
اضمحلال فرقة الإذاعة للموسيقى –ورغم حالة اليأس التي تعيشها-اراك اليوم اكثر إصرارا على مواصلة رسالتك الموسيقية؟
-قدر الفنان العمل حتى في احلك الظروف ورغم العراقيل والصعوبات فانا لا أرى نفسي بعيدا عن الموسيقى فهي متنفسي والسلوى التي اهرب اليها لأعيش معها أروع اللحظات الوجدانية
اميل اليوم الى انتاج الاعمال الفنية الكبرى من نوع " الاوبيرات" من ذلك انني في 2002 قدمت على ركح مهرجان قرطاج اوبيرات " غن يا بلبل " احتفاء بمسيرة الفنان الخالد علي الرياحي وفي 2005 قدمت على ركح مهرجان قرطاج أيضا عرض " الفن الفن" احتفاء بمسيرة الفنان الخالد محمد الجموسي
وهذه الصائفة اعددت وقدمت اوبيرات " غدوة العرض" في افتتاح الدورة الثانية لمهرجان الفسقية بالقيروان باقتراح من هيئة المهرجان
ماهي خصوصية " غدوة العرض"؟
-" غدوة العرض " عبارة عن رحلة موسيقية وثائقية لخمسة من اعلام القيروان وروادها في الموسيقى والغناء خلال فترة الثلاثينات والاربعينات والخمسينات من القرن الماضي وهؤلاء الخمسة هم –شيخ المالوف حمودة الزرقاء ويحفظ له التاريخ مساهمته الكبيرة في اثراء خزينة الرشيدية بالعديد من الاعمال والانتاجات الفنية والثاني هو المطرب الصادق ثريا الذي كان له شرف اكتشاف المطربة الراحلة وردة الجزائرية علاوة على اعماله الموسيقية التونسية الاصلية
ثالث هذه الأسماء الراحل قاسم الشواشي وقد كان صاحب محل للحلاقة والفن من خلال تخصيص قاعة ضمن محل الحلاقة للموسيقى والابداع فيها باستضافة العديد من الموسيقيين وشعراء الاغنية
رابع هذه الأسماء بشيرة التونسية واسمها الأصلي بشيرة معالج وأكدنا من خلال ذلك قيمة فنية كبيرة وفاعلة ويكفي ان لحن لها خميس ترنان ومحمد التريكي وصالح المهدي وخامس هذه الأسماء المطرب كمال رؤوف النقاطي وسادسها المطربة سلاف
هذا العرض سيتم تقديمه بإذن الله يوم 11 أكتوبر القادم بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة
ستواصل في هذا التوجه الموسيقى؟
-فعلا حيث اعمل حاليا على وضع الخطوط العريضة لاوبيرات فنية جديدة نحتفي فيها بإحدى القامات الغنائية التونسية الخالدة والتي سأرشحها ان شاء الله لمهرجاني قرطاج والحمامات صيف 2024
ما مدى رضاك عن مسيرتك الموسيقية حتى اليوم؟
- -طموحاتي الموسيقية لا حدود لها. لقد قدمت عديد الاعمال وشاركت في الكثير من التظاهرات والمهرجانات الدولية العربية وكنت الثاني بعد الراحل الهادي الجويني في تلحين الدور من خلال دور " من كثر وجدي " الذي قدمته الفنانة الشابة عفوة قلوز في احدى دورات مهرجان الاغنية وتوج بجائزة مع الإشارة انني صحبة الراحل الهادي الجويني الوحيدين الى حد الان قمنا بتلحين الدور
وأقول انني عشت عديد الصعوبات وعرفت عديد العراقيل التي كان لها تأثيرها على مسيرتي لكني أعيش التفاؤل ففي جرابي الكثير من الاحلام الموسيقية التي اروم تحقيقها مادام في الحياة نصيب.
ماهي قراءتك للمشهد الموسيقى في تونس اليوم؟
-مشهد تكتنفه المحاباة والمحسوبية وما يؤلمني ما يعيشه المطربون الذين يعانون ويعيشون التهميش واللامبالاة, فالإذاعات والقنوات التلفزيونية غضت وتغض النظر عن بث الإنتاج التونسي الأصيل وحتى الأغاني المتوهجة في مختلف دورات مهرجان الاغنية لم تجد حظها من البث في هذه الإذاعات. انه الخذلان الذي يعيش على وقعه كل المطربين في تونس
وتراني استحضر أحد البرامج الخالدة التي كانت تعنى وتقدم الاغنية التونسية "اغنية لكل مستمع" على موجات الإذاعة الوطنية. برنامج نستمتع فيه بالإبداعات الموسيقية التونسية الاصيلة. ما احوجنا اليوم الى مثل هذا البرنامج. من العار اليوم ان لا تلقى الاغنية التونسية الاصيلة الاهتمام الجديرة به.