إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جملة اعتراضية .. الفرجة الحقيقية على الجمهور في " ليلة الدموع"

 

 

احتضن مسرح "بنش مارك" في مدينة جدة السعودية حفلا يحمل عنوانا مثيرا للفضول وهو "ليلة الدموع" شارك فيه مجموعة من الفنانين العرب هم على التوالي طارق الشيخ، ومسلم، وحمادة هلال، وتامر عاشور، وأحمد سعد، وهيثم شاكر، وأحمد كمال وآدم، بقيادة المايسترو هاني فرحات.

واعتبرت مشاركة الفنانة شيرين عبد الوهاب في الحفل الذي بثه التلفزيون التونسي بشكل مباشر، مفاجأة. فلم يسبق الإعلان عن حضورها وقدمت بالمناسبة مجموعة من اغانيها الشهيرة المتشابهة والتي يمكن القول أنها تشترك في الشجن والنبرة الحزينة ما يتماشى مع محور السهرة بطبيعة الحال.

لكن المفاجأة الحقيقية بالنسبة لنا هي الجمهور الذي حضر العرض. والجميل أن مخرج السهرة وجه الكاميرا عديد المرات في اتجاه الجمهور الذي اقبل بكثافة على السهرة.

أولا، من حيث المظهر، كان الجميع تقريبا وخاصة الحضور النسائي في كامل الزينة (ماكياجا ولباسا) في ليلة الدموع وهذا في حد أمره موضوع للنقاش على الأقل من ناحية التضاد والتنافر بين الشكل والموضوع.

ثانيا، وهو الأهم من منظورنا هي نوعية التفاعل مع محتوى غنائي من المفروض انه مؤثر ويبعث على الحزن والبكاء.

ولنا ان نعترف بأن الفرجة الحقيقية ليلتها كانت على الجمهور. جزء من هذا الجمهور وخاصة الشباب والشابات تحديدا، كي نكون اكثر دقة فاجأته الكاميرا عدة مرات في حالة ضحك، وأحيانا هستيرية. والسؤال ما الداعي للضحك، يفرض نفسه طبعا. هل هو الشعور مثلا بالوجود في وضعية غريبة بعض الشيء؟

قد يكون الأمر كذلك. فعنوان السهرة في حد ذاته غريب ومستفز أيضا. والدليل على ذلك أن كثيرا من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي قد عبروا عن تبرمهم من العنوان وكثيرون لاموا التلفزيون التونسي على تمرير سهرة تنشد الحزن والبكاء في وقت تعاني فيه بلادنا من صعوبات كبيرة ساهمت في نشر الإحباط بين الناس، فإذا بالتلفزيون الرسمي " يتحفنا" بليلة للدموع.

قد يتجاوز الامر حدود المسرح ليعبر عن حالة عامة يعيشها الشباب العربي اليوم، اذ ان وضعية اغلب الشعوب العربية تنطبق عليها اليوم مقولة " المضحكات المبكيات"، أو بالأحرى " المبكيات المضحكات" إذا ما أردنا أن نلتزم بموضوع السهرة وهي ليلة الدموع.

قد يكون الأمر ضحكا على وضع الفنان العربي اليوم الذي يقبل بالمشاركة في أي سهرة أي كان موضوعها ولو كان ليلة الدموع بما يمكن ان تثيره من تبرم وسخرية. هذا بعد الاستغراب طبعا. والحقيقة، لا نستطيع أن نقول أن وضع الفنانين وهم يشاركون في ليلة الدموع كان مريحا جدا. هم بالأحرى في وضعية لا نقول بأنها صعبة لهم كفانين وخاصة مثيرة على صورتهم وهم ينخرطون في مشاريع غريبة بعض الشيء، لمقابل مادي أو من اجل اعتراف عربي، وإنما نقول أن الوضعية كانت غير عادية ومثيرة للفضول ومثيرة للأسئلة.

لكن وجب التنبيه إلى أننا شاهدنا في عدة ردهات من السهرة كيف سالت دموع بعض الجماهير وانتفخت بعض الوجوه تأثرا ونقلت الكاميرا صور البعض يحاولون مداراة دموعهم. ووجب الاعتراف بأن الفنانة شيرين قد نجحت اكثر من غيرها في اثارة الشجن لدى قسم من الجماهير وابكتهم فعلا تأثرا بكلمات اغانيها الحزينة وبالألحان التي تحمل كما كبيرا من الشجن وطبعا بصوتها الذي لا يمكن ان ننكر انه يثير شجن اصعب الجماهير مراسا.

وبين بكاء الجماهير وضحكهم وقهقهة بعضهم، نقلت لنا الكاميرا صورة عامة واضحة عن وضعية غريبة عاشها احد مسارح العرب. وهي صورة قد تتجاوز حدود المسرح لتعبر عن وضع عام حيث يجد الانسان نفسه مشاركا في مسرح مفتوح دون ان يفهم كيف تم استدراجه له أو كيف وجد نفسه عنصرا في مسرحية من النوع التراجيدي الهزلي أو طرفا في وضعية غريبة، بل كافكاوية بامتياز.

 حياة السايب

 

جملة اعتراضية  .. الفرجة الحقيقية على الجمهور في " ليلة الدموع"

 

 

احتضن مسرح "بنش مارك" في مدينة جدة السعودية حفلا يحمل عنوانا مثيرا للفضول وهو "ليلة الدموع" شارك فيه مجموعة من الفنانين العرب هم على التوالي طارق الشيخ، ومسلم، وحمادة هلال، وتامر عاشور، وأحمد سعد، وهيثم شاكر، وأحمد كمال وآدم، بقيادة المايسترو هاني فرحات.

واعتبرت مشاركة الفنانة شيرين عبد الوهاب في الحفل الذي بثه التلفزيون التونسي بشكل مباشر، مفاجأة. فلم يسبق الإعلان عن حضورها وقدمت بالمناسبة مجموعة من اغانيها الشهيرة المتشابهة والتي يمكن القول أنها تشترك في الشجن والنبرة الحزينة ما يتماشى مع محور السهرة بطبيعة الحال.

لكن المفاجأة الحقيقية بالنسبة لنا هي الجمهور الذي حضر العرض. والجميل أن مخرج السهرة وجه الكاميرا عديد المرات في اتجاه الجمهور الذي اقبل بكثافة على السهرة.

أولا، من حيث المظهر، كان الجميع تقريبا وخاصة الحضور النسائي في كامل الزينة (ماكياجا ولباسا) في ليلة الدموع وهذا في حد أمره موضوع للنقاش على الأقل من ناحية التضاد والتنافر بين الشكل والموضوع.

ثانيا، وهو الأهم من منظورنا هي نوعية التفاعل مع محتوى غنائي من المفروض انه مؤثر ويبعث على الحزن والبكاء.

ولنا ان نعترف بأن الفرجة الحقيقية ليلتها كانت على الجمهور. جزء من هذا الجمهور وخاصة الشباب والشابات تحديدا، كي نكون اكثر دقة فاجأته الكاميرا عدة مرات في حالة ضحك، وأحيانا هستيرية. والسؤال ما الداعي للضحك، يفرض نفسه طبعا. هل هو الشعور مثلا بالوجود في وضعية غريبة بعض الشيء؟

قد يكون الأمر كذلك. فعنوان السهرة في حد ذاته غريب ومستفز أيضا. والدليل على ذلك أن كثيرا من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي قد عبروا عن تبرمهم من العنوان وكثيرون لاموا التلفزيون التونسي على تمرير سهرة تنشد الحزن والبكاء في وقت تعاني فيه بلادنا من صعوبات كبيرة ساهمت في نشر الإحباط بين الناس، فإذا بالتلفزيون الرسمي " يتحفنا" بليلة للدموع.

قد يتجاوز الامر حدود المسرح ليعبر عن حالة عامة يعيشها الشباب العربي اليوم، اذ ان وضعية اغلب الشعوب العربية تنطبق عليها اليوم مقولة " المضحكات المبكيات"، أو بالأحرى " المبكيات المضحكات" إذا ما أردنا أن نلتزم بموضوع السهرة وهي ليلة الدموع.

قد يكون الأمر ضحكا على وضع الفنان العربي اليوم الذي يقبل بالمشاركة في أي سهرة أي كان موضوعها ولو كان ليلة الدموع بما يمكن ان تثيره من تبرم وسخرية. هذا بعد الاستغراب طبعا. والحقيقة، لا نستطيع أن نقول أن وضع الفنانين وهم يشاركون في ليلة الدموع كان مريحا جدا. هم بالأحرى في وضعية لا نقول بأنها صعبة لهم كفانين وخاصة مثيرة على صورتهم وهم ينخرطون في مشاريع غريبة بعض الشيء، لمقابل مادي أو من اجل اعتراف عربي، وإنما نقول أن الوضعية كانت غير عادية ومثيرة للفضول ومثيرة للأسئلة.

لكن وجب التنبيه إلى أننا شاهدنا في عدة ردهات من السهرة كيف سالت دموع بعض الجماهير وانتفخت بعض الوجوه تأثرا ونقلت الكاميرا صور البعض يحاولون مداراة دموعهم. ووجب الاعتراف بأن الفنانة شيرين قد نجحت اكثر من غيرها في اثارة الشجن لدى قسم من الجماهير وابكتهم فعلا تأثرا بكلمات اغانيها الحزينة وبالألحان التي تحمل كما كبيرا من الشجن وطبعا بصوتها الذي لا يمكن ان ننكر انه يثير شجن اصعب الجماهير مراسا.

وبين بكاء الجماهير وضحكهم وقهقهة بعضهم، نقلت لنا الكاميرا صورة عامة واضحة عن وضعية غريبة عاشها احد مسارح العرب. وهي صورة قد تتجاوز حدود المسرح لتعبر عن وضع عام حيث يجد الانسان نفسه مشاركا في مسرح مفتوح دون ان يفهم كيف تم استدراجه له أو كيف وجد نفسه عنصرا في مسرحية من النوع التراجيدي الهزلي أو طرفا في وضعية غريبة، بل كافكاوية بامتياز.

 حياة السايب