إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عودة الانقلابات في افريقيا ومفتاح نجاحها في فرنسا...

بقلم ريم بالخذيري

لاشك أن القارة الافريقية هي محور العالم اليوم من خلال تصارع القوى العظمى عليها وتكالبهم على ثرواتها التي يقول خبراء بأن ما أكتشف منها لا يساوي شيئا مقارنة بما لم يكتشف بعدُ من بترول ويورانيوم وذهب وغيره.

وهي كذلك اليوم حديث الاعلام الدولي بسبب التحولات السياسية البركانية والتي تتمثل في عودة الانقلابات بوتيرة متسارعة حيث شهدت القارة السمراء 45 انقلابا ومحاولة انقلاب منذ العام 2012.

كما أنها حطمت الرقم القياسي في التزامن بين انقلابين نقصد الفارق الزمني بين الانقلاب في النيجر وفي الغابون وهو أقل من شهر.

تاريخ الانقلابات

تشير بعض الاحصائيات الى أن القارة الافريقية عاشت ما يقارب 200انقلاب.

وقبل إعلان تولي عسكريين السلطة في الغابون يوم الأربعاء الفارط، كانت النيجر آخر دولة أفريقية تشهد انقلابا.

وعلى الرغم من حدوث انقلاب فقط في عام 2020 في مالي، فإن عام 2021 وقعت فيه ست محاولات انقلابية في أفريقيا، نجحت أربع منها.

ووقعت محاولتان في بوركينا فاسو في عام 2022، إضافة إلى محاولات انقلاب فاشلة في غينيا بيساو، وغامبيا، وجزيرة ساو تومي وبرينسيبي.

ويعدّ السودان صاحب أكبر عدد من الانقلابات ومحاولات الاستيلاء على السلطة، إذ بلغ عددها 16 محاولة، ستة منها ناجحة.

وكان آخرها في عام 2019، عندما أقيل الرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات.

فرنسا كلمة السر

كل الانقلابات التي سبقت بوركينا فاسو ومالي وغينيا والنيجر والغابون كانت تتم بضوء أخضر فرنسي وبدعم استخباراتي وحتى عسكري أحيانا وكان يصاحبها الكثير من الفوضى والقتلى ولم يكن أي انقلاب ينجح     دون رضاء فرنسا واعترافها به.

وكان أي رئيس يحاول التمرّد على المستعمر القديم تتم الاطاحة به قبل أن يقوم بتنفيذ ما يخطط له.

أما في الانقلابات الأخيرة التي ذكرنا فإن منطلقاتها مختلفة وكذلك القائمون بها فكلمة السر فيها هو النفوذ الفرنسي الذي هو أفظع من الاستعمار المادي ومفتاح نجاحها هو التمرد على باريس في عهد ماكرون والذي فشل فشلا ذريعا في احتواء القادة العسكريين والسياسيين الشبان والذين أغلبهم درس في الجامعات الفرنسية وتلقى تكوينا في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث تميز هؤلاء بحالة وعي كبرى بما تتعرض له دولهم من استغلال فاحش على يدي فرنسا والغرب عموما وقد خبروا جيدا حجم هذه الفظاعات خلال اقامتهم هناك.

كما أن عودة صراع المحاور في العالم منذ نهاية الحرب الباردة والتي خفضت كثيرا من منسوب الانقلابات في افريقيا وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية فتح الباب على مصراعيه لحرب روسية غربية أخرى على الأراضي الأفريقية وقد وجد الروس والصينيون الأرضية مهيأة لبسط نفوذهم وإشعال فتيل التمرد على فرنسا.

فما يلاحظ في الانقلابات الحديثة وخاصة في النيجر والغابون هو أن من قاموا بها من صغار الضباط (الجيل الثائر على التواجد الفرنسي في افريقيا) كما أن هذه الانقلابات رافقها دعم شعبي ساهم في نجاحها وجعلها انقلابات شعبية شرعية.

افريقيا منزوعة السيادة

رغم الطفرة الثورية التي ظهرت في عدد من الدول والتي باتت ترفع لواء الاستقلال الفعلي عن فرنسا فهي سقطت في أحضان قوى أخرى ليست بالخيّرة كلّيا كما تسوّق لنفسها ولن تكون بديلا أفضلا عن الفرنسيين والأوروبيين .

وهذه الانقلابات تتوالد وتتكاثر من رحم بعضها وهي تنسف كل آمال في ترسيخ الديمقراطية والتداول سلميا على السلطة مهما تزينت بالشرعيّة الشعبية وستبقى افريقيا منزوعة السيادة والإرادة وأرضا للحروب بالوكالة بين الأفارقة في البلد الواحد.والحلّ هو أن يتحرّر الاتحاد الافريقي بدوره من التبعية ويمارس صلوحياته كاملة في التعامل مع هذه الانقلابات ولم لا تشكيل قوة ردع سريع للتصدي لإفشال أية محاولة للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح. والأهم من هذا أن تمتلك افريقيا سيادتها وتغلق كل الدول أبوابها أمام أية محاولات لاختراقها.

عودة الانقلابات في افريقيا ومفتاح نجاحها في فرنسا...

بقلم ريم بالخذيري

لاشك أن القارة الافريقية هي محور العالم اليوم من خلال تصارع القوى العظمى عليها وتكالبهم على ثرواتها التي يقول خبراء بأن ما أكتشف منها لا يساوي شيئا مقارنة بما لم يكتشف بعدُ من بترول ويورانيوم وذهب وغيره.

وهي كذلك اليوم حديث الاعلام الدولي بسبب التحولات السياسية البركانية والتي تتمثل في عودة الانقلابات بوتيرة متسارعة حيث شهدت القارة السمراء 45 انقلابا ومحاولة انقلاب منذ العام 2012.

كما أنها حطمت الرقم القياسي في التزامن بين انقلابين نقصد الفارق الزمني بين الانقلاب في النيجر وفي الغابون وهو أقل من شهر.

تاريخ الانقلابات

تشير بعض الاحصائيات الى أن القارة الافريقية عاشت ما يقارب 200انقلاب.

وقبل إعلان تولي عسكريين السلطة في الغابون يوم الأربعاء الفارط، كانت النيجر آخر دولة أفريقية تشهد انقلابا.

وعلى الرغم من حدوث انقلاب فقط في عام 2020 في مالي، فإن عام 2021 وقعت فيه ست محاولات انقلابية في أفريقيا، نجحت أربع منها.

ووقعت محاولتان في بوركينا فاسو في عام 2022، إضافة إلى محاولات انقلاب فاشلة في غينيا بيساو، وغامبيا، وجزيرة ساو تومي وبرينسيبي.

ويعدّ السودان صاحب أكبر عدد من الانقلابات ومحاولات الاستيلاء على السلطة، إذ بلغ عددها 16 محاولة، ستة منها ناجحة.

وكان آخرها في عام 2019، عندما أقيل الرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات.

فرنسا كلمة السر

كل الانقلابات التي سبقت بوركينا فاسو ومالي وغينيا والنيجر والغابون كانت تتم بضوء أخضر فرنسي وبدعم استخباراتي وحتى عسكري أحيانا وكان يصاحبها الكثير من الفوضى والقتلى ولم يكن أي انقلاب ينجح     دون رضاء فرنسا واعترافها به.

وكان أي رئيس يحاول التمرّد على المستعمر القديم تتم الاطاحة به قبل أن يقوم بتنفيذ ما يخطط له.

أما في الانقلابات الأخيرة التي ذكرنا فإن منطلقاتها مختلفة وكذلك القائمون بها فكلمة السر فيها هو النفوذ الفرنسي الذي هو أفظع من الاستعمار المادي ومفتاح نجاحها هو التمرد على باريس في عهد ماكرون والذي فشل فشلا ذريعا في احتواء القادة العسكريين والسياسيين الشبان والذين أغلبهم درس في الجامعات الفرنسية وتلقى تكوينا في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث تميز هؤلاء بحالة وعي كبرى بما تتعرض له دولهم من استغلال فاحش على يدي فرنسا والغرب عموما وقد خبروا جيدا حجم هذه الفظاعات خلال اقامتهم هناك.

كما أن عودة صراع المحاور في العالم منذ نهاية الحرب الباردة والتي خفضت كثيرا من منسوب الانقلابات في افريقيا وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية فتح الباب على مصراعيه لحرب روسية غربية أخرى على الأراضي الأفريقية وقد وجد الروس والصينيون الأرضية مهيأة لبسط نفوذهم وإشعال فتيل التمرد على فرنسا.

فما يلاحظ في الانقلابات الحديثة وخاصة في النيجر والغابون هو أن من قاموا بها من صغار الضباط (الجيل الثائر على التواجد الفرنسي في افريقيا) كما أن هذه الانقلابات رافقها دعم شعبي ساهم في نجاحها وجعلها انقلابات شعبية شرعية.

افريقيا منزوعة السيادة

رغم الطفرة الثورية التي ظهرت في عدد من الدول والتي باتت ترفع لواء الاستقلال الفعلي عن فرنسا فهي سقطت في أحضان قوى أخرى ليست بالخيّرة كلّيا كما تسوّق لنفسها ولن تكون بديلا أفضلا عن الفرنسيين والأوروبيين .

وهذه الانقلابات تتوالد وتتكاثر من رحم بعضها وهي تنسف كل آمال في ترسيخ الديمقراطية والتداول سلميا على السلطة مهما تزينت بالشرعيّة الشعبية وستبقى افريقيا منزوعة السيادة والإرادة وأرضا للحروب بالوكالة بين الأفارقة في البلد الواحد.والحلّ هو أن يتحرّر الاتحاد الافريقي بدوره من التبعية ويمارس صلوحياته كاملة في التعامل مع هذه الانقلابات ولم لا تشكيل قوة ردع سريع للتصدي لإفشال أية محاولة للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح. والأهم من هذا أن تمتلك افريقيا سيادتها وتغلق كل الدول أبوابها أمام أية محاولات لاختراقها.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews