إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خبراء يابانيون للكشف عن ضياع ماء " الصوناد " وتسربات شبكاتها المتهرئة ؟ !

بقلم: نوفل سلامة

مشكلة الماء في تونس تحولت في السنوات الأخيرة إلى مشكلة أمن قومي تضاف إلى حزمة المشاكل الأخرى التي باتت تتعب حياة المواطن وتهدد أمنه وراحته كالأمن الغذائي والأمن الطاقي والأمن اللغوي بعد أن تلوث اللسان العربي وأصبح الفرد التونسي لا يفهم لغته الرسمية ولا يفهم لغة الخطاب باللسان العربي الفصيح وهذه قضية أخرى تحتاج معالجة خاصة.

مع هذا التحول الذي عرفته مسألة الأمن المائي وصعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الماء الصالح للشراب أصبح هذا الحق من حقوق الإنسان الأساسية المتمثل في الحصول على كمية معتبرة من الماء للاستغلال المنزلي والاستغلال الشخصي من القضايا التي تشكل هاجسا يوميا يتعب الكثير من الأسر في العديد من الجهات التونسية بعد أن كثرت التشكيات من الانقطاعات المتكررة للماء بل أن الأمر قد تعدى المناطق الداخلية والجهات البعيدة التي تعاني منذ سنوات من صعوبة الاستفادة من ماء حنفية المنزل ليصل إلى المدن الكبرى وضواحي العاصمة التي ودعت هي الأخرى سنوات الرفاه المائي ودخلت مرحلة الصعوبات ومرحلة التقشف في استعمال الماء حيث أصبح الحصول على الماء من حنفية البيت مسألة غير مضمونة في كل الأوقات فمن الوارد جدا أن تفتح الحفية في أي ساعة من ساعات النهار وخاصة في الليل فلا تجد ما تحتاجه من الماء وهذا التحول الكبير وهذا المنعرج الحاصل في مسألة تراجع أحد الحقوق الأساسية للإنسان في التمتع بماء " الصوناد " وبجودة مقبولة ومضمونة في كامل النهار قد جعل غالبية الشعب يكتفون بالمطالبة بتوفره في ساعات النهار على المطالبة بتحسين جودته وأصبح كل المراد وأقصى المنى أن نحصل على الماء في حنفية البيت وأصبح من المكاسب التي نغنمها أن نجد الماء حينما نفتح الجنفية في ساعات الليل المتأخرة.

التبرير الذي قدم لتفسير هذه الوضعية الحرجة التي أصبحت تعاني منها بلادنا وما يحصل من نقص سنوي في كميات المياه المطلوبة لمختلف الاستعمالات والخطاب الرسمي المقدم لإقناع الجمهور يقوم على مسلمة لم تناقش بالقدر الكلفي تقول بأن بلادنا تقع في منطقة قليلة التساقطات وفي منطقة من العالم كمية الأمطار فيها شحيحة تجعلها لا تكفي لتلبية الاحتياجات ومختلف الاستعمالات في مجالات مختلفة من فلاحة وخدمات سياحية وحاجيات صناعية ومنزلية وضمن هذا الخطاب تم الترويج إلى وجود مشكلة في السدود التي تراجع مخزون البعض منها وأصبح البعض الآخر غير مؤهل لاستقبال الأمطار وتخزينها بكميات معتبرة نتيجة كثيرة الأوحال الموجودة بها والتي يصعب حسب الخطاب الرسمي جهرها واستعادة استغلالها نتيجة كلفتها الباهظة وبسبب النقص الحاصل في اليد العاملة المؤهلة للقيام بهذا العمل ونتيجة لذلك فإن كميات كبيرة من الأمطار تذهب في عرض البحر وتهدر ولا يمكن الاستفادة منها ما يجعل من الضروري الشروع في بناء سدود جديدة بدل تنظيف القديمة بعد إزالة ما بها من أوحال لإعادة توظيفها واستغلالها .. وتفسير آخر يعتمد على ما يحصل من تحولات مناخية وما يشهده العالم وتشهده منطقتنا من تغيرات مناخية تسببت في ارتفاع درجات الحرارة أدت إلى تحكم الجفاف وأثرت سلبا على مخزوننا من مياه الأمطار ومن تداعيات هذه التقلبات المناخية أن أصبحت تونس من البلدان التي تعرف أزمة في مخزونها من الماء وبلدا مياه الأمطار فيها شحيحة مما جعلها حسب بعض المختصين تدخل في مرحلة الظمأ والإجهاد المائي بل أن البعض قد ذهب إلى تصنيفنا من ضمن البلدان الفقيرة مائيا ومن البلدان التي تعيش على وقع الجفاف المهدد للحياة بعد أن تضررت المائدة المائية وتراجعت المياه الجوفية والسطحية وقلت التساقطات المطرية.

هذه المقاربة المتداولة والمروجة لتفسير الأزمة المائية التي تمر بها بلادنا على وجاهتها تصطدم بواقع آخر مؤسس على معطيات أخرى منها نتائج التقرير الذي أعده المقرر الخاص للأمم المتحدة لحق الإنسان في الماء والصرف الصحي" بيدرو أرخو أغور" إثر الزيارة التي قام بها إلى بلادنا خلال الفترة الممتدة بين 18 و28 جويلية الماضي في إطار إعداد التقرير النهائي الشامل الذي من المنتظر أن يقدم خلال شهر سبتمبر 2023 إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول الحق في الماء والصرف الصحي في عدد من دول العالم منها تونس والذي خلص فيه بعد القيام بزيارات ميدانية إلى العديد من الولايات التونسية وتعرف على حالة وضعنا المائي وحالة عيش السكان في مختلف الجهات من حيث استفادتهم من ماء نظيف غير ملوث وبجودة مقبولة وتوفرهم على قناة للصرف الصحي وهي من الحقوق الدنيا للإنسان إلى وجود جملة من الاخلالات والنقائص لا علاقة لها بمسألة موقع البلاد وتواجدها في منطقة قليلة الأمطار والتساقطات ولا علاقة لها بما يسوق إعلاميا وسياسيا من كوننا نصنف من ضمن البلدان الفقيرة مائيا والتي تعرف حالة شح مائي خطيرة نتيجة التحولات المناخية والتغيرات الحاصلة في الكون وإنما الذي وقف عليه هذا المسؤول الأممي في موضوع ندرة الماء في تونس هي أسباب أخرى أرجعها إلى ضعف أداء الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه وضعف الرقابة والصيانة للقنوات الخاصة بإيصال الماء الصالح للشراب بجودة مقبولة وغياب عملية التجديد لمختلف الشبكات التي تهالكت وأصبحت مصدر هدر كبير للماء وتحتاج إلى استثمارات كبيرة لتجديدها وإلى تزايد الشركات التي تنشط في تجارة بيع الماء المعلب والتي تستهلك قدرا كبيرا من الماء كان من الأولى توجيهه للاستعمال المنزلي وقد خلص هذا التقرير الذي أتينا على جانب منه إلى أن موضوع الماء في تونس لا يتعلق بنقص في الموارد المائية وإنما أصل المشكل يكمن في ضعف الاستراتيجيات وضعف أداء الهياكل المعنية وغياب الرقابة والمتابعة والصيانة والتجديد التي تتسبب في ضياع كميات كبيرة من الماء وهي كلها مسائل تحتاج إلى توفر الاعتمادات المالية.

كما يصطدم الخطاب المتداول عن وضعنا المائي بالاتفاقية التي أمضتها الحكومة التونسية ممثلة في الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي يتعلق إرسال فريق من الخبراء اليابانيين المتخصصين في مجال توزيع الماء للكشف عن التسربات الكثيرة التي يشكو منها نظام امدادات الماء في المناطق الحضرية في مدينة تونس وصفاقس الكبرى وهي مساعدة فنية وتقنية تكفلت بتقديمها الوكالة اليابانية إضافة الى جملة المعدات المخصصة سوف تتحصل عليها تونس لتنفيذ هذا المشروع الذي يسعى إلى التعرف على أماكن الخلل والأعطاب في مختلف قنوات الشبكات التي تهرأت وتتسبب في ضياع كميات ضخمة من الماء تتراوح بين 30 و50 بالمائة من الكمية المتوفرة.

وبهذا نخلص من خلال التقرير الذي أعده مبعوث الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي زار مؤخرا بلادنا عن حالة الماء في تونس ونسبة انتفاع المواطن التونسي من ماء الحنفية والاتفاقية الفنية التي أمضتها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مع الوكالة اليابانية المتخصصة في الكشف عن أعطاب شبكات امدادات الماء أنه بالقليل من الأمطار التي تتوفر عليها بلادنا - هذا طبعا إذا سلمنا أننا بلد يقع في منطقة قليلة التساقطات وتعرف شحا مائيا - وبقليل من بذل الجهد في جهر سدودنا التي لم تعد صالحة لاحتضان الأمطار وبقليل من الرقابة والمتابعة والصيانة والتجديد لمختلف الشبكات المتعلقة بنظام امدادات المياه وبوضع استراتيجيات واضحة ومحددة ورصد اعتمادات مالية لتحسين الشبكات وبالتوقف عن إعطاء الرخص للشركات الناشطة في بيع المياه المعلبة التي تستفيد من الثروة المائية وتبيعها بمقابل وهي في الأصل ملك للمجموعة الوطنية يمكننا أن نوفر للمواطن التونسي الماء المطلوب في حنفية المنزل وبجودة عالية ودون انقطاعات متكررة تغنيه عن شراء قوارير الماء التي باتت تكلف العائلة التونسية نفقات اضافية وتزيد من مصاعب المقدرة الشرائية وتتسبب في إرهاق كبير لميزانية العائلة.

ما أردنا قوله أن الخطاب المروج داخليا وفي وسائل إعلامنا عن حالة الماء وعن وضعية مخزوننا المائي في علاقة بما بات يعرف بالأمن المائي هو خطاب لا علاقة له بما تثبته التقارير المحايدة التي أكدت أن مشكلة تونس في موضوع الماء ليست مشكلة شح مائي ولا فقر مائي ولا نتيجة قلة الأمطار ولا موضوع تغيرات مناخية رغم أنها موجودة ولا موضوع مسؤولية المواطن واستعمالاته العشوائية التي تتسبب في هدر الكثير من الماء ولا مشكلة استحواذ قطاع الفلاحة لكميات كبيرة من الماء تصل إلى حدود 80 بالمائة وإنما أصل الأزمة التي نتجنب الحديث عنها لها علاقة بقدم شبكة الصوناد وتهرئها وكثرة ضياع الماء في قنواتها نتيجة كثرة الأعطاب ونتيجة ضعف المتابعة والمراقبة والحوكمة وغياب التعهد بالصيانة ونتيجة عدم توفير اليد العاملة المتخصصة في اصلاح الأعطاب والتعهد بتجديد الشبكة المائية بصفة دورية وهذا كله يحتاج إلى استراتيجية مائية غير موجودة وموارد مالية لاستثمارها في هذا المجال مفقودة...

 

 

خبراء يابانيون للكشف عن ضياع ماء " الصوناد " وتسربات شبكاتها المتهرئة ؟ !

بقلم: نوفل سلامة

مشكلة الماء في تونس تحولت في السنوات الأخيرة إلى مشكلة أمن قومي تضاف إلى حزمة المشاكل الأخرى التي باتت تتعب حياة المواطن وتهدد أمنه وراحته كالأمن الغذائي والأمن الطاقي والأمن اللغوي بعد أن تلوث اللسان العربي وأصبح الفرد التونسي لا يفهم لغته الرسمية ولا يفهم لغة الخطاب باللسان العربي الفصيح وهذه قضية أخرى تحتاج معالجة خاصة.

مع هذا التحول الذي عرفته مسألة الأمن المائي وصعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الماء الصالح للشراب أصبح هذا الحق من حقوق الإنسان الأساسية المتمثل في الحصول على كمية معتبرة من الماء للاستغلال المنزلي والاستغلال الشخصي من القضايا التي تشكل هاجسا يوميا يتعب الكثير من الأسر في العديد من الجهات التونسية بعد أن كثرت التشكيات من الانقطاعات المتكررة للماء بل أن الأمر قد تعدى المناطق الداخلية والجهات البعيدة التي تعاني منذ سنوات من صعوبة الاستفادة من ماء حنفية المنزل ليصل إلى المدن الكبرى وضواحي العاصمة التي ودعت هي الأخرى سنوات الرفاه المائي ودخلت مرحلة الصعوبات ومرحلة التقشف في استعمال الماء حيث أصبح الحصول على الماء من حنفية البيت مسألة غير مضمونة في كل الأوقات فمن الوارد جدا أن تفتح الحفية في أي ساعة من ساعات النهار وخاصة في الليل فلا تجد ما تحتاجه من الماء وهذا التحول الكبير وهذا المنعرج الحاصل في مسألة تراجع أحد الحقوق الأساسية للإنسان في التمتع بماء " الصوناد " وبجودة مقبولة ومضمونة في كامل النهار قد جعل غالبية الشعب يكتفون بالمطالبة بتوفره في ساعات النهار على المطالبة بتحسين جودته وأصبح كل المراد وأقصى المنى أن نحصل على الماء في حنفية البيت وأصبح من المكاسب التي نغنمها أن نجد الماء حينما نفتح الجنفية في ساعات الليل المتأخرة.

التبرير الذي قدم لتفسير هذه الوضعية الحرجة التي أصبحت تعاني منها بلادنا وما يحصل من نقص سنوي في كميات المياه المطلوبة لمختلف الاستعمالات والخطاب الرسمي المقدم لإقناع الجمهور يقوم على مسلمة لم تناقش بالقدر الكلفي تقول بأن بلادنا تقع في منطقة قليلة التساقطات وفي منطقة من العالم كمية الأمطار فيها شحيحة تجعلها لا تكفي لتلبية الاحتياجات ومختلف الاستعمالات في مجالات مختلفة من فلاحة وخدمات سياحية وحاجيات صناعية ومنزلية وضمن هذا الخطاب تم الترويج إلى وجود مشكلة في السدود التي تراجع مخزون البعض منها وأصبح البعض الآخر غير مؤهل لاستقبال الأمطار وتخزينها بكميات معتبرة نتيجة كثيرة الأوحال الموجودة بها والتي يصعب حسب الخطاب الرسمي جهرها واستعادة استغلالها نتيجة كلفتها الباهظة وبسبب النقص الحاصل في اليد العاملة المؤهلة للقيام بهذا العمل ونتيجة لذلك فإن كميات كبيرة من الأمطار تذهب في عرض البحر وتهدر ولا يمكن الاستفادة منها ما يجعل من الضروري الشروع في بناء سدود جديدة بدل تنظيف القديمة بعد إزالة ما بها من أوحال لإعادة توظيفها واستغلالها .. وتفسير آخر يعتمد على ما يحصل من تحولات مناخية وما يشهده العالم وتشهده منطقتنا من تغيرات مناخية تسببت في ارتفاع درجات الحرارة أدت إلى تحكم الجفاف وأثرت سلبا على مخزوننا من مياه الأمطار ومن تداعيات هذه التقلبات المناخية أن أصبحت تونس من البلدان التي تعرف أزمة في مخزونها من الماء وبلدا مياه الأمطار فيها شحيحة مما جعلها حسب بعض المختصين تدخل في مرحلة الظمأ والإجهاد المائي بل أن البعض قد ذهب إلى تصنيفنا من ضمن البلدان الفقيرة مائيا ومن البلدان التي تعيش على وقع الجفاف المهدد للحياة بعد أن تضررت المائدة المائية وتراجعت المياه الجوفية والسطحية وقلت التساقطات المطرية.

هذه المقاربة المتداولة والمروجة لتفسير الأزمة المائية التي تمر بها بلادنا على وجاهتها تصطدم بواقع آخر مؤسس على معطيات أخرى منها نتائج التقرير الذي أعده المقرر الخاص للأمم المتحدة لحق الإنسان في الماء والصرف الصحي" بيدرو أرخو أغور" إثر الزيارة التي قام بها إلى بلادنا خلال الفترة الممتدة بين 18 و28 جويلية الماضي في إطار إعداد التقرير النهائي الشامل الذي من المنتظر أن يقدم خلال شهر سبتمبر 2023 إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول الحق في الماء والصرف الصحي في عدد من دول العالم منها تونس والذي خلص فيه بعد القيام بزيارات ميدانية إلى العديد من الولايات التونسية وتعرف على حالة وضعنا المائي وحالة عيش السكان في مختلف الجهات من حيث استفادتهم من ماء نظيف غير ملوث وبجودة مقبولة وتوفرهم على قناة للصرف الصحي وهي من الحقوق الدنيا للإنسان إلى وجود جملة من الاخلالات والنقائص لا علاقة لها بمسألة موقع البلاد وتواجدها في منطقة قليلة الأمطار والتساقطات ولا علاقة لها بما يسوق إعلاميا وسياسيا من كوننا نصنف من ضمن البلدان الفقيرة مائيا والتي تعرف حالة شح مائي خطيرة نتيجة التحولات المناخية والتغيرات الحاصلة في الكون وإنما الذي وقف عليه هذا المسؤول الأممي في موضوع ندرة الماء في تونس هي أسباب أخرى أرجعها إلى ضعف أداء الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه وضعف الرقابة والصيانة للقنوات الخاصة بإيصال الماء الصالح للشراب بجودة مقبولة وغياب عملية التجديد لمختلف الشبكات التي تهالكت وأصبحت مصدر هدر كبير للماء وتحتاج إلى استثمارات كبيرة لتجديدها وإلى تزايد الشركات التي تنشط في تجارة بيع الماء المعلب والتي تستهلك قدرا كبيرا من الماء كان من الأولى توجيهه للاستعمال المنزلي وقد خلص هذا التقرير الذي أتينا على جانب منه إلى أن موضوع الماء في تونس لا يتعلق بنقص في الموارد المائية وإنما أصل المشكل يكمن في ضعف الاستراتيجيات وضعف أداء الهياكل المعنية وغياب الرقابة والمتابعة والصيانة والتجديد التي تتسبب في ضياع كميات كبيرة من الماء وهي كلها مسائل تحتاج إلى توفر الاعتمادات المالية.

كما يصطدم الخطاب المتداول عن وضعنا المائي بالاتفاقية التي أمضتها الحكومة التونسية ممثلة في الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي يتعلق إرسال فريق من الخبراء اليابانيين المتخصصين في مجال توزيع الماء للكشف عن التسربات الكثيرة التي يشكو منها نظام امدادات الماء في المناطق الحضرية في مدينة تونس وصفاقس الكبرى وهي مساعدة فنية وتقنية تكفلت بتقديمها الوكالة اليابانية إضافة الى جملة المعدات المخصصة سوف تتحصل عليها تونس لتنفيذ هذا المشروع الذي يسعى إلى التعرف على أماكن الخلل والأعطاب في مختلف قنوات الشبكات التي تهرأت وتتسبب في ضياع كميات ضخمة من الماء تتراوح بين 30 و50 بالمائة من الكمية المتوفرة.

وبهذا نخلص من خلال التقرير الذي أعده مبعوث الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي زار مؤخرا بلادنا عن حالة الماء في تونس ونسبة انتفاع المواطن التونسي من ماء الحنفية والاتفاقية الفنية التي أمضتها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مع الوكالة اليابانية المتخصصة في الكشف عن أعطاب شبكات امدادات الماء أنه بالقليل من الأمطار التي تتوفر عليها بلادنا - هذا طبعا إذا سلمنا أننا بلد يقع في منطقة قليلة التساقطات وتعرف شحا مائيا - وبقليل من بذل الجهد في جهر سدودنا التي لم تعد صالحة لاحتضان الأمطار وبقليل من الرقابة والمتابعة والصيانة والتجديد لمختلف الشبكات المتعلقة بنظام امدادات المياه وبوضع استراتيجيات واضحة ومحددة ورصد اعتمادات مالية لتحسين الشبكات وبالتوقف عن إعطاء الرخص للشركات الناشطة في بيع المياه المعلبة التي تستفيد من الثروة المائية وتبيعها بمقابل وهي في الأصل ملك للمجموعة الوطنية يمكننا أن نوفر للمواطن التونسي الماء المطلوب في حنفية المنزل وبجودة عالية ودون انقطاعات متكررة تغنيه عن شراء قوارير الماء التي باتت تكلف العائلة التونسية نفقات اضافية وتزيد من مصاعب المقدرة الشرائية وتتسبب في إرهاق كبير لميزانية العائلة.

ما أردنا قوله أن الخطاب المروج داخليا وفي وسائل إعلامنا عن حالة الماء وعن وضعية مخزوننا المائي في علاقة بما بات يعرف بالأمن المائي هو خطاب لا علاقة له بما تثبته التقارير المحايدة التي أكدت أن مشكلة تونس في موضوع الماء ليست مشكلة شح مائي ولا فقر مائي ولا نتيجة قلة الأمطار ولا موضوع تغيرات مناخية رغم أنها موجودة ولا موضوع مسؤولية المواطن واستعمالاته العشوائية التي تتسبب في هدر الكثير من الماء ولا مشكلة استحواذ قطاع الفلاحة لكميات كبيرة من الماء تصل إلى حدود 80 بالمائة وإنما أصل الأزمة التي نتجنب الحديث عنها لها علاقة بقدم شبكة الصوناد وتهرئها وكثرة ضياع الماء في قنواتها نتيجة كثرة الأعطاب ونتيجة ضعف المتابعة والمراقبة والحوكمة وغياب التعهد بالصيانة ونتيجة عدم توفير اليد العاملة المتخصصة في اصلاح الأعطاب والتعهد بتجديد الشبكة المائية بصفة دورية وهذا كله يحتاج إلى استراتيجية مائية غير موجودة وموارد مالية لاستثمارها في هذا المجال مفقودة...