* الـمعدل الشهـري لاسـتهلاك الـقمح الـلين خـلال السـداسـي الأول مـن 2023 في حـدود 98.2 ألف طن، أي أكــثر مــن الــمعدل الشهــري لــسنوات 2020 و2021..
تونس- الصباح
خلص تقرير مطول يتعلق بالأسباب الظرفية والهيكلية لأزمة الخبز والسميد في تونس، أصدره مرصد رقابة أمس، الى أن الأزمـة ناجمة بـالأسـاس عـن ضـعف الـرقـابـة الـتي أدت إلى زيـادة سـلوكـيات الـتلاعـب مـن طـرف الـمطاحـن، وأصـحاب الـمخابـز الـمصنفة، الـذيـن يـحصلون عـلى الـفاريـنة الـمدعـمة بـثمن سـلبي.
أما عن أسباب عدم توفر الكمية الكافية من مادة الخبز والسميد خلال السنة الجارية، فقد أرجعها التقرير أيضا إلى التلاعـب بـمادة الـفاريـنة وخـاصـة الـفاريـنة الـمدعـمة الـتي تـتزود بـها حـصريـا المخابز المصنفة.
واستبعد التقرير الذي وجّهت نسخ منه إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة التجارة..، أن تكون أسباب الأزمة نـاتـجة عـن مـشكل فـي تـزود ديـوان الـحبوب بـمادة الـقمح الـلين، ولا عـن مـشكل تـوّفـر تـلك الـمادة وأسـعارهـا فـي الـسوق الـعالـمية، ولا عـن مـشكل فـي تـوزيـع الـمادة مـن طـرف الـديـوان لا عـن إفـراط فـي الاسـتهلاك، بـاعـتبار أن الـمعدل الشهـري لاسـتهلاك الـقمح الـلين خـلال السـداسـي الأول مـن سـنة 2023 هو فـي حـدود 98.2 ألف طن، أي أكــثر مــن الــمعدل الشهــري لــسنوات 2020 و2021 ، ويــقارب مــعدل ســنة 2023 ســنتي 2019 و2018 .
وارتكز تقرير مرصد رقابة على الأرقام والإحصائيات الرسمية ودراسة المنظومة التشريعية والشهادات الميدانية حول مختلف أشكال التحيّل والتلاعب التي يشهدها القطاع في ظل ضعف الإدارة وتدهور الحوكمة وعدم فاعلية الرقابة في منظومات توريد الحبوب والتصرف في الحبوب المدعمة من المطاحن والمخابز.
وتضمن دراسة معمقة في أرقام واردات ومبيعات ديوان الحبوب من القمح اللين والقمح الصلب الممتدة من سنة 2010 الى 2023، مع التركيز على معطيات السداسي الأول من سنة 2023 الذي استفحلت فيه الأزمة ومقارنتها بنتائج نفس الفترة من السنوات السابقة.
وخلص إلى أن اندلاع أزمة نقص “السميد“ منذ بداية العام الجاري، ناتج أساسا عن نقص توريد القمح الصلب خلال السداسي الأول لـ 2023، مقارنة بنفس الفترة من السنوات الماضية، بالتزامن مع التراجع الكبير للإنتاج المحلي، بما أدى إلى نقص بـ20٪ في مبيعات ديوان الحبوب من القمح الصلب..
في حين أن أزمة انقطاع الخبز لا يبررها أي نقص في توريد القمح اللين، بل على العكس زادت كميات القمح اللين الموردة خلال النصف الأول من 2023 بما يقارب 20٪ مقارنة بنفس الفترة من سنتي 2020 و 2021 وبتراجع طفيف في حدود 2 ٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة2022 . ما يبرر هذه الأزمة المستفحلة هو تزايد سلوكيات التلاعب بالفارينة المدعمة المعدة لصناعة الخبز بأنواعه، في ظل ضعف الحوكمة والرقابة في منظومات توريد الحبوب والتصرف في الحبوب المدعمة من المطاحن والمخابز، وتزايد نفوذ بعض اللوبيات المنظمة التي تخترق ديوان الحبوب وتشمل عددا من المطاحن وأصحاب المخابز والمصانع، بغرض تحصيل أرباح إضافية على حساب صندوق التعويض.
تلاعب بالكميات المدعمة
ومن بين أبرز الاستنتاجات التي توصّل إليها التقرير، أن اندلاع أزمـة الـمخابـز هـذه الـسنة ونـدرة الـخبز فـي أغـلب جـهات الـبلاد رغـم تـوزيـع كـميات كـافـية مـن الـقمح الـلين فـي الـسوق، نـاتـج بـالأسـاس عـن ضـعف الـرقـابـة الـتي أدت إلى زيـادة سـلوكـيات الـتلاعـب مـن طـرف الـمطاحـن، وأصـحاب الـمخابـز الـمصنفة، الـذيـن يـحصلون عـلى الـفارينة الـمدعـمة بـثمن سـلبي.
ورغــم إحــداث تــطبيقة إعـلامـية خـاصـة بـالـمخابـز إلا أن 60 ٪ مـن الإدارات الـجهويـة لـوزارة الـتجارة لـم تـوّفـق فـي اسـتعمالـها، وذلك حسب التقرير 29 لدائرة المحاسبات. كما أن عـددا كـبيرا مـن الـمخابـز الـمصنفة “أ”، وفـي ظـل ضـعف مـنظومـة الـرقـابـة، تـمارس نـشاط الـمخابـز صـنف “ج"، بهـدف الاسـتفادة مـن فـارق سـعر الإحـالـة لـلفاريـنة الـمدعـمة، بـالإضـافـة إلى ثـبوت ارتكاب الـعديـد مـن أصـحاب الـمخابـز لـمخالـفة مـسك مـادة مـدعـمة والاتـجار فـيها بـطرق مـخالـفة لـلتراتـيب دون تسليط العقوبات الرادعة..
ومن الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير مرصد رقابة أيضا أن مـنظومـة الـدعـم بـشكلها الـحالـي "مخربة تـمامـا تسـتنزف مـيزانـية الـدولـة ولا تسّهـل حـياة الـمواطـنين، ولا تسـتفيد مـنها تـقريـبا سـوى الـحيتان الـكبيرة الـتي تـزداد أربـاحـها كـلما زادت الأزمـة." داعيا إلى ضرورة "إعـادة الــنظر فــي تــلك الــمنظومــة بــشكل يــمّكن مــن إيــصال الــدعــم إلــى مســتحّقيه وحــرمــان الــلوبــيات والمتلاعبين والسيـّاح وغيـرهم منـه"..
وقال المرصد إن الهدف من التقرير "الارتقاء بمستوى النقاش المجتمعي حول الموضوع، وتنوير الرأي العام، ومد الجهات الرسمية بمقترحات عملية لتجاوز الأزمة الراهنة، واستباق أي أزمات قادمة في ظل التغييرات المناخية في البلاد والمشاكل الجيوستراتيجية التي تؤثر على سوق الحبوب في العالم، وإرساء إصلاحات هيكلية جذرية لتطوير حوكمة منظومة التزود بالحبوب ومنظومة المطاحن والمخابز، وإصلاح منظومة دعم المواد الأساسية، دعما للأمن الغذائي والاستقرار المجتمعي والعدالة بين التونسيين."
رفيق بن عبد الله
* الـمعدل الشهـري لاسـتهلاك الـقمح الـلين خـلال السـداسـي الأول مـن 2023 في حـدود 98.2 ألف طن، أي أكــثر مــن الــمعدل الشهــري لــسنوات 2020 و2021..
تونس- الصباح
خلص تقرير مطول يتعلق بالأسباب الظرفية والهيكلية لأزمة الخبز والسميد في تونس، أصدره مرصد رقابة أمس، الى أن الأزمـة ناجمة بـالأسـاس عـن ضـعف الـرقـابـة الـتي أدت إلى زيـادة سـلوكـيات الـتلاعـب مـن طـرف الـمطاحـن، وأصـحاب الـمخابـز الـمصنفة، الـذيـن يـحصلون عـلى الـفاريـنة الـمدعـمة بـثمن سـلبي.
أما عن أسباب عدم توفر الكمية الكافية من مادة الخبز والسميد خلال السنة الجارية، فقد أرجعها التقرير أيضا إلى التلاعـب بـمادة الـفاريـنة وخـاصـة الـفاريـنة الـمدعـمة الـتي تـتزود بـها حـصريـا المخابز المصنفة.
واستبعد التقرير الذي وجّهت نسخ منه إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة التجارة..، أن تكون أسباب الأزمة نـاتـجة عـن مـشكل فـي تـزود ديـوان الـحبوب بـمادة الـقمح الـلين، ولا عـن مـشكل تـوّفـر تـلك الـمادة وأسـعارهـا فـي الـسوق الـعالـمية، ولا عـن مـشكل فـي تـوزيـع الـمادة مـن طـرف الـديـوان لا عـن إفـراط فـي الاسـتهلاك، بـاعـتبار أن الـمعدل الشهـري لاسـتهلاك الـقمح الـلين خـلال السـداسـي الأول مـن سـنة 2023 هو فـي حـدود 98.2 ألف طن، أي أكــثر مــن الــمعدل الشهــري لــسنوات 2020 و2021 ، ويــقارب مــعدل ســنة 2023 ســنتي 2019 و2018 .
وارتكز تقرير مرصد رقابة على الأرقام والإحصائيات الرسمية ودراسة المنظومة التشريعية والشهادات الميدانية حول مختلف أشكال التحيّل والتلاعب التي يشهدها القطاع في ظل ضعف الإدارة وتدهور الحوكمة وعدم فاعلية الرقابة في منظومات توريد الحبوب والتصرف في الحبوب المدعمة من المطاحن والمخابز.
وتضمن دراسة معمقة في أرقام واردات ومبيعات ديوان الحبوب من القمح اللين والقمح الصلب الممتدة من سنة 2010 الى 2023، مع التركيز على معطيات السداسي الأول من سنة 2023 الذي استفحلت فيه الأزمة ومقارنتها بنتائج نفس الفترة من السنوات السابقة.
وخلص إلى أن اندلاع أزمة نقص “السميد“ منذ بداية العام الجاري، ناتج أساسا عن نقص توريد القمح الصلب خلال السداسي الأول لـ 2023، مقارنة بنفس الفترة من السنوات الماضية، بالتزامن مع التراجع الكبير للإنتاج المحلي، بما أدى إلى نقص بـ20٪ في مبيعات ديوان الحبوب من القمح الصلب..
في حين أن أزمة انقطاع الخبز لا يبررها أي نقص في توريد القمح اللين، بل على العكس زادت كميات القمح اللين الموردة خلال النصف الأول من 2023 بما يقارب 20٪ مقارنة بنفس الفترة من سنتي 2020 و 2021 وبتراجع طفيف في حدود 2 ٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة2022 . ما يبرر هذه الأزمة المستفحلة هو تزايد سلوكيات التلاعب بالفارينة المدعمة المعدة لصناعة الخبز بأنواعه، في ظل ضعف الحوكمة والرقابة في منظومات توريد الحبوب والتصرف في الحبوب المدعمة من المطاحن والمخابز، وتزايد نفوذ بعض اللوبيات المنظمة التي تخترق ديوان الحبوب وتشمل عددا من المطاحن وأصحاب المخابز والمصانع، بغرض تحصيل أرباح إضافية على حساب صندوق التعويض.
تلاعب بالكميات المدعمة
ومن بين أبرز الاستنتاجات التي توصّل إليها التقرير، أن اندلاع أزمـة الـمخابـز هـذه الـسنة ونـدرة الـخبز فـي أغـلب جـهات الـبلاد رغـم تـوزيـع كـميات كـافـية مـن الـقمح الـلين فـي الـسوق، نـاتـج بـالأسـاس عـن ضـعف الـرقـابـة الـتي أدت إلى زيـادة سـلوكـيات الـتلاعـب مـن طـرف الـمطاحـن، وأصـحاب الـمخابـز الـمصنفة، الـذيـن يـحصلون عـلى الـفارينة الـمدعـمة بـثمن سـلبي.
ورغــم إحــداث تــطبيقة إعـلامـية خـاصـة بـالـمخابـز إلا أن 60 ٪ مـن الإدارات الـجهويـة لـوزارة الـتجارة لـم تـوّفـق فـي اسـتعمالـها، وذلك حسب التقرير 29 لدائرة المحاسبات. كما أن عـددا كـبيرا مـن الـمخابـز الـمصنفة “أ”، وفـي ظـل ضـعف مـنظومـة الـرقـابـة، تـمارس نـشاط الـمخابـز صـنف “ج"، بهـدف الاسـتفادة مـن فـارق سـعر الإحـالـة لـلفاريـنة الـمدعـمة، بـالإضـافـة إلى ثـبوت ارتكاب الـعديـد مـن أصـحاب الـمخابـز لـمخالـفة مـسك مـادة مـدعـمة والاتـجار فـيها بـطرق مـخالـفة لـلتراتـيب دون تسليط العقوبات الرادعة..
ومن الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير مرصد رقابة أيضا أن مـنظومـة الـدعـم بـشكلها الـحالـي "مخربة تـمامـا تسـتنزف مـيزانـية الـدولـة ولا تسّهـل حـياة الـمواطـنين، ولا تسـتفيد مـنها تـقريـبا سـوى الـحيتان الـكبيرة الـتي تـزداد أربـاحـها كـلما زادت الأزمـة." داعيا إلى ضرورة "إعـادة الــنظر فــي تــلك الــمنظومــة بــشكل يــمّكن مــن إيــصال الــدعــم إلــى مســتحّقيه وحــرمــان الــلوبــيات والمتلاعبين والسيـّاح وغيـرهم منـه"..
وقال المرصد إن الهدف من التقرير "الارتقاء بمستوى النقاش المجتمعي حول الموضوع، وتنوير الرأي العام، ومد الجهات الرسمية بمقترحات عملية لتجاوز الأزمة الراهنة، واستباق أي أزمات قادمة في ظل التغييرات المناخية في البلاد والمشاكل الجيوستراتيجية التي تؤثر على سوق الحبوب في العالم، وإرساء إصلاحات هيكلية جذرية لتطوير حوكمة منظومة التزود بالحبوب ومنظومة المطاحن والمخابز، وإصلاح منظومة دعم المواد الأساسية، دعما للأمن الغذائي والاستقرار المجتمعي والعدالة بين التونسيين."