أطفال يعانون في صمت، يطاردهم كابوس الاعتداءات الجنسية سواء في الفضاء الأسري أو المدرسي أو في الشارع، إشعارات ترد بشكل يومي على مندوبي حماية الطفولة تعلم عن تعرض طفل في مكان ما الى اعتداء جنسي ذلك ما سجل ارتفاعا في حالات الاعتداء وفق احصائيات رسمية.
وهذه الاعتداءات الجنسية تظل كابوسا راسخا في ذهن الطفل على مدى حياته، إذ لا يشفى الضحية من آثار الاعتداء الجنسي إلا في حال خضع للعلاج بصفة مبكرة.
آخر الاعتداءات أعلنت عنها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ حيث تم تلقي إشعارا بخصوص شبهة تعرضّ طفل قاصر إلى الاستغلال الجنسي من قبل أحد الأجوار وخشية عدد من متساكني المنطقة من إمكانيّة استغلال هذا الطفل كوسيط قصد التغرير بغيره من الأطفال القصّر بادروا بالابلاغ عن الحادثة.
وقد تولّى المندوب الجهوي لحماية الطفولة المختصّ ترابيّا التعهّد الفوريّ بالإشعار والاستماع للطفل، وهو من مواليد سنة 2010، رفقة والدته قصد حمايته كضحيّة وضمان مصلحته الفضلى.
كما تعهّدت الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل مرجع النظر بالبحث والتحريّ وتمّ اتّخاذ التساخير القانونيّة اللازمة وتأمين التعهّد النفسي بالطفل من قبل أخصائية نفسانيّة وإعلام قاضي الأسرة الذي قرّر تعيين جلسة ليوم 29 أوت الجاري وإلزام الأم بأخذ الاحتياطات اللازمة لعدم تواصل ابنها مع المشتبه به والمواظبة على حصص التعهد الطبي النفسي.
وفي وقت سابق أعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أنّ مندوب حماية الطفولة بقابس تعهّد فوريّا بفتاة تبلغ من العمر 16 سنة كانت قد اتّصلت بالمصالح الأمنيّة للإشعار باحتجازها وسوء معاملتها من قبل والدتها وصديقها وفق إفاداتها.
وقد تم على الفور التأكد الميدانيّ من صحة المعطيات وتبيّن وجود الطفلة الضحيّة رفقة أختها وأخيها القصّر وكانت محتجزة ومشدودة الوثاق بربط سلسلة على رقبتها مقفلة بمغلاق حديدي وتبدو عليها آثار العنف على مستوى اليدين والرجلين.
وأكدت الوزارة أن الضحيّة صرّحت لمندوب حماية الطفولة بتعرضها للاعتداء بالعنف الشديد من قبل والدتها وصديقها الكهل الذي تحرش بها جنسيا في عديد المناسبات وفق أقوالها.
وقد أذنت النيابة العمومية للجهة الأمنية المتعهدة بالموضوع بالاحتفاظ بالأم واستدعاء صديقها للبحث ومباشرة محضر بحث موضوعه احتجاز قاصر ممن له النظر وسوء معاملتها.
ونظرا لضرورة عدم فصل الأخوة الثلاث ، فالأخ بالغ من العمر 8 سنوات ويدرس بالسنة الثانية ابتدائي والأخت الثانية تبلغ من العمر 10 سنوات وتدرس بالسنة الثالثة ابتدائي ولاستحالة إيوائهم بمركز الرعاية الاجتماعية بسيدي بوزيد نظرا لقبوله جنس الإناث فقط، قرّر مندوب حماية الطفولة المختصّ ترابيّا عملا بأحكام الفصل 45 من مجلة حماية الطفل إيداعهم لدى إحدى أفراد عائلتهم التي قبلت بإيوائهم في ظروف تضمن سلامتهم وتوازنهم النفسي إلى حين النظر في وضعيتهم.
وفي وقت سابق كشفت وزارة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السن، في بلاغ لها أنّ المندوب الجهوي لحماية الطّفولة المختصّ ترابيّا تعهّد بإشعار متعلّق بشبهة تحرّش جنسي لأب، بإحدى ولايات الجمهوريّة، على ابنته القاصر (12 سنة) وذلك منذ أن كان عمرها 5 سنوات.
ونظرا لدرجة خطورة وضعيّة التهديد تمّ في الإبّان بالتنسيق مع قاضي الأسرة، بموجب تدبير عاجل، فصل الطفلة عن والدها وإيوائها صحبة شقيقها القاصر بإحدى المؤسسات الرّعائيّة بالجهة، كما تمّ التعهّد بالتنسيق مع قسم الطبّ النفسي للأطفال بالجهة بمتابعة الوضعية النفسية للضحيّة.
وتولت مصالح المندوبية الجهوية لحماية الطّفولة إعلام النّيابة العموميّة من أجل فتح تحقيق في شبهة التحرش الجنسي على معنى الفصل 25 من مجلة حماية الطّفل والفصلين 3 و226 من القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة والطّفل.
الفضاء الأسري مصدر للتهديد..
أكدت المؤشرات والأرقام التي كشفها التقرير الاحصائيّ لمندوبي حماية الطفولة أنّ العائلة هي المصدر الأول للإشعارات حول حالات التهديد المسلطة على الطفل بنسبة 58 بالمائة، وانّ أغلب التهديدات التي يتعرض لها الطفل ويتم الاشعار حولها تقع في الوسط الأسري بنسبة 60 بالمائة من مجموع الإشعارات.
وبلغت نسبة الإشعارات المتعلّقة بعجز الأبوين وتقصيرهما في الرعاية والتربية 50,9% سنة 2021، فيما قُدّرت نسبة اعتياد سوء معاملة الطفل بـــ 22.3% سنة 2021.
وبلغت الإشعارات المتعلقة بالعنف المعنوي سنة 2021 نسبة 42 بالمائة والعنف الجسدي 41 بالمائة والعنف الجنسي 17 بالمائة، وعلى مستوى الجنس فقد كشف التقرير ان الذكورهم أكثر عرضة من الإناث للعنف الجسدي بنسبة 47 بالمائة سنتي 2020 و2021، فيما تتعرض الإناث أكثر من الذكور إلى العنف الجنسي بنسبة 24% خلال نفس الفترة، أمّا العنف المعنوي فقد سجل نسبا متقاربة بين الجنسين بمعدّل 42 بالمائة.
ولئن كشف هذه الاحصائيات حقيقة مفزعة عن مصدر التهديد الأول للطفل ولكن أثبتت كذلك أبحاث أمنية وَملفات قضائية هذه الحقيقة المؤلمة حيث سبق وأن حدثت خلال شهر ماي 2020 واقعة تقشعر لها الأبدان تمثلت في محاولة اب بالمهدية اغتصاب طفلته البالغة من العمر 14سنة وسبق له أيضا ان اقدم على اغتصاب ابنته الكبرى التي كانت تبلغ من العمر 17 عاما.
حادثة أخرى لا تقل فظاعة عن سابقتها حدثت أواخر شهر ماي من سنة 2021 تمثلت في تعمد اب بمنطقة قرمبالية من ولاية نابل َاحتجاز ابنته القاصر وتقييدها بسلسلة حديدية وتهديدها بالقتل، بسبب خلافات عائلية بينهما.
هذه الانتهاكات التي ترتكب في حق بعض الأطفال من قبل أسرهم لم يفضحها تقرير مندوب حماية الطفولة فقط ولا القضايا المنشورة أمام المحاكم بل كذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دورا في كشف جزء من تلك التجاوزات وسوء المعاملة التي يعاني منها بعض الأطفال ففي شهر اوت 2021 كان رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا فيديو صادم لامرأة كانت بصدد الإلقاء بطفلتها الصغيرة بكل قوة على أرضية الطريق العام.
ارتفاع ضحايا الاغتصاب..
بلغ عدد ضحايا الاتجار بالبشر في تونس سنة 2020 الذي سجلته الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص بالاستناد إلى بيانات وزارة الداخلية ومندوبية حماية الطفولة والمنظمات ذات الصلة، 907 حالة أكثر من نصفها من الأطفال.
وقالت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص روضة العبيدي على هامش اجتماع لها خصص لعرض تقريرها السنوي لمكافحة الاتجار بالأشخاص لسنة 2020 ان 52 بالمائة من إجمالي ضحايا الاتجار بالبشر هم من الأطفال حيث بلغ عددهم 452 طفلا.
وشهد الاستغلال الجنسي للأطفال ارتفاعا سنة 2020 بنسبة 32 بالمائة مقارنة بسنة 2019.
وكشف التقرير أن عدد ضحايا الاستغلال الجنسي من الأطفال تضاعف قرابة ثلاث مرات حيث مرّ من 103 حالة في 2019 إلى 289 حالة في 2020.
وتنامت ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال سنة 2020 بنسبة 180 بالمائة مقارنة بسنة 2019.
القانون ..
يعتبر الاعتداء الجنسي انتهاكا للحرمة الجسدية والمعنوية وشكلا من أشكال العنف الجنسي الذي عرفه القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة بأنه "كل فعل أو قول يهدف مرتكبه إلى إخضاع المرأة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية باستخدام الإكراه أو التغرير أو الضغط وغيرها من وسائل إضعاف وسلب الإرادة وذلك بغض النظر عن علاقة الفاعل بالضحية".
وقد بادر المشرع التونسي بتجريم التحرش الجنسي بموجب الفصل 226 ثالثا من المجلة الجزائية وفقا للقانون عدد 73 لسنة 2004 المؤرخ في 2 أوت 2004. غير أن عزوف الضحية على تتبع الجناة من أجل ارتكابهم لهذه الجريمة في ظل صعوبة إثباتها وإمكانية تتبع الضحية في صورة الحكم بعدم سماع الدعوى من جهة وارتفاع نسب التحرش الجنسي التي بلغت 78% حسب احصائيات البحث الميداني المجرى من طرف ديوان الأسرة والعمران البشري خلال سنة 2010، جعل المشرع يتدخل مرة ثانية بموجب القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المذكور لإعادة تعريف الجريمة كما يلي: "ويعتبر تحرشا جنسيا كل اعتداء على الغير بالأفعال أو الإشارات أو الأقوال تتضمن إيحاءات جنسية تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغبات المعتدي أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغط خطير عليه من شأنه إضعاف قدرته على التصدي لتلك الضغوط."
ويعاقب القانون على جريمة التحرش الجنسي بالسجن مدة عامين أو بخطية قدرها خمسة آلاف دينار.
ويضاعف العقاب إذا كان الضحية طفلا، أو إذا كان الفاعل من أصول أو فروع الضحية من أي طبقة، أو إذا كانت للفاعل سلطة على الضحية أو استغل نفوذ وظيفه، أو إذا سهل ارتكاب الجريمة حالة استضعاف الضحية الظاهرة أو المعلومة من الفاعل.
"أحكي ..ما تخبّيش"..
تحت شعار "أحكي ..ما تخبّيش" نظمت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن خلال شهر جوان الماضي بالشراكة مع جمعية "صون" ورشات توعوية نموذجيّة للوقاية من الاعتداءات الجنسية لفائدة أولياء وأطفال المركز المندمج للشباب والطفولة برادس أمّنها فريق من الأخصائيين النفسانيين والمربين والمكونين في مجالات التواصل والمعلوماتيّة.
وتندرج هذه المبادرة في إطار الجهود التي تبذلها الوزارة لتعزيز آليّات التعهّد والإحاطة بالأطفال مكفولي الدولة وأوليائهم وتنمية قدراتهم على التوقّي من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر لا سيّما في الفضاء الافتراضي وعبر وسائل التواصل الرقميّ.
وتضمنت هذه التظاهرة التحسيسيّة ورشة أولى للمراهقين لتوعيتهم بمخاطر الابتزاز الجنسي عبر الأنترنات ومخاطر الاعتداءات الجنسية التي يمكن ان يتعرض لها الأطفال القصّر في أماكن مختلفة من الفضاءات العامة والخاصّة وكيفية التوقّي منها مع التأكيد على واجب الإشعار والتعريف بقنواته وأساليبه.
كما تمّ تنظيم ورشة ثانية للأولياء من أجل دعم قدراتهم على التواصل بشكل أفضل مع الأطفال حول المواضيع التي تخص التربية الجنسية وكيفية الكشف المبكر والتوقي من الاعتداءات الجنسيّة.
مفيدة القيزاني
تونس-الصباح
أطفال يعانون في صمت، يطاردهم كابوس الاعتداءات الجنسية سواء في الفضاء الأسري أو المدرسي أو في الشارع، إشعارات ترد بشكل يومي على مندوبي حماية الطفولة تعلم عن تعرض طفل في مكان ما الى اعتداء جنسي ذلك ما سجل ارتفاعا في حالات الاعتداء وفق احصائيات رسمية.
وهذه الاعتداءات الجنسية تظل كابوسا راسخا في ذهن الطفل على مدى حياته، إذ لا يشفى الضحية من آثار الاعتداء الجنسي إلا في حال خضع للعلاج بصفة مبكرة.
آخر الاعتداءات أعلنت عنها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ حيث تم تلقي إشعارا بخصوص شبهة تعرضّ طفل قاصر إلى الاستغلال الجنسي من قبل أحد الأجوار وخشية عدد من متساكني المنطقة من إمكانيّة استغلال هذا الطفل كوسيط قصد التغرير بغيره من الأطفال القصّر بادروا بالابلاغ عن الحادثة.
وقد تولّى المندوب الجهوي لحماية الطفولة المختصّ ترابيّا التعهّد الفوريّ بالإشعار والاستماع للطفل، وهو من مواليد سنة 2010، رفقة والدته قصد حمايته كضحيّة وضمان مصلحته الفضلى.
كما تعهّدت الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل مرجع النظر بالبحث والتحريّ وتمّ اتّخاذ التساخير القانونيّة اللازمة وتأمين التعهّد النفسي بالطفل من قبل أخصائية نفسانيّة وإعلام قاضي الأسرة الذي قرّر تعيين جلسة ليوم 29 أوت الجاري وإلزام الأم بأخذ الاحتياطات اللازمة لعدم تواصل ابنها مع المشتبه به والمواظبة على حصص التعهد الطبي النفسي.
وفي وقت سابق أعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أنّ مندوب حماية الطفولة بقابس تعهّد فوريّا بفتاة تبلغ من العمر 16 سنة كانت قد اتّصلت بالمصالح الأمنيّة للإشعار باحتجازها وسوء معاملتها من قبل والدتها وصديقها وفق إفاداتها.
وقد تم على الفور التأكد الميدانيّ من صحة المعطيات وتبيّن وجود الطفلة الضحيّة رفقة أختها وأخيها القصّر وكانت محتجزة ومشدودة الوثاق بربط سلسلة على رقبتها مقفلة بمغلاق حديدي وتبدو عليها آثار العنف على مستوى اليدين والرجلين.
وأكدت الوزارة أن الضحيّة صرّحت لمندوب حماية الطفولة بتعرضها للاعتداء بالعنف الشديد من قبل والدتها وصديقها الكهل الذي تحرش بها جنسيا في عديد المناسبات وفق أقوالها.
وقد أذنت النيابة العمومية للجهة الأمنية المتعهدة بالموضوع بالاحتفاظ بالأم واستدعاء صديقها للبحث ومباشرة محضر بحث موضوعه احتجاز قاصر ممن له النظر وسوء معاملتها.
ونظرا لضرورة عدم فصل الأخوة الثلاث ، فالأخ بالغ من العمر 8 سنوات ويدرس بالسنة الثانية ابتدائي والأخت الثانية تبلغ من العمر 10 سنوات وتدرس بالسنة الثالثة ابتدائي ولاستحالة إيوائهم بمركز الرعاية الاجتماعية بسيدي بوزيد نظرا لقبوله جنس الإناث فقط، قرّر مندوب حماية الطفولة المختصّ ترابيّا عملا بأحكام الفصل 45 من مجلة حماية الطفل إيداعهم لدى إحدى أفراد عائلتهم التي قبلت بإيوائهم في ظروف تضمن سلامتهم وتوازنهم النفسي إلى حين النظر في وضعيتهم.
وفي وقت سابق كشفت وزارة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السن، في بلاغ لها أنّ المندوب الجهوي لحماية الطّفولة المختصّ ترابيّا تعهّد بإشعار متعلّق بشبهة تحرّش جنسي لأب، بإحدى ولايات الجمهوريّة، على ابنته القاصر (12 سنة) وذلك منذ أن كان عمرها 5 سنوات.
ونظرا لدرجة خطورة وضعيّة التهديد تمّ في الإبّان بالتنسيق مع قاضي الأسرة، بموجب تدبير عاجل، فصل الطفلة عن والدها وإيوائها صحبة شقيقها القاصر بإحدى المؤسسات الرّعائيّة بالجهة، كما تمّ التعهّد بالتنسيق مع قسم الطبّ النفسي للأطفال بالجهة بمتابعة الوضعية النفسية للضحيّة.
وتولت مصالح المندوبية الجهوية لحماية الطّفولة إعلام النّيابة العموميّة من أجل فتح تحقيق في شبهة التحرش الجنسي على معنى الفصل 25 من مجلة حماية الطّفل والفصلين 3 و226 من القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة والطّفل.
الفضاء الأسري مصدر للتهديد..
أكدت المؤشرات والأرقام التي كشفها التقرير الاحصائيّ لمندوبي حماية الطفولة أنّ العائلة هي المصدر الأول للإشعارات حول حالات التهديد المسلطة على الطفل بنسبة 58 بالمائة، وانّ أغلب التهديدات التي يتعرض لها الطفل ويتم الاشعار حولها تقع في الوسط الأسري بنسبة 60 بالمائة من مجموع الإشعارات.
وبلغت نسبة الإشعارات المتعلّقة بعجز الأبوين وتقصيرهما في الرعاية والتربية 50,9% سنة 2021، فيما قُدّرت نسبة اعتياد سوء معاملة الطفل بـــ 22.3% سنة 2021.
وبلغت الإشعارات المتعلقة بالعنف المعنوي سنة 2021 نسبة 42 بالمائة والعنف الجسدي 41 بالمائة والعنف الجنسي 17 بالمائة، وعلى مستوى الجنس فقد كشف التقرير ان الذكورهم أكثر عرضة من الإناث للعنف الجسدي بنسبة 47 بالمائة سنتي 2020 و2021، فيما تتعرض الإناث أكثر من الذكور إلى العنف الجنسي بنسبة 24% خلال نفس الفترة، أمّا العنف المعنوي فقد سجل نسبا متقاربة بين الجنسين بمعدّل 42 بالمائة.
ولئن كشف هذه الاحصائيات حقيقة مفزعة عن مصدر التهديد الأول للطفل ولكن أثبتت كذلك أبحاث أمنية وَملفات قضائية هذه الحقيقة المؤلمة حيث سبق وأن حدثت خلال شهر ماي 2020 واقعة تقشعر لها الأبدان تمثلت في محاولة اب بالمهدية اغتصاب طفلته البالغة من العمر 14سنة وسبق له أيضا ان اقدم على اغتصاب ابنته الكبرى التي كانت تبلغ من العمر 17 عاما.
حادثة أخرى لا تقل فظاعة عن سابقتها حدثت أواخر شهر ماي من سنة 2021 تمثلت في تعمد اب بمنطقة قرمبالية من ولاية نابل َاحتجاز ابنته القاصر وتقييدها بسلسلة حديدية وتهديدها بالقتل، بسبب خلافات عائلية بينهما.
هذه الانتهاكات التي ترتكب في حق بعض الأطفال من قبل أسرهم لم يفضحها تقرير مندوب حماية الطفولة فقط ولا القضايا المنشورة أمام المحاكم بل كذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دورا في كشف جزء من تلك التجاوزات وسوء المعاملة التي يعاني منها بعض الأطفال ففي شهر اوت 2021 كان رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا فيديو صادم لامرأة كانت بصدد الإلقاء بطفلتها الصغيرة بكل قوة على أرضية الطريق العام.
ارتفاع ضحايا الاغتصاب..
بلغ عدد ضحايا الاتجار بالبشر في تونس سنة 2020 الذي سجلته الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص بالاستناد إلى بيانات وزارة الداخلية ومندوبية حماية الطفولة والمنظمات ذات الصلة، 907 حالة أكثر من نصفها من الأطفال.
وقالت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص روضة العبيدي على هامش اجتماع لها خصص لعرض تقريرها السنوي لمكافحة الاتجار بالأشخاص لسنة 2020 ان 52 بالمائة من إجمالي ضحايا الاتجار بالبشر هم من الأطفال حيث بلغ عددهم 452 طفلا.
وشهد الاستغلال الجنسي للأطفال ارتفاعا سنة 2020 بنسبة 32 بالمائة مقارنة بسنة 2019.
وكشف التقرير أن عدد ضحايا الاستغلال الجنسي من الأطفال تضاعف قرابة ثلاث مرات حيث مرّ من 103 حالة في 2019 إلى 289 حالة في 2020.
وتنامت ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال سنة 2020 بنسبة 180 بالمائة مقارنة بسنة 2019.
القانون ..
يعتبر الاعتداء الجنسي انتهاكا للحرمة الجسدية والمعنوية وشكلا من أشكال العنف الجنسي الذي عرفه القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة بأنه "كل فعل أو قول يهدف مرتكبه إلى إخضاع المرأة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية باستخدام الإكراه أو التغرير أو الضغط وغيرها من وسائل إضعاف وسلب الإرادة وذلك بغض النظر عن علاقة الفاعل بالضحية".
وقد بادر المشرع التونسي بتجريم التحرش الجنسي بموجب الفصل 226 ثالثا من المجلة الجزائية وفقا للقانون عدد 73 لسنة 2004 المؤرخ في 2 أوت 2004. غير أن عزوف الضحية على تتبع الجناة من أجل ارتكابهم لهذه الجريمة في ظل صعوبة إثباتها وإمكانية تتبع الضحية في صورة الحكم بعدم سماع الدعوى من جهة وارتفاع نسب التحرش الجنسي التي بلغت 78% حسب احصائيات البحث الميداني المجرى من طرف ديوان الأسرة والعمران البشري خلال سنة 2010، جعل المشرع يتدخل مرة ثانية بموجب القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المذكور لإعادة تعريف الجريمة كما يلي: "ويعتبر تحرشا جنسيا كل اعتداء على الغير بالأفعال أو الإشارات أو الأقوال تتضمن إيحاءات جنسية تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغبات المعتدي أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغط خطير عليه من شأنه إضعاف قدرته على التصدي لتلك الضغوط."
ويعاقب القانون على جريمة التحرش الجنسي بالسجن مدة عامين أو بخطية قدرها خمسة آلاف دينار.
ويضاعف العقاب إذا كان الضحية طفلا، أو إذا كان الفاعل من أصول أو فروع الضحية من أي طبقة، أو إذا كانت للفاعل سلطة على الضحية أو استغل نفوذ وظيفه، أو إذا سهل ارتكاب الجريمة حالة استضعاف الضحية الظاهرة أو المعلومة من الفاعل.
"أحكي ..ما تخبّيش"..
تحت شعار "أحكي ..ما تخبّيش" نظمت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن خلال شهر جوان الماضي بالشراكة مع جمعية "صون" ورشات توعوية نموذجيّة للوقاية من الاعتداءات الجنسية لفائدة أولياء وأطفال المركز المندمج للشباب والطفولة برادس أمّنها فريق من الأخصائيين النفسانيين والمربين والمكونين في مجالات التواصل والمعلوماتيّة.
وتندرج هذه المبادرة في إطار الجهود التي تبذلها الوزارة لتعزيز آليّات التعهّد والإحاطة بالأطفال مكفولي الدولة وأوليائهم وتنمية قدراتهم على التوقّي من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر لا سيّما في الفضاء الافتراضي وعبر وسائل التواصل الرقميّ.
وتضمنت هذه التظاهرة التحسيسيّة ورشة أولى للمراهقين لتوعيتهم بمخاطر الابتزاز الجنسي عبر الأنترنات ومخاطر الاعتداءات الجنسية التي يمكن ان يتعرض لها الأطفال القصّر في أماكن مختلفة من الفضاءات العامة والخاصّة وكيفية التوقّي منها مع التأكيد على واجب الإشعار والتعريف بقنواته وأساليبه.
كما تمّ تنظيم ورشة ثانية للأولياء من أجل دعم قدراتهم على التواصل بشكل أفضل مع الأطفال حول المواضيع التي تخص التربية الجنسية وكيفية الكشف المبكر والتوقي من الاعتداءات الجنسيّة.