إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وكالات التصنيف خفضته 11 مرة.. التصنيف الائتماني لتونس يعرقل المسار التنموي ويؤثر على الاقتصاد

 

تونس- الصباح

تم تخفيض تصنيف تونس السيادي 11 مرة منذ عام 2011، وآخر تخفيض كان في 10 أوت 2023، عندما خفضت وكالة التصنيف الائتماني S&P Global تصنيف تونس إلى "CCC-" مع نظرة مستقبلية سلبية، ما يعني أن هناك خطرا متزايدا من أن تتخلف تونس عن سداد ديونها، وهو ما يستدعي وضع الحكومة الحالية لخطة عمل طارئة على رأس أولوياتها تحسين الترقيم السيادي لتونس خلال السنوات القادمة، وإنقاذ جزء واسع من قيمة السندات التونسية بالخارج والتي انخفضت أسعارها.

وقامت كل من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني (Fitch Ratings)، وستاندرد آند بورز (S&P Global Ratings، وموديز إنفراستراكشر (Moody's Infrastructure)، ووكالة التصنيف الائتماني الدولية (ICRA)، بالحط من تصنيف تونس السيادي في الفترة الأخيرة ، الأمر الذي تسبب في عدم قدرة حصول تونس على احتياجاتها المالية من الأسواق المالية العالمية.

ويرجع تخفيض التصنيف السيادي لتونس إلى عدد من العوامل، بما في ذلك، انخفاض النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل التضخم وعجز الميزانية الكبير، والدين الخارجي المتنامي.

ويؤثر تخفيض التصنيف السيادي سلبًا على الاقتصاد التونسي، حيث بات من الصعب على تونس الحصول على قروض من المستثمرين الأجانب، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض. كما أنه يجعل من الصعب على تونس جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف والنمو الاقتصادي.

التصنيف الائتماني هو تقييم لقدرة واستعداد الحكومة على سداد ديونها في موعدها. يتم تحديد التصنيف الائتماني من قبل وكالات التصنيف الائتماني، والتي هي شركات مستقلة تقيم المخاطر التي تنطوي عليها الاستثمار في السندات الحكومية.

وتتمتع تونس حاليًا بتصنيف ائتماني منخفض، مما يعني أن هناك خطرا أكبر من تخلفها عن سداد ديونها. هذا يرجع إلى عدد من العوامل، بما في ذلك حجم الدين الخارجي الكبير، والنمو الاقتصادي الضعيف، وعدم الاستقرار السياسي.

وتعمل الحكومة التونسية، اليوم، على تحسين التصنيف الائتماني من خلال تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية، ولكن من المرجح أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتحسن التصنيف الائتماني لتونس.

تطورات تصنيف تونس الائتماني

وحسب دراسة للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات تحصلت "الصباح" على نسخة منها، أشارت الى أن مفهوم وكالات التصنيف بدأ يأخذ طريقه في بداية القرن العشرين، عندما تم تشكيل 3 وكالات تصنيف ائتماني رئيسية، وهي فيتش، وموديز، وستاندرد آند بورز، وتهيمن هذه الوكالات على صناعة التصنيف الائتماني في العالم، حيث تسيطر على حوالي 95% من أعمال التصنيف.

تكمن أهمية وكالات التصنيف في قدرتها على تقديم تحليلات موضوعية وتقييمات مستقلة للشركات والدول التي تصدر الأوراق المالية، والتي تساعد المستثمرين في جميع أنحاء العالم على اتخاذهم للقرار.

كما تلعب التصنيفات الائتمانية دوراً مهماً في أسواق رأس المال الدولية لأنها تزود المقرضين بتقييمات لمخاطر التخلف عن السداد للمقترض.

وتقوم وكالات التصنيف الائتماني بترفيع أو تخفيض التصنيف الائتماني للدول بناءً على عدة عوامل، مثل النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي ومستويات الديون، وتعتمد هذه الوكالات على منهجيات واضحة عند قياس أي تصنيف.

تخفيضات متتالية

يتم تصنيف تونس سنوياً من قبل وكالات التصنيف العالمية، وقد شهد تصنيفها الائتماني وضعاً غير مستقراً في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى حجم الدين الخارجي، والبطالة، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مع الاعتماد الكبير على مداخيل السياحة.

كما كان لكل من جائحة كورونا، الصراع الروسي الأوكراني، تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، وما انجر عنهما من تباطؤ في النمو، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وتعطيل سلاسل التوريد، كل هذه الأسباب أثرت على نمو الاقتصاد التونسي، وصعبت من قدرة الدولة على سداد ديونها الخارجية، مما أدى إلى تراجع تصنيفها الائتماني.

في 2021، خفضت وكالة موديز تصنيف تونس الائتماني من (B3) الى (Caa1)، ويرجع التخفيض إلى ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين فيما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ الإجراءات التي تضمن تجديد الوصول إلى التمويل.

في نفس العام، خفضت وكالة فيتش أيضاً من تصنيف تونس من (B) الى (B-)، ويرجع هذا التخفيض إلى مخاطر السيولة المالية، مع تأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

استمر هذا الانخفاض حتى مارس 2022، حينما خفضت وكالة فيتش مرة أخرى من تصنيف تونس من (B-) الى (CCC)، مع نفس الأسباب التي أدت الى الانخفاض في المرة السابقة، منها مخاطر السيولة وتأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتوقعت الوكالة بأن يبقى العجز العمومي مرتفعاً عند 8،5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بـ7،8٪ في عام 2021.

أما في مارس 2023، رفعت فيتش تصنيف تونس من (CCC) إلى (+CCC)، ولكن هذا الترفيع كان تقني بالأساس، لأن الوكالة صححت خطأ في التصنيف يعود تاريخه إلى 1 ديسمبر 2022.

هذا الترفيع لم يدم طويلا، حيث خفضت فيتش تصنيف تونس من (+CCC) الى (-CCC)، بسبب ما اعتبرته الوكالة حالة الضبابية حول قدرة تونس على جمع التمويل الكافي، لتلبية متطلبات التمويل، والفشل في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.

وتتوقع الوكالة، أن تكون احتياجات التمويل العمومي عند قرابة الـ 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023 (قرابة الـ 7.7 مليار دولار)، و14٪ من إجمالي الناتج المحلي، في 2024 (قرابة الـ 7.4 مليار دولار).

السندات التونسية في خطر

تقوم وكالات التصنيف أيضاً بتقييم المخاطر الائتمانية لسندات الديون، والدول المقترضة، كما تقدم تقييماً مستقلاً للجدارة الائتمانية لسندات الدين الصادرة عن الحكومات والشركات.

على الصعيد الوطني، شهد سوق السندات التونسية منذ بداية 2023 وضعاً غير مستقر، حيث ارتفع مؤشر السندات السيادية التونسية الصادر عن "ستاندرد آند بورز"، في ماي 2023، إلى 149،28 بزيادة قدرها 5،97% مقارنة بالعام الماضي، بعدما وصل لأدنى مستوياته في شهر فيفري حينما بلغ 138،78، و141،26 في أفريل.

تتأثر قيمة السندات في السوق المالية سواء نحو الارتفاع أو الانخفاض، بعدة عوامل منها قدرة الدولة على سداد ديونها، والترقيم السيادي الجيد للدولة.

على سبيل المثال، عندما يتراجع مستوى الترقيم السيادي، فإن قيمة السندات تنخفض، كما إن للوضع السياسي تأثير أيضا على قيمة السندات.

وتراجعت قيمة سندات الدولة المستحقة في عام 2025 والبالغ قيمتها 1 مليار دولار، بحوالي 62 سنتاً في مارس 2023، مقارنة بـ68 سنتاً في فيفري، ونحو 77 سنتاً في ديسمبر الماضي، وتمتلك تونس سندات أخرى، بقيمة 22.4 مليار ين ياباني (حوالي 168 مليون دولار) والمستحقة في شهر أوت الجاري، إضافة إلى ديون بقيمة 500 مليون يورو، مستحقة في شهر أكتوبر المقبل.

بينما في أفريل 2023، شهدت قيمة معظم السندات التونسية انخفاضاً حاداً، حيث انخفضت قيمتها إلى نحو النصف تقريباً من قيمتها الاسمية، بنسبة تراوحت ما بين 0،2 و1،3 سنت (100 سنت يساوي 1 دولار، أي حوالي 3،07 دينار تونسي)، لتصل إلى أدنى مستوى لها خلال الأشهر الـ 6 الأخيرة.

وفي ظل تراجع قيمة السندات التونسية، يمكن أن يُساهم السماح للبنك المركزي والبنوك التونسية بشراء هذه السندات في الخارج، في تحقيق أرباح للدولة وتعزيز عائداتها من خلال شراء السندات بأسعار منخفضة في الوقت الحالي، وبيعها في وقت لاحق.

وهناك عدد من الحلول التي يمكن أن تساعد تونس على رفع تصنيفها الائتماني، بما في ذلك خفض عجز الميزانية خفض عجز الميزانية من خلال زيادة الإيرادات وخفض النفقات. ويمكن زيادة الإيرادات من خلال فرض ضرائب جديدة أو زيادة التعريفات الجمركية. كما يمكن خفض النفقات من خلال تقليص حجم الحكومة أو خفض الإنفاق على الفوائد الاجتماعية، وتحسين الحوكمة من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة. كما يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء قواعد وإجراءات أكثر شفافية، وجعل المسؤولين الحكوميين أكثر مساءلة عن أفعالهم ، بالإضافة الى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتحسين التعليم والتدريب، وخلق بيئة استثمارية مواتية.

وبات من المهم جدا اليوم أن تستمر الحكومة التونسية في تنفيذ هذه الحلول على المدى الطويل، حتى تتمكن من رفع تصنيفها الائتماني وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحقيق النمو الاقتصادي.

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 وكالات التصنيف خفضته 11 مرة..   التصنيف الائتماني لتونس يعرقل المسار التنموي ويؤثر على الاقتصاد

 

تونس- الصباح

تم تخفيض تصنيف تونس السيادي 11 مرة منذ عام 2011، وآخر تخفيض كان في 10 أوت 2023، عندما خفضت وكالة التصنيف الائتماني S&P Global تصنيف تونس إلى "CCC-" مع نظرة مستقبلية سلبية، ما يعني أن هناك خطرا متزايدا من أن تتخلف تونس عن سداد ديونها، وهو ما يستدعي وضع الحكومة الحالية لخطة عمل طارئة على رأس أولوياتها تحسين الترقيم السيادي لتونس خلال السنوات القادمة، وإنقاذ جزء واسع من قيمة السندات التونسية بالخارج والتي انخفضت أسعارها.

وقامت كل من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني (Fitch Ratings)، وستاندرد آند بورز (S&P Global Ratings، وموديز إنفراستراكشر (Moody's Infrastructure)، ووكالة التصنيف الائتماني الدولية (ICRA)، بالحط من تصنيف تونس السيادي في الفترة الأخيرة ، الأمر الذي تسبب في عدم قدرة حصول تونس على احتياجاتها المالية من الأسواق المالية العالمية.

ويرجع تخفيض التصنيف السيادي لتونس إلى عدد من العوامل، بما في ذلك، انخفاض النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل التضخم وعجز الميزانية الكبير، والدين الخارجي المتنامي.

ويؤثر تخفيض التصنيف السيادي سلبًا على الاقتصاد التونسي، حيث بات من الصعب على تونس الحصول على قروض من المستثمرين الأجانب، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض. كما أنه يجعل من الصعب على تونس جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف والنمو الاقتصادي.

التصنيف الائتماني هو تقييم لقدرة واستعداد الحكومة على سداد ديونها في موعدها. يتم تحديد التصنيف الائتماني من قبل وكالات التصنيف الائتماني، والتي هي شركات مستقلة تقيم المخاطر التي تنطوي عليها الاستثمار في السندات الحكومية.

وتتمتع تونس حاليًا بتصنيف ائتماني منخفض، مما يعني أن هناك خطرا أكبر من تخلفها عن سداد ديونها. هذا يرجع إلى عدد من العوامل، بما في ذلك حجم الدين الخارجي الكبير، والنمو الاقتصادي الضعيف، وعدم الاستقرار السياسي.

وتعمل الحكومة التونسية، اليوم، على تحسين التصنيف الائتماني من خلال تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية، ولكن من المرجح أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتحسن التصنيف الائتماني لتونس.

تطورات تصنيف تونس الائتماني

وحسب دراسة للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات تحصلت "الصباح" على نسخة منها، أشارت الى أن مفهوم وكالات التصنيف بدأ يأخذ طريقه في بداية القرن العشرين، عندما تم تشكيل 3 وكالات تصنيف ائتماني رئيسية، وهي فيتش، وموديز، وستاندرد آند بورز، وتهيمن هذه الوكالات على صناعة التصنيف الائتماني في العالم، حيث تسيطر على حوالي 95% من أعمال التصنيف.

تكمن أهمية وكالات التصنيف في قدرتها على تقديم تحليلات موضوعية وتقييمات مستقلة للشركات والدول التي تصدر الأوراق المالية، والتي تساعد المستثمرين في جميع أنحاء العالم على اتخاذهم للقرار.

كما تلعب التصنيفات الائتمانية دوراً مهماً في أسواق رأس المال الدولية لأنها تزود المقرضين بتقييمات لمخاطر التخلف عن السداد للمقترض.

وتقوم وكالات التصنيف الائتماني بترفيع أو تخفيض التصنيف الائتماني للدول بناءً على عدة عوامل، مثل النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي ومستويات الديون، وتعتمد هذه الوكالات على منهجيات واضحة عند قياس أي تصنيف.

تخفيضات متتالية

يتم تصنيف تونس سنوياً من قبل وكالات التصنيف العالمية، وقد شهد تصنيفها الائتماني وضعاً غير مستقراً في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى حجم الدين الخارجي، والبطالة، وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مع الاعتماد الكبير على مداخيل السياحة.

كما كان لكل من جائحة كورونا، الصراع الروسي الأوكراني، تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، وما انجر عنهما من تباطؤ في النمو، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وتعطيل سلاسل التوريد، كل هذه الأسباب أثرت على نمو الاقتصاد التونسي، وصعبت من قدرة الدولة على سداد ديونها الخارجية، مما أدى إلى تراجع تصنيفها الائتماني.

في 2021، خفضت وكالة موديز تصنيف تونس الائتماني من (B3) الى (Caa1)، ويرجع التخفيض إلى ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين فيما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ الإجراءات التي تضمن تجديد الوصول إلى التمويل.

في نفس العام، خفضت وكالة فيتش أيضاً من تصنيف تونس من (B) الى (B-)، ويرجع هذا التخفيض إلى مخاطر السيولة المالية، مع تأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

استمر هذا الانخفاض حتى مارس 2022، حينما خفضت وكالة فيتش مرة أخرى من تصنيف تونس من (B-) الى (CCC)، مع نفس الأسباب التي أدت الى الانخفاض في المرة السابقة، منها مخاطر السيولة وتأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتوقعت الوكالة بأن يبقى العجز العمومي مرتفعاً عند 8،5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بـ7،8٪ في عام 2021.

أما في مارس 2023، رفعت فيتش تصنيف تونس من (CCC) إلى (+CCC)، ولكن هذا الترفيع كان تقني بالأساس، لأن الوكالة صححت خطأ في التصنيف يعود تاريخه إلى 1 ديسمبر 2022.

هذا الترفيع لم يدم طويلا، حيث خفضت فيتش تصنيف تونس من (+CCC) الى (-CCC)، بسبب ما اعتبرته الوكالة حالة الضبابية حول قدرة تونس على جمع التمويل الكافي، لتلبية متطلبات التمويل، والفشل في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.

وتتوقع الوكالة، أن تكون احتياجات التمويل العمومي عند قرابة الـ 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023 (قرابة الـ 7.7 مليار دولار)، و14٪ من إجمالي الناتج المحلي، في 2024 (قرابة الـ 7.4 مليار دولار).

السندات التونسية في خطر

تقوم وكالات التصنيف أيضاً بتقييم المخاطر الائتمانية لسندات الديون، والدول المقترضة، كما تقدم تقييماً مستقلاً للجدارة الائتمانية لسندات الدين الصادرة عن الحكومات والشركات.

على الصعيد الوطني، شهد سوق السندات التونسية منذ بداية 2023 وضعاً غير مستقر، حيث ارتفع مؤشر السندات السيادية التونسية الصادر عن "ستاندرد آند بورز"، في ماي 2023، إلى 149،28 بزيادة قدرها 5،97% مقارنة بالعام الماضي، بعدما وصل لأدنى مستوياته في شهر فيفري حينما بلغ 138،78، و141،26 في أفريل.

تتأثر قيمة السندات في السوق المالية سواء نحو الارتفاع أو الانخفاض، بعدة عوامل منها قدرة الدولة على سداد ديونها، والترقيم السيادي الجيد للدولة.

على سبيل المثال، عندما يتراجع مستوى الترقيم السيادي، فإن قيمة السندات تنخفض، كما إن للوضع السياسي تأثير أيضا على قيمة السندات.

وتراجعت قيمة سندات الدولة المستحقة في عام 2025 والبالغ قيمتها 1 مليار دولار، بحوالي 62 سنتاً في مارس 2023، مقارنة بـ68 سنتاً في فيفري، ونحو 77 سنتاً في ديسمبر الماضي، وتمتلك تونس سندات أخرى، بقيمة 22.4 مليار ين ياباني (حوالي 168 مليون دولار) والمستحقة في شهر أوت الجاري، إضافة إلى ديون بقيمة 500 مليون يورو، مستحقة في شهر أكتوبر المقبل.

بينما في أفريل 2023، شهدت قيمة معظم السندات التونسية انخفاضاً حاداً، حيث انخفضت قيمتها إلى نحو النصف تقريباً من قيمتها الاسمية، بنسبة تراوحت ما بين 0،2 و1،3 سنت (100 سنت يساوي 1 دولار، أي حوالي 3،07 دينار تونسي)، لتصل إلى أدنى مستوى لها خلال الأشهر الـ 6 الأخيرة.

وفي ظل تراجع قيمة السندات التونسية، يمكن أن يُساهم السماح للبنك المركزي والبنوك التونسية بشراء هذه السندات في الخارج، في تحقيق أرباح للدولة وتعزيز عائداتها من خلال شراء السندات بأسعار منخفضة في الوقت الحالي، وبيعها في وقت لاحق.

وهناك عدد من الحلول التي يمكن أن تساعد تونس على رفع تصنيفها الائتماني، بما في ذلك خفض عجز الميزانية خفض عجز الميزانية من خلال زيادة الإيرادات وخفض النفقات. ويمكن زيادة الإيرادات من خلال فرض ضرائب جديدة أو زيادة التعريفات الجمركية. كما يمكن خفض النفقات من خلال تقليص حجم الحكومة أو خفض الإنفاق على الفوائد الاجتماعية، وتحسين الحوكمة من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة. كما يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء قواعد وإجراءات أكثر شفافية، وجعل المسؤولين الحكوميين أكثر مساءلة عن أفعالهم ، بالإضافة الى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتحسين التعليم والتدريب، وخلق بيئة استثمارية مواتية.

وبات من المهم جدا اليوم أن تستمر الحكومة التونسية في تنفيذ هذه الحلول على المدى الطويل، حتى تتمكن من رفع تصنيفها الائتماني وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحقيق النمو الاقتصادي.

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews