إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قرقنة: ثروات مهملة ومشاكل بالجملة

بقلم:هشام الحاجي(*)

يحظى أرخبيل قرقنة بصيت إيجابي وهو الذي يمتلك إمكانيات هامة طبيعيا علاوة على ما يعرف به أهله من انفتاح. ولكن يمثل الأرخبيل تجسيدا لتخبط منوال التنمية في تونس منذ الاستقلال والذي تحول مع الأيام إلى عجز مزمن  من النمو السليم وأفرز حالة من الهجانة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على مختلف مناحي الحياة. تعاقبت السنوات وتوالت الجمهوريات وتعددت المقاربات دون أن يتحقق الإختراق التنموي المأمول في قرقنة وهو ما جعل المنجز ضعيفا يكاد لا يتجاوز نقطة الانطلاق. لا شيء يقيم الدليل على تأثير مرور الزمن في قرقنة إلا إضافة سفينة مرة كل عشرية تقريبا إلى أسطول شركة النقل التي تضمن النقل بين صفاقس وقرقنة ولكن ذلك لم يحل دون إيجاد حل نهائي لمعضلة النقل البحري الذي يبقى رهينة العوامل المناخية التي غالبا ما تكون سببا في عزل قرقنة عن اليابسة ساعات وأحيانا أياما. هذا يحيل إلى أمرين وهما دعوة أبناء وبنات قرقنة لإنشاء جسر يربط قرقنة بصفاقس وإلى فتح ملف الجودة والسلامة في أسطول الشركة الجديدة للنقل بقرقنة. هناك أصوات تتعالى منذ عقود بضرورة البحث عن نماذج أخرى للبواخر التي يقع اقتناؤها حتى يمكن توفير القدرة على مواجهة أفضل للمناخ خاصة في فصل الشتاء علاوة على أن تتالي تعطل السفن لأسباب فنية يثير أكثر من سؤال حول كفاءة الإطار البشري وحول ما يتردد من خضوع الشركة للمحاباة في الانتداب. واضح أن صرامة أكبر خاصة في ما يتعلق باحترام معايير السلامة في السفرات الرابطة بين صفاقس وقرقنة تبدو أكثر من ضرورية. الخدمات الصحية تبقى أيضا معضلة كبرى في قرقنة خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الوضعيات الطارئة والخطيرة لأن التنقل لصفاقس يرتهن لسفرات " اللود " التي تنقطع باكرا في الشتاء والتي تضيع وقتا يمكن أن يكون ثمنه حياة أشخاص لا ذنب لهم إلا أن مرضهم أو تعرضهم لمكروه تزامن مع وجودهم في قرقنة. 

تعاني قرقنة أيضا من شبه غياب لمؤسسات الدولة رغم ما يبذله رجال الأمن و الحرس من جهود واضحة ولكن معتمد قرقنة خير التواري عن الأنظار وأصبح غيابه مثيرا لأكثر من سؤال خاصة وأن الكثيرين من أبناء و بنات قرقنة يشيرون إلى أنه لا يظهر الا لوضع العصا في العجلة خاصة في بعث المشاريع أو نشاط الشباب والجمعيات وهناك تبرم كبير من انعدام الأداء من معتمد قرقنة .وهناك أيضا غياب لافت لمصالح الرقابة الإقتصادية وهو ما أدى إلى انفلات في الأسعار لم تسلم منه حتى المواد المسعرة. 

الخدمات السياحية مقبولة إجمالا ولكن البنية الأساسية السياحية لم تتطور بشكل يجعلها تواكب الطلب ويمكن أن تخلق ديناميكية إيجابية في التنمية. ويبدو أن قرقنة في حاجة إلى أن تفكر الدولة في مستقبل السياحة فيها بطريقة لا تقضي على ما تمتلكه من خصائص ولا تؤثر سلبيا على توازناتها الإيكولوجية الهشة .هناك أيضا حالة من النمو العمراني الذي يمثل دليلا على التمسك بالجذور ولكنه نمو من أهم انعكاساته بداية تلاشي النمط المعماري التقليدي ....

طبعا لا يمكن الحديث عن قرقنة والقرقني عموما دون الحديث عن البحر ولا يمكن أن نتوقف عند الهجرة السرية دون أن نعرج على قرقنة وهذا ما سنعود إليه في مقال مستقل. 

*اعلامي وبرلماني سابق 

قرقنة: ثروات مهملة ومشاكل بالجملة

بقلم:هشام الحاجي(*)

يحظى أرخبيل قرقنة بصيت إيجابي وهو الذي يمتلك إمكانيات هامة طبيعيا علاوة على ما يعرف به أهله من انفتاح. ولكن يمثل الأرخبيل تجسيدا لتخبط منوال التنمية في تونس منذ الاستقلال والذي تحول مع الأيام إلى عجز مزمن  من النمو السليم وأفرز حالة من الهجانة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على مختلف مناحي الحياة. تعاقبت السنوات وتوالت الجمهوريات وتعددت المقاربات دون أن يتحقق الإختراق التنموي المأمول في قرقنة وهو ما جعل المنجز ضعيفا يكاد لا يتجاوز نقطة الانطلاق. لا شيء يقيم الدليل على تأثير مرور الزمن في قرقنة إلا إضافة سفينة مرة كل عشرية تقريبا إلى أسطول شركة النقل التي تضمن النقل بين صفاقس وقرقنة ولكن ذلك لم يحل دون إيجاد حل نهائي لمعضلة النقل البحري الذي يبقى رهينة العوامل المناخية التي غالبا ما تكون سببا في عزل قرقنة عن اليابسة ساعات وأحيانا أياما. هذا يحيل إلى أمرين وهما دعوة أبناء وبنات قرقنة لإنشاء جسر يربط قرقنة بصفاقس وإلى فتح ملف الجودة والسلامة في أسطول الشركة الجديدة للنقل بقرقنة. هناك أصوات تتعالى منذ عقود بضرورة البحث عن نماذج أخرى للبواخر التي يقع اقتناؤها حتى يمكن توفير القدرة على مواجهة أفضل للمناخ خاصة في فصل الشتاء علاوة على أن تتالي تعطل السفن لأسباب فنية يثير أكثر من سؤال حول كفاءة الإطار البشري وحول ما يتردد من خضوع الشركة للمحاباة في الانتداب. واضح أن صرامة أكبر خاصة في ما يتعلق باحترام معايير السلامة في السفرات الرابطة بين صفاقس وقرقنة تبدو أكثر من ضرورية. الخدمات الصحية تبقى أيضا معضلة كبرى في قرقنة خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الوضعيات الطارئة والخطيرة لأن التنقل لصفاقس يرتهن لسفرات " اللود " التي تنقطع باكرا في الشتاء والتي تضيع وقتا يمكن أن يكون ثمنه حياة أشخاص لا ذنب لهم إلا أن مرضهم أو تعرضهم لمكروه تزامن مع وجودهم في قرقنة. 

تعاني قرقنة أيضا من شبه غياب لمؤسسات الدولة رغم ما يبذله رجال الأمن و الحرس من جهود واضحة ولكن معتمد قرقنة خير التواري عن الأنظار وأصبح غيابه مثيرا لأكثر من سؤال خاصة وأن الكثيرين من أبناء و بنات قرقنة يشيرون إلى أنه لا يظهر الا لوضع العصا في العجلة خاصة في بعث المشاريع أو نشاط الشباب والجمعيات وهناك تبرم كبير من انعدام الأداء من معتمد قرقنة .وهناك أيضا غياب لافت لمصالح الرقابة الإقتصادية وهو ما أدى إلى انفلات في الأسعار لم تسلم منه حتى المواد المسعرة. 

الخدمات السياحية مقبولة إجمالا ولكن البنية الأساسية السياحية لم تتطور بشكل يجعلها تواكب الطلب ويمكن أن تخلق ديناميكية إيجابية في التنمية. ويبدو أن قرقنة في حاجة إلى أن تفكر الدولة في مستقبل السياحة فيها بطريقة لا تقضي على ما تمتلكه من خصائص ولا تؤثر سلبيا على توازناتها الإيكولوجية الهشة .هناك أيضا حالة من النمو العمراني الذي يمثل دليلا على التمسك بالجذور ولكنه نمو من أهم انعكاساته بداية تلاشي النمط المعماري التقليدي ....

طبعا لا يمكن الحديث عن قرقنة والقرقني عموما دون الحديث عن البحر ولا يمكن أن نتوقف عند الهجرة السرية دون أن نعرج على قرقنة وهذا ما سنعود إليه في مقال مستقل. 

*اعلامي وبرلماني سابق