بين التربية والإعلام علاقات متينة وقوية فهما مترابطان لبناء المجتمع الأفضل والارتقاء بالإنسان. ومن هذا المنطلق تسعى وزارة التربية الى دعم المقاربات المتجددة والمتطورة بغاية الاستفادة من وسائل الإعلام التي من شانها مساندة جهود مكونات الأسرة التربوية. ويمكن ان نتحدث حينئذ عن كفاءة اتصالية ترتبط بنمط اشتغال المنظومة التربوية في تونس، لكن كيف يتسنى لنا قيس هذه الكفاءة في ميدان الاتصال التربوي.
نعيش في عصر الرقميات الذي يقوم على الاتصال فهو أحد أهم ركائزه ويتطلب الاتصال القدرة على صناعة المعلومات واستثمارها ولعل أكثر المنظومات حاجة الى الاتصال هي المنظومة التربوية نظرا الى أن المدرسة – من بين أدوارها المتعددة – نجد إرسال الرسائل البيداغوجية والتقاط رسائل مجتمعية وثقافية وسياسية والتفاعل معها عبر الرموز والإشارات ذات الدلالات ومن هنا نشأت حاجة المنظومة التربوية في بلادنا للإعلام التربوي كمرتكز أساسي لشرح خيارات الإصلاح وتوضيح التوجهات والبرامج البيداغوجية ، مما يساهم في إنجاحها وإغنائها والتفاعل معها أو تسليط الأضواء على النزاعات والإشكالات والمسائل العالقة على غرار الجدال الحاصل اليوم حول مطالب نقابات المدرسين وما رافقها من تجاذبات حيث توجهت الأنظار إلى وسائل الإعلام لتفسير أسباب الخلاف وشرح تفاصيل المفاوضات بين الطرف الحكومي والطرف النقابي...
ان التكامل التربوي بين المدرسة والرأي العام لن يكون الا عبر وسائل اتصال فعالة وقادرة على نقل وجهات نظر مختلف الشركاء وكسر الجمود الذي بدأ يسيطر على هذه العلاقة. فإذا لم تستطع المنظومة التربوية ان توصل رسائلها بالدقة والوضوح اللازمين فإنها تكون حينئذ عرضة للتشويش. ومن شأن الاتصال التربوي أن يدعم أنشطة الحياة المدرسية المختلفة بالمشاركة فيها، وتقييمها، والكتابة عنها، مما يعطيها دفعاً كبيراً، وينقلها لعامل أساسي في نجاح العملية التربوية ذاتها.
ومع التطور التقني الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام والذي تمثل في إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية من خلال تقنية البث الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية، تطور مفهوم الإعلام التربوي، وامتد ليشمل الواجبات التربوية لوسائل الإعلام المتمثلة في السعي لتحقيق الأهداف العامة للتربية في المجتمع، والالتزام بالقيم الأخلاقية، ويعزى هذا التطور الى تطور التربية في حد ذاتها حيث أصبحت أوسع مدىً، وأكثر دلالة فيما يتصل بمسارات التعلم،بما جعل التربية عملية شاملة ومستديمة.
ساهم هذا المسار في انتشار وسائل الإعلام على نطاق واسع، وتنامي قدرتها على جذب مستقبل الرسالة الإعلامية، وبالتالي قدرتها على الاضطلاع بأدوار تربوية موازية ومناقضة في أحيان كثيرة لما تقوم به المؤسسة التربوية الرسمية مما ساهم في تسرب أنماط من السلوك السلبي، والاستعمالات المشوهة للتكنولوجيا والمادة الاتصالية، على غرار إدمان بعض من أطفالنا وشبابنا على الألعاب الإلكترونية ذات التأثير السلبي والبرامج المحرضة على العنف والكراهية والتطرف.
يحمل هذا التعريف معاني مشابهة لمفهوم نظم المعلومات التربوية، وليس لمفهوم الإعلام التربوي، اعتبارا الى ميدان الإعلام التربوي ينبغي أن يكون هو نفسه ميدان العملية التربوية لا انفصال بينهما،واعتبارا الى أن كل المواضيع العلمية والمهنية والاجتماعية والثقافية يمكن أن تكون موضوعاً للعملية التربوية، فإنها بالتالي يمكن أن تكون مادة للإعلام التربوي.
يمتد مفهوم الإعلام التربوي ليشمل المهام التربوية والمحتويات البيداغوجية لوسائط الإعلام ووسائط هو هذا الأمر يتطلب تحديد المعايير التي يمكن الاستناد إليها في إصدار الأحكام على هذه البرامج والمحتويات التي تبثها وتذيعها وتنشرها وسائل الإعلام،الى جانب التزام القائمين على وسائل الإعلام والأجهزة الاتصالية بضوابط العمل التربوي بحرفية ومهنية.
ولذلك ينبغي أن يكتسي الإعلام التربوي صبغة انفتاحيه هدفها الاستفادة من تقنيات الاتصال وعلومه من أجل التعريف بمكونات المنظومة من غير تفريط في جدية التربية وأصالتها، بعيدا عن الإثارة والدعاية والغوغائية.
ولعل أكثر المنظومات حاجة الى الاتصال هي المنظومة التربوية لان المدرسة تقوم بإرسال المعلومات التربوية والتقاط رسائل مجتمعية متنوعة سياسية وثقافية وايديولوجية وتتفاعل معها عبر الرموز والإشارات ذات الدلالات المتنوعة. وإذا لم تستطع المؤسسة التربوية ان توصل رسائلها بالوضوح والدقة اللازمين فإنها تكون حينئذ عرضة للتشويش والغموض وعدم الفهم.
يفرض الواقع على المنظومة التربوية أن تحدد الشروط الناجعة للاتصال الفعال وأن توفر لهذا الاتصال الموارد المادية والبشرية والمضامين الواضحة لكي تكون رسائلها مفهومة من قبل المتلقين (مدرسون أولياء نقابات أحزاب سياسية ومنظمات...) مع الإشارة مضامين الاتصال، على ترابطها، يمكن أن تتبدل بتبدل المتلقي وأن تختلف باختلاف العناصر الأساسية في عملية الاتصال.
وإذا فهم المتلقون الرسائل الاتصالية التي تبثها وزارة التربية – وهي رسائل إيجابية في غالب الأحيان- فإنهم يستطيعون ويدخلون بالتالي في مرحلة المشاركة والتواصل مع المصدر أي مكونات المنظومة التربوية وأجهزتها التنفيذية.
ترتبط عملية الاتصال بين وزارة التربية وبين شركائها عندئذ بكيفية صياغة الرسائل وطريقة إيصالها والقدرة على تأويلها وفك رموزها وتحليل شيفراتها حسب الحالة النفسية والمزاج والمصلحة الذاتية. وهو أمر يتطلب من القائمين على الاتصال التربوي تضمين الرسالة شحنة من المعلومات المكثفة والواضحة والمتنوعة.
ولقد أدرك القائمون على المنظومة التربوية في تونس اليوم انه لا يمكن تحقيق اتصال ناجع وفعال عن طريق سياسات تربوية مجزأة ومرتبكة وذات منحى لا يخلو من شعبوية هي أقرب الى التهريج. وفي هذا الإطار ترمي الجهود المبذولة في وزارة التربية حاليا الى جعل الاتصال التربوي مجالا متسع الآفاق لذلك نلمس توجها نحو إعادة بناء منظومة اتصالية ذات كفاءة تنبه الجميع الى أهمية التعرف على المؤسسات التربوية وهياكل الوزارة المختلفة والتواصل معها ودعمها بالرأي والتوجيه والخبرة.
تترابط العملية الاتصالية في الميدان التربوي بالتمشي الاستراتيجي المتكامل الذي تتبعه المنظومة التربوية لتوفير التعليم للجميع ومواجهة صعوبات التعلم ومختلف مظاهر الإخفاق هذا فضلا عن توفير التغذية المتوازنة والنقل المدرسي وصيانة المؤسسات التربوية وحمايتها الخ.... وهذه عوامل تضاف الى مجالات أخرى هي في الحقيقة محور الرسائل الاتصالية وأساسها تتصل اتصالا متينا بالتخطيط التربوي الذي يأخذ في الاعتبار تحسين جودة التعليم.
وإذا نجحت المنظومة التربوية في توفير المعطيات الواضحة والمؤشرات الدقيقة وأحكمت التخطيط الاستراتيجي فإنها تستطيع عندئذ تحقيق التوافق السياسي والاعتراف العام بأهمية برامج الإصلاح التي تنجزها. بمعنى أن وضوح المادة الاتصالية في ميدان التربية يمكن ان يؤدي الى مزيد التجانس الاجتماعي في تحديد الأولويات بمنأى عن التجاذبات الحزبية والإيديولوجية.
ومن هذا المنطلق يتم التركيز اليوم على صياغة استراتيجية اتصالية أساسها الشفافية وسرعة تدفق المعلومات ووضوح الرسائل مع التركيز على المشاريع التربوية ذات المردودية العالية التي يتفاعل معها المتلقي بنجاعة ووضوح.
بقلم الدكتور منذر عافي
بين التربية والإعلام علاقات متينة وقوية فهما مترابطان لبناء المجتمع الأفضل والارتقاء بالإنسان. ومن هذا المنطلق تسعى وزارة التربية الى دعم المقاربات المتجددة والمتطورة بغاية الاستفادة من وسائل الإعلام التي من شانها مساندة جهود مكونات الأسرة التربوية. ويمكن ان نتحدث حينئذ عن كفاءة اتصالية ترتبط بنمط اشتغال المنظومة التربوية في تونس، لكن كيف يتسنى لنا قيس هذه الكفاءة في ميدان الاتصال التربوي.
نعيش في عصر الرقميات الذي يقوم على الاتصال فهو أحد أهم ركائزه ويتطلب الاتصال القدرة على صناعة المعلومات واستثمارها ولعل أكثر المنظومات حاجة الى الاتصال هي المنظومة التربوية نظرا الى أن المدرسة – من بين أدوارها المتعددة – نجد إرسال الرسائل البيداغوجية والتقاط رسائل مجتمعية وثقافية وسياسية والتفاعل معها عبر الرموز والإشارات ذات الدلالات ومن هنا نشأت حاجة المنظومة التربوية في بلادنا للإعلام التربوي كمرتكز أساسي لشرح خيارات الإصلاح وتوضيح التوجهات والبرامج البيداغوجية ، مما يساهم في إنجاحها وإغنائها والتفاعل معها أو تسليط الأضواء على النزاعات والإشكالات والمسائل العالقة على غرار الجدال الحاصل اليوم حول مطالب نقابات المدرسين وما رافقها من تجاذبات حيث توجهت الأنظار إلى وسائل الإعلام لتفسير أسباب الخلاف وشرح تفاصيل المفاوضات بين الطرف الحكومي والطرف النقابي...
ان التكامل التربوي بين المدرسة والرأي العام لن يكون الا عبر وسائل اتصال فعالة وقادرة على نقل وجهات نظر مختلف الشركاء وكسر الجمود الذي بدأ يسيطر على هذه العلاقة. فإذا لم تستطع المنظومة التربوية ان توصل رسائلها بالدقة والوضوح اللازمين فإنها تكون حينئذ عرضة للتشويش. ومن شأن الاتصال التربوي أن يدعم أنشطة الحياة المدرسية المختلفة بالمشاركة فيها، وتقييمها، والكتابة عنها، مما يعطيها دفعاً كبيراً، وينقلها لعامل أساسي في نجاح العملية التربوية ذاتها.
ومع التطور التقني الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام والذي تمثل في إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية من خلال تقنية البث الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية، تطور مفهوم الإعلام التربوي، وامتد ليشمل الواجبات التربوية لوسائل الإعلام المتمثلة في السعي لتحقيق الأهداف العامة للتربية في المجتمع، والالتزام بالقيم الأخلاقية، ويعزى هذا التطور الى تطور التربية في حد ذاتها حيث أصبحت أوسع مدىً، وأكثر دلالة فيما يتصل بمسارات التعلم،بما جعل التربية عملية شاملة ومستديمة.
ساهم هذا المسار في انتشار وسائل الإعلام على نطاق واسع، وتنامي قدرتها على جذب مستقبل الرسالة الإعلامية، وبالتالي قدرتها على الاضطلاع بأدوار تربوية موازية ومناقضة في أحيان كثيرة لما تقوم به المؤسسة التربوية الرسمية مما ساهم في تسرب أنماط من السلوك السلبي، والاستعمالات المشوهة للتكنولوجيا والمادة الاتصالية، على غرار إدمان بعض من أطفالنا وشبابنا على الألعاب الإلكترونية ذات التأثير السلبي والبرامج المحرضة على العنف والكراهية والتطرف.
يحمل هذا التعريف معاني مشابهة لمفهوم نظم المعلومات التربوية، وليس لمفهوم الإعلام التربوي، اعتبارا الى ميدان الإعلام التربوي ينبغي أن يكون هو نفسه ميدان العملية التربوية لا انفصال بينهما،واعتبارا الى أن كل المواضيع العلمية والمهنية والاجتماعية والثقافية يمكن أن تكون موضوعاً للعملية التربوية، فإنها بالتالي يمكن أن تكون مادة للإعلام التربوي.
يمتد مفهوم الإعلام التربوي ليشمل المهام التربوية والمحتويات البيداغوجية لوسائط الإعلام ووسائط هو هذا الأمر يتطلب تحديد المعايير التي يمكن الاستناد إليها في إصدار الأحكام على هذه البرامج والمحتويات التي تبثها وتذيعها وتنشرها وسائل الإعلام،الى جانب التزام القائمين على وسائل الإعلام والأجهزة الاتصالية بضوابط العمل التربوي بحرفية ومهنية.
ولذلك ينبغي أن يكتسي الإعلام التربوي صبغة انفتاحيه هدفها الاستفادة من تقنيات الاتصال وعلومه من أجل التعريف بمكونات المنظومة من غير تفريط في جدية التربية وأصالتها، بعيدا عن الإثارة والدعاية والغوغائية.
ولعل أكثر المنظومات حاجة الى الاتصال هي المنظومة التربوية لان المدرسة تقوم بإرسال المعلومات التربوية والتقاط رسائل مجتمعية متنوعة سياسية وثقافية وايديولوجية وتتفاعل معها عبر الرموز والإشارات ذات الدلالات المتنوعة. وإذا لم تستطع المؤسسة التربوية ان توصل رسائلها بالوضوح والدقة اللازمين فإنها تكون حينئذ عرضة للتشويش والغموض وعدم الفهم.
يفرض الواقع على المنظومة التربوية أن تحدد الشروط الناجعة للاتصال الفعال وأن توفر لهذا الاتصال الموارد المادية والبشرية والمضامين الواضحة لكي تكون رسائلها مفهومة من قبل المتلقين (مدرسون أولياء نقابات أحزاب سياسية ومنظمات...) مع الإشارة مضامين الاتصال، على ترابطها، يمكن أن تتبدل بتبدل المتلقي وأن تختلف باختلاف العناصر الأساسية في عملية الاتصال.
وإذا فهم المتلقون الرسائل الاتصالية التي تبثها وزارة التربية – وهي رسائل إيجابية في غالب الأحيان- فإنهم يستطيعون ويدخلون بالتالي في مرحلة المشاركة والتواصل مع المصدر أي مكونات المنظومة التربوية وأجهزتها التنفيذية.
ترتبط عملية الاتصال بين وزارة التربية وبين شركائها عندئذ بكيفية صياغة الرسائل وطريقة إيصالها والقدرة على تأويلها وفك رموزها وتحليل شيفراتها حسب الحالة النفسية والمزاج والمصلحة الذاتية. وهو أمر يتطلب من القائمين على الاتصال التربوي تضمين الرسالة شحنة من المعلومات المكثفة والواضحة والمتنوعة.
ولقد أدرك القائمون على المنظومة التربوية في تونس اليوم انه لا يمكن تحقيق اتصال ناجع وفعال عن طريق سياسات تربوية مجزأة ومرتبكة وذات منحى لا يخلو من شعبوية هي أقرب الى التهريج. وفي هذا الإطار ترمي الجهود المبذولة في وزارة التربية حاليا الى جعل الاتصال التربوي مجالا متسع الآفاق لذلك نلمس توجها نحو إعادة بناء منظومة اتصالية ذات كفاءة تنبه الجميع الى أهمية التعرف على المؤسسات التربوية وهياكل الوزارة المختلفة والتواصل معها ودعمها بالرأي والتوجيه والخبرة.
تترابط العملية الاتصالية في الميدان التربوي بالتمشي الاستراتيجي المتكامل الذي تتبعه المنظومة التربوية لتوفير التعليم للجميع ومواجهة صعوبات التعلم ومختلف مظاهر الإخفاق هذا فضلا عن توفير التغذية المتوازنة والنقل المدرسي وصيانة المؤسسات التربوية وحمايتها الخ.... وهذه عوامل تضاف الى مجالات أخرى هي في الحقيقة محور الرسائل الاتصالية وأساسها تتصل اتصالا متينا بالتخطيط التربوي الذي يأخذ في الاعتبار تحسين جودة التعليم.
وإذا نجحت المنظومة التربوية في توفير المعطيات الواضحة والمؤشرات الدقيقة وأحكمت التخطيط الاستراتيجي فإنها تستطيع عندئذ تحقيق التوافق السياسي والاعتراف العام بأهمية برامج الإصلاح التي تنجزها. بمعنى أن وضوح المادة الاتصالية في ميدان التربية يمكن ان يؤدي الى مزيد التجانس الاجتماعي في تحديد الأولويات بمنأى عن التجاذبات الحزبية والإيديولوجية.
ومن هذا المنطلق يتم التركيز اليوم على صياغة استراتيجية اتصالية أساسها الشفافية وسرعة تدفق المعلومات ووضوح الرسائل مع التركيز على المشاريع التربوية ذات المردودية العالية التي يتفاعل معها المتلقي بنجاعة ووضوح.