إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في اليوم الوطني للمرأة التونسية : أي تأثير لسياسة التقشف الاقتصادي في ارتفاع منسوب الخلافات الأسرية وحالات العنف ضد المرأة ؟

 

بقلم: نوفل سلامة

* ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة ويعتبر جديدا في فهم كيف ولماذا تحول العنف ضد المرأة من اعتداء لفظي أو مادي أو حالات تحرش إلى محاولات للقتل ؟ وكيف انتقل الاعتداء من الضرب إلى القتل وازهاق الأرواح البريئة ؟

يأتي هذه المرة الاحتفاء بالذكرى 67 للعيد الوطني للمرأة التونسية الذي يتزامن مع ذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956 في ظروف غير مشرقة للمرأة ومناخ غير مريح لصورة العائلة التونسية ونفسية اجتماعية مقلقة بعد الإعلان عن أرقام مفزعة ومعطيات مخيفة حول حالات العنف الذي تتعرض له المرأة والذي يتوزع بين اللفظي والمعنوي والجسدي والاقتصادي والجنسي وغير ذلك من أشكال العنف الأخرى رغم كل التشريعات التي نفتخر بها ونعتبرها رائدة في العالم العربي وحتى بالنسبة للكثير من دول العالم في إقرار الكثير من الحقوق والمكاسب تحققت بعد نضال مرير وجهد مضن شارك فيه الكثير من أبناء هذا الشعب على مدار سنين عديدة كان آخرها سن القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة وهو من المكاسب الهامة التي تحققت للمرأة التونسية بعد الثورة.

نحتفل هذه السنة بذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية أو مجلة العائلة التونسية كما يحلو للبعض أن يسميها في أجواء غير مطمئنة وكأن لا شيء قد تغير في موضوع العلاقات الزوجية وكأن لا شيء قد أثمر للتقليل من ظاهرة العنف المسلط على المرأة والذي نراه يتزايد من سنة إلى أخرى ورقعته تتسع بطريقة ملفتة ما جعل مراكز إيواء النساء ضحايا العنف تتزايد ليصل عددها إلى حد اليوم 11 مركزا بطاقة استيعاب تقدر بـ 180 سريرا ومن المنتظر أن تفتح مراكز جديدة أخرى في قادم الأيام.

نحتفي هذه السنة بالعيد الوطني للمرأة التونسية وذكرى سن مجلة الأحوال الشخصية تزامنا مع نشر نتائج صادمة لدراسة أعدها الإتحاد الوطني للمرأة التونسية كشفت عن تعرض 25 امرأة للقتل خلال الست أشهر الأخيرة من السنة الحالية  54% منهن زوجات قاتلهن الزوج و 21% أمهات وقاتلهن هو الابن و 8% أخوات و 4% ضد مهاجرات وفتيات لا تربطهن أية صلة قرابة بالمجرم وقد توزعت هذه الجرائم على مختلف جهات البلاد احتلت جهة صفاقس وتونس الصدارة في تحقيق أعلى حالات للقتل بنسبة 18% و 14%.

كما كشفت المعطيات الأخيرة المقدمة من طرف وزارة المرأة والطفولة وكبار السن أنها تلقت خلال الفترة الممتدة بين 25 جوان و 25 جويلية 2023 حوالي 517 إشعارا بحصول أعمال عنف ضد المرأة.

صحيح أن ظاهرة تعرض المرأة للعنف من قبل الرجل سواء أكان أبا أو أخا أو زوجا أو رئيسا في العمل هي ظاهرة عالمية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات مهما بلغ درجة من التحضر والحداثة والتنوير وهي ظاهرة تشترك فيها كذلك كل المجتمعات سواء تلك التي بلغت درجة متقدمة من الديمقراطية وتعرف تقاليد عريقة في مجال حقوق الانسان أو تلك التي لا تعرف حياة ديمقراطية متطورة غير أن المقلق في هذه الظاهرة فيما يحصل لها من ازدياد وتوسع من عام إلى آخر ومواصلتها في التمدد والانتشار. فحسب ما صرح به تقرير صادر عن البنك الدولي فإنه رغم مرور 30 عاما على إقرار الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في سنة 1993 فإن المرأة ما زالت تعاني كثيرا من عنف الرجل وما زالت تواجه مخاطر العنف في المنزل والشارع وفي وسائل النقل والمدرسة وأماكن العمل وفي الفضاء العام حيث يوجد ما يقارب عن 736 مليون امرأة حول العالم تعاني من عنف الشريك الحميم أو العنف الجنسي من غير الشريك.

ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة ويعتبر جديدا في فهم كيف ولماذا تحول العنف ضد المرأة من اعتداء لفظي أو مادي أو حالات تحرش إلى محاولات للقتل ؟ وكيف انتقل الاعتداء من الضرب إلى القتل وازهاق الأرواح البريئة ؟ ما يلفت النظر في هذا التحول الذي تعرفه ظاهرة العنف المسلط على المرأة التونسية والذي انتقل إلى القتل المتعمد فيما كشفت عنه الدراسات الأخيرة التي تناولت الظاهرة من أن السبب الرئيسي للقتل هو وجود خلافات عائلية تتعلق أساسا بشكوك تحوم حول وجود خيانة زوجية وأسباب أخرى تتعلق برفض الطلاق والرغبة في فك الرابطة الزوجية وأسباب أخرى تتعلق بممارسة الشعوذة والرقية الشرعية .

كما كشفت دراسات أخرى على أن أكثر النساء اللاتي تعرضن للعنف والقتل هن من فئة العاطلات عن العمل وفي وضعية هشاشة اجتماعية وأن الظاهرة في طريقها إلى التحول لتصبح ممارسة يومية عادية وواقعا معيشا نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية وتواصل تراجع الوضع الاجتماعي للأسر بعد أن توسع العنف وامتد من المرأة إلى الأطفال وهذا يعني أن الحالة الاقتصادية التي تعرفها البلاد والتي اتسمت بإتباع سياسة التقشف غير المعلن وما رافقها من فقدان الكثير من السلع والبضائع في الأسواق وما تعرفه الأسر من تراجع في مقدرتها المالية التي لم تعد تلبي الحاجيات اليومية الضرورية وما نجم عن ذلك من بروز الكثير من الأزمات غير المتعود عليها في علاقة بصعوبة التزود بالحاجيات العائلية الأمر الذي جعل الأسر تلهث للحصول على ما تحتاجه لضمان العيش وتوفير مستلزمات الحياة الأمر الذي جعل الحياة أكثر صعوبة وجعل كل ذلك ينعكس على نفسية المواطنين وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الزوجين التي بدأ يدب فيها التوتر والخلافات والقلق ومعها بدأ الشجار والعراك المفضي إلى فقدان الأعصاب المهدد بحدوث توترات والمطالبة بحل الرابطة الزوجية سواء بطلب الطلاق أو بممارسة العنف الجسدي الذي وصل إلى حد القتل.

إن ظاهرة ممارسة العنف داخل الفضاء الأسري وما يحدث في البيت من عنف مسلط على المرأة له مداخل عدة منها المدخل الاقتصادي والاجتماعي المتمثل في حصول خلافات حول العجز عن الانفاق وعجز آخر عن توفير الأموال لتلبية حاجيات العائلة نظرا لتراجع المقدرة الشرائية وغلاء المعيشة .. لذلك فان عملا كبيرا ينتظرنا على مستوى الذهنية والعقلية والثقافة والتربية والتنشئة للوصول إلى ثقافة بعيدة عن العنف وحل الخلافات والمشاكل التي تحدث بين الازواج بالابتعاد عن القتل  وعملا كبيرا آخر لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر الذي كثيرا ما يتسبب في خلق مناخ متوتر داخل البيت نتيجة العجز المادي والظروف المعيشية الصعبة التي تنعكس سلبا على نفسية الفاعلين في البيت فيحدث ما لا يحمد عقباه .. اليوم هناك غياب لسياسات تنموية من شأنها أن تخفف من وطأة الحياة وأن تقلل من اكراهات وصعوبات العيش فالمناخات المريحة تنتج حياة مريحة والأوضاع المتوترة تصنع واقعا متشنجا عنيفا.

إن القوانين مهمة وإن التشريعات ضرورية لمعالجة ظاهرة العنف أو القتل الذي تتعرض له المرأة ولكن الأهم من ذلك ايجاد مناخ ووضع اجتماعي واقتصادي مريح يقلل من منسوب واستعمال العنف فالمجتمعات العنيفة هي تلك التي تكون محكومة بواقع صعب وبظروف اقتصادية واجتماعية متوترة ينتجها الفقر والحاجة والهشاشة الاجتماعية والعجز الاجتماعي.

في اليوم الوطني للمرأة التونسية :  أي تأثير لسياسة التقشف الاقتصادي في ارتفاع منسوب الخلافات الأسرية وحالات العنف ضد المرأة ؟

 

بقلم: نوفل سلامة

* ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة ويعتبر جديدا في فهم كيف ولماذا تحول العنف ضد المرأة من اعتداء لفظي أو مادي أو حالات تحرش إلى محاولات للقتل ؟ وكيف انتقل الاعتداء من الضرب إلى القتل وازهاق الأرواح البريئة ؟

يأتي هذه المرة الاحتفاء بالذكرى 67 للعيد الوطني للمرأة التونسية الذي يتزامن مع ذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956 في ظروف غير مشرقة للمرأة ومناخ غير مريح لصورة العائلة التونسية ونفسية اجتماعية مقلقة بعد الإعلان عن أرقام مفزعة ومعطيات مخيفة حول حالات العنف الذي تتعرض له المرأة والذي يتوزع بين اللفظي والمعنوي والجسدي والاقتصادي والجنسي وغير ذلك من أشكال العنف الأخرى رغم كل التشريعات التي نفتخر بها ونعتبرها رائدة في العالم العربي وحتى بالنسبة للكثير من دول العالم في إقرار الكثير من الحقوق والمكاسب تحققت بعد نضال مرير وجهد مضن شارك فيه الكثير من أبناء هذا الشعب على مدار سنين عديدة كان آخرها سن القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة وهو من المكاسب الهامة التي تحققت للمرأة التونسية بعد الثورة.

نحتفل هذه السنة بذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية أو مجلة العائلة التونسية كما يحلو للبعض أن يسميها في أجواء غير مطمئنة وكأن لا شيء قد تغير في موضوع العلاقات الزوجية وكأن لا شيء قد أثمر للتقليل من ظاهرة العنف المسلط على المرأة والذي نراه يتزايد من سنة إلى أخرى ورقعته تتسع بطريقة ملفتة ما جعل مراكز إيواء النساء ضحايا العنف تتزايد ليصل عددها إلى حد اليوم 11 مركزا بطاقة استيعاب تقدر بـ 180 سريرا ومن المنتظر أن تفتح مراكز جديدة أخرى في قادم الأيام.

نحتفي هذه السنة بالعيد الوطني للمرأة التونسية وذكرى سن مجلة الأحوال الشخصية تزامنا مع نشر نتائج صادمة لدراسة أعدها الإتحاد الوطني للمرأة التونسية كشفت عن تعرض 25 امرأة للقتل خلال الست أشهر الأخيرة من السنة الحالية  54% منهن زوجات قاتلهن الزوج و 21% أمهات وقاتلهن هو الابن و 8% أخوات و 4% ضد مهاجرات وفتيات لا تربطهن أية صلة قرابة بالمجرم وقد توزعت هذه الجرائم على مختلف جهات البلاد احتلت جهة صفاقس وتونس الصدارة في تحقيق أعلى حالات للقتل بنسبة 18% و 14%.

كما كشفت المعطيات الأخيرة المقدمة من طرف وزارة المرأة والطفولة وكبار السن أنها تلقت خلال الفترة الممتدة بين 25 جوان و 25 جويلية 2023 حوالي 517 إشعارا بحصول أعمال عنف ضد المرأة.

صحيح أن ظاهرة تعرض المرأة للعنف من قبل الرجل سواء أكان أبا أو أخا أو زوجا أو رئيسا في العمل هي ظاهرة عالمية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات مهما بلغ درجة من التحضر والحداثة والتنوير وهي ظاهرة تشترك فيها كذلك كل المجتمعات سواء تلك التي بلغت درجة متقدمة من الديمقراطية وتعرف تقاليد عريقة في مجال حقوق الانسان أو تلك التي لا تعرف حياة ديمقراطية متطورة غير أن المقلق في هذه الظاهرة فيما يحصل لها من ازدياد وتوسع من عام إلى آخر ومواصلتها في التمدد والانتشار. فحسب ما صرح به تقرير صادر عن البنك الدولي فإنه رغم مرور 30 عاما على إقرار الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في سنة 1993 فإن المرأة ما زالت تعاني كثيرا من عنف الرجل وما زالت تواجه مخاطر العنف في المنزل والشارع وفي وسائل النقل والمدرسة وأماكن العمل وفي الفضاء العام حيث يوجد ما يقارب عن 736 مليون امرأة حول العالم تعاني من عنف الشريك الحميم أو العنف الجنسي من غير الشريك.

ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة ويعتبر جديدا في فهم كيف ولماذا تحول العنف ضد المرأة من اعتداء لفظي أو مادي أو حالات تحرش إلى محاولات للقتل ؟ وكيف انتقل الاعتداء من الضرب إلى القتل وازهاق الأرواح البريئة ؟ ما يلفت النظر في هذا التحول الذي تعرفه ظاهرة العنف المسلط على المرأة التونسية والذي انتقل إلى القتل المتعمد فيما كشفت عنه الدراسات الأخيرة التي تناولت الظاهرة من أن السبب الرئيسي للقتل هو وجود خلافات عائلية تتعلق أساسا بشكوك تحوم حول وجود خيانة زوجية وأسباب أخرى تتعلق برفض الطلاق والرغبة في فك الرابطة الزوجية وأسباب أخرى تتعلق بممارسة الشعوذة والرقية الشرعية .

كما كشفت دراسات أخرى على أن أكثر النساء اللاتي تعرضن للعنف والقتل هن من فئة العاطلات عن العمل وفي وضعية هشاشة اجتماعية وأن الظاهرة في طريقها إلى التحول لتصبح ممارسة يومية عادية وواقعا معيشا نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية وتواصل تراجع الوضع الاجتماعي للأسر بعد أن توسع العنف وامتد من المرأة إلى الأطفال وهذا يعني أن الحالة الاقتصادية التي تعرفها البلاد والتي اتسمت بإتباع سياسة التقشف غير المعلن وما رافقها من فقدان الكثير من السلع والبضائع في الأسواق وما تعرفه الأسر من تراجع في مقدرتها المالية التي لم تعد تلبي الحاجيات اليومية الضرورية وما نجم عن ذلك من بروز الكثير من الأزمات غير المتعود عليها في علاقة بصعوبة التزود بالحاجيات العائلية الأمر الذي جعل الأسر تلهث للحصول على ما تحتاجه لضمان العيش وتوفير مستلزمات الحياة الأمر الذي جعل الحياة أكثر صعوبة وجعل كل ذلك ينعكس على نفسية المواطنين وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الزوجين التي بدأ يدب فيها التوتر والخلافات والقلق ومعها بدأ الشجار والعراك المفضي إلى فقدان الأعصاب المهدد بحدوث توترات والمطالبة بحل الرابطة الزوجية سواء بطلب الطلاق أو بممارسة العنف الجسدي الذي وصل إلى حد القتل.

إن ظاهرة ممارسة العنف داخل الفضاء الأسري وما يحدث في البيت من عنف مسلط على المرأة له مداخل عدة منها المدخل الاقتصادي والاجتماعي المتمثل في حصول خلافات حول العجز عن الانفاق وعجز آخر عن توفير الأموال لتلبية حاجيات العائلة نظرا لتراجع المقدرة الشرائية وغلاء المعيشة .. لذلك فان عملا كبيرا ينتظرنا على مستوى الذهنية والعقلية والثقافة والتربية والتنشئة للوصول إلى ثقافة بعيدة عن العنف وحل الخلافات والمشاكل التي تحدث بين الازواج بالابتعاد عن القتل  وعملا كبيرا آخر لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر الذي كثيرا ما يتسبب في خلق مناخ متوتر داخل البيت نتيجة العجز المادي والظروف المعيشية الصعبة التي تنعكس سلبا على نفسية الفاعلين في البيت فيحدث ما لا يحمد عقباه .. اليوم هناك غياب لسياسات تنموية من شأنها أن تخفف من وطأة الحياة وأن تقلل من اكراهات وصعوبات العيش فالمناخات المريحة تنتج حياة مريحة والأوضاع المتوترة تصنع واقعا متشنجا عنيفا.

إن القوانين مهمة وإن التشريعات ضرورية لمعالجة ظاهرة العنف أو القتل الذي تتعرض له المرأة ولكن الأهم من ذلك ايجاد مناخ ووضع اجتماعي واقتصادي مريح يقلل من منسوب واستعمال العنف فالمجتمعات العنيفة هي تلك التي تكون محكومة بواقع صعب وبظروف اقتصادية واجتماعية متوترة ينتجها الفقر والحاجة والهشاشة الاجتماعية والعجز الاجتماعي.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews