إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التلوث الصناعي.. خطر داهم يهدد حياة التونسيين وكل المنظومات البيئية

 

تونس-الصباح

التلوث الصناعي خطر داهم يهدد كل الجهات برا وبحرا وجوا، فمياه المؤسسات الصناعية تسكب مباشرة في البحر وفي الأودية، مؤسسات تلقي فضلاتها في المناطق الخضراء أو تدفنها في الغابات او تحرقها فتنفث سمومها القاتلة في الهواء.

فحياة التونسي باتت مهددة بشتى الطرق فواضل صناعية ومياه ملوثة تسكب في البحر والأودية ما يهدد المائدة المائية وطبعا حياة البشر وسلامة المحاصيل الزراعية .

تلوث جعل عدد من الشواطئ غير صالحة للسباحة حيث تم تصنيف 29 شاطئا غير صالحة للسباحة تتوزع على 5 ولايات هي تونس (4 شواطئ ) وبن عروس (16 شاطئ) وبنزرت (5 شواطئ) وقابس (3 شواطئ) وأخيرا سوسة ( شاطئ واحد) وعلى هذا الأساس تمّ إعلام السلط المعنية باتخاذ الإجراءات المستوجبة لمنع السباحة بالشواطئ المذكورة والحدّ من تلوث مياه البحر

وجه أخر من أوجه التلوث وهو التلوث البلاستيكي حيث شدد متخصصون في البيئة على ان تونس تحتاج الى تطبيق صارم للتشريعات الدافعة نحو تقليص حجم النفايات البلاستيكية في ظل ارقام تشير الى ان هذه النوعية من المخلفات تشكل 10 بالمائة من نفايات البلاد المقدرة بنحو 5ر2 مليون طن وان 500 ألف طن منها تلقي في البيئة البحرية.

وأكد الخبراء ان هذه النفايات لا تهدد الحياة البشرية والحيوانية فقط بل تضر بالمحيطات مما يجعل من معالجتها أولوية مستعجلة مؤكدين على أن القوانين الحالية في تونس لا تنفذ فعليا لإنقاذ البلاد من تلوث متفاقم.

حنان قيراط

 

صفاقس .. التَـلوّث يُحاصِرُها برًّا وبحرًا وجوًّا ..!

يُعتبر منسوب التلوث بولاية صفاقس مرتفعا جدا نتيجة تركيز صناعات ملوثة لم تخضع خلال عقود إلى مواصفات بيئية محددة فيما يتعلق بالإفرازات الغازية والسائلة والصلبة واحترام شروط المحافظة على المحيط، إفرازات أضرت بالهواء والبحر والبيئة عموما وازدادت عمقا بعد غلق المصب المراقب الوحيد "الڨنة بعڨارب" منذ أكثر من سنة الذي أفرز مصبات عشوائية وعملية ردم للنفايات وهي عملية مضرة للبيئة وللإنسان على حد السواء.

"السياب" مصدر ملوث للبيئة لعقود

ظلَّ مصنع "السياب "SIAPE المجمع الكيميائي التونسي منذ تأسيسه سنة 1952 إلى حين غلقه سنة 2019 من أهم عوامل التلوث البيئي بجهة صفاقس حيث تسبب في تدهور كبير للبيئة وكانت تأثيراتها سلبية على الوسط الطبيعي والمتساكنين .

ووفق إحدى الدراسات فإن مصنع SIAPE يعتبر أكبر مصانع المجمع الكيميائي التونسي في الميدان وأقدمهم(1952) ، حيث ساهم لمدة عقود في إفراز مادة ملوثة تعرف ب TSP تفرز بدورها مياه صناعية ملوثة وذات حموضة مرتفعة (pH=2) متأتية من عمليات ترسيب الفوسفوجيبس وعمليات غسل الغازات إذ تقدر كمية المياه الملوثة بـ 450 م3 في الساعة وتصرف مباشرة في المحيط البحري عبر قنال أرضي يشق الملاحات ثم يلتقي مع قنال تصريف المياه المعالجة لمحطة التطهير للديوان الوطني للتطهير لصفاقس الجنوبية التي تصرف ما يزيد عن 30.000 م3 في اليوم.

مادة الفوسفوجيبس وهي المادة الصلبة الأكثر تلوثا ويقدر إفرازها بـ 4200 طنا يوميا، تتكدس حاليا بمصب متاخم للبحر على مساحة 20 هك وعلى ارتفاع يقدر بحوالي 50 مترا".

مصادر تلوث متنوعة أضرت بالمحيط؟

تتعدد مصادر التلوث البيئي بجهة صفاقس حيث، يمثل التصريف العشوائي لمادة المرجين شكلا آخر من أشكال التلوث الصناعي الذي يتواصل بالجهة حيث لم يجد حلا جذريا مناسبا رغم وجود مصبين مهيئين، إلا أن إلقاء مادة المرجين بالوسط الطبيعي يؤثر على نوعية المياه والمنظومات الإيكولوجية لبعض المواقع المستخدمة لخزن هذه المادة.

كذلك بعض الصناعات الكيميائية كالنسيج والجلد والأحذية من بين القطاعات الصناعية النشطة بالجهة والتي لها أيضا انعكاسات سلبية على البيئة ،هذا الى جانب الإنبعاثات الصادرة عن المواقع الصناعية أيضا بسبب كثافة حركة المرور ما شكل أيضا تلوثا هوائيا.

 بالإضافة إلى تلويث مياه البحر نتيجة صرف مياه المسلخ البلدي ومسلخ الدجاج ووحدات تكييف وتصنيع منتوجات الصيد البحري دون معالجة أولية، دون نسيان الصرف العشوائي لمياه الديوان الوطني للتطهير حيث تعاني منطقة "عين فلات " بمعتمدية طينة نقطة بيئية سوداء تسمى ب"الشرشارة " ، وهي قنال مياه الصرف الصحي الذي يصب في البحر مباشرة.

من جهة أخرى فإن النفايات المنزلية سواء الصلبة منها أو السائلة تتسبب في اشكاليات بيئية كبرى، إذ أن استخدام البالوعات لتصريف المياه المستعملة يضر بالمائدة المائية في غياب شبكة التطهير ببعض المناطق الحضرية ما تسبب في تلوث المائدة المائية .

كل هذه المصادر المتنوعة للتلوث أضرت بالسكان والمحيط ،ففي عدة مناطق ساحلية وفلاحية على غرار منطقة "عين فلات " القريبة من مكان "السياب" التي كانت تتميز بجودة ووفرة غلالها وجودة أسماكها، بسبب هذا التلوث الصناعي ، يشتكي البحارة بالمنطقة من تلوث البحر وضعف الثروة السمكية، كما يشتكي الفلاحون من ضعف الإنتاج الفلاحي وتضرره جراء تنوع مصادر التلوث البيئي.

ماذا بعد غلق المصب المراقب ؟

يعتبر عضو لجنة متابعة أزمة النفايات بولاية صفاقس وممثل تنسيقية البيئة والتنمية بصفاقس "شفيق العيادي" خلال حديثه مع "الصباح" أن لجنة متابعة أزمة النفايات بولاية صفاقس اشتغلت على تركيز منظومة التثمين والمعالجة وتم الموافقة على اختيار النقطة الكيلومترية 20 بطريق تنيور التي تعتبر الأقل مرفوضية اجتماعية.

كما أوضح أن القطع مع الردم والدخول في مرحلة المعالجة والتثمين يمكن ان يستغرق سنتين أو أكثر.

مضيفا ان جهة صفاقس اضطرت إلى ردم نفاياتها في الغابات وعلى سواحل البحر والأودية لتفادي الأكبر وهو تكدّس النفايات في الشوارع والمدن والمدارس ، واضطرت المستشفيات لحرق نفاياتها رغم ما ينتجه كل ذلك من مخاطر بيئية، لكن يعتبره أفضل من الوضع التي كانت عليه الجهة.

مشروع وحدة تثمين النفايات

من جهته يعتبر نائب مجلس نواب الشعب عن جهة صفاقس "ماليك كمون" في تصريح لـ"الصباح" أن الدراسة التي عرضتها الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات خلال الجلسة تشوبها عدة نقائص وهو ما يعزز مخاوفهم كنواب ، مؤكدا ضرورة مراعاة الإبعاد الأخرى على غرار البعد المالي،القانوني،التنموي والإيكولوجي ،

مشيرا إلى أهمية ان يضيف هذا المشروع للمنطقة وان يكون متكاملا ويخدم الجهة ككل .

وخلال مداخلاتهم إثناء الجلسة أكد نواب الجهة على ضرورة التفعيل والإسراع في تركيز وحدة المعالجة والتثمين على ان تطبق الوعود على أرض الواقع وان تكون بالفعل نقطة تثمين وليس فقط مصبا للتجميع .

كما يؤكد المدير الجهوي للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات "خالد الطرابلسي" الانطلاق في مشروع وحدة صناعية للتثمين والمعالجة ، مبرزا أن المراحل القادمة المتعلقة بالوحدة الصناعية للتثمين المعالجة تتمثل في القيام بأشغال تهيئة منطقة الخزن الأولي على مساحة 7 هكتار ثم الانطلاق في إنجاز دراسة فنية معمقة على مساحة 20 هكتارا ثم إنجاز الوحدة الصناعية للتثمين والمعالجة فالانطلاق في استغلال هذه المنطقة.

الوضع البيئي محور اهتمام جهوي ومركزي

نظرا لتفاقم الوضع البيئي بالجهة وفي إطار وضع إسترايجية لحل ملف النفايات بالجهة عقدت ولاية صفاقس يوم الخميس 24 أوت 2023 بمقرها جلسة عمل حول موضوع معالجة الوضع البيئي بصفاقس بحضور ممثلين عن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وعدد من نواب الشعب عن جهة صفاقس وبعض ممثلي المنظمات والمجتمع المدني .

كما عقدت وزارة الداخلية بدورها يوم الأحد 20 أوت 2023 بمقرها جلسة عمل لمتابعة الوضع البيئي بولاية صفاقس وذلك بحضور المستشارة لدى رئيس الحكومة والمعتمد خصّصت لتدارس ومعالجة أهمّ الإشكاليات المالية والعقارية والاجتماعية بولاية صفاقس قصد إرساء منظومة التصرّف المندمج في النفايات المنزلية من خلال إحداث وحدة للمعالجة والتثمين تقطع مع التوجهات المعتمدة على الردم الفني للنفايات دون معالجة.

إن غياب منظومة متكاملة للتصرف في النفايات المنزلية والمشابهة التي تزامنت مع غياب المصب المراقب الوحيد بالجهة مصب "الڨنة"، الذي أفرز بدوره مصبات عشوائية لهذه الفضلات تتسبب في تدهور البيئة و خلف إشكاليات مخلة بجودة الحياة خاصة بمركز المدينة، كما ان غياب وحدة معالجة نفايات خاصة بالمصانع في جهة تعتبر القطب الصناعي والاقتصادي الأكبر على مستوى وطني معضلة كبرى أخرى.!؟

عتيقة العامري

في غياب حلول جدية ونهائية..  " الكروم 6 " ابرز الملوثات و" شافرو" واد قاتل !

لا ينقطع الحديث في ولاية منوبة خلال السنوات الأخيرة عن الارتفاع المتواصل لمستوى ودرجات وحجم التلوث البيئي الناتج عن عدة أسباب أبرزها فشل أغلب البلديات في كسب رهان جمع الفضلات اليومية إضافة الى تداخل شبكات مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي وما تفرزه الوحدات الصناعية والمستشفيات من نفايات مختلفة في مختلف الأوساط في غياب خطة واضحة للحد من كل التجاوزات المرتكبة رغم بعض عمليات الردع التي تقوم بها السلط المعنية من حين لآخر والتي تبقى غير كافية لتجنيب المواطن مخاطر وتبعات هذا التلوث الآخذ في الاتساع .

 وتعتبر إفرازات الوحدات الصناعية في مجاري المياه الأخطر على الإطلاق في هذا المستوى وقد سبق وأن ادينت 14 وحدة صناعية بولاية منوبة من طرف الديوان الوطني للتطهير على انها من بين مصادر تلوث وادي "شافرو" وانعكاساته على الصحة والمحيط في دراسة تم إعدادها في الغرض سنة 2015..

 المدابغ أكثر مصادر التلويث.. والمزارع تدفع الثمن!

ان للمناطق الصناعية تأثيرات سلبية وعلى درجة عالية من الخطورة على المحيط وعلى الوسط البيئي وبالتالي على حياة المواطنين بما تفرزه من فضلات ونفايات وخاصة الكيميائية في المحيط والمجاري المائية.

 ويعتبر محيط المنطقة الصناعية بالفجة الأكثر تلوثا في الجهة جراء انتصاب 5 مدابغ تقوم بأفراز مادة " الكروم 6" ، الناتجة عن استعمال مادة " الكروم " في معالجة الجلود ، في مجرى وادي "شافرو" لتتحول مياهه إلى مياه سامة شديدة الخطورة يتم في ما بعد استعمالها من طرف الفلاحين لسقي أراضيهم إضافة الى ما تسببه من انتشار للروائح الكريهة وكانت بذلك سببا في تغيير وجهة العديد من المستثمرين في الصناعات الغذائية والصيدلانية حسب تصريحات لمسؤولين بالقطب الصناعي بالفجة من جهة والتسبب في إتلاف مستمر لمحاصيل عديد المزارع المختصة في غراسة و زراعة الخضر المحاذية لمجرى الوادي وتكبيد أصحابها خسائر فادحة.

 ويمكن رصد هذا التلوث من خلال احتواء ماء وادي شافرو على الرغوة البيضاء وكثرة الفقاقيع وهو ما اعتمد عليه متساكنو ضفافه لرفع شكاويهم التي تم التعامل معها من طرف السلط الجهوية والمحلية بكل من معتمديتي المرناقية والجديدة باتخاذ تدابير مانعة لاستعمال المياه المذكورة للسقي وإتلاف المحاصيل المشكوك في سلامتها، و لكن كان تطبيقها على أرض الواقع نسبيا باعتبار أن كثيرا من الفلاحين يقومون في كل مرة بالتجاوزات ثم التصرف في المنتوج بالبيع والترويج. ولا يقف مستوى وحجم التلويث على المدابغ فحسب فروافد وادي شافرو هي أيضا حاملة للأخطار بما تفرزه بعض الوحدات الصناعية على غرار وادي" العوجة" المتضرر من إفرازات مصنع الطماطم ووادي "المحروقة" بما يفرزه أحد المصانع المنتجة لماركة من المشروبات الغازية المعروفة، وبذلك كثرت الإضرار والمخاطر والتهديدات الحقيقية لأكثر من منطقة وأبرزها حميم، قصر حديد ، الفجة ، سجن المرناقية والحبيبة ويبقى الإشكال المؤرق للمتساكنين والفلاحين متمثلا في إيجاد حلول نهائية تقطع مع تواصل إفراز المؤسسات الصناعية لفضلاتها التي تسيل في مجاري الأودية وتجنيب الأهالي الإصابة بأمراض خطيرة على رأسها أنواع من السرطانات وعدم الاقتصار على رفع المخالفات وتحرير الخطايا في حق من يستعمل المياه الملوثة. فالمعضلة في المنشآت الصناعية وليس في الفلاحين وقد دعا أحد هؤلاء الفلاحين إلى التعامل مع الوضع بمقولة " قص الرأس، تنشف العروق" مؤكدا أن تطبيق هذا المثل ملخصة بسيطة لدرء الأخطار التي تم ذكرها..

عادل عونلي

شواطئ وبحيرة بنزرت تئن جراء النفايات القاتلة

يوم 5 اكتوبر 2018 ظهرت بقاع من النفط في شاطئ جرزونة ففتح تحقيق لم يقع الإعلان عن نتائجه بعد للعموم، ثم تكررت الحادثة يوم 21 سبتمبر 2019 حين تسربت كميات هامة من " الفيول من خزانات شركة تكرير النفط الى ميناء الصيد البحري القريب لتهدد النظام البيئي ولتثير التساؤلات حول مدى قدرة الشركات المحيطة بشواطئ وبحيرة بنزرت على كبح التلوث الصناعي.

شواطئ ممنوعة.. ونفوق مفاجئ للأسماك

مثلما هي العادة قبل كل صائفة وبعد "جرد مصادر تلوّث مياه البحر وتحديد نسبة قابلية الشواطئ للتلوث وأخذ عينات من وإخضاعها للتحاليل المخبرية وتقييم نوعية مياه الشواطئ بالاستناد إلى المواصفات الوطنية والدلائل التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية للوقوف على مدى قابليتها للسباح." صنفت وزارة الصحة يوم 15 جوان الماضي 5 شواطئ في جهة بنزرت غير قابلة للسباحة وهي قنال 1 وقنال 2 بجرزونة ،البعالي بمنزل جميل، مرفأ الصيادين وسيدي الحشاني بمنزل عبد الرحمان " مع إعلام السلط المعنية لاتخاذ الإجراءات المستوجبة لمنع السباحة بالشواطئ المذكورة مع المطالبة بالحدّ من تلوث مياه البحر.

تلوث لم يمهل الإحياء البحرية خلال السنوات الماضية حيث طفت يوم 10 اوت 2017 أعداد هامة من سمك " الحنشة " النافقة ببحيرة تينجة ثم تكرر الأمر يوم 18 فيفري 2019 في بحيرة سيدي حسن بعوسجة بغار الملح قبل ان تنتقل العدوى يوم 4 ديسمبر 2019 الى بحر منزل عبد الرحمان اين تسبب القاء مواد كميائية في البحر في نفوق كميات من الأسماك مما اثار حينها موجة من الاحتجاجات ..

 وبالتوازي تراجعت كميات ومداخيل أنتاج الصيد البحري و تربية الأحياء المائية بجهة بنزرت من 7776 طنا سنة 2019 بقيمة 83838 ألف دينار الى 6800 فقط سنة 2020 بقيمة 73034 ألف دينار قبل ان تتحسن الأوضاع البيئية نسبيا خلال فترة الحجر الصحي التي قلصت نشاط المصانع والصيادين..

لكن بعد الهدنة القصيرة تجددت المخاوف البيئية يوم 5 سبتمبر 2021 حين عثر مارة على اسماك بوري نافقة في سبخة سيدي علي المكي بغار الملح ثم منتصف شهر فيفري 2022 حين طفت السلاحف والأسماك الميتة على سطح سد "شك فلفل" برأس الجبل بعد ان سكبت وحدات صناعية نفايات سائلة ضارة زادت من حموضة المياه وقتلت الأحياء البحرية. من جهة أخرى لم تسلم الحيوانات البرية في محيط وادي "جدارة" بمنزل جميل اين اختلطت النفايات الصناعية بمياه الصرف الصحي لتسمم الأعشاب التي تغذي المجترات قبل ان تنتهي رحلتها في بحيرة بنزرت التي تعتبر اكبر مصب في الجهة تبلغ مساحته 12 ألف هك ويمتد على قرابة 120 كم تغطي 8 معتمديات من أصل 14

الحل موجود ..والتطبيق مفقود

وتمثل بحيرة بنزرت المصب المثالي لقرابة 300 مؤسسة صناعية تسكب ما بين 20 الى 21 ألف طن سنويا من المواد الملوثة التي تتوزع بين بقايا النسيج والمطاط والجلد والحديد والمشتقات النفطية والزيوت غير المكررة، إضافة الى مخلفات محطات التطهير التي تسمم المسطح المائي الذي ترتبط به أنشطة 80 بالمائة من سكان ولاية بنزرت حسب تقرير لمؤسسة "هوت سبوت لبرامج الاستثمار في المتوسط " التي تواكب تنفيذ البرنامج المندمج لإزالة التلوث من بحيرة بنزرت الذي انطلق سنة 2012 برصد مصادر التلوث الصناعي وضبط الحلول الفنية الملائمة تمهيدا لانطلاق مشروع التطهير الذي تبلغ تكلفته 90 مليون أورو توزعت بين قرض ب 40 مليون أورو وهبة ب 15 مليون أورو من من الاتحاد الأوروبي في إطار الية حسن الجوار ومثلها من الدولة التونسية التي ضمنت أيضا قرضا ب20 مليون أورو لفائدة الديوان الوطني للتطهير بعنوان مد 300 كم من القنوات وإحداث 3 محطات تطهير كبرى.

 مشروع كان سينطلق منتصف سنة 2013 لكن احتراما لعادة التأخير المزمنة في بنزرت دشن رئيس الحكومة السابق يوم 1 نوفمبر 2016 وحدة المراقبة والمتابعة لمشروع إزالة التلوث من بحيرة بنزرت الناتج عن مخلفات شركات الفولاذ، التكرير والاسمنت ،التي ستقدم المساعدة الفنية البيئية للمؤسسات الصناعية الخاصة لتطوير منظومة التطهير في 9 تجمعات سكنية على ضفاف البحيرة ، وإرساء منظومة للتصرف في النفايات الصلبة، وتثمين مصب النفايات الصناعية بمنزل بورقيبة ، الى جانب تهيئة ضفاف البحيرة ،وتوسعة ميناء الصيد البحري بمنزل عبد الرحمان وتحسين الوضع البيئي بمنطقة بحيرة بنزرت في محاولة لإعادة المنظومات والثروات الطبيعية وتحسين جودة الحياة لتساهم في تنمية اقتصادية واجتماعية بالمنطقة ..

 وقد اكد رئيس الحكومة حينها ان الإعلان عن طلبات العروض الخاصة بمكونات المشروع سيتم خلال الثلاثي الأول من سنة 2017 على ان تنطلق الأشغال سنة 2018 ثم أعلنت الصفحة الرسمية لولاية بنزرت يوم 15 ديسمبر 2020 ان المشروع الضخم قد انطلق فعليا سنة 2019 وسينتهي سنة 2023 . وهو امر مستبعد جدا لان شركة الفولاذ لم تستغل بعد اعتماد بقيمة 11.6 مليون دينار لانجاز 7 مشاريع خاصة لإزالة التلوث من الغبار والإفرازات الغازية وبناء محطة معالجة للمياه الصناعية. وفي الإثناء تم تأهيل 15 كم من قنوات التطهير وإطلاق مشروع بقيمة 7 مليون دينار لمعالجة وتحسين جودة المياه الصناعية التي تفرزها مصانع الشركة التونسية لصناعات التكرير وإصدار طلبات العروض لانجاز 17 مشروعا في إطار برنامج ازالة التلوث ببحيرة بنزرت ينتظر تسليمها منتصف سنة 2026.

ساسي الطرابلسي

مدنين ..تضرر المائدة المائية وتهاوي المنظومة البيئية

ككل ولايات الجمهورية تعرف ولاية مدنين العديد من الإشكاليات والصعوبات المتصلة بالتلوث بمختلف انواعه. ورغم المجهودات المبذولة من مختلف الأطراف ذات العلاقة غير ان العديد من النقائص مازالت موجودة وبصدد التفاقم.

تلوث على كل الأوجه

 وللوقوف على تداعيات الثلوث الصناعي رصد مراسل "الصّباح " بولاية مدنين أراء بعض المواطنين والمتابعين لهذا الموضوع حيث أكد رشيد غوميس وهو مرب ان مدينة مدنين تعاني من تلوث على مستوى المحيط البري والبحري إذ عبر المواطنون عن غضبهم من التلوث الذي تئن تحت وطأته الشوارع جراء تكدس النفايات البلاستيك والقمامة التي تغطي الأرصفة والشوارع رغم الجهود المبذولة من البلدية على امتداد ساعات اليوم.

 وابرز محدثنا ان ما يزيد المسالة تعقيدا انتشار ورشات تصليح السيارات التي تصم الأذان بالضجيج المتواصل مع انبعاث رائحة الزيوت المتسربة على جزء من الأرصفة والطرقات ،فبعض هذه المواد بحسب محدثنا تتسبب في أضرار بيئية فورية، وأخرى لا تظهر الا بعد فترة طويلة من الزمن، ما يؤدي إلى اختلال حادّ على مستوى التوازن البيئي وللحياة عموما. وما يزيد الطين بلة حسب مصدرنا إلقاء الفضلات في الأودية بمدينة مدنين وهي حقيقة كارثة بكل ما للكلمة من معنى رغم مشاريع التطهير التي قامت بها البلدية وباقي المصالح ذات العلاقة .

رشيد غوميس أنهى تصريحه بتقديم بعض الحلول لتجنب التلوث البيئي ومخاطره منها، تقليل الأنشطة الملوثة وتشجيع الإنتاج العضوي مع احترام المكونات البيئية وحماية البيئة من اي تلوث والسعي الى القيام بحملات نظافة متواصلة لتطهير الأحياء والأودية مع ضرورة تحديد حي صناعي بعينه يجمع فيه كل الحرفيين والصناعيين بعيدا عن الأحياء السكنية بمدينة مدنين .

رأي آخر أمدنا به طاهر هازل ناشط في المجتمع المدني متقاعد والذي أفادنا ان معاناة متساكني ولاية مدنين متواصلة من جراء تأثيرات الوضع البيئي بمختلف مظاهره السلبية و تنوع مصادره والذي يتجلى برا وبحرا. فالازمة البيئية في الجزيرة متفاقمة في ظل تفاقم تراكم النفايات بعد غلق مصب "تالبت بسدويكش" من معتمدية جربة ميدون رغم محاولات تجاوزها الا انها بقيت خانقة بيئيا بين نفايات متراكمة ومصب مغلق انتهت مدة استغلاله، وفي ظل بلديات عجزت عن إيجاد مكان ترفع إليه النفايات، وهو ما خلق حالة مزرية للمشهد العام بالجزيرة التي تناثرت بها النفايات وتكدست بالشوارع والطرقات والإحياء .

وأردف محدثنا أن أهالي مدينة مدنين وأحوازها وخاصة منطقة السمار وحسي مدنين والشيشمة لم يجدوا آذانا صاغية لمطالبهم المتكررة والمتمثلة أساسا في إيجاد حل للمشكل البيئي الذي تضرر منه الجميع بسبب تلوث المائدة المائية وما انجر عنه من إتلاف محاصيل زراعية علفية وورقية علاوة على إتلاف هكتارات من الأراضي الفلاحية وإعدام الكثير من الآبار التي يعتمد عليها المزارعون في المنطقة للري .

ويضيف محدثنا بالقول" تتواصل معاناة متساكني المدينة من جراء تردي الخدمات وغياب حلول جذرية لمشكل واد مدنين الذي يتاخمه مقر السوق الأسبوعية وهو الشريان الاقتصادي للجهة ومقصدا للتجار المتجولين وللحرفاء من كل الجهات المجاورة وحتى البعيدة ، وأكد أن الحلول الترقيعية والظرفية لم تنجح في القضاء لا على التلوث ولا على الكارثة البيئة رغم ما قامت به بلدية مدنين ووزارة التجهيز من محاولات لتهيئة جزء منه بدعوى تنفيذ مشروع حماية مدينة مدنين من الفياضانات. الذي بقي حبرا على ورق ورهين أجندات سياسية وانتخابية دعائية وظرفية. وشدد مصدرنا على أن المطلوب، والذي إتفق عليه الجميع هو إنشاء محطة معالجة ثلاثية الأبعاد تقضي على مخلفات التلوث وتستجيب لنداء الأهالي والمزارعين .

ماذا عن الشريط الساحلي ؟

أما فيما يخص الشريط الساحلي بالجهة الذي يبلغ طوله 580 كلم وهو ما يمثل ثلث سواحل تونس مما أهله لإنتاج 15% من الإنتاج الوطني من الثروة السمكية التي بلغت 17 ألف طن سنويا وبحسب طاهر الهازل يعاني من تضرر عدد من شواطئه وسواحله المهددة بالانجراف والتلوث في الجزيرة وبكل من حسي الجربي وشاطئ اميرة ومرسى القصيبة وشاطئ اوماريت فكل الوعود السابقة والحالية لم تجد موطئ قدم لها على أرض الواقع و كأن قضية التلوث البحري لا تشكل أولوية لدى صانعي القرار.

وبين انه ومن أجل الحفاظ على البيئة والتعامل مع التلوث بكل مظاهره المطلوب اليوم إتباع سياسة بيئية أكثر فاعلية بعيدا عن ردود الفعل المرتبطة ببعض الحلول الترقيعية ،كما يجب إعادة توجيه سياسة الدولة لتتخذ بعدا استباقيّا يتوقع الكوارث البيئية وإعداد الوسائل اللوجستية اللازمة ،وتدريب الإطار البشري، وتحديث الخطة الوطنية للاستجابة للطوارئ وخاصة منها البيئية الناجمة عن التلوث بكل أنواعه.

ميمون التونسي

إزاء الوضع البيئي الكارثي وتكدس النفايات بكل الأحياء ..  جمعية البيئة بمنزل تميم توجه نداء لوالية نابل للتدخل

اشتكى عدد من متساكني مدينة منزل تميم من ولاية نابل من انتشار الأوساخ والنفايات بعدة أحياء بالمدينة مما ساهم في انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والبعوض والإضرار بجمالية المدينة.

كما استنكر ممثلو جمعية البيئة بمنزل تميم في تصريح لـ"الصباح " تراكم أكداس النفايات في كامل إنحاء المدينة حيث أصبحت الكثير من الانهج والشوارع والأزقة نقاطا سوداء واغلب الحاويات مهترئة ومحطمة ودون أغطية ولا يتم إفراغها ما انجر عنه انبعاث الروائح الكريهة وتكاثر البعوض.

ومن جهته وجه عضو جمعية البيئة بمنزل تميم أيمن حمام نداء للسلط المحلية والجهوية وطالب والية نابل للتدخل إزاء ما تعيشه المدينة من وضع بيئي كارثي. وفق تعبيره .

سوق السمك من النقاط السوداء بالمدينة

اشتكى عدد من الباعة بسوق السمك بمنزل تميم من ولاية نابل من كثرة الأوساخ وانتشار الروائح الكريهة سواء بمحيط السوق او داخله واعتبروا ان المواطن كذلك مسؤول على نظافة السوق وفي الإخلال بدوره في المحافظة على نظافة البيئة.

وطالبوا بلدية المكان بالتدخل والتسريع في إزالة الأوساخ ورفع الفضلات المنتشرة في كل مكان

وقال احد الباعة ان محيط سوق السمك تعتبر من النقاط السوداء نظرا لقلة النظافة وتكدس الأوساخ بها كما عبر عدد من المواطنين في تصريح لمراسلة "الصباح" عن استيائهم من قلة النظافة وانتشار الروائح الكريهة خاصة بمحيط سوق السمك فعند تجوالك بمحيط السوق او داخله تعترضك الروائح الكريهة والأوساخ المنتشرة هنا وهناك هذا الى جانب عدم التدخل لصيانة البالوعات .

وقالت إحدى المستجوبات ان تدخل البلدية لا يجب ان يقتصر على رفع الفضلات فقط بل القيام بحملات نظافة دورية ومتواصلة وضرورة توعية وتحسيس المواطن بأهمية النظافة والحفاظ على جمالية المكان وفرض القانون على الجميع للحفاظ على النظافة والبيئة.

كما اشتكى عدد من المواطنين الآخرين من تكاثر الحشرات والباعوض جراء كثرة الأوساخ وطالبوا البلدية بالتدخل والقيام بالمداواة

بلدية منزل قريبا الانطلاق في حملات تحسيسية

من جهته أكد محمد علي حمام كاهية مدير النظافة والطرقات والعناية بالمناطق الخضراء ان بلدية منزل تميم ستنطلق قريبا في القيام بحملات تحسيسية بالشراكة مع فرع الهلال الأحمر التونسي وفوج الكشافة والشباب المتطوع للقيام بحملات تحسيسية توعوية حول أهمية النظافة والمحافظة على البيئة وتشمل كافة الأحياء والهدف منها التشاركية في رفع الفضلات المنزلية وسيتم وضع 3 او 4 حاويات بكل حي و كل مواطن يقوم بإخراج الفضلات المنزلية ليلا في أكياس محكمة الغلق ويتم رفعها من قبل أعوان النظافة ليلا .

ليلى بن سعد

التلوث الصناعي.. خطر داهم يهدد حياة التونسيين وكل المنظومات البيئية

 

تونس-الصباح

التلوث الصناعي خطر داهم يهدد كل الجهات برا وبحرا وجوا، فمياه المؤسسات الصناعية تسكب مباشرة في البحر وفي الأودية، مؤسسات تلقي فضلاتها في المناطق الخضراء أو تدفنها في الغابات او تحرقها فتنفث سمومها القاتلة في الهواء.

فحياة التونسي باتت مهددة بشتى الطرق فواضل صناعية ومياه ملوثة تسكب في البحر والأودية ما يهدد المائدة المائية وطبعا حياة البشر وسلامة المحاصيل الزراعية .

تلوث جعل عدد من الشواطئ غير صالحة للسباحة حيث تم تصنيف 29 شاطئا غير صالحة للسباحة تتوزع على 5 ولايات هي تونس (4 شواطئ ) وبن عروس (16 شاطئ) وبنزرت (5 شواطئ) وقابس (3 شواطئ) وأخيرا سوسة ( شاطئ واحد) وعلى هذا الأساس تمّ إعلام السلط المعنية باتخاذ الإجراءات المستوجبة لمنع السباحة بالشواطئ المذكورة والحدّ من تلوث مياه البحر

وجه أخر من أوجه التلوث وهو التلوث البلاستيكي حيث شدد متخصصون في البيئة على ان تونس تحتاج الى تطبيق صارم للتشريعات الدافعة نحو تقليص حجم النفايات البلاستيكية في ظل ارقام تشير الى ان هذه النوعية من المخلفات تشكل 10 بالمائة من نفايات البلاد المقدرة بنحو 5ر2 مليون طن وان 500 ألف طن منها تلقي في البيئة البحرية.

وأكد الخبراء ان هذه النفايات لا تهدد الحياة البشرية والحيوانية فقط بل تضر بالمحيطات مما يجعل من معالجتها أولوية مستعجلة مؤكدين على أن القوانين الحالية في تونس لا تنفذ فعليا لإنقاذ البلاد من تلوث متفاقم.

حنان قيراط

 

صفاقس .. التَـلوّث يُحاصِرُها برًّا وبحرًا وجوًّا ..!

يُعتبر منسوب التلوث بولاية صفاقس مرتفعا جدا نتيجة تركيز صناعات ملوثة لم تخضع خلال عقود إلى مواصفات بيئية محددة فيما يتعلق بالإفرازات الغازية والسائلة والصلبة واحترام شروط المحافظة على المحيط، إفرازات أضرت بالهواء والبحر والبيئة عموما وازدادت عمقا بعد غلق المصب المراقب الوحيد "الڨنة بعڨارب" منذ أكثر من سنة الذي أفرز مصبات عشوائية وعملية ردم للنفايات وهي عملية مضرة للبيئة وللإنسان على حد السواء.

"السياب" مصدر ملوث للبيئة لعقود

ظلَّ مصنع "السياب "SIAPE المجمع الكيميائي التونسي منذ تأسيسه سنة 1952 إلى حين غلقه سنة 2019 من أهم عوامل التلوث البيئي بجهة صفاقس حيث تسبب في تدهور كبير للبيئة وكانت تأثيراتها سلبية على الوسط الطبيعي والمتساكنين .

ووفق إحدى الدراسات فإن مصنع SIAPE يعتبر أكبر مصانع المجمع الكيميائي التونسي في الميدان وأقدمهم(1952) ، حيث ساهم لمدة عقود في إفراز مادة ملوثة تعرف ب TSP تفرز بدورها مياه صناعية ملوثة وذات حموضة مرتفعة (pH=2) متأتية من عمليات ترسيب الفوسفوجيبس وعمليات غسل الغازات إذ تقدر كمية المياه الملوثة بـ 450 م3 في الساعة وتصرف مباشرة في المحيط البحري عبر قنال أرضي يشق الملاحات ثم يلتقي مع قنال تصريف المياه المعالجة لمحطة التطهير للديوان الوطني للتطهير لصفاقس الجنوبية التي تصرف ما يزيد عن 30.000 م3 في اليوم.

مادة الفوسفوجيبس وهي المادة الصلبة الأكثر تلوثا ويقدر إفرازها بـ 4200 طنا يوميا، تتكدس حاليا بمصب متاخم للبحر على مساحة 20 هك وعلى ارتفاع يقدر بحوالي 50 مترا".

مصادر تلوث متنوعة أضرت بالمحيط؟

تتعدد مصادر التلوث البيئي بجهة صفاقس حيث، يمثل التصريف العشوائي لمادة المرجين شكلا آخر من أشكال التلوث الصناعي الذي يتواصل بالجهة حيث لم يجد حلا جذريا مناسبا رغم وجود مصبين مهيئين، إلا أن إلقاء مادة المرجين بالوسط الطبيعي يؤثر على نوعية المياه والمنظومات الإيكولوجية لبعض المواقع المستخدمة لخزن هذه المادة.

كذلك بعض الصناعات الكيميائية كالنسيج والجلد والأحذية من بين القطاعات الصناعية النشطة بالجهة والتي لها أيضا انعكاسات سلبية على البيئة ،هذا الى جانب الإنبعاثات الصادرة عن المواقع الصناعية أيضا بسبب كثافة حركة المرور ما شكل أيضا تلوثا هوائيا.

 بالإضافة إلى تلويث مياه البحر نتيجة صرف مياه المسلخ البلدي ومسلخ الدجاج ووحدات تكييف وتصنيع منتوجات الصيد البحري دون معالجة أولية، دون نسيان الصرف العشوائي لمياه الديوان الوطني للتطهير حيث تعاني منطقة "عين فلات " بمعتمدية طينة نقطة بيئية سوداء تسمى ب"الشرشارة " ، وهي قنال مياه الصرف الصحي الذي يصب في البحر مباشرة.

من جهة أخرى فإن النفايات المنزلية سواء الصلبة منها أو السائلة تتسبب في اشكاليات بيئية كبرى، إذ أن استخدام البالوعات لتصريف المياه المستعملة يضر بالمائدة المائية في غياب شبكة التطهير ببعض المناطق الحضرية ما تسبب في تلوث المائدة المائية .

كل هذه المصادر المتنوعة للتلوث أضرت بالسكان والمحيط ،ففي عدة مناطق ساحلية وفلاحية على غرار منطقة "عين فلات " القريبة من مكان "السياب" التي كانت تتميز بجودة ووفرة غلالها وجودة أسماكها، بسبب هذا التلوث الصناعي ، يشتكي البحارة بالمنطقة من تلوث البحر وضعف الثروة السمكية، كما يشتكي الفلاحون من ضعف الإنتاج الفلاحي وتضرره جراء تنوع مصادر التلوث البيئي.

ماذا بعد غلق المصب المراقب ؟

يعتبر عضو لجنة متابعة أزمة النفايات بولاية صفاقس وممثل تنسيقية البيئة والتنمية بصفاقس "شفيق العيادي" خلال حديثه مع "الصباح" أن لجنة متابعة أزمة النفايات بولاية صفاقس اشتغلت على تركيز منظومة التثمين والمعالجة وتم الموافقة على اختيار النقطة الكيلومترية 20 بطريق تنيور التي تعتبر الأقل مرفوضية اجتماعية.

كما أوضح أن القطع مع الردم والدخول في مرحلة المعالجة والتثمين يمكن ان يستغرق سنتين أو أكثر.

مضيفا ان جهة صفاقس اضطرت إلى ردم نفاياتها في الغابات وعلى سواحل البحر والأودية لتفادي الأكبر وهو تكدّس النفايات في الشوارع والمدن والمدارس ، واضطرت المستشفيات لحرق نفاياتها رغم ما ينتجه كل ذلك من مخاطر بيئية، لكن يعتبره أفضل من الوضع التي كانت عليه الجهة.

مشروع وحدة تثمين النفايات

من جهته يعتبر نائب مجلس نواب الشعب عن جهة صفاقس "ماليك كمون" في تصريح لـ"الصباح" أن الدراسة التي عرضتها الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات خلال الجلسة تشوبها عدة نقائص وهو ما يعزز مخاوفهم كنواب ، مؤكدا ضرورة مراعاة الإبعاد الأخرى على غرار البعد المالي،القانوني،التنموي والإيكولوجي ،

مشيرا إلى أهمية ان يضيف هذا المشروع للمنطقة وان يكون متكاملا ويخدم الجهة ككل .

وخلال مداخلاتهم إثناء الجلسة أكد نواب الجهة على ضرورة التفعيل والإسراع في تركيز وحدة المعالجة والتثمين على ان تطبق الوعود على أرض الواقع وان تكون بالفعل نقطة تثمين وليس فقط مصبا للتجميع .

كما يؤكد المدير الجهوي للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات "خالد الطرابلسي" الانطلاق في مشروع وحدة صناعية للتثمين والمعالجة ، مبرزا أن المراحل القادمة المتعلقة بالوحدة الصناعية للتثمين المعالجة تتمثل في القيام بأشغال تهيئة منطقة الخزن الأولي على مساحة 7 هكتار ثم الانطلاق في إنجاز دراسة فنية معمقة على مساحة 20 هكتارا ثم إنجاز الوحدة الصناعية للتثمين والمعالجة فالانطلاق في استغلال هذه المنطقة.

الوضع البيئي محور اهتمام جهوي ومركزي

نظرا لتفاقم الوضع البيئي بالجهة وفي إطار وضع إسترايجية لحل ملف النفايات بالجهة عقدت ولاية صفاقس يوم الخميس 24 أوت 2023 بمقرها جلسة عمل حول موضوع معالجة الوضع البيئي بصفاقس بحضور ممثلين عن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وعدد من نواب الشعب عن جهة صفاقس وبعض ممثلي المنظمات والمجتمع المدني .

كما عقدت وزارة الداخلية بدورها يوم الأحد 20 أوت 2023 بمقرها جلسة عمل لمتابعة الوضع البيئي بولاية صفاقس وذلك بحضور المستشارة لدى رئيس الحكومة والمعتمد خصّصت لتدارس ومعالجة أهمّ الإشكاليات المالية والعقارية والاجتماعية بولاية صفاقس قصد إرساء منظومة التصرّف المندمج في النفايات المنزلية من خلال إحداث وحدة للمعالجة والتثمين تقطع مع التوجهات المعتمدة على الردم الفني للنفايات دون معالجة.

إن غياب منظومة متكاملة للتصرف في النفايات المنزلية والمشابهة التي تزامنت مع غياب المصب المراقب الوحيد بالجهة مصب "الڨنة"، الذي أفرز بدوره مصبات عشوائية لهذه الفضلات تتسبب في تدهور البيئة و خلف إشكاليات مخلة بجودة الحياة خاصة بمركز المدينة، كما ان غياب وحدة معالجة نفايات خاصة بالمصانع في جهة تعتبر القطب الصناعي والاقتصادي الأكبر على مستوى وطني معضلة كبرى أخرى.!؟

عتيقة العامري

في غياب حلول جدية ونهائية..  " الكروم 6 " ابرز الملوثات و" شافرو" واد قاتل !

لا ينقطع الحديث في ولاية منوبة خلال السنوات الأخيرة عن الارتفاع المتواصل لمستوى ودرجات وحجم التلوث البيئي الناتج عن عدة أسباب أبرزها فشل أغلب البلديات في كسب رهان جمع الفضلات اليومية إضافة الى تداخل شبكات مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي وما تفرزه الوحدات الصناعية والمستشفيات من نفايات مختلفة في مختلف الأوساط في غياب خطة واضحة للحد من كل التجاوزات المرتكبة رغم بعض عمليات الردع التي تقوم بها السلط المعنية من حين لآخر والتي تبقى غير كافية لتجنيب المواطن مخاطر وتبعات هذا التلوث الآخذ في الاتساع .

 وتعتبر إفرازات الوحدات الصناعية في مجاري المياه الأخطر على الإطلاق في هذا المستوى وقد سبق وأن ادينت 14 وحدة صناعية بولاية منوبة من طرف الديوان الوطني للتطهير على انها من بين مصادر تلوث وادي "شافرو" وانعكاساته على الصحة والمحيط في دراسة تم إعدادها في الغرض سنة 2015..

 المدابغ أكثر مصادر التلويث.. والمزارع تدفع الثمن!

ان للمناطق الصناعية تأثيرات سلبية وعلى درجة عالية من الخطورة على المحيط وعلى الوسط البيئي وبالتالي على حياة المواطنين بما تفرزه من فضلات ونفايات وخاصة الكيميائية في المحيط والمجاري المائية.

 ويعتبر محيط المنطقة الصناعية بالفجة الأكثر تلوثا في الجهة جراء انتصاب 5 مدابغ تقوم بأفراز مادة " الكروم 6" ، الناتجة عن استعمال مادة " الكروم " في معالجة الجلود ، في مجرى وادي "شافرو" لتتحول مياهه إلى مياه سامة شديدة الخطورة يتم في ما بعد استعمالها من طرف الفلاحين لسقي أراضيهم إضافة الى ما تسببه من انتشار للروائح الكريهة وكانت بذلك سببا في تغيير وجهة العديد من المستثمرين في الصناعات الغذائية والصيدلانية حسب تصريحات لمسؤولين بالقطب الصناعي بالفجة من جهة والتسبب في إتلاف مستمر لمحاصيل عديد المزارع المختصة في غراسة و زراعة الخضر المحاذية لمجرى الوادي وتكبيد أصحابها خسائر فادحة.

 ويمكن رصد هذا التلوث من خلال احتواء ماء وادي شافرو على الرغوة البيضاء وكثرة الفقاقيع وهو ما اعتمد عليه متساكنو ضفافه لرفع شكاويهم التي تم التعامل معها من طرف السلط الجهوية والمحلية بكل من معتمديتي المرناقية والجديدة باتخاذ تدابير مانعة لاستعمال المياه المذكورة للسقي وإتلاف المحاصيل المشكوك في سلامتها، و لكن كان تطبيقها على أرض الواقع نسبيا باعتبار أن كثيرا من الفلاحين يقومون في كل مرة بالتجاوزات ثم التصرف في المنتوج بالبيع والترويج. ولا يقف مستوى وحجم التلويث على المدابغ فحسب فروافد وادي شافرو هي أيضا حاملة للأخطار بما تفرزه بعض الوحدات الصناعية على غرار وادي" العوجة" المتضرر من إفرازات مصنع الطماطم ووادي "المحروقة" بما يفرزه أحد المصانع المنتجة لماركة من المشروبات الغازية المعروفة، وبذلك كثرت الإضرار والمخاطر والتهديدات الحقيقية لأكثر من منطقة وأبرزها حميم، قصر حديد ، الفجة ، سجن المرناقية والحبيبة ويبقى الإشكال المؤرق للمتساكنين والفلاحين متمثلا في إيجاد حلول نهائية تقطع مع تواصل إفراز المؤسسات الصناعية لفضلاتها التي تسيل في مجاري الأودية وتجنيب الأهالي الإصابة بأمراض خطيرة على رأسها أنواع من السرطانات وعدم الاقتصار على رفع المخالفات وتحرير الخطايا في حق من يستعمل المياه الملوثة. فالمعضلة في المنشآت الصناعية وليس في الفلاحين وقد دعا أحد هؤلاء الفلاحين إلى التعامل مع الوضع بمقولة " قص الرأس، تنشف العروق" مؤكدا أن تطبيق هذا المثل ملخصة بسيطة لدرء الأخطار التي تم ذكرها..

عادل عونلي

شواطئ وبحيرة بنزرت تئن جراء النفايات القاتلة

يوم 5 اكتوبر 2018 ظهرت بقاع من النفط في شاطئ جرزونة ففتح تحقيق لم يقع الإعلان عن نتائجه بعد للعموم، ثم تكررت الحادثة يوم 21 سبتمبر 2019 حين تسربت كميات هامة من " الفيول من خزانات شركة تكرير النفط الى ميناء الصيد البحري القريب لتهدد النظام البيئي ولتثير التساؤلات حول مدى قدرة الشركات المحيطة بشواطئ وبحيرة بنزرت على كبح التلوث الصناعي.

شواطئ ممنوعة.. ونفوق مفاجئ للأسماك

مثلما هي العادة قبل كل صائفة وبعد "جرد مصادر تلوّث مياه البحر وتحديد نسبة قابلية الشواطئ للتلوث وأخذ عينات من وإخضاعها للتحاليل المخبرية وتقييم نوعية مياه الشواطئ بالاستناد إلى المواصفات الوطنية والدلائل التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية للوقوف على مدى قابليتها للسباح." صنفت وزارة الصحة يوم 15 جوان الماضي 5 شواطئ في جهة بنزرت غير قابلة للسباحة وهي قنال 1 وقنال 2 بجرزونة ،البعالي بمنزل جميل، مرفأ الصيادين وسيدي الحشاني بمنزل عبد الرحمان " مع إعلام السلط المعنية لاتخاذ الإجراءات المستوجبة لمنع السباحة بالشواطئ المذكورة مع المطالبة بالحدّ من تلوث مياه البحر.

تلوث لم يمهل الإحياء البحرية خلال السنوات الماضية حيث طفت يوم 10 اوت 2017 أعداد هامة من سمك " الحنشة " النافقة ببحيرة تينجة ثم تكرر الأمر يوم 18 فيفري 2019 في بحيرة سيدي حسن بعوسجة بغار الملح قبل ان تنتقل العدوى يوم 4 ديسمبر 2019 الى بحر منزل عبد الرحمان اين تسبب القاء مواد كميائية في البحر في نفوق كميات من الأسماك مما اثار حينها موجة من الاحتجاجات ..

 وبالتوازي تراجعت كميات ومداخيل أنتاج الصيد البحري و تربية الأحياء المائية بجهة بنزرت من 7776 طنا سنة 2019 بقيمة 83838 ألف دينار الى 6800 فقط سنة 2020 بقيمة 73034 ألف دينار قبل ان تتحسن الأوضاع البيئية نسبيا خلال فترة الحجر الصحي التي قلصت نشاط المصانع والصيادين..

لكن بعد الهدنة القصيرة تجددت المخاوف البيئية يوم 5 سبتمبر 2021 حين عثر مارة على اسماك بوري نافقة في سبخة سيدي علي المكي بغار الملح ثم منتصف شهر فيفري 2022 حين طفت السلاحف والأسماك الميتة على سطح سد "شك فلفل" برأس الجبل بعد ان سكبت وحدات صناعية نفايات سائلة ضارة زادت من حموضة المياه وقتلت الأحياء البحرية. من جهة أخرى لم تسلم الحيوانات البرية في محيط وادي "جدارة" بمنزل جميل اين اختلطت النفايات الصناعية بمياه الصرف الصحي لتسمم الأعشاب التي تغذي المجترات قبل ان تنتهي رحلتها في بحيرة بنزرت التي تعتبر اكبر مصب في الجهة تبلغ مساحته 12 ألف هك ويمتد على قرابة 120 كم تغطي 8 معتمديات من أصل 14

الحل موجود ..والتطبيق مفقود

وتمثل بحيرة بنزرت المصب المثالي لقرابة 300 مؤسسة صناعية تسكب ما بين 20 الى 21 ألف طن سنويا من المواد الملوثة التي تتوزع بين بقايا النسيج والمطاط والجلد والحديد والمشتقات النفطية والزيوت غير المكررة، إضافة الى مخلفات محطات التطهير التي تسمم المسطح المائي الذي ترتبط به أنشطة 80 بالمائة من سكان ولاية بنزرت حسب تقرير لمؤسسة "هوت سبوت لبرامج الاستثمار في المتوسط " التي تواكب تنفيذ البرنامج المندمج لإزالة التلوث من بحيرة بنزرت الذي انطلق سنة 2012 برصد مصادر التلوث الصناعي وضبط الحلول الفنية الملائمة تمهيدا لانطلاق مشروع التطهير الذي تبلغ تكلفته 90 مليون أورو توزعت بين قرض ب 40 مليون أورو وهبة ب 15 مليون أورو من من الاتحاد الأوروبي في إطار الية حسن الجوار ومثلها من الدولة التونسية التي ضمنت أيضا قرضا ب20 مليون أورو لفائدة الديوان الوطني للتطهير بعنوان مد 300 كم من القنوات وإحداث 3 محطات تطهير كبرى.

 مشروع كان سينطلق منتصف سنة 2013 لكن احتراما لعادة التأخير المزمنة في بنزرت دشن رئيس الحكومة السابق يوم 1 نوفمبر 2016 وحدة المراقبة والمتابعة لمشروع إزالة التلوث من بحيرة بنزرت الناتج عن مخلفات شركات الفولاذ، التكرير والاسمنت ،التي ستقدم المساعدة الفنية البيئية للمؤسسات الصناعية الخاصة لتطوير منظومة التطهير في 9 تجمعات سكنية على ضفاف البحيرة ، وإرساء منظومة للتصرف في النفايات الصلبة، وتثمين مصب النفايات الصناعية بمنزل بورقيبة ، الى جانب تهيئة ضفاف البحيرة ،وتوسعة ميناء الصيد البحري بمنزل عبد الرحمان وتحسين الوضع البيئي بمنطقة بحيرة بنزرت في محاولة لإعادة المنظومات والثروات الطبيعية وتحسين جودة الحياة لتساهم في تنمية اقتصادية واجتماعية بالمنطقة ..

 وقد اكد رئيس الحكومة حينها ان الإعلان عن طلبات العروض الخاصة بمكونات المشروع سيتم خلال الثلاثي الأول من سنة 2017 على ان تنطلق الأشغال سنة 2018 ثم أعلنت الصفحة الرسمية لولاية بنزرت يوم 15 ديسمبر 2020 ان المشروع الضخم قد انطلق فعليا سنة 2019 وسينتهي سنة 2023 . وهو امر مستبعد جدا لان شركة الفولاذ لم تستغل بعد اعتماد بقيمة 11.6 مليون دينار لانجاز 7 مشاريع خاصة لإزالة التلوث من الغبار والإفرازات الغازية وبناء محطة معالجة للمياه الصناعية. وفي الإثناء تم تأهيل 15 كم من قنوات التطهير وإطلاق مشروع بقيمة 7 مليون دينار لمعالجة وتحسين جودة المياه الصناعية التي تفرزها مصانع الشركة التونسية لصناعات التكرير وإصدار طلبات العروض لانجاز 17 مشروعا في إطار برنامج ازالة التلوث ببحيرة بنزرت ينتظر تسليمها منتصف سنة 2026.

ساسي الطرابلسي

مدنين ..تضرر المائدة المائية وتهاوي المنظومة البيئية

ككل ولايات الجمهورية تعرف ولاية مدنين العديد من الإشكاليات والصعوبات المتصلة بالتلوث بمختلف انواعه. ورغم المجهودات المبذولة من مختلف الأطراف ذات العلاقة غير ان العديد من النقائص مازالت موجودة وبصدد التفاقم.

تلوث على كل الأوجه

 وللوقوف على تداعيات الثلوث الصناعي رصد مراسل "الصّباح " بولاية مدنين أراء بعض المواطنين والمتابعين لهذا الموضوع حيث أكد رشيد غوميس وهو مرب ان مدينة مدنين تعاني من تلوث على مستوى المحيط البري والبحري إذ عبر المواطنون عن غضبهم من التلوث الذي تئن تحت وطأته الشوارع جراء تكدس النفايات البلاستيك والقمامة التي تغطي الأرصفة والشوارع رغم الجهود المبذولة من البلدية على امتداد ساعات اليوم.

 وابرز محدثنا ان ما يزيد المسالة تعقيدا انتشار ورشات تصليح السيارات التي تصم الأذان بالضجيج المتواصل مع انبعاث رائحة الزيوت المتسربة على جزء من الأرصفة والطرقات ،فبعض هذه المواد بحسب محدثنا تتسبب في أضرار بيئية فورية، وأخرى لا تظهر الا بعد فترة طويلة من الزمن، ما يؤدي إلى اختلال حادّ على مستوى التوازن البيئي وللحياة عموما. وما يزيد الطين بلة حسب مصدرنا إلقاء الفضلات في الأودية بمدينة مدنين وهي حقيقة كارثة بكل ما للكلمة من معنى رغم مشاريع التطهير التي قامت بها البلدية وباقي المصالح ذات العلاقة .

رشيد غوميس أنهى تصريحه بتقديم بعض الحلول لتجنب التلوث البيئي ومخاطره منها، تقليل الأنشطة الملوثة وتشجيع الإنتاج العضوي مع احترام المكونات البيئية وحماية البيئة من اي تلوث والسعي الى القيام بحملات نظافة متواصلة لتطهير الأحياء والأودية مع ضرورة تحديد حي صناعي بعينه يجمع فيه كل الحرفيين والصناعيين بعيدا عن الأحياء السكنية بمدينة مدنين .

رأي آخر أمدنا به طاهر هازل ناشط في المجتمع المدني متقاعد والذي أفادنا ان معاناة متساكني ولاية مدنين متواصلة من جراء تأثيرات الوضع البيئي بمختلف مظاهره السلبية و تنوع مصادره والذي يتجلى برا وبحرا. فالازمة البيئية في الجزيرة متفاقمة في ظل تفاقم تراكم النفايات بعد غلق مصب "تالبت بسدويكش" من معتمدية جربة ميدون رغم محاولات تجاوزها الا انها بقيت خانقة بيئيا بين نفايات متراكمة ومصب مغلق انتهت مدة استغلاله، وفي ظل بلديات عجزت عن إيجاد مكان ترفع إليه النفايات، وهو ما خلق حالة مزرية للمشهد العام بالجزيرة التي تناثرت بها النفايات وتكدست بالشوارع والطرقات والإحياء .

وأردف محدثنا أن أهالي مدينة مدنين وأحوازها وخاصة منطقة السمار وحسي مدنين والشيشمة لم يجدوا آذانا صاغية لمطالبهم المتكررة والمتمثلة أساسا في إيجاد حل للمشكل البيئي الذي تضرر منه الجميع بسبب تلوث المائدة المائية وما انجر عنه من إتلاف محاصيل زراعية علفية وورقية علاوة على إتلاف هكتارات من الأراضي الفلاحية وإعدام الكثير من الآبار التي يعتمد عليها المزارعون في المنطقة للري .

ويضيف محدثنا بالقول" تتواصل معاناة متساكني المدينة من جراء تردي الخدمات وغياب حلول جذرية لمشكل واد مدنين الذي يتاخمه مقر السوق الأسبوعية وهو الشريان الاقتصادي للجهة ومقصدا للتجار المتجولين وللحرفاء من كل الجهات المجاورة وحتى البعيدة ، وأكد أن الحلول الترقيعية والظرفية لم تنجح في القضاء لا على التلوث ولا على الكارثة البيئة رغم ما قامت به بلدية مدنين ووزارة التجهيز من محاولات لتهيئة جزء منه بدعوى تنفيذ مشروع حماية مدينة مدنين من الفياضانات. الذي بقي حبرا على ورق ورهين أجندات سياسية وانتخابية دعائية وظرفية. وشدد مصدرنا على أن المطلوب، والذي إتفق عليه الجميع هو إنشاء محطة معالجة ثلاثية الأبعاد تقضي على مخلفات التلوث وتستجيب لنداء الأهالي والمزارعين .

ماذا عن الشريط الساحلي ؟

أما فيما يخص الشريط الساحلي بالجهة الذي يبلغ طوله 580 كلم وهو ما يمثل ثلث سواحل تونس مما أهله لإنتاج 15% من الإنتاج الوطني من الثروة السمكية التي بلغت 17 ألف طن سنويا وبحسب طاهر الهازل يعاني من تضرر عدد من شواطئه وسواحله المهددة بالانجراف والتلوث في الجزيرة وبكل من حسي الجربي وشاطئ اميرة ومرسى القصيبة وشاطئ اوماريت فكل الوعود السابقة والحالية لم تجد موطئ قدم لها على أرض الواقع و كأن قضية التلوث البحري لا تشكل أولوية لدى صانعي القرار.

وبين انه ومن أجل الحفاظ على البيئة والتعامل مع التلوث بكل مظاهره المطلوب اليوم إتباع سياسة بيئية أكثر فاعلية بعيدا عن ردود الفعل المرتبطة ببعض الحلول الترقيعية ،كما يجب إعادة توجيه سياسة الدولة لتتخذ بعدا استباقيّا يتوقع الكوارث البيئية وإعداد الوسائل اللوجستية اللازمة ،وتدريب الإطار البشري، وتحديث الخطة الوطنية للاستجابة للطوارئ وخاصة منها البيئية الناجمة عن التلوث بكل أنواعه.

ميمون التونسي

إزاء الوضع البيئي الكارثي وتكدس النفايات بكل الأحياء ..  جمعية البيئة بمنزل تميم توجه نداء لوالية نابل للتدخل

اشتكى عدد من متساكني مدينة منزل تميم من ولاية نابل من انتشار الأوساخ والنفايات بعدة أحياء بالمدينة مما ساهم في انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والبعوض والإضرار بجمالية المدينة.

كما استنكر ممثلو جمعية البيئة بمنزل تميم في تصريح لـ"الصباح " تراكم أكداس النفايات في كامل إنحاء المدينة حيث أصبحت الكثير من الانهج والشوارع والأزقة نقاطا سوداء واغلب الحاويات مهترئة ومحطمة ودون أغطية ولا يتم إفراغها ما انجر عنه انبعاث الروائح الكريهة وتكاثر البعوض.

ومن جهته وجه عضو جمعية البيئة بمنزل تميم أيمن حمام نداء للسلط المحلية والجهوية وطالب والية نابل للتدخل إزاء ما تعيشه المدينة من وضع بيئي كارثي. وفق تعبيره .

سوق السمك من النقاط السوداء بالمدينة

اشتكى عدد من الباعة بسوق السمك بمنزل تميم من ولاية نابل من كثرة الأوساخ وانتشار الروائح الكريهة سواء بمحيط السوق او داخله واعتبروا ان المواطن كذلك مسؤول على نظافة السوق وفي الإخلال بدوره في المحافظة على نظافة البيئة.

وطالبوا بلدية المكان بالتدخل والتسريع في إزالة الأوساخ ورفع الفضلات المنتشرة في كل مكان

وقال احد الباعة ان محيط سوق السمك تعتبر من النقاط السوداء نظرا لقلة النظافة وتكدس الأوساخ بها كما عبر عدد من المواطنين في تصريح لمراسلة "الصباح" عن استيائهم من قلة النظافة وانتشار الروائح الكريهة خاصة بمحيط سوق السمك فعند تجوالك بمحيط السوق او داخله تعترضك الروائح الكريهة والأوساخ المنتشرة هنا وهناك هذا الى جانب عدم التدخل لصيانة البالوعات .

وقالت إحدى المستجوبات ان تدخل البلدية لا يجب ان يقتصر على رفع الفضلات فقط بل القيام بحملات نظافة دورية ومتواصلة وضرورة توعية وتحسيس المواطن بأهمية النظافة والحفاظ على جمالية المكان وفرض القانون على الجميع للحفاظ على النظافة والبيئة.

كما اشتكى عدد من المواطنين الآخرين من تكاثر الحشرات والباعوض جراء كثرة الأوساخ وطالبوا البلدية بالتدخل والقيام بالمداواة

بلدية منزل قريبا الانطلاق في حملات تحسيسية

من جهته أكد محمد علي حمام كاهية مدير النظافة والطرقات والعناية بالمناطق الخضراء ان بلدية منزل تميم ستنطلق قريبا في القيام بحملات تحسيسية بالشراكة مع فرع الهلال الأحمر التونسي وفوج الكشافة والشباب المتطوع للقيام بحملات تحسيسية توعوية حول أهمية النظافة والمحافظة على البيئة وتشمل كافة الأحياء والهدف منها التشاركية في رفع الفضلات المنزلية وسيتم وضع 3 او 4 حاويات بكل حي و كل مواطن يقوم بإخراج الفضلات المنزلية ليلا في أكياس محكمة الغلق ويتم رفعها من قبل أعوان النظافة ليلا .

ليلى بن سعد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews