إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في انتظار الكشف عن توجهات ميزانية الدولة للعام المقبل.. غياب اتفاق مع صندوق النقد يعمق جراح المالية العمومية

لم يعد أمام الحكومة إلا أياما قليلة حتى تنتهي من عملية الإعداد لمشروعي قانون المالية وميزانية الدولة للسنة المقبلة، والمصادقة عليها قبل إحالتها على مكتب البرلمان في غضون النصف الأول من شهر أكتوبر المقبل، وسط توقعات بأن يؤثر غياب أي اتفاق محتمل مع صندوق النقد الدولي خلال السنة المقبلة، على توجهات قانون المالية ويزيد من صعوبات المالية العمومية..

ورغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية خلال العام

الحالي مثل ارتفاع موارد السياحة وتحويلات التونسيين

بالخارج، إلا أنها لن تمكن - وفقا لعذيد الخبراء في

الاقتصاد- من غلق ميزانية الدولة لسنة 2023، على 

اعتبار أن الحاجيات من الموارد خاصة الخارجية لتغطية

العجز المالي ما تزال مرتفعة، كما أن ميزانية السنة الجارية

بنيت أساسا على فرضية حصول اتفاق مع صندوق النقد

وبالتالي توفير موارد مالية إضافية خاصة من خلال

التعاون الثنائي ومتعددة الأطراف..

 

وما زاد الطين بلة، فشل مساعي بعض الدول الصديقة مثل 

ايطاليا في إقناع الاتحاد الأوروبي إلى تقديم مساعدات

مالية عاجلة دون انتظار حصول اتفاق مع صندوق النقد

وربط ذلك بما تم التوصل إليه مع تونس من تفاهمات

بخصوص مكافحة الهجرة غير النظامية، خاصة بعد

تعليق الصندوق النظر في ملف تونس رغم الاتفاق الأولي

على مستوى الخبراء في أكتوبر 2022 يقضي بإسناد تونس

قرضا قيمته 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات هيكلية،

بعد تقديم السلطات التونسية تحفظات بخصوص بعض

بنود هذا الاتفاق منها ما يتعلق بملف الدعم وإصلاح

المؤسسات العمومية..

 

وفي هذا السياق دعا نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدوي الإيطالي أنطونيو تاياني، في مناسبات عديدة صندوق النقد إلى توخي مرونة أكثر مع تونس وعدم اشتراط انطلاق الإصلاحات قبل توقيع اتفاق مالي، كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى الاستثمار في تونس من أجل استقرارها ووقف تدفقات الهجرة غير الشرعية..

وكان من المنتظر أن تقدم تونس طلبات رسمية لاستثناف التفاوض مع صندوق النقد على قاعدة تعديل بعض بنود الاتفاق الأولي، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، علما أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد صرح خلال شهر جوان 2023 بأن تونس تعمل مع صندوق النقد على "برنامج إصلاح اقتصادي عادل يأخذ في الحسبان الفئات الأشد احتياجا"، ونقلت وكالة "رويترز"  عن مسؤول رفيع في الحكومة التونسية، أن تونس تعد مقترحا بديلا لصندوق النقد يراعي الفئات الضعيفة بعد رفض الرئيس قيس سعيد ما وصفه باملاءات الصندوق.

وهو وما يعزز فرضية استبعاد أن يقوم الاتحاد الأوروبي بخطوات في هذا الشأن، تصريح مدير عام سياسة الجوار بالمفوضية الأوروبية خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي جرت هذا الأسبوع، حين قال أن الاتحاد الأوروبي متمسك بعدم تقديم أي مساعدة مالية لتونس دون الاتفاق مع صندوق النقد.

 

يذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد تعهد بتقديم قرض بقيمة 900 مليون أورو ضمن حزمة مساعدات أخرى وردت بمذكرة تفاهم مع تونس وقعت في جويلية 2023 غير أنه ربط تنفيذ هذا التعهد بعد التوصل إلى اتفاق نهائي مح صندوق النقد.

 

ويؤكد خبراء في الاقتصاد على غرار أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية عبد الرحمان اللاحقة، أن تونس ستواجه حتما صعوبات مالية أعمق من ذي قبل خلال السنة المقبلة. وتساءل اللاحقة في تدوينة نشرها مؤخرا بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، عن اقتراب السيناريو اللبناني من تونس بالنظر إلى السياسة الاقتصادية الحالية التي تهيئ الأرضية لمثل هذا السيناريو.

وأشار اللاحقة إلى أن كل المؤشرات تدل أن صندوق النقد رفع يده كليا عن الملف التونسي لمدة 14 شهرا القادمة، والسبب أن تونس ستدخل في شهر أكتوبر في فترة انتخابية ستتلوها في بداية 2024 سنة انتخابات رئاسية، مبررا ذلك بأن صندوق النقد لا يتعامل في الغالب مع الدول في الفترات الانتخابية.. الأمر الذي سيجر تونس على التعويل على مواردها الذاتية، وبالتالي استغلال أقصى ما يمكن من مدخرات العملة الأجنبية والضغط أكثر على السوق الداخلية لتعبئة حاجياتها لسنة 2023 ما قد يزيد من خطر التضخم وارتفاع المديونية..

تصنيفات سلبية للترقيم السيادي لتونس 

 

ومن بين أبرز المؤشرات التي تدل على الوضعية الصعبة للمالية العمومية هي التصنيفات المتتالية لوكالات الائتمان الدولية للترقيم السيادي لتونس، وربط ذلك أساسا بغياب اتفاق مع صندوق النقد، وآخر التصنيفات السلبية، تصنيف الوكالة اليابانية «رايتنغ اند انفستمنت» التي خفضت الترقيم السيادي لتونس من «ب،» إلى «ب سلبي، مع الحفاظ على آفاق سلبية.

وأوضحت الوكالة أن "هذا القرار يأتي تبعا للوضعية الصعبة لتونس على مستوى المالية العمومية وفي الخارجنظرا لتواصل عجز الميزانية وارتفاع حجم الدين العمومي".

وأشارت إلى أن توصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعتبر شرطا أساسيا لضمان التمويلات الخارجية والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.

 

يذكر أن وكالة "رايتنغ اند انفستمنت" راجعت، الترقيم السيادي لتونس، يوم 16 نوفمبر 2021 إلى «ب ايجابي، مع آفاق سلبية ثم خفضت هذا الترقيم، يوم 10 أوت 2022 من «ب ايجابي، إلى «ب» مع آفاق سلبية.

يأتي هذا التخفيض في الترقيم السيادي التونسي بعد تخفيضات أخرى صدرت تباعا خلال السنة الجارية، من قبل وكالات التصنيف العالمية، منها وكالة موديز تصنيف تونس الائتماني من (B3) إلى (‎Caa1)،‏ ووكالة فيتش التي خفضت في جوان الماضي تصنيف تونس من (‎CCC+)،‏ إلى (CCC-) بسبب ما اعتبرته حالة الضبابية حول قدرة تونس على جمع التمويل الكافي، لتلبية متطلبات التمويل، والفشل في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.

 

رفيق بن عبدالله 

في انتظار الكشف عن توجهات ميزانية الدولة للعام المقبل.. غياب اتفاق مع صندوق النقد يعمق جراح المالية العمومية

لم يعد أمام الحكومة إلا أياما قليلة حتى تنتهي من عملية الإعداد لمشروعي قانون المالية وميزانية الدولة للسنة المقبلة، والمصادقة عليها قبل إحالتها على مكتب البرلمان في غضون النصف الأول من شهر أكتوبر المقبل، وسط توقعات بأن يؤثر غياب أي اتفاق محتمل مع صندوق النقد الدولي خلال السنة المقبلة، على توجهات قانون المالية ويزيد من صعوبات المالية العمومية..

ورغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية خلال العام

الحالي مثل ارتفاع موارد السياحة وتحويلات التونسيين

بالخارج، إلا أنها لن تمكن - وفقا لعذيد الخبراء في

الاقتصاد- من غلق ميزانية الدولة لسنة 2023، على 

اعتبار أن الحاجيات من الموارد خاصة الخارجية لتغطية

العجز المالي ما تزال مرتفعة، كما أن ميزانية السنة الجارية

بنيت أساسا على فرضية حصول اتفاق مع صندوق النقد

وبالتالي توفير موارد مالية إضافية خاصة من خلال

التعاون الثنائي ومتعددة الأطراف..

 

وما زاد الطين بلة، فشل مساعي بعض الدول الصديقة مثل 

ايطاليا في إقناع الاتحاد الأوروبي إلى تقديم مساعدات

مالية عاجلة دون انتظار حصول اتفاق مع صندوق النقد

وربط ذلك بما تم التوصل إليه مع تونس من تفاهمات

بخصوص مكافحة الهجرة غير النظامية، خاصة بعد

تعليق الصندوق النظر في ملف تونس رغم الاتفاق الأولي

على مستوى الخبراء في أكتوبر 2022 يقضي بإسناد تونس

قرضا قيمته 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات هيكلية،

بعد تقديم السلطات التونسية تحفظات بخصوص بعض

بنود هذا الاتفاق منها ما يتعلق بملف الدعم وإصلاح

المؤسسات العمومية..

 

وفي هذا السياق دعا نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدوي الإيطالي أنطونيو تاياني، في مناسبات عديدة صندوق النقد إلى توخي مرونة أكثر مع تونس وعدم اشتراط انطلاق الإصلاحات قبل توقيع اتفاق مالي، كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى الاستثمار في تونس من أجل استقرارها ووقف تدفقات الهجرة غير الشرعية..

وكان من المنتظر أن تقدم تونس طلبات رسمية لاستثناف التفاوض مع صندوق النقد على قاعدة تعديل بعض بنود الاتفاق الأولي، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، علما أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد صرح خلال شهر جوان 2023 بأن تونس تعمل مع صندوق النقد على "برنامج إصلاح اقتصادي عادل يأخذ في الحسبان الفئات الأشد احتياجا"، ونقلت وكالة "رويترز"  عن مسؤول رفيع في الحكومة التونسية، أن تونس تعد مقترحا بديلا لصندوق النقد يراعي الفئات الضعيفة بعد رفض الرئيس قيس سعيد ما وصفه باملاءات الصندوق.

وهو وما يعزز فرضية استبعاد أن يقوم الاتحاد الأوروبي بخطوات في هذا الشأن، تصريح مدير عام سياسة الجوار بالمفوضية الأوروبية خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي جرت هذا الأسبوع، حين قال أن الاتحاد الأوروبي متمسك بعدم تقديم أي مساعدة مالية لتونس دون الاتفاق مع صندوق النقد.

 

يذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد تعهد بتقديم قرض بقيمة 900 مليون أورو ضمن حزمة مساعدات أخرى وردت بمذكرة تفاهم مع تونس وقعت في جويلية 2023 غير أنه ربط تنفيذ هذا التعهد بعد التوصل إلى اتفاق نهائي مح صندوق النقد.

 

ويؤكد خبراء في الاقتصاد على غرار أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية عبد الرحمان اللاحقة، أن تونس ستواجه حتما صعوبات مالية أعمق من ذي قبل خلال السنة المقبلة. وتساءل اللاحقة في تدوينة نشرها مؤخرا بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، عن اقتراب السيناريو اللبناني من تونس بالنظر إلى السياسة الاقتصادية الحالية التي تهيئ الأرضية لمثل هذا السيناريو.

وأشار اللاحقة إلى أن كل المؤشرات تدل أن صندوق النقد رفع يده كليا عن الملف التونسي لمدة 14 شهرا القادمة، والسبب أن تونس ستدخل في شهر أكتوبر في فترة انتخابية ستتلوها في بداية 2024 سنة انتخابات رئاسية، مبررا ذلك بأن صندوق النقد لا يتعامل في الغالب مع الدول في الفترات الانتخابية.. الأمر الذي سيجر تونس على التعويل على مواردها الذاتية، وبالتالي استغلال أقصى ما يمكن من مدخرات العملة الأجنبية والضغط أكثر على السوق الداخلية لتعبئة حاجياتها لسنة 2023 ما قد يزيد من خطر التضخم وارتفاع المديونية..

تصنيفات سلبية للترقيم السيادي لتونس 

 

ومن بين أبرز المؤشرات التي تدل على الوضعية الصعبة للمالية العمومية هي التصنيفات المتتالية لوكالات الائتمان الدولية للترقيم السيادي لتونس، وربط ذلك أساسا بغياب اتفاق مع صندوق النقد، وآخر التصنيفات السلبية، تصنيف الوكالة اليابانية «رايتنغ اند انفستمنت» التي خفضت الترقيم السيادي لتونس من «ب،» إلى «ب سلبي، مع الحفاظ على آفاق سلبية.

وأوضحت الوكالة أن "هذا القرار يأتي تبعا للوضعية الصعبة لتونس على مستوى المالية العمومية وفي الخارجنظرا لتواصل عجز الميزانية وارتفاع حجم الدين العمومي".

وأشارت إلى أن توصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعتبر شرطا أساسيا لضمان التمويلات الخارجية والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.

 

يذكر أن وكالة "رايتنغ اند انفستمنت" راجعت، الترقيم السيادي لتونس، يوم 16 نوفمبر 2021 إلى «ب ايجابي، مع آفاق سلبية ثم خفضت هذا الترقيم، يوم 10 أوت 2022 من «ب ايجابي، إلى «ب» مع آفاق سلبية.

يأتي هذا التخفيض في الترقيم السيادي التونسي بعد تخفيضات أخرى صدرت تباعا خلال السنة الجارية، من قبل وكالات التصنيف العالمية، منها وكالة موديز تصنيف تونس الائتماني من (B3) إلى (‎Caa1)،‏ ووكالة فيتش التي خفضت في جوان الماضي تصنيف تونس من (‎CCC+)،‏ إلى (CCC-) بسبب ما اعتبرته حالة الضبابية حول قدرة تونس على جمع التمويل الكافي، لتلبية متطلبات التمويل، والفشل في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.

 

رفيق بن عبدالله 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews