إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل تجاوزت تونس الحصار المالي المضروب عليها ؟

 

 

بقلم: نوفل سلامة

*اليوم رغم أن هناك تفسيرا لا يرجح فرضية تعرض الدولة التونسية منذ حصول منعرج 25 جويلية 2021 إلى حصار مالي من قبل دول مؤثرة عالميا ويعتبر أن ما حصل من فشل مع صندوق النقد الدولي بخصوص القرض المطلوب الحصول عليه وقيمته 1.9 مليون أورو يعود بالأساس إلى فشل الحكومة في التفاوض مع الجهة الدولية

بعد المنعرج السياسي الحاسم لحراك 25 جويلية 2021 الذي غير كامل المشهد السياسي وانهى مرحلة الثورة التونسية وأوقف مسار الانتقال الديمقراطي وحكم الأحزاب السياسية وتجربة التوافق وتجربة النظام البرلماني.. كان كل الحديث منصبا على البناء السياسي الجديد وعلى تحسين الوضع الاجتماعي الذي تضرر كثيرا طيلة عشرية الثورة وتدارك حالة المالية العمومية التي عرفت تراجعا كبيرا وثقوبا في الميزانيات السنوية تطلب معها البحث عن مصادر تمويل إضافية لسدها واكراهات جمة فرضت اللجوء الاضطراري إلى التداين الخارجي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة وصعوبات في تعبئة حزينة الدولة بالسيولة اللازمة للإيفاء بالتزاماتها تجاه مزوديها وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين من مواد غذائية وفلاحية وطاقية.. وقد رافق هذه الوضعية الحرجة لحالة الاقتصاد التونسي خطاب تشاؤمي يروج إلى قرب إفلاس الدولة وحديث عن عجز كبير في ميزانيتها وحديث آخر عن قرب تصنيفنا من قبل المؤسسات المالية العالمية ضمن الدول ذات المخاطر العالية في عدم قدرتها عن سداد ديونها وعدم قدرتها على مواصلة الإيفاء بنفقاتها العمومية ودفع أجور الموظفين في أوقاتها وعدم قدرتها على توفير المنتجات الضرورية لعيش المواطنين.

وقد رافق هذا التقييم السلبي لحالة الاقتصاد التونسي وحالة المالية العمومية الحرجة حديث عن صعوبات تعترض الدولة التونسية في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمكنها من الحصول على قرض مالي يخفف عنها الأعباء المالية المتراكمة ويزيل عنها بعض الحرج الذي تلاقيه في الاستجابة إلى طلبات الشعب وتسوية وضعيتها المالية مع مزوديها وخاصة الأجانب منهم وكان هذا الحديث حول القرض المرتقب وصعوبات التفاوض حوله يطرح مسألة الشروط التي يطالب بها صندوق النقد الدولي والمتعلقة أساسا برفع الدعم عن المواد الأساسية وفي مقدمتها رفع الدعم عن الخبز والمواد الغذائية وعن المواد الطاقية وإيقاف الانتدابات في الوظيفة العمومية والتوقف عن الزيادة في الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية التي يشكو جزءا منها عجزا ماليا و تعرف صعوبات في تسييرها و تمثل عبئا ماليا ثقيلا على حزينة الدولة .

وقد أرجع تعثر الوصول إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي إلى رفض الرئيس قيس سعيد الرضوخ إلى الإملاءات والشروط المقدمة وعدم الاقتناع بمقاربته في معالجة الوضع الحرج للمالية العمومية والحلول المقدمة للخروج من الأزمة والمطالبة بمقاربة أخرى تجنب الدولة التونسية اتباع نفس الشروط التي يقدمها الصندوق في كل مرة إلى كل الدول التي تتعرض إلى مثل الصعوبات التي تعرفها تونس واعتبار أنه ليس من حق هذه المؤسسة المالية العالمية فرض سياساتها على الدولة التونسية وتقديم الحلول التي يجب على حد تعبير الرئيس قيس سعيد أن تكون نابعة من الداخل وتونسية بحتة.. وقد شهدت مرحلة التعثر هذه تطبيق الحكومة التونسية سياسة التقشف الحذرة أو برنامج التقشف غير المعلن الذي ولإن تسبب في حصول نقص في المواد الأساسية وندرة المنتجات من الأسواق وحصول حالة من الاضطراب في الأسواق والمحلات التجارية التي عرفت نقصا كبيرا في الكثير من المواد الغذائية إلا أنها مكنت الدولة التونسية من إدارة شؤونها المالية بمفردها ومن خلال مواردها الذاتية المتأتية أساسا من عائدات السياحة وتحويلات عمالنا بالخارج التي عرفت ارتفاعا ملحوظا زيادة على التحكم في التوريد بعد التخلي عن جلب الكثير من البضائع التي يمكن الاستغناء عنها ظرفيا لتوفير العملة الصعبة وعدم هدرها في شراء منتجات غير مؤثرة في حياة المواطن وهذه السياسة مكنت الحكومة من تسديد ديونها التي حل أجلها وفوائضها وهي مسألة مهمة لا يتحدث عنها بالقدر الكافي خاصة وأن تعثر تسريح القرض المرتقب وعدم الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى الذي يرجى من ورائه إرجاع الثقة في التعامل مع الدولة التونسية حتى تخرج على الأسواق العالمية وتتمكن من الاقتراض بكل سهولة قد تزامن مع ما اعتبر حصارا ماليا واقتصادا قد ضرب على الدولة التونسية بسبب الملف السياسي والموقف من حل البرلمان وحل الحكومة وإنهاء العمل بدستور سنة 2014 وما فهم من خلال الصعوبات التي تلقاها الحكومة التونسية في التوصل إلى حل مع صندوق النقد الدولي وأن ممانعة وفيتو قد رفع في وجه الدولة التونسية حال دونها و الحصول على قروض ثنائية صغيرة من شأنها أن تحقق شيئا من الانفراج وأن حصارا ماليا قد ضرب على تونس لمزيد اضعافها وإحراجها حتى تستجيب للاملاءات والشروط والتوصيات.

الجديد اليوم بعد تمكن الدولة التونسية من الحصول على قرض من المملكة العربية السعودية قيمته 400 مليون دولار ومنحة بقيمة 100 مليون دولار وعلى دعم مالي أوروبي للميزانية في إطار الاتفاق مع الأوروبيين حول موضوع الهجرة غير النظامية قيمته 150 مليون أورو ودعم آخر قبل نهاية هذه السنة بقيمة 700 مليون أورو إلى جانب وعود مالية أخرى من جهات عديدة بدأ الحديث عن نجاح المقاربة التونسية في كسر ما اعتبر حصارا أمريكي وأوروبي منذ 2021 لمنع تونس من الحصول على أي دعم مالي من أي جهة كانت أو تمويلات مالية من خارج الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والجهات المالية المانحة.

اليوم رغم أن هناك تفسيرا لا يرجح فرضية تعرض الدولة التونسية منذ حصول منعرج 25 جويلية 2021 إلى حصار مالي من قبل دول مؤثرة عالميا ويعتبر أن ما حصل من فشل مع صندوق النقد الدولي بخصوص القرض المطلوب الحصول عليه وقيمته 1.9 مليون أورو يعود بالأساس إلى فشل الحكومة في التفاوض مع الجهة الدولية وعدم قدرتها على اقناعه برؤية الرئيس قيس سعيد ومقاربته في التعامل مع صندوق النقد الدولي، رغم هذا التقليل من فرضية الحصار المالي الأجنبي على تونس إلا أن ما حصل في المدة الأخيرة من حصول تونس على جملة من القروض وإن لم تكن بالحجم الكبير إلا أنها نفيد أن السياسة التونسية قد نجحت في التعاطي مع الاكراهات الداخلية بكثير من الصعوبات والتضحيات ونجحت في سداد ديونها من دون اقتراض جديد وبمواردها الذاتية ونجحت أكثر في كسر ما اعتبر حصارا ماليا كان قد ضرب عليها منذ سنة 2021 بسبب الملف السياسي والملف الاجتماعي.

والسؤال المطروح هل أن الذي نعيشه من تحول في التعاطي مع الشأن الداخلي هو متنفس ظرفي أم بداية مرحلة جديدة وانفراج تام نحو تعافي الوضع المالي وتخطي عقبة النظام المالي العالمي الذي يطالب الجميع بتغييره والتخلي عنه نحو إرساء منظومة مالية عالمية جديدة لا تهيمن عليها أمريكا بمفردها ؟

 

 

 

 

هل تجاوزت تونس الحصار المالي المضروب عليها ؟

 

 

بقلم: نوفل سلامة

*اليوم رغم أن هناك تفسيرا لا يرجح فرضية تعرض الدولة التونسية منذ حصول منعرج 25 جويلية 2021 إلى حصار مالي من قبل دول مؤثرة عالميا ويعتبر أن ما حصل من فشل مع صندوق النقد الدولي بخصوص القرض المطلوب الحصول عليه وقيمته 1.9 مليون أورو يعود بالأساس إلى فشل الحكومة في التفاوض مع الجهة الدولية

بعد المنعرج السياسي الحاسم لحراك 25 جويلية 2021 الذي غير كامل المشهد السياسي وانهى مرحلة الثورة التونسية وأوقف مسار الانتقال الديمقراطي وحكم الأحزاب السياسية وتجربة التوافق وتجربة النظام البرلماني.. كان كل الحديث منصبا على البناء السياسي الجديد وعلى تحسين الوضع الاجتماعي الذي تضرر كثيرا طيلة عشرية الثورة وتدارك حالة المالية العمومية التي عرفت تراجعا كبيرا وثقوبا في الميزانيات السنوية تطلب معها البحث عن مصادر تمويل إضافية لسدها واكراهات جمة فرضت اللجوء الاضطراري إلى التداين الخارجي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة وصعوبات في تعبئة حزينة الدولة بالسيولة اللازمة للإيفاء بالتزاماتها تجاه مزوديها وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين من مواد غذائية وفلاحية وطاقية.. وقد رافق هذه الوضعية الحرجة لحالة الاقتصاد التونسي خطاب تشاؤمي يروج إلى قرب إفلاس الدولة وحديث عن عجز كبير في ميزانيتها وحديث آخر عن قرب تصنيفنا من قبل المؤسسات المالية العالمية ضمن الدول ذات المخاطر العالية في عدم قدرتها عن سداد ديونها وعدم قدرتها على مواصلة الإيفاء بنفقاتها العمومية ودفع أجور الموظفين في أوقاتها وعدم قدرتها على توفير المنتجات الضرورية لعيش المواطنين.

وقد رافق هذا التقييم السلبي لحالة الاقتصاد التونسي وحالة المالية العمومية الحرجة حديث عن صعوبات تعترض الدولة التونسية في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمكنها من الحصول على قرض مالي يخفف عنها الأعباء المالية المتراكمة ويزيل عنها بعض الحرج الذي تلاقيه في الاستجابة إلى طلبات الشعب وتسوية وضعيتها المالية مع مزوديها وخاصة الأجانب منهم وكان هذا الحديث حول القرض المرتقب وصعوبات التفاوض حوله يطرح مسألة الشروط التي يطالب بها صندوق النقد الدولي والمتعلقة أساسا برفع الدعم عن المواد الأساسية وفي مقدمتها رفع الدعم عن الخبز والمواد الغذائية وعن المواد الطاقية وإيقاف الانتدابات في الوظيفة العمومية والتوقف عن الزيادة في الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية التي يشكو جزءا منها عجزا ماليا و تعرف صعوبات في تسييرها و تمثل عبئا ماليا ثقيلا على حزينة الدولة .

وقد أرجع تعثر الوصول إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي إلى رفض الرئيس قيس سعيد الرضوخ إلى الإملاءات والشروط المقدمة وعدم الاقتناع بمقاربته في معالجة الوضع الحرج للمالية العمومية والحلول المقدمة للخروج من الأزمة والمطالبة بمقاربة أخرى تجنب الدولة التونسية اتباع نفس الشروط التي يقدمها الصندوق في كل مرة إلى كل الدول التي تتعرض إلى مثل الصعوبات التي تعرفها تونس واعتبار أنه ليس من حق هذه المؤسسة المالية العالمية فرض سياساتها على الدولة التونسية وتقديم الحلول التي يجب على حد تعبير الرئيس قيس سعيد أن تكون نابعة من الداخل وتونسية بحتة.. وقد شهدت مرحلة التعثر هذه تطبيق الحكومة التونسية سياسة التقشف الحذرة أو برنامج التقشف غير المعلن الذي ولإن تسبب في حصول نقص في المواد الأساسية وندرة المنتجات من الأسواق وحصول حالة من الاضطراب في الأسواق والمحلات التجارية التي عرفت نقصا كبيرا في الكثير من المواد الغذائية إلا أنها مكنت الدولة التونسية من إدارة شؤونها المالية بمفردها ومن خلال مواردها الذاتية المتأتية أساسا من عائدات السياحة وتحويلات عمالنا بالخارج التي عرفت ارتفاعا ملحوظا زيادة على التحكم في التوريد بعد التخلي عن جلب الكثير من البضائع التي يمكن الاستغناء عنها ظرفيا لتوفير العملة الصعبة وعدم هدرها في شراء منتجات غير مؤثرة في حياة المواطن وهذه السياسة مكنت الحكومة من تسديد ديونها التي حل أجلها وفوائضها وهي مسألة مهمة لا يتحدث عنها بالقدر الكافي خاصة وأن تعثر تسريح القرض المرتقب وعدم الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى الذي يرجى من ورائه إرجاع الثقة في التعامل مع الدولة التونسية حتى تخرج على الأسواق العالمية وتتمكن من الاقتراض بكل سهولة قد تزامن مع ما اعتبر حصارا ماليا واقتصادا قد ضرب على الدولة التونسية بسبب الملف السياسي والموقف من حل البرلمان وحل الحكومة وإنهاء العمل بدستور سنة 2014 وما فهم من خلال الصعوبات التي تلقاها الحكومة التونسية في التوصل إلى حل مع صندوق النقد الدولي وأن ممانعة وفيتو قد رفع في وجه الدولة التونسية حال دونها و الحصول على قروض ثنائية صغيرة من شأنها أن تحقق شيئا من الانفراج وأن حصارا ماليا قد ضرب على تونس لمزيد اضعافها وإحراجها حتى تستجيب للاملاءات والشروط والتوصيات.

الجديد اليوم بعد تمكن الدولة التونسية من الحصول على قرض من المملكة العربية السعودية قيمته 400 مليون دولار ومنحة بقيمة 100 مليون دولار وعلى دعم مالي أوروبي للميزانية في إطار الاتفاق مع الأوروبيين حول موضوع الهجرة غير النظامية قيمته 150 مليون أورو ودعم آخر قبل نهاية هذه السنة بقيمة 700 مليون أورو إلى جانب وعود مالية أخرى من جهات عديدة بدأ الحديث عن نجاح المقاربة التونسية في كسر ما اعتبر حصارا أمريكي وأوروبي منذ 2021 لمنع تونس من الحصول على أي دعم مالي من أي جهة كانت أو تمويلات مالية من خارج الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والجهات المالية المانحة.

اليوم رغم أن هناك تفسيرا لا يرجح فرضية تعرض الدولة التونسية منذ حصول منعرج 25 جويلية 2021 إلى حصار مالي من قبل دول مؤثرة عالميا ويعتبر أن ما حصل من فشل مع صندوق النقد الدولي بخصوص القرض المطلوب الحصول عليه وقيمته 1.9 مليون أورو يعود بالأساس إلى فشل الحكومة في التفاوض مع الجهة الدولية وعدم قدرتها على اقناعه برؤية الرئيس قيس سعيد ومقاربته في التعامل مع صندوق النقد الدولي، رغم هذا التقليل من فرضية الحصار المالي الأجنبي على تونس إلا أن ما حصل في المدة الأخيرة من حصول تونس على جملة من القروض وإن لم تكن بالحجم الكبير إلا أنها نفيد أن السياسة التونسية قد نجحت في التعاطي مع الاكراهات الداخلية بكثير من الصعوبات والتضحيات ونجحت في سداد ديونها من دون اقتراض جديد وبمواردها الذاتية ونجحت أكثر في كسر ما اعتبر حصارا ماليا كان قد ضرب عليها منذ سنة 2021 بسبب الملف السياسي والملف الاجتماعي.

والسؤال المطروح هل أن الذي نعيشه من تحول في التعاطي مع الشأن الداخلي هو متنفس ظرفي أم بداية مرحلة جديدة وانفراج تام نحو تعافي الوضع المالي وتخطي عقبة النظام المالي العالمي الذي يطالب الجميع بتغييره والتخلي عنه نحو إرساء منظومة مالية عالمية جديدة لا تهيمن عليها أمريكا بمفردها ؟