إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم ارتفاعه في حقل "نوارة" بـ53 %.. الإنتاج الطاقي الوطني يتراجع في الحقول الرئيسية والحل في رفع الدعم نهائيا..

 

تونس-الصباح

مازالت تونس تعاني من بطء في نسق الإنتاج الطاقي الوطني في الآونة الأخيرة، مما أجبر الدولة على مواصلة استيراد المواد الطاقية بأسعار مرتفعة في ظل الاضطرابات والتغيرات الكبيرة التي تشهدها الأسواق العالمية للنفط، حتى يتجاوز اليوم العجز الطاقي لتونس أكثر من 50 بالمائة، رغم تراجع صادرات القطاع في آخر نشرية للوضع الطاقي الشهري لشهر جوان المنقضي..

ومع ذلك تواصل الدولة الترفيع في ميزانية الدعم لقطاع الطاقة خلال السنة الحالية لتصل التكاليف الجملية التي أنفقتها في دعم الطاقة إلى 8.2 مليار دينار، حيث كانت آخر قفزة في قيمة الدعم الموجه إلى المحروقات من 755 مليون دينار نهاية مارس 2022 إلى 1038.6 مليون دينار نهاية مارس 2023 وذلك بالتوازي مع ارتفاع نفقات دعم النقل إلى 167 مليون دينار، حسب آخر الأرقام الرسمية..

نفقات الدعم تقفز إلى أكثر من 8 مليارات

وفي نفس الاتجاه، عرفت الاعتمادات التي خصصتها الدولة لدعم المحروقات ارتفاعا ملحوظا خلال النصف الأول من السنة الجارية لينتقل الحجم من 300 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية إلى حدود الـ1400 مليون دينار حاليا، مسجلا بذلك قفزة كبيرة بنسبة تناهز 370 بالمائة ليستحوذ بالتالي دعم الدولة المحروقات على 67 بالمائة من مجموع الاعتمادات التي حددتها في قانون المالية للسنة الحالية.

هذا الارتفاع الكبير في حجم الدعم، يؤكد من جديد المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022، ارتفاعا ملحوظا من 4 آلاف مليون دينار إلى 7262 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل 15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات إلى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها في 6 أشهر، ليتجاوز سعر البرميل الـ100 دولار كامل شهر أوت المنقضي حتى يستقر مؤخرا في حدود الـ90 دولارا..

خارطة الإنتاج الطاقي غير متوازنة

وبالرغم من تحسن الإنتاج الطاقي في الأشهر الأخيرة لبعض الحقول الموجودة في تونس، إلا أن المعدل اليومي من إنتاج النفط عرف تقلصا ليتحول من 36.4 ألف برميل في اليوم، في موفى جوان 2022، إلى 33.9 ألف برميل في اليوم في موفى جوان 2023. حسب النشرية الشهرية حول الوضع الطاقي لشهر جوان 2023.

كما تراجع الإنتاج الوطني من النفط الخام بنسبة 8٪ ليبلغ 784 ألف طن مكافئ نفط، في الفترة المتراوحة بين جوان 2022 وجوان 2023، وشمل هذا التراجع أغلب الحقول الرئيسية، على غرار حقول "حلق المنزل"، الذي دخل حيز الإنتاج منذ 2021، (43٪) وحقل "البرمة"(16٪) ، وحقل "عشتار" (14٪).

وشمل التراجع أيضا حقول الغاز الطبيعي بنسبة 7٪. إذ بلغت موارده (الإنتاج الوطني إضافة إلى الإتاوة الموظفة على أنبوب الغاز الجزائري الموجه إلى إيطاليا) نحو 1.366 ألف طن مكافئ نفط في نهاية جوان 2023، وانخفض إنتاج الغاز التجاري الجاف بنسبة 11٪، وكذلك سجلت الإتاوة الموظفة على أنبوب الغاز الجزائري تراجعا بنسبة 2٪ في نهاية جوان الماضي، مقارنة بجوان 2022، لتبلغ 507 آلاف طن مكافئ نفط.

ومن الحقول التي تراجع إنتاجها للغاز، حقل "صدربعل" (4٪)، والغاز التجاري للجنوب (36٪) وحقل "مسكار" (10٪)، أما في ما يتعلق بالحقول التي سجلت تحسنا في الإنتاج، فقد كشفت عنها النشرية ومن بينها حقل "نوّارة" (زيادة بـ53٪) و"الغريب"(27٪) و"سرسينا"(40٪).

بالمقابل، سجل الطلب على الغاز الطبيعي انخفاضا بنسبة 12٪ في الفترة المتراوحة بين نهاية جوان 2022 ونهاية جوان2023، ليبلغ 2166 ألف طن مكافئ نفط. حسب آخر المؤشرات للوضع الطاقي للبلاد.

هذا الوضع الذي مازالت تتخبط فيه تونس وأدى الى تعمق في العجز الطاقي للبلاد، سيضع الدولة أمام تحديات جديدة في قادم الأيام وقد تكون الحلول العاجلة في الوقت الراهن وقف الدعم نهائيا، وهو ما يؤكد عدم تفكير الحكومة في الرجوع الى اعتماد آلية التعديل الآلي التي توقفت عن تفعيلها للشهر التاسع على التوالي بعد آخر تعديل في أسعار المحروقات بالترفيع فيها منذ شهر نوفمبر من السنة المنقضية، وهي الزيادة الخامسة التي والتي وصفت بالثقيلة بالنظر الى نسبة الترفيع التي ناهزت الـ7 بالمائة.

بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية

وكانت الحكومة قد أعلنت منذ مطلع السنة الحالية عن برنامجها الإصلاحي في قطاع الطاقة والذي يهدف بالأساس إلى بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية، مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار والمحافظة على دور الشركة التونسية لصناعة التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، فضلا عن ذلك تعمل الوزارة على ترشيد استهلاك المواد البترولية مستقبلا. حسب ما جاء في البرنامج الحكومي الإصلاحي..

وعلى هذا الأساس، من المنتظر أن تقر الحكومة في قادم الأيام ترفيعات جديدة في أسعار المحروقات، بالاعتماد على آلية التعديل الآلي الشهري ليكون هذا القرار المخرج الأوحد للحكومة كحل من الحلول السريعة لتغطية نفقات الدعم على الطاقة، تمهيدا لرفع دعم الدولة نهائيا على الطاقة..

وفاء بن محمد

 

 

 

 

 

 

 

رغم ارتفاعه في حقل "نوارة" بـ53 %..  الإنتاج الطاقي الوطني يتراجع في الحقول الرئيسية والحل في رفع الدعم نهائيا..

 

تونس-الصباح

مازالت تونس تعاني من بطء في نسق الإنتاج الطاقي الوطني في الآونة الأخيرة، مما أجبر الدولة على مواصلة استيراد المواد الطاقية بأسعار مرتفعة في ظل الاضطرابات والتغيرات الكبيرة التي تشهدها الأسواق العالمية للنفط، حتى يتجاوز اليوم العجز الطاقي لتونس أكثر من 50 بالمائة، رغم تراجع صادرات القطاع في آخر نشرية للوضع الطاقي الشهري لشهر جوان المنقضي..

ومع ذلك تواصل الدولة الترفيع في ميزانية الدعم لقطاع الطاقة خلال السنة الحالية لتصل التكاليف الجملية التي أنفقتها في دعم الطاقة إلى 8.2 مليار دينار، حيث كانت آخر قفزة في قيمة الدعم الموجه إلى المحروقات من 755 مليون دينار نهاية مارس 2022 إلى 1038.6 مليون دينار نهاية مارس 2023 وذلك بالتوازي مع ارتفاع نفقات دعم النقل إلى 167 مليون دينار، حسب آخر الأرقام الرسمية..

نفقات الدعم تقفز إلى أكثر من 8 مليارات

وفي نفس الاتجاه، عرفت الاعتمادات التي خصصتها الدولة لدعم المحروقات ارتفاعا ملحوظا خلال النصف الأول من السنة الجارية لينتقل الحجم من 300 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية إلى حدود الـ1400 مليون دينار حاليا، مسجلا بذلك قفزة كبيرة بنسبة تناهز 370 بالمائة ليستحوذ بالتالي دعم الدولة المحروقات على 67 بالمائة من مجموع الاعتمادات التي حددتها في قانون المالية للسنة الحالية.

هذا الارتفاع الكبير في حجم الدعم، يؤكد من جديد المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022، ارتفاعا ملحوظا من 4 آلاف مليون دينار إلى 7262 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل 15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات إلى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها في 6 أشهر، ليتجاوز سعر البرميل الـ100 دولار كامل شهر أوت المنقضي حتى يستقر مؤخرا في حدود الـ90 دولارا..

خارطة الإنتاج الطاقي غير متوازنة

وبالرغم من تحسن الإنتاج الطاقي في الأشهر الأخيرة لبعض الحقول الموجودة في تونس، إلا أن المعدل اليومي من إنتاج النفط عرف تقلصا ليتحول من 36.4 ألف برميل في اليوم، في موفى جوان 2022، إلى 33.9 ألف برميل في اليوم في موفى جوان 2023. حسب النشرية الشهرية حول الوضع الطاقي لشهر جوان 2023.

كما تراجع الإنتاج الوطني من النفط الخام بنسبة 8٪ ليبلغ 784 ألف طن مكافئ نفط، في الفترة المتراوحة بين جوان 2022 وجوان 2023، وشمل هذا التراجع أغلب الحقول الرئيسية، على غرار حقول "حلق المنزل"، الذي دخل حيز الإنتاج منذ 2021، (43٪) وحقل "البرمة"(16٪) ، وحقل "عشتار" (14٪).

وشمل التراجع أيضا حقول الغاز الطبيعي بنسبة 7٪. إذ بلغت موارده (الإنتاج الوطني إضافة إلى الإتاوة الموظفة على أنبوب الغاز الجزائري الموجه إلى إيطاليا) نحو 1.366 ألف طن مكافئ نفط في نهاية جوان 2023، وانخفض إنتاج الغاز التجاري الجاف بنسبة 11٪، وكذلك سجلت الإتاوة الموظفة على أنبوب الغاز الجزائري تراجعا بنسبة 2٪ في نهاية جوان الماضي، مقارنة بجوان 2022، لتبلغ 507 آلاف طن مكافئ نفط.

ومن الحقول التي تراجع إنتاجها للغاز، حقل "صدربعل" (4٪)، والغاز التجاري للجنوب (36٪) وحقل "مسكار" (10٪)، أما في ما يتعلق بالحقول التي سجلت تحسنا في الإنتاج، فقد كشفت عنها النشرية ومن بينها حقل "نوّارة" (زيادة بـ53٪) و"الغريب"(27٪) و"سرسينا"(40٪).

بالمقابل، سجل الطلب على الغاز الطبيعي انخفاضا بنسبة 12٪ في الفترة المتراوحة بين نهاية جوان 2022 ونهاية جوان2023، ليبلغ 2166 ألف طن مكافئ نفط. حسب آخر المؤشرات للوضع الطاقي للبلاد.

هذا الوضع الذي مازالت تتخبط فيه تونس وأدى الى تعمق في العجز الطاقي للبلاد، سيضع الدولة أمام تحديات جديدة في قادم الأيام وقد تكون الحلول العاجلة في الوقت الراهن وقف الدعم نهائيا، وهو ما يؤكد عدم تفكير الحكومة في الرجوع الى اعتماد آلية التعديل الآلي التي توقفت عن تفعيلها للشهر التاسع على التوالي بعد آخر تعديل في أسعار المحروقات بالترفيع فيها منذ شهر نوفمبر من السنة المنقضية، وهي الزيادة الخامسة التي والتي وصفت بالثقيلة بالنظر الى نسبة الترفيع التي ناهزت الـ7 بالمائة.

بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية

وكانت الحكومة قد أعلنت منذ مطلع السنة الحالية عن برنامجها الإصلاحي في قطاع الطاقة والذي يهدف بالأساس إلى بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية، مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار والمحافظة على دور الشركة التونسية لصناعة التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، فضلا عن ذلك تعمل الوزارة على ترشيد استهلاك المواد البترولية مستقبلا. حسب ما جاء في البرنامج الحكومي الإصلاحي..

وعلى هذا الأساس، من المنتظر أن تقر الحكومة في قادم الأيام ترفيعات جديدة في أسعار المحروقات، بالاعتماد على آلية التعديل الآلي الشهري ليكون هذا القرار المخرج الأوحد للحكومة كحل من الحلول السريعة لتغطية نفقات الدعم على الطاقة، تمهيدا لرفع دعم الدولة نهائيا على الطاقة..

وفاء بن محمد