إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"ثلاثي تقسيم" و"ثلاثي جبران" في عرض استثنائي بقرطاج .. حين تتجاوز الموسيقى الضجيج وتبلغ الروح وشغاف القلوب!

تونس- الصباح
 
حفل استثنائي بكل المقاييس ليلة أول أمس بقرطاج مع"ثلاثي تقسيم" و"ثلاثي جبران"، وما من شك في أن الجمهور كان يتمنى لو خصص لكل مجموعة عرض لكل وان يتمتع بمهارات وعبقرية العازفين سواء الفلسطينيين أو الأتراك.. أن يتمتع أكثر بتفاني مجموعتين اتخذتا الموسيقى منهجا وأسلوب حياة.. المدارج ليلة الإثنين غصت بعاشقي العود و"جنون" "ثلاثي جبران" عبر أوتاره، كما الموسيقى الغجرية التركية، والأغنياء عن التعريف ملك الكلارينات حسنو وعازف القانون المتفرد هايتتش و"الفلتة" على ٱلة الساز إسماعيل.. الملفت للانتباه هو أن الكثير ممن واكبوا العرض لم يتوقعوا أن الموسيقى الٱلية بعيدا عن الصخب والضجيج تحظى باهتمام وشغف جماهير واسعة..لم يتوقعوا أن خبر تأجيل الحفل (منذ 4من الشهر الجاري) نتيجة أسباب مناخية قد نزل كالصاعقة على الكثيرين نظرا لالتزامات كانت وراء تخلفهم عن عرض أكثر من رائع.. جمهور قرطاج ليلة أول أمس اثبت كذلك أن الجمهور التونسي يضم مختلف الأذواق والثقافات وهو عبارة عن "موزاييك" من الميولات الموسيقية.. كان راقيا الى أبعد الحدود وتفاعل مع العزف طيلة الحفل بأذن"سميع"..لا تصفيق عشوائي ولا خروج عن النص بل كان عنصرا بارزا في العرض مساهما في نجاحه من خلال التناغم التام مع النجوم الفلسطينيين والأتراك..
 
"الثلاثي تقسيم".."ثلاثي مجنون"
 
البداية كانت مع مجموعة "ثلاثي تقسيم" من تركيا، مع إسماعيل وهايتتش وحسنو التي جمعتهم الصداقة منذ سنوات الطفولة، مجموعة اقتصرت على ثلاث ٱلات وهي الكلارينات والقانون والساز ( أكبر من البزق وأصغر من العود).. ٱلات وعزف متفرد وعبقري حد الجنون كانت كفيلة بأن تأخذ الجمهور من الشرق العربي الى شرق ٱسيا ثم العبور من البحر الابيض المتوسط وتحديدا تونس من خلال عزف "ٱه ودعوني" للفنانة الراحلة صليحة بحرفية عالية وتمكن كبير من المقامات لامست القلب وسحرت الوجدان..ثم السفر من جديد واستئناف الرحلة في أعماق الشرق مع رائعة كوكبه أم كلثوم وألحان"الف ليلة وليلة" ..ساعة من الزمن تقريبا تحملك الى عوالم سحرية وتجعلك تتمنى مواصلة العرض الى ما لا نهاية.. شعور لا يمكن ان يدركه كل من تخلف عن مواكبة متعة العزف والحرفية العالية لنجوم الحفل.. الى جانب نبوغه و"صولواته" التي لا حدود لها، فإن الفقرة التي شدت انتباه الحضور هو ذاك الصوت الشجي الرخيم لعازف الساز إسماعيل وتمكنه الواضح من العزف كما الغناء..يحعلك تشعر كأنك بصدد حضرة في لقاء صوفي أو مواكبة أجواء غجرية تحملك الى عوالم من التساؤلات الفلسفية والوجودية رغم صعوبة الألفاظ.. إن ما أضاف الى الحفل ألقا ومتعة هو ذلك التناغم الكبير مع آلتي القانون والكلارينات حيث أبدع كل من حسنو وهايتاتش في جميع ارتجالاتهما وأضفا على العرض أبعادا موسيقية وجمالية تجعلك لا تتردد لحظة في موافقة من لقبهم بـ"الثلاثي المجنون".. ثم من منا لا يدرك مواهب هاتاتش رفيق درب حسنو وإسماعيل وتعامله مع أبرز النجوم العربية بعد أن وصل الى مستوى في غاية الحرفية يسمح له بأن يتقن جميع المعزوفات والاغاني بأسلوب متفرد قلما تجده عند عازف قانون آخر..
 
عبقرية "ثلاثي جبران" ودرويش نجم من نجوم الحفل
 
"كل هذا الزنبق السحري لي.. بالزنبق امتلأ الهواء كان موسيقى ستصدح كل شيء يصطفي معنى ويرسل فائض المعنى إلي..أنا المعافى الٱن أولد هكذا من كل شيء.." بهذه الكلمات الخالدة وتحت تصفيق متواصل من الجمهور انطلق عرض"ثلاثي جبران" ليعيش حالة فنية متفردة في الجزء الثاني من عرض ليلة أول أمس..وبعد أشعار درويش التي رافقت المجموعة طيلة عقود ولا تزال في كل رحالاتها أطل الثلاثي كل عازف معانق عوده فرقة عازفي الإيقاع حبيب الإيراني ويوسف الفلسطيني ليعلن اكبر الإخوة أنه جاء برسالة من الشعب الفلسطيني الذي يكن كل المحبة للتونسيين و"أن المهرجانات تعرف بصخبها لكن صخب هذه الأمسية سيتمتع بالحب واللحن والأمل" .. وقد كان أمينا في رسالته الى جمهور جاء خصيصا للاستمتاع بألحان شرقية بلغت صداها القلوب كأن المجموعة تحمل رسائل وطنية من خلال كلمات درويش الذي تكرر حضوره في أغلب فقرات العرض وكان إلقاؤه الشعر جزءا لا يتجزأ من مقاطع ساحرة تجلت من خلال البحث الموسيقي المعمق ودلالات جوهر الموسيقى الشرقية التي تعجز الكلمات عن وصفها.. وطبعا ليست المرة الاولى التي ترك الإخوة جبران الجمهور متعطشا للمزيد من إبداعهم اللامحدود ورقيهم الفني فضلا عن تقاسيم العود التي تمثل أرواحهم وتجسد قضية الفلسطينيين.. ولعل الكثير من الارتجال على المسرح كان مساهما في ذلك التفاعل اللامشروط مع الحضور كأن الفضاء تؤمنه فرقة فحسب.. مع "ثلاثي جبران" لا يمكنك التفريق بين القائد وبقية المجموعة وإن تكونت من ثلاثة عازفي عود..متساوون في عزفهم ومهراتهم وحسهم الموسيقي المرهف والعميق عمق الموهبة والاجتهاد .. أبناء فلسطين طيلة ثلاثة عشر عاما كان رفيقهم في نضالهم الفكري والثقافي الشاعر الكبير شاعر القضية الفلسطينية بامتياز محمود درويش ليكون العنصر البارز في صقل مواهبهم وتعمقهم في البحوث الموسيقية التي كانت وراء ترحالهم في كامل أرجاء العالم والعزف بأعرق المسارح..
 
وليد عبداللاوي
 

 

"ثلاثي تقسيم" و"ثلاثي جبران" في عرض استثنائي بقرطاج .. حين تتجاوز الموسيقى الضجيج وتبلغ الروح وشغاف القلوب!
تونس- الصباح
 
حفل استثنائي بكل المقاييس ليلة أول أمس بقرطاج مع"ثلاثي تقسيم" و"ثلاثي جبران"، وما من شك في أن الجمهور كان يتمنى لو خصص لكل مجموعة عرض لكل وان يتمتع بمهارات وعبقرية العازفين سواء الفلسطينيين أو الأتراك.. أن يتمتع أكثر بتفاني مجموعتين اتخذتا الموسيقى منهجا وأسلوب حياة.. المدارج ليلة الإثنين غصت بعاشقي العود و"جنون" "ثلاثي جبران" عبر أوتاره، كما الموسيقى الغجرية التركية، والأغنياء عن التعريف ملك الكلارينات حسنو وعازف القانون المتفرد هايتتش و"الفلتة" على ٱلة الساز إسماعيل.. الملفت للانتباه هو أن الكثير ممن واكبوا العرض لم يتوقعوا أن الموسيقى الٱلية بعيدا عن الصخب والضجيج تحظى باهتمام وشغف جماهير واسعة..لم يتوقعوا أن خبر تأجيل الحفل (منذ 4من الشهر الجاري) نتيجة أسباب مناخية قد نزل كالصاعقة على الكثيرين نظرا لالتزامات كانت وراء تخلفهم عن عرض أكثر من رائع.. جمهور قرطاج ليلة أول أمس اثبت كذلك أن الجمهور التونسي يضم مختلف الأذواق والثقافات وهو عبارة عن "موزاييك" من الميولات الموسيقية.. كان راقيا الى أبعد الحدود وتفاعل مع العزف طيلة الحفل بأذن"سميع"..لا تصفيق عشوائي ولا خروج عن النص بل كان عنصرا بارزا في العرض مساهما في نجاحه من خلال التناغم التام مع النجوم الفلسطينيين والأتراك..
 
"الثلاثي تقسيم".."ثلاثي مجنون"
 
البداية كانت مع مجموعة "ثلاثي تقسيم" من تركيا، مع إسماعيل وهايتتش وحسنو التي جمعتهم الصداقة منذ سنوات الطفولة، مجموعة اقتصرت على ثلاث ٱلات وهي الكلارينات والقانون والساز ( أكبر من البزق وأصغر من العود).. ٱلات وعزف متفرد وعبقري حد الجنون كانت كفيلة بأن تأخذ الجمهور من الشرق العربي الى شرق ٱسيا ثم العبور من البحر الابيض المتوسط وتحديدا تونس من خلال عزف "ٱه ودعوني" للفنانة الراحلة صليحة بحرفية عالية وتمكن كبير من المقامات لامست القلب وسحرت الوجدان..ثم السفر من جديد واستئناف الرحلة في أعماق الشرق مع رائعة كوكبه أم كلثوم وألحان"الف ليلة وليلة" ..ساعة من الزمن تقريبا تحملك الى عوالم سحرية وتجعلك تتمنى مواصلة العرض الى ما لا نهاية.. شعور لا يمكن ان يدركه كل من تخلف عن مواكبة متعة العزف والحرفية العالية لنجوم الحفل.. الى جانب نبوغه و"صولواته" التي لا حدود لها، فإن الفقرة التي شدت انتباه الحضور هو ذاك الصوت الشجي الرخيم لعازف الساز إسماعيل وتمكنه الواضح من العزف كما الغناء..يحعلك تشعر كأنك بصدد حضرة في لقاء صوفي أو مواكبة أجواء غجرية تحملك الى عوالم من التساؤلات الفلسفية والوجودية رغم صعوبة الألفاظ.. إن ما أضاف الى الحفل ألقا ومتعة هو ذلك التناغم الكبير مع آلتي القانون والكلارينات حيث أبدع كل من حسنو وهايتاتش في جميع ارتجالاتهما وأضفا على العرض أبعادا موسيقية وجمالية تجعلك لا تتردد لحظة في موافقة من لقبهم بـ"الثلاثي المجنون".. ثم من منا لا يدرك مواهب هاتاتش رفيق درب حسنو وإسماعيل وتعامله مع أبرز النجوم العربية بعد أن وصل الى مستوى في غاية الحرفية يسمح له بأن يتقن جميع المعزوفات والاغاني بأسلوب متفرد قلما تجده عند عازف قانون آخر..
 
عبقرية "ثلاثي جبران" ودرويش نجم من نجوم الحفل
 
"كل هذا الزنبق السحري لي.. بالزنبق امتلأ الهواء كان موسيقى ستصدح كل شيء يصطفي معنى ويرسل فائض المعنى إلي..أنا المعافى الٱن أولد هكذا من كل شيء.." بهذه الكلمات الخالدة وتحت تصفيق متواصل من الجمهور انطلق عرض"ثلاثي جبران" ليعيش حالة فنية متفردة في الجزء الثاني من عرض ليلة أول أمس..وبعد أشعار درويش التي رافقت المجموعة طيلة عقود ولا تزال في كل رحالاتها أطل الثلاثي كل عازف معانق عوده فرقة عازفي الإيقاع حبيب الإيراني ويوسف الفلسطيني ليعلن اكبر الإخوة أنه جاء برسالة من الشعب الفلسطيني الذي يكن كل المحبة للتونسيين و"أن المهرجانات تعرف بصخبها لكن صخب هذه الأمسية سيتمتع بالحب واللحن والأمل" .. وقد كان أمينا في رسالته الى جمهور جاء خصيصا للاستمتاع بألحان شرقية بلغت صداها القلوب كأن المجموعة تحمل رسائل وطنية من خلال كلمات درويش الذي تكرر حضوره في أغلب فقرات العرض وكان إلقاؤه الشعر جزءا لا يتجزأ من مقاطع ساحرة تجلت من خلال البحث الموسيقي المعمق ودلالات جوهر الموسيقى الشرقية التي تعجز الكلمات عن وصفها.. وطبعا ليست المرة الاولى التي ترك الإخوة جبران الجمهور متعطشا للمزيد من إبداعهم اللامحدود ورقيهم الفني فضلا عن تقاسيم العود التي تمثل أرواحهم وتجسد قضية الفلسطينيين.. ولعل الكثير من الارتجال على المسرح كان مساهما في ذلك التفاعل اللامشروط مع الحضور كأن الفضاء تؤمنه فرقة فحسب.. مع "ثلاثي جبران" لا يمكنك التفريق بين القائد وبقية المجموعة وإن تكونت من ثلاثة عازفي عود..متساوون في عزفهم ومهراتهم وحسهم الموسيقي المرهف والعميق عمق الموهبة والاجتهاد .. أبناء فلسطين طيلة ثلاثة عشر عاما كان رفيقهم في نضالهم الفكري والثقافي الشاعر الكبير شاعر القضية الفلسطينية بامتياز محمود درويش ليكون العنصر البارز في صقل مواهبهم وتعمقهم في البحوث الموسيقية التي كانت وراء ترحالهم في كامل أرجاء العالم والعزف بأعرق المسارح..
 
وليد عبداللاوي
 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews