إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وسط دعوات لمراجعة مجلة الأحوال الشخصية.. المرأة التونسية تحتفل بعيدها بين المخاوف والمطالبات

 

 

مطالبة بمراجعة وملاءمة منظومة التشريع الوطني بمختلف مجلاتها مع المعايير الدولية

تونس-الصباح

لم تعد مجلة الأحوال الشخصية ومع ما أتت به من مكتسبات للمرأة التونسية قادرة على مواكبة التحولات والتغيرات التي عاشتها نساء تونس خلال السنوات الأخيرة، وحسب تقييم النسويات والمدافعين والمدافعات على حقوق النساء حان الوقت اليوم وبعد 67 عاما على صدورها إدخال تغييرات وتنقيحات على عدد من فصولها.

وتعتبر نجاة عرعاري الباحث في علم الاجتماع والمتخصصة في قضايا النساء، أن الخطوة التاريخية الوحيدة التي تم اتخاذها من اجل حقوق النساء كانت صدور مجلة الأحوال الشخصية من قبل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة منذ ذلك الوقت لم تسجل أي خطوة في هذا الإطار مكنت التونسيات من حقوقهن أو غيرت من واقعهن. وحتى القانون عدد 58 ورغم أهميته بقي الى غاية اليوم دون آليات تطبيق غير قادر على مكافحة آفة العنف المسلط على النساء.

وأشارت عرعاري الى انه والى غاية لا وجود لمقاربات تنموية واقتصادية واجتماعية وتربوية مبنية على مقاربات النوع الاجتماعي تراعي خصوصية النساء كما ليس هناك أي استراتيجيات حكومية تمنح المرأة ولو حقها الشريعي في الميراث ( الى أن نصل الى المساواة التامة) وتضمن لها ولوج أفضل للعدالة أو تمكنها من فضاء عام امن وطرقات دون خطر التعرض للاعتداء.. وخلصت نجاة عرعاري الى ما ينقص هو التعامل الجدي مع ظاهرة العنف المسلط على النساء اليوم والذي هو في الأصل عنف مهدد للمجتمع برمته وبمختلف تركيباته. ونبهت الى ان الدولة مطالبة اليوم بمعالجة جذرية لظاهرة العنف والطريقة الأمثل حسب رأيها تكون بتركيز دوائر قضائية متخصصة في العنف ضد النساء.

وبالعودة إلى وضع المرأة التونسية في عيدها الوطني الموافق لكل 13 أوت من كل سنة، نجد أن الصورة تحمل وجهين متناقضين. فمن ناحية يقوم الخطاب الرسمي على وضعية الإنكار وعدم الاعتراف بما تواجهه النساء من خطر، اقتصادي واجتماعي ونفسي وجسدي.. وسنويا تؤثث الاحتفالات بصور وردية على النساء وقصص نجاح وبرامج تمكين واحتفالات وتسمية لشوارع بأسماء رائدات في مجالات عملهن وبصدور عدد من الطوابع البريدية لعاملات أو فلاحات أو ناشطات وحقوقيات وسياسيات ونقابيات.. في المقابل تكشف الأرقام والإحصائيات عن وضع "مفزع" للنساء تأتي فيها الاحتفالية ملونة بدماء ضحايا العنف والتقتيل حسب ما جاء في بيان جبهة المساواة وحقوق النساء التي تضم أكثر من 16 منظمة وجمعية وعدد من الناشطات والحقوقيات.

ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفع عدد جرائم تقتيل النساء عن السنة الماضية فبعد تسجيل ما يزيد عن حالة قتل شهريا وعدد ضحايا في حدود 15 امرأة سنة 2022، ارتفع العدد منذ بدية السنة الجارية ليبغ 19 ضحية الى حدود الشهر التاسع من 2023. وتكشف العديد من الإحصائيات والدراسات أن أكثر من نصف نساء تونس هن ضحايا عنف (53 %) وتقول الدراسة الوطنية حول العنف المسلط على النساء في الفضاء العام أن ثلثي (2/3) نساء تونس قد تعرضن ولو مرة واحدة لشكل من أشكال العنف لفظي، نفسي، جسدي، جنسي..

ويسجل تطور واضح في معدلات العنف المسلط على المرأة وتظهر الأرقام التي نشرتها مؤخرا وزارة الأسرة والمرأة والطفل وكبار السن ارتفاعا في عدد الإشعارات حول العنف المسلط على النساء أين سجل شهر جويلية لوحده 216 إشعارا أي بمعدل 7 حالات اعتداءات يومية.

وتتعدد مظاهر العنف الاقتصادي الذي تواجهه النساء في تونس، فالفقر مؤنث، أين تبلغ نسبة البطالة في صفوف النساء 23.8% في يكون المعدل الوطني اقل بخمس أو ست نقاط، وتكون الوضعية لدى حاملات الشهائد وخريجات الجامعات أكثر حدة أين تصل معدلات البطالة في صفوفهن الى 40.7 %، وهو ما يدفعهن الى العمل الهش وغير المهيكل. وفي الأوساط الريفية تمثل النساء 76% من القوة العاملة الزراعية (المعدل العالمي يمثل 50%) وكثيرا ما يتقاضين نصف أجر الرجل.

وتصنف تونس في مراتب الدول الأخيرة حسب التقرير العالمي للمساواة بين الجنسين فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتحتل المرتبة 126 على 156 دولة بالنسبة لكيفية توزيع الموارد وتكافؤ الفرص بين النساء والرجال، كما صُنّفتْ في المرتبة 144 فيما يتعلّقُ بالمشاركة والفرص الاقتصادية.

وكانت محطة مراجعة القانون الانتخابي وإلغاء مبدأ التناصف من ابرز مظاهر انتهاك حقوق النساء في الولوج الى مناصب سياسية وفي نفاذها الى مواقع اخذ القرار، ذلك أن نظام الاقتراع على الأفراد لم يأخذ بعين الاعتبار البيئة الاجتماعية التي تقصي النساء كما عكس تخلى الدولة ومؤسساتها عن دورها في تعزيز تشريك النساء في الحياة العامة.

وتوصي في إطار احتفالية عيد المرأة منظمات المجتمع المدني والمدافعون والمدافعات على حقوق النساء، بمراجعة وملاءمة منظومة التشريع الوطني بمختلف مجالاتها مع المعايير الدولية بما يضمن المساواة والقضاء على كل أشكال التمييز، وأولها تعديل مجلة الأحوال الشخصية لتتلاءم مع المواثيق الدّولية المصادق عليها وفي مقدمتها الاتفاقية الدّولية للقضاء على التمييز ضد المرأة، وذلك عبر إلغاء المهر وجعل رئاسة العائلة مشتركة للزوجين وإلغاء التمييز على أساس الدين في النسب واللقب والحضانة والولاية والإرث.

وتشدد في بيانها الصادر أمس جبهة المساواة وحقوق النساء على ضرورة مراجعة التشريعات الوطنية المتعلّقة بحماية الأمومة بما يضمن المساواة بين العاملات في القطاع الخاصّ مع نظيراتها في الوظيفة العمومية والقطاع العام والمصادقة على اتّفاقية العمل الدولية عدد 183 الخاصّة بحماية الأمومة والتعجيل بتفعيل التدابير اللاّزمة لتطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 وتفعيل بروتوكول أكتوبر 2016 المتعلق بنقل العاملات في المجال الفلاحي، ووضع نصوص ترتيبية المتعلقة بقانون الاقتصاد التضامني والاجتماعي عدد 30 لسنة 2020، وقانون 3 جويلية 31 المتعلق بتنظيم العمل المنزل. ويكون ذلك مع مراجعة منظومة التغطية الاجتماعية بما يحمي النساء من الهشاشة الاقتصادية ويضمن كرامتهن.

كما نصت التوصيات على احترام مقتضيات قواعد مانديلا وقواعد بانكوك المتعلقة بمعاملة النساء الموقوفات والسجينات وخاصة منهن المحكومات بالإعدام -المصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل وبتخصيص الميزانيات الواضحة والكافية للتعهد العمومي بالنساء ضحايا العنف ومرافقتهن الشاملة ومتعددة القطاعات. هذا فضلا عن وضع إستراتيجية للتصدي للفقر وتهميش النساء والجهات ووضع منوال تنمية ضامن للعدالة الاجتماعية والكرامة ومنتج للثروة ودامج للنساء المعطلات وإقرار وتفعيل مبدأ التناصف الأفقي والعمودي في القانون الانتخابي وتيسير سبل نفاذ النساء الى مواقع القرار داخل الهيئات والمجالس المنتخبة وغير المنتخبة في الداخل والخارج.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 وسط دعوات لمراجعة مجلة الأحوال الشخصية..   المرأة التونسية تحتفل بعيدها بين المخاوف والمطالبات

 

 

مطالبة بمراجعة وملاءمة منظومة التشريع الوطني بمختلف مجلاتها مع المعايير الدولية

تونس-الصباح

لم تعد مجلة الأحوال الشخصية ومع ما أتت به من مكتسبات للمرأة التونسية قادرة على مواكبة التحولات والتغيرات التي عاشتها نساء تونس خلال السنوات الأخيرة، وحسب تقييم النسويات والمدافعين والمدافعات على حقوق النساء حان الوقت اليوم وبعد 67 عاما على صدورها إدخال تغييرات وتنقيحات على عدد من فصولها.

وتعتبر نجاة عرعاري الباحث في علم الاجتماع والمتخصصة في قضايا النساء، أن الخطوة التاريخية الوحيدة التي تم اتخاذها من اجل حقوق النساء كانت صدور مجلة الأحوال الشخصية من قبل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة منذ ذلك الوقت لم تسجل أي خطوة في هذا الإطار مكنت التونسيات من حقوقهن أو غيرت من واقعهن. وحتى القانون عدد 58 ورغم أهميته بقي الى غاية اليوم دون آليات تطبيق غير قادر على مكافحة آفة العنف المسلط على النساء.

وأشارت عرعاري الى انه والى غاية لا وجود لمقاربات تنموية واقتصادية واجتماعية وتربوية مبنية على مقاربات النوع الاجتماعي تراعي خصوصية النساء كما ليس هناك أي استراتيجيات حكومية تمنح المرأة ولو حقها الشريعي في الميراث ( الى أن نصل الى المساواة التامة) وتضمن لها ولوج أفضل للعدالة أو تمكنها من فضاء عام امن وطرقات دون خطر التعرض للاعتداء.. وخلصت نجاة عرعاري الى ما ينقص هو التعامل الجدي مع ظاهرة العنف المسلط على النساء اليوم والذي هو في الأصل عنف مهدد للمجتمع برمته وبمختلف تركيباته. ونبهت الى ان الدولة مطالبة اليوم بمعالجة جذرية لظاهرة العنف والطريقة الأمثل حسب رأيها تكون بتركيز دوائر قضائية متخصصة في العنف ضد النساء.

وبالعودة إلى وضع المرأة التونسية في عيدها الوطني الموافق لكل 13 أوت من كل سنة، نجد أن الصورة تحمل وجهين متناقضين. فمن ناحية يقوم الخطاب الرسمي على وضعية الإنكار وعدم الاعتراف بما تواجهه النساء من خطر، اقتصادي واجتماعي ونفسي وجسدي.. وسنويا تؤثث الاحتفالات بصور وردية على النساء وقصص نجاح وبرامج تمكين واحتفالات وتسمية لشوارع بأسماء رائدات في مجالات عملهن وبصدور عدد من الطوابع البريدية لعاملات أو فلاحات أو ناشطات وحقوقيات وسياسيات ونقابيات.. في المقابل تكشف الأرقام والإحصائيات عن وضع "مفزع" للنساء تأتي فيها الاحتفالية ملونة بدماء ضحايا العنف والتقتيل حسب ما جاء في بيان جبهة المساواة وحقوق النساء التي تضم أكثر من 16 منظمة وجمعية وعدد من الناشطات والحقوقيات.

ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفع عدد جرائم تقتيل النساء عن السنة الماضية فبعد تسجيل ما يزيد عن حالة قتل شهريا وعدد ضحايا في حدود 15 امرأة سنة 2022، ارتفع العدد منذ بدية السنة الجارية ليبغ 19 ضحية الى حدود الشهر التاسع من 2023. وتكشف العديد من الإحصائيات والدراسات أن أكثر من نصف نساء تونس هن ضحايا عنف (53 %) وتقول الدراسة الوطنية حول العنف المسلط على النساء في الفضاء العام أن ثلثي (2/3) نساء تونس قد تعرضن ولو مرة واحدة لشكل من أشكال العنف لفظي، نفسي، جسدي، جنسي..

ويسجل تطور واضح في معدلات العنف المسلط على المرأة وتظهر الأرقام التي نشرتها مؤخرا وزارة الأسرة والمرأة والطفل وكبار السن ارتفاعا في عدد الإشعارات حول العنف المسلط على النساء أين سجل شهر جويلية لوحده 216 إشعارا أي بمعدل 7 حالات اعتداءات يومية.

وتتعدد مظاهر العنف الاقتصادي الذي تواجهه النساء في تونس، فالفقر مؤنث، أين تبلغ نسبة البطالة في صفوف النساء 23.8% في يكون المعدل الوطني اقل بخمس أو ست نقاط، وتكون الوضعية لدى حاملات الشهائد وخريجات الجامعات أكثر حدة أين تصل معدلات البطالة في صفوفهن الى 40.7 %، وهو ما يدفعهن الى العمل الهش وغير المهيكل. وفي الأوساط الريفية تمثل النساء 76% من القوة العاملة الزراعية (المعدل العالمي يمثل 50%) وكثيرا ما يتقاضين نصف أجر الرجل.

وتصنف تونس في مراتب الدول الأخيرة حسب التقرير العالمي للمساواة بين الجنسين فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتحتل المرتبة 126 على 156 دولة بالنسبة لكيفية توزيع الموارد وتكافؤ الفرص بين النساء والرجال، كما صُنّفتْ في المرتبة 144 فيما يتعلّقُ بالمشاركة والفرص الاقتصادية.

وكانت محطة مراجعة القانون الانتخابي وإلغاء مبدأ التناصف من ابرز مظاهر انتهاك حقوق النساء في الولوج الى مناصب سياسية وفي نفاذها الى مواقع اخذ القرار، ذلك أن نظام الاقتراع على الأفراد لم يأخذ بعين الاعتبار البيئة الاجتماعية التي تقصي النساء كما عكس تخلى الدولة ومؤسساتها عن دورها في تعزيز تشريك النساء في الحياة العامة.

وتوصي في إطار احتفالية عيد المرأة منظمات المجتمع المدني والمدافعون والمدافعات على حقوق النساء، بمراجعة وملاءمة منظومة التشريع الوطني بمختلف مجالاتها مع المعايير الدولية بما يضمن المساواة والقضاء على كل أشكال التمييز، وأولها تعديل مجلة الأحوال الشخصية لتتلاءم مع المواثيق الدّولية المصادق عليها وفي مقدمتها الاتفاقية الدّولية للقضاء على التمييز ضد المرأة، وذلك عبر إلغاء المهر وجعل رئاسة العائلة مشتركة للزوجين وإلغاء التمييز على أساس الدين في النسب واللقب والحضانة والولاية والإرث.

وتشدد في بيانها الصادر أمس جبهة المساواة وحقوق النساء على ضرورة مراجعة التشريعات الوطنية المتعلّقة بحماية الأمومة بما يضمن المساواة بين العاملات في القطاع الخاصّ مع نظيراتها في الوظيفة العمومية والقطاع العام والمصادقة على اتّفاقية العمل الدولية عدد 183 الخاصّة بحماية الأمومة والتعجيل بتفعيل التدابير اللاّزمة لتطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 وتفعيل بروتوكول أكتوبر 2016 المتعلق بنقل العاملات في المجال الفلاحي، ووضع نصوص ترتيبية المتعلقة بقانون الاقتصاد التضامني والاجتماعي عدد 30 لسنة 2020، وقانون 3 جويلية 31 المتعلق بتنظيم العمل المنزل. ويكون ذلك مع مراجعة منظومة التغطية الاجتماعية بما يحمي النساء من الهشاشة الاقتصادية ويضمن كرامتهن.

كما نصت التوصيات على احترام مقتضيات قواعد مانديلا وقواعد بانكوك المتعلقة بمعاملة النساء الموقوفات والسجينات وخاصة منهن المحكومات بالإعدام -المصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل وبتخصيص الميزانيات الواضحة والكافية للتعهد العمومي بالنساء ضحايا العنف ومرافقتهن الشاملة ومتعددة القطاعات. هذا فضلا عن وضع إستراتيجية للتصدي للفقر وتهميش النساء والجهات ووضع منوال تنمية ضامن للعدالة الاجتماعية والكرامة ومنتج للثروة ودامج للنساء المعطلات وإقرار وتفعيل مبدأ التناصف الأفقي والعمودي في القانون الانتخابي وتيسير سبل نفاذ النساء الى مواقع القرار داخل الهيئات والمجالس المنتخبة وغير المنتخبة في الداخل والخارج.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews