إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"إسلام سياسي".. أم ديمقراطية !! (1)

بقلم أبوبكر الصغير 

ترتقي تجربة تونس اليوم في القطيعة مع الإسلام السياسي رهانا مصيريا بالنسبة لمستقبل العالمين العربي والإسلامي، ألا يكون البديل نظاما استبداديا أو منظومة تسلطية جديدة.

لأن الجميع يقارن بين ما كانت تعيشه البلاد في ظل حكم "النهضة"، خلال العشرية الماضية و بين ما يبرز اليوم من أوضاع جديدة.

إن السؤال الذي يشغل أغلب مراكز التفكير "Think Tank"، في العالم الغربي الديمقراطي هو التالي: هل يمكن التوفيق بين التخلص من الإسلام السياسي ومواصلة احترام اشتراطات حياة ديمقراطية بمعنى الانجاز للحقوق الأساسية للمواطنين و تكريس الحريات و تجسيد دولة القانون و المؤسسات ، من الثابت أن حركات الإسلام السياسي في جزء كبير منها لا تعترف بفكرة الديمقراطية. حتى الهامش الحداثي المتوفر في بعض المجتمعات العربية والإسلامية (تونس نموذجا) فهو في منظورها لا يعدو أن يكون هامش دخيلا غربيا استعماريا!!" ، تعرفت عن قرب على رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي وأغلب قيادات الحركة الإسلامية التونسية.

مكنتني مسؤوليتي في رئاسة تحرير «الرأي، أواسط ثمانينات القرن الحاضي، باعتبار كون الصحيفة الصوت المعارض والحر الوحيد في تونس، من ربط علاقات ثقة، متينة بهذه القيادات التي كانت تترذد كثيرا على مقر الجريدة للتواصل مع أصحاب ومؤسسي «الرأي» أو لمدي 

شخصيا بالأخبار المتعلقة بالحركة ومختلف أنشطتها لنشرها على أعمدتها .

قامت "الرأي" بعد محاكمة قيادات الحركة بأكبر تعبئة للمجتمع السياسي والرأي العام من أجل نداء "عفو تشريعي".

 

كانت هذه التعبئة في شكل عريضة وطنية جمعت عشرات الآلاف من الإمضاءات تنشر الصحيفة الأسماء الكاملة للموقعين عليها جاء في مضمون العريضة:"المطالبة بوضع حد للمحاكمات السياسية وإطلاق سراح الموقوفين من قيادات «الاتجاه الإسلامي».

كانت المسألة بالنسبة لنا في "الرأي" ترتقي إلى عمل سياسي جريئ قد ترى فيه السلطات استفزازا. موقف قد تكون له تكلفة قد تصل إلى تعريض الجريدة للحجز وللايقاف والتتبع.

 

لكن هذا لم يحصل، كنا نتعامل مع هذه المبادرة بحذر شديد، لا ننشر أسماء الموقعين على العريضة إلا بعد التثبت  من اسم الشخص وكونه حيا يرزق وموجودا فعلا و راغبا في التوقيع و تبني الموقف المضمن فيها، ونأخذ رقم بطاقة تعريفه الوطنية.

كانت الأجهزة الأمنية تترضد القائمات وتبحث عن وجود أسماء مزيفة لتضخيم العدد وتوريط الجريدة بتهمة التدليس، كما الأخطر أنها قامت بمحاولات اختراق لفريق التحرير قصد الحصول على نسخة من القائمات الكاملة للموقعين والتعزف على أرقام بطاقات تعريفهم أولا لمزيد التثبت وثانيا بما سيمكنها من «بنك معلومات سري مهم» عن أسماء المنتمين للحركة أو المتعاطفين معها و هو أمر لم تفز به أبدا .

بالإضافة إلى العريضة و نشر الأسماء الكاملة للموقعين . كنا ننقل أخبار الحركة بما

في ذلك ما يستجد من تطورات داخل السجن المدني "9أفريل"، إذ كانت زوجة رئيس الحركة راشد الغنوشي و بعد كل  زيارة دورية لزوجها تنتقل مباشرة صحبة ابنها معاذ إلى مقر "الرأي" لتمدنا بالأخبار التي ننشرها .

 

كما كان صاحب قناة "المستقلة" محمد الهاشمي الحامدي و الذي تولى مسؤولية الأتحاد العام التونسي للطلبة بعد التأسيس، يحل بمقر الجريدة مرة في الأسبوغ ليمدنا بأخبار أنشطة طلبة الاتجاه في مختلف المؤسسات الجامعية، غالبا ما يطالب أسرة التحرير في الجريدة بان تكون على موقف الحياد في التعاطي مع أحداث وتطورات الساحة الطلابية، إذ كان يرى انحيازا في خطها التحريري للاتحاد العام

لطلبة تونس المتهم بسيطرة قوى اليسار عليه.

 

كانت حركة الاتجاه الإسلامي التي استثمرت في عقلية «المظلومية» والتيار السياسي المضطهد تقدم نفسها على أنها حركة مسالمة لا «تنشد إلا خيرا»، لهذه البلاد وشعبها، تطمح فقط في دور تشاركي في عملية البناء الوطني، نافية عن نفسها مطمح القوة المتربصة بالسلطة أو الطامعة في الحكم .

 

كانت الحركة بالنسبة إلينا كجبل الجليد العائم في المياه القطبية حيث يختفي منه تحت سطح الماء تسعة أعشاره، ولا يظهر منه للعيان سوى عشر واحد، لا احد كان يعلم ماذا تخفي حقا القيادة؟ أو ما هي مخططاتها الحقيقية؟؛ إلى حد أن شخصيات مدنية معروفة بتحررها حتى داخل أسرة «الرأي» كانت تنخرط في مواقف دفاعية مستميتة عن الحركة و قياداتها، بل اتجهت إلى المطالبة بتشريكها في مبادرات سياسية.

 

إن أي دعاية سياسية لا تخدع الناس، لكنها في حقيقة الأمر تساعدهم فقط على خداع أنفسهم ! .

(للحديث صلة)

"إسلام سياسي".. أم ديمقراطية !! (1)

بقلم أبوبكر الصغير 

ترتقي تجربة تونس اليوم في القطيعة مع الإسلام السياسي رهانا مصيريا بالنسبة لمستقبل العالمين العربي والإسلامي، ألا يكون البديل نظاما استبداديا أو منظومة تسلطية جديدة.

لأن الجميع يقارن بين ما كانت تعيشه البلاد في ظل حكم "النهضة"، خلال العشرية الماضية و بين ما يبرز اليوم من أوضاع جديدة.

إن السؤال الذي يشغل أغلب مراكز التفكير "Think Tank"، في العالم الغربي الديمقراطي هو التالي: هل يمكن التوفيق بين التخلص من الإسلام السياسي ومواصلة احترام اشتراطات حياة ديمقراطية بمعنى الانجاز للحقوق الأساسية للمواطنين و تكريس الحريات و تجسيد دولة القانون و المؤسسات ، من الثابت أن حركات الإسلام السياسي في جزء كبير منها لا تعترف بفكرة الديمقراطية. حتى الهامش الحداثي المتوفر في بعض المجتمعات العربية والإسلامية (تونس نموذجا) فهو في منظورها لا يعدو أن يكون هامش دخيلا غربيا استعماريا!!" ، تعرفت عن قرب على رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي وأغلب قيادات الحركة الإسلامية التونسية.

مكنتني مسؤوليتي في رئاسة تحرير «الرأي، أواسط ثمانينات القرن الحاضي، باعتبار كون الصحيفة الصوت المعارض والحر الوحيد في تونس، من ربط علاقات ثقة، متينة بهذه القيادات التي كانت تترذد كثيرا على مقر الجريدة للتواصل مع أصحاب ومؤسسي «الرأي» أو لمدي 

شخصيا بالأخبار المتعلقة بالحركة ومختلف أنشطتها لنشرها على أعمدتها .

قامت "الرأي" بعد محاكمة قيادات الحركة بأكبر تعبئة للمجتمع السياسي والرأي العام من أجل نداء "عفو تشريعي".

 

كانت هذه التعبئة في شكل عريضة وطنية جمعت عشرات الآلاف من الإمضاءات تنشر الصحيفة الأسماء الكاملة للموقعين عليها جاء في مضمون العريضة:"المطالبة بوضع حد للمحاكمات السياسية وإطلاق سراح الموقوفين من قيادات «الاتجاه الإسلامي».

كانت المسألة بالنسبة لنا في "الرأي" ترتقي إلى عمل سياسي جريئ قد ترى فيه السلطات استفزازا. موقف قد تكون له تكلفة قد تصل إلى تعريض الجريدة للحجز وللايقاف والتتبع.

 

لكن هذا لم يحصل، كنا نتعامل مع هذه المبادرة بحذر شديد، لا ننشر أسماء الموقعين على العريضة إلا بعد التثبت  من اسم الشخص وكونه حيا يرزق وموجودا فعلا و راغبا في التوقيع و تبني الموقف المضمن فيها، ونأخذ رقم بطاقة تعريفه الوطنية.

كانت الأجهزة الأمنية تترضد القائمات وتبحث عن وجود أسماء مزيفة لتضخيم العدد وتوريط الجريدة بتهمة التدليس، كما الأخطر أنها قامت بمحاولات اختراق لفريق التحرير قصد الحصول على نسخة من القائمات الكاملة للموقعين والتعزف على أرقام بطاقات تعريفهم أولا لمزيد التثبت وثانيا بما سيمكنها من «بنك معلومات سري مهم» عن أسماء المنتمين للحركة أو المتعاطفين معها و هو أمر لم تفز به أبدا .

بالإضافة إلى العريضة و نشر الأسماء الكاملة للموقعين . كنا ننقل أخبار الحركة بما

في ذلك ما يستجد من تطورات داخل السجن المدني "9أفريل"، إذ كانت زوجة رئيس الحركة راشد الغنوشي و بعد كل  زيارة دورية لزوجها تنتقل مباشرة صحبة ابنها معاذ إلى مقر "الرأي" لتمدنا بالأخبار التي ننشرها .

 

كما كان صاحب قناة "المستقلة" محمد الهاشمي الحامدي و الذي تولى مسؤولية الأتحاد العام التونسي للطلبة بعد التأسيس، يحل بمقر الجريدة مرة في الأسبوغ ليمدنا بأخبار أنشطة طلبة الاتجاه في مختلف المؤسسات الجامعية، غالبا ما يطالب أسرة التحرير في الجريدة بان تكون على موقف الحياد في التعاطي مع أحداث وتطورات الساحة الطلابية، إذ كان يرى انحيازا في خطها التحريري للاتحاد العام

لطلبة تونس المتهم بسيطرة قوى اليسار عليه.

 

كانت حركة الاتجاه الإسلامي التي استثمرت في عقلية «المظلومية» والتيار السياسي المضطهد تقدم نفسها على أنها حركة مسالمة لا «تنشد إلا خيرا»، لهذه البلاد وشعبها، تطمح فقط في دور تشاركي في عملية البناء الوطني، نافية عن نفسها مطمح القوة المتربصة بالسلطة أو الطامعة في الحكم .

 

كانت الحركة بالنسبة إلينا كجبل الجليد العائم في المياه القطبية حيث يختفي منه تحت سطح الماء تسعة أعشاره، ولا يظهر منه للعيان سوى عشر واحد، لا احد كان يعلم ماذا تخفي حقا القيادة؟ أو ما هي مخططاتها الحقيقية؟؛ إلى حد أن شخصيات مدنية معروفة بتحررها حتى داخل أسرة «الرأي» كانت تنخرط في مواقف دفاعية مستميتة عن الحركة و قياداتها، بل اتجهت إلى المطالبة بتشريكها في مبادرات سياسية.

 

إن أي دعاية سياسية لا تخدع الناس، لكنها في حقيقة الأمر تساعدهم فقط على خداع أنفسهم ! .

(للحديث صلة)

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews