إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أهمّية التحويرات من أجل إنجاز المشاريع الوطنية وتجاوز الصعوبات المالية.. (1/2)

بقلم : صلاح بوزيّان

إنّ تونس في هذه المرحلة التي تقطعها تحتاج إلى إحداث تحويرات في صلب هياكل الإدارة التونسية:( الوزارات وفروعها الجهوية والدّواوين والمؤسسات الوطنية ) وذلك من أجل تطوير وتجويد العمل الإداري الذي هو بمثابة صمّام الأمان وعمدة نجاح كلّ مشروع وبرنامج تنموي بل أكثر من ذلك فإنّ تطوير وتسريع العمل الإداري يساهم بنسبة عالية في إنجاز وضمان نجاح المشاريع التي تحتاجها كلّ جهات البلاد،ولعلّ تأكيد السيد رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد في عديد المرّات على أهمّية العمل الإداري ونعتبره نحن الإنتاج الإداري ، فالإدارة ليست فقط وثائق وخطط وظيفية وأختام ، وإنّما هي فلسفة عمل وتصوّر عملي يكون مطابقا لمتطلّبات المواطن والبلاد ، تحتاج الإدارة التونسية إلى مزيد الهيكلة وتطوير آليات العمل وهندسة المشاريع وضبط الوسائط والأدوات وتحديد المعوّقات وحسن تدبير النفقات والميزانيات، وهذا كلّه يرتبط بالعقل المدبّر ( الوزير أو الوالي أو المدير )، فلا نجاح للمؤسسّة إلاّ بتطوّر عقلية المسؤول الأوّل فيها .

الوزير ،الوالي ،المدير العام :

هي خطط وظيفية ومهام يختار السيد رئيس الدولة من يراه مناسبا لها ، ولكن مع الاختيار لابدّ من المتابعة والمحاسبة على إنجاز المشاريع وفضّ المشاكل وحسن تسيير المؤسسات والمردودية التي يقدّمها كلّ مكلّف. وإنّ علامة نجاح أيّ مسؤول لا تقف على إنجاز بعض الأنشطة ولكن يتمثّل في فهمه لمؤسسته التي يُشرف عليها وفهمه لمشروع الدّولة الإصلاحي وقدرته على تشخيص المشاكل وتقديم الحلول واختيار أعوانه المساعدين ، وكذلك التزامه بإنجاز أيّ عمل أو إتمام أيّ ملفّ إداري في وقت مضبوط لا يحتمل التأجيل ولا التأخير. وهذا ما تحتاجه تونس الآن . انقضى كثير من الوقت ، وضاعت الكثير من الفرص بسبب تواكل وخمول من لا تتوافق أهواؤهم ومصالحهم مع الخطّ الإصلاحي الرئاسي . ولكن طبيعة الحياة التبديل والاستئناس بالكفاءات الشابّة وفتح باب الفرص لمن يريد تقلّد مسؤولية بأمانة وإخلاص ليعاضد مساعي الدّولة ويساهم في إنجاح المشاريع التنموية ، ويقدّم نماذج لمشاريع تنموية قد تفكّ كرب الشباب والفئات الهشّة وتساهم في ربح مالي لخزينة الدولة .

إنّ أكبر معوّق يفسد الإدارة التونسية هو تكليف شخص على رأس مؤسسّة يتبيّن بعد وقت وجيز أنّه بيروقراطي يتمتّع بالامتيازات ولا يمتلك القدرة على تنشيط الإدارة وخلق فرص عمل وابتكار حلول ومشاريع للنّاس، بما يدعم ثقة المواطنين بقيادتهم .ويزرع الأمل في قلوب الصابرين المتعلّمين ، قد يكون الحلّ الذي يقدّمه المسؤول الحكيم العارف بهموم النّاس ليس وظيفة أو مالا ولكن يكون فكرة يقترحها على الباحثين عن مورد رزق و يتحقّق ذلك الأمل ويصبحُ حقيقة بمؤازرة ذلك المسؤول لطالبي الشغل وتذليل الصعوبات أمامهم ودعهم النفسي وإكسابهم الثقة في أنفسهم وفي نجاح المشروع ، فينجح المشروع ، ويولد النجاح من صميم الأمل. وتتحوّل الصحراء إلى مساحات شاسعة من الحبوب والمغروسات ، وتينع الأزهار ، ويسترجع الفسفاط  ومعمل عجين الورق إنتاجيته ، ولكن من هو هذا المسؤول القدوة الصالحة ؟

المسؤول الناجح ، صفاته ومواصفاته:

يعيش المجتمع أزمة ثقة ، فقد افتقد السواد الأعظم من الناس الثقة في كثير من المسؤولين ، وذلك بسبب المماطلات والتسويف والتشبّث بالإجراءات الإدارية الصارمة والجافّة، إلاّ أنّ المسؤول الحكيم المؤمن بمشروع 25 جويلية الإصلاحي يتّصف بالصّبر والإخلاص والوطنية والصّدق بإجماع كلّ النّاس، هذا النوع من المسؤولين تحتاجه تونس الآن ، لأنّه يؤمن أنّ أيّ تسخير لطاقته وجهده وصبره هو من أجل بلاده وشعبه ، من أجل بناء غدٍ أفضل وأرقى يضمن عيشا كريما لكلّ التونسيين ، فالوزير المتصف بهذه الخصال قادر على أن يولّد من وزارته المال الوفير للخزينة ، فيخلق موارد ثروة في شكل مشاريع مثلا: ( تحويل عيد المولد النبوي الشريف إلى مهرجان دولي يستقطب ضيوفا من كلّ بلدان العالم وأكاديميين ، وتبرم فيه ندوات وورشات عمل وتعرض فيه عروضا موسيقية ومسرحية ورياضية ذات صلة بالمولد النبوي ، أليس ذلك ممكنا ؟ كذلك جعل القيروان مركزا ثقافيا دوليا فيه مراكز بحوث و...) ، هذا ليس بالصعب ولا المستحيل ، مثلما يمكن بعث مشاريع رياضية وثقافية واقتصادية في مناطق الشريط الحدودي ، تخلق الثروة وتشغّل الشباب الجامعي المتخرج ، هذا ممكن وليس مستحيلا ، ويمكن إنجازه في وقت وجيز. كما يمكن بعث شركة وطنية للخدمات تكون لها فروع على شكل سوق مركزية وفي داخلها إدارة ، البناء في شكل بوكس واسع على مساحة محددة مجهزّ بكلّ أدوات السلامة والخدمات ، تُعرض فيه منتوجات الفلاحين والصناعيين للبيع بالتقسيط ، مواد غذائية ملابس أدوات مدرسية ومواد تجميل أكل مواد تنظيف..

إقالة والي القيروان ، صرامة القيادة وإصرارها على إنجاز المشاريع :

لقد كان خبر إقالة والي القيروان السابق مفرحا لكلّ الأهالي ، فهذا الرجل عمل واليا لمدّة تقارب الخمس سنوات، ولكنّه أخفق في عديد المجالات والمشاريع ، وما زاد الطين بلّة تأجيل مشروع مستشفى الملك سلمان الذي بإهماله له حرم المواطنين من نعمة الخدمات الصحية لأهالي القيروان وما جاورها من الولايات ، فالناس يتنقلون إلى المصحات في القيروان وسوسة وينفقون الأموال  وهُمْ غالبا في ظروف اجتماعية بائسة ، ولم يفلح في إنجاز ترميم صومعة جامع عقبة بن نافع المتصدّعة منذ سنوات، ولم يفلح في جلب الماء للمدارس الابتدائية في أرياف المدينة، ولا إصلاح بناءاتها المتصدّعة ولا بناء أسوار تحميها، ولا ترميم مقام الإمام سحنون الذي تحيط به الزبالة في صمت واحتقار لمعلم تاريخي يجلب كلّ يوم الزّوار من بلدان العالم، وكذلك مقام الفقيه عرفة بن مخلوف الشابي في وسط المدينة ، وقد كتبنا عديد المقالات ونبّهنا إلى خطورة الوضع ولكن لم يستجب ذاك الرّجل للنداءات وهي تتعلّق بمهامه ، إضافة إلى انتشار ظاهرة السرقات وخاصة في المدينة العتيقة ونشكر جهود رجال الأمن ومحاولاتهم صدّ هذه الظواهر التي أصبحت تشكّلا مصدر إزعاج وخوف لدى المواطنين، كلّ من سيغادر بيته في سفر أو قضاء حاجة يكون مهدّدا بالسرقة في أسرع من لمح البصر، كذلك انتشار الأفيونات وبيع الخمر خلسة وانتشار الشعوذة .. إضافة إلى مشاكل الماء والعلف عند الفلاحين، وبيروقراطية الإدارة والتعطيل، هذه حقائق مذهلة يرويها كلّ المتساكنين ويعرفونها. فحياتهم ممزوجة بالغلاء والحيرة والعجز والفقر والخوف والإحباط . ورغم بشاعة الحال فالكل متفاؤلون .

 

أهمّية التحويرات من أجل إنجاز المشاريع الوطنية وتجاوز الصعوبات المالية.. (1/2)

بقلم : صلاح بوزيّان

إنّ تونس في هذه المرحلة التي تقطعها تحتاج إلى إحداث تحويرات في صلب هياكل الإدارة التونسية:( الوزارات وفروعها الجهوية والدّواوين والمؤسسات الوطنية ) وذلك من أجل تطوير وتجويد العمل الإداري الذي هو بمثابة صمّام الأمان وعمدة نجاح كلّ مشروع وبرنامج تنموي بل أكثر من ذلك فإنّ تطوير وتسريع العمل الإداري يساهم بنسبة عالية في إنجاز وضمان نجاح المشاريع التي تحتاجها كلّ جهات البلاد،ولعلّ تأكيد السيد رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد في عديد المرّات على أهمّية العمل الإداري ونعتبره نحن الإنتاج الإداري ، فالإدارة ليست فقط وثائق وخطط وظيفية وأختام ، وإنّما هي فلسفة عمل وتصوّر عملي يكون مطابقا لمتطلّبات المواطن والبلاد ، تحتاج الإدارة التونسية إلى مزيد الهيكلة وتطوير آليات العمل وهندسة المشاريع وضبط الوسائط والأدوات وتحديد المعوّقات وحسن تدبير النفقات والميزانيات، وهذا كلّه يرتبط بالعقل المدبّر ( الوزير أو الوالي أو المدير )، فلا نجاح للمؤسسّة إلاّ بتطوّر عقلية المسؤول الأوّل فيها .

الوزير ،الوالي ،المدير العام :

هي خطط وظيفية ومهام يختار السيد رئيس الدولة من يراه مناسبا لها ، ولكن مع الاختيار لابدّ من المتابعة والمحاسبة على إنجاز المشاريع وفضّ المشاكل وحسن تسيير المؤسسات والمردودية التي يقدّمها كلّ مكلّف. وإنّ علامة نجاح أيّ مسؤول لا تقف على إنجاز بعض الأنشطة ولكن يتمثّل في فهمه لمؤسسته التي يُشرف عليها وفهمه لمشروع الدّولة الإصلاحي وقدرته على تشخيص المشاكل وتقديم الحلول واختيار أعوانه المساعدين ، وكذلك التزامه بإنجاز أيّ عمل أو إتمام أيّ ملفّ إداري في وقت مضبوط لا يحتمل التأجيل ولا التأخير. وهذا ما تحتاجه تونس الآن . انقضى كثير من الوقت ، وضاعت الكثير من الفرص بسبب تواكل وخمول من لا تتوافق أهواؤهم ومصالحهم مع الخطّ الإصلاحي الرئاسي . ولكن طبيعة الحياة التبديل والاستئناس بالكفاءات الشابّة وفتح باب الفرص لمن يريد تقلّد مسؤولية بأمانة وإخلاص ليعاضد مساعي الدّولة ويساهم في إنجاح المشاريع التنموية ، ويقدّم نماذج لمشاريع تنموية قد تفكّ كرب الشباب والفئات الهشّة وتساهم في ربح مالي لخزينة الدولة .

إنّ أكبر معوّق يفسد الإدارة التونسية هو تكليف شخص على رأس مؤسسّة يتبيّن بعد وقت وجيز أنّه بيروقراطي يتمتّع بالامتيازات ولا يمتلك القدرة على تنشيط الإدارة وخلق فرص عمل وابتكار حلول ومشاريع للنّاس، بما يدعم ثقة المواطنين بقيادتهم .ويزرع الأمل في قلوب الصابرين المتعلّمين ، قد يكون الحلّ الذي يقدّمه المسؤول الحكيم العارف بهموم النّاس ليس وظيفة أو مالا ولكن يكون فكرة يقترحها على الباحثين عن مورد رزق و يتحقّق ذلك الأمل ويصبحُ حقيقة بمؤازرة ذلك المسؤول لطالبي الشغل وتذليل الصعوبات أمامهم ودعهم النفسي وإكسابهم الثقة في أنفسهم وفي نجاح المشروع ، فينجح المشروع ، ويولد النجاح من صميم الأمل. وتتحوّل الصحراء إلى مساحات شاسعة من الحبوب والمغروسات ، وتينع الأزهار ، ويسترجع الفسفاط  ومعمل عجين الورق إنتاجيته ، ولكن من هو هذا المسؤول القدوة الصالحة ؟

المسؤول الناجح ، صفاته ومواصفاته:

يعيش المجتمع أزمة ثقة ، فقد افتقد السواد الأعظم من الناس الثقة في كثير من المسؤولين ، وذلك بسبب المماطلات والتسويف والتشبّث بالإجراءات الإدارية الصارمة والجافّة، إلاّ أنّ المسؤول الحكيم المؤمن بمشروع 25 جويلية الإصلاحي يتّصف بالصّبر والإخلاص والوطنية والصّدق بإجماع كلّ النّاس، هذا النوع من المسؤولين تحتاجه تونس الآن ، لأنّه يؤمن أنّ أيّ تسخير لطاقته وجهده وصبره هو من أجل بلاده وشعبه ، من أجل بناء غدٍ أفضل وأرقى يضمن عيشا كريما لكلّ التونسيين ، فالوزير المتصف بهذه الخصال قادر على أن يولّد من وزارته المال الوفير للخزينة ، فيخلق موارد ثروة في شكل مشاريع مثلا: ( تحويل عيد المولد النبوي الشريف إلى مهرجان دولي يستقطب ضيوفا من كلّ بلدان العالم وأكاديميين ، وتبرم فيه ندوات وورشات عمل وتعرض فيه عروضا موسيقية ومسرحية ورياضية ذات صلة بالمولد النبوي ، أليس ذلك ممكنا ؟ كذلك جعل القيروان مركزا ثقافيا دوليا فيه مراكز بحوث و...) ، هذا ليس بالصعب ولا المستحيل ، مثلما يمكن بعث مشاريع رياضية وثقافية واقتصادية في مناطق الشريط الحدودي ، تخلق الثروة وتشغّل الشباب الجامعي المتخرج ، هذا ممكن وليس مستحيلا ، ويمكن إنجازه في وقت وجيز. كما يمكن بعث شركة وطنية للخدمات تكون لها فروع على شكل سوق مركزية وفي داخلها إدارة ، البناء في شكل بوكس واسع على مساحة محددة مجهزّ بكلّ أدوات السلامة والخدمات ، تُعرض فيه منتوجات الفلاحين والصناعيين للبيع بالتقسيط ، مواد غذائية ملابس أدوات مدرسية ومواد تجميل أكل مواد تنظيف..

إقالة والي القيروان ، صرامة القيادة وإصرارها على إنجاز المشاريع :

لقد كان خبر إقالة والي القيروان السابق مفرحا لكلّ الأهالي ، فهذا الرجل عمل واليا لمدّة تقارب الخمس سنوات، ولكنّه أخفق في عديد المجالات والمشاريع ، وما زاد الطين بلّة تأجيل مشروع مستشفى الملك سلمان الذي بإهماله له حرم المواطنين من نعمة الخدمات الصحية لأهالي القيروان وما جاورها من الولايات ، فالناس يتنقلون إلى المصحات في القيروان وسوسة وينفقون الأموال  وهُمْ غالبا في ظروف اجتماعية بائسة ، ولم يفلح في إنجاز ترميم صومعة جامع عقبة بن نافع المتصدّعة منذ سنوات، ولم يفلح في جلب الماء للمدارس الابتدائية في أرياف المدينة، ولا إصلاح بناءاتها المتصدّعة ولا بناء أسوار تحميها، ولا ترميم مقام الإمام سحنون الذي تحيط به الزبالة في صمت واحتقار لمعلم تاريخي يجلب كلّ يوم الزّوار من بلدان العالم، وكذلك مقام الفقيه عرفة بن مخلوف الشابي في وسط المدينة ، وقد كتبنا عديد المقالات ونبّهنا إلى خطورة الوضع ولكن لم يستجب ذاك الرّجل للنداءات وهي تتعلّق بمهامه ، إضافة إلى انتشار ظاهرة السرقات وخاصة في المدينة العتيقة ونشكر جهود رجال الأمن ومحاولاتهم صدّ هذه الظواهر التي أصبحت تشكّلا مصدر إزعاج وخوف لدى المواطنين، كلّ من سيغادر بيته في سفر أو قضاء حاجة يكون مهدّدا بالسرقة في أسرع من لمح البصر، كذلك انتشار الأفيونات وبيع الخمر خلسة وانتشار الشعوذة .. إضافة إلى مشاكل الماء والعلف عند الفلاحين، وبيروقراطية الإدارة والتعطيل، هذه حقائق مذهلة يرويها كلّ المتساكنين ويعرفونها. فحياتهم ممزوجة بالغلاء والحيرة والعجز والفقر والخوف والإحباط . ورغم بشاعة الحال فالكل متفاؤلون .