إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تقييم أداء الوزراء أكثر من ضروري.. رئيس حكومة جديد وفريق حكومي قديم.. وضع دائم أم مؤقت؟ !

 

تونس – الصباح

اختار رئيس الجمهورية قيس سعيد تغيير رئيسة الحكومة نجلاء بودن دون إفصاح عن أسباب الإقالة ودون تقييم معلن لأدائها كرئيسة حكومة بدت منذ تعيينها في منصبها في انسجام تام مع رئيس الدولة، ولكن في خطوة مفاجئة اختار الرئيس أن يُقيل نجلاء بودن ويمنح قيادة الحكومة الى شخصية مغمورة نوعا ما، حيث لم يكن أحمد الحشاني من الشخصيات المعروفة سواء في الأوساط السياسية أو المدنية أو النقابية، كان فقط أحد إطارات البنك المركزي أين تولّى ملف الشؤون القانونية والموارد البشرية..

وإذا كان خيار رئيس الدولة مفاجئا للبعض في علاقة بالإقالة أو بالشخصية التي يُراهن عليها اليوم لقيادة الحكومة في فترة صعبة على جميع المستويات، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح اليوم ما إذا كان التغيير على مستوى الحكومة سيكون على مستوى الرئيس فقط أم انه سننتظر في غضون الأيام القليلة القادمة تحويرا وتعديلا أشمل، يختار من خلاله رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني فريقه الحكومي الجديد الذي سيرافقه في مهمة حكومية لن تكون سهلة بل محفوفة بصعوبات كثيرة مع استفحال العديد من الأزمات خاصة في علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي .

ووفق بعض المؤشرات فإن تعديلا وزاريا واسعا وارد خاصة وأنه في اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني برئيس الجمهورية، أكد قيس سعيد على ضرورة اختيار المسؤولين بناء على شعورهم بالمسؤولية لأن الكفاءة إذا لم تكن مشفوعة بالنزاهة لا يمكن أن تكون معيارا للاختيار. كما أكد رئيس الجمهورية على ضرورة الانسجام في العمل الحكومي لأنه توجد في تونس دولة واحدة فكل قطاع يكمل القطاع الآخر في إطار سياسة الدولة. ولهذا التصريح دلالاته حيث بدا واضحا أن الرئيس لا يبدو راضيا على أساليب العمل الحكومي حيث شدّد على النزاهة وعلى الانسجام، وهما ركيزتان يراهن عليهما رئيس الجمهورية في إنجاح مسار 25 جويلية الذي يواجه صعوبات واقعية لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها ومنها الوضع الاجتماعي والاقتصادي وقد تطرق الرئيس في لقائه الأخير مع رئيس الحكومة إلى الغلاء الفاحش للأسعار والذي يتضرر منه المنتج والمستهلك ولا تستفيد منه سوى المسالك التي توصف بأنها مسالك توزيع ولكنها تعمل على تجويع المواطن بدعم من لوبيات الفساد. وقد شدد سعيّد على ضرورة تطبيق القانون على الجميع وعلى تضافر كل الجهود حتى لا يجوع الشعب .

تحديات ورهانات

منذ زيارته الأخيرة الى القصبة، بدا من الواضح أن نية رئيس الجمهورية متجهة بالأساس الى تطهير الإدارة من الذين قال إنهم اندسوا داخلها خلال العشرية الماضية، وتعيين أحمد الحشاني يأتي في هذا السياق ولكن مع التطهير هناك اليوم ملفات أكثر خطورة وتعقيدا وهي أساسا الملف الاقتصادي والملف الاجتماعي الذي يرتبط به بشكل مباشر خاصة مع تواصل أزمة غلاء الأسعار وفقدان العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية .

وفي هذا السياق حث الأمين للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، رئيس الحكومة الجديد، أحمد الحشاني على ضرورة "الانفتاح على مختلف المكونات"  في البلاد.

الطبوبي الذي علّق في التجمّع العمالي الذي التأم السبت الماضي بصفاقس على إقالة نجلاء بودن بقوله إن "العبرة لا تكمن في تغيير الأشخاص وإنما تكمن في تغيير الإستراتيجيات والسياسات". وفي ذات السياق تساءل الطبوبي بشأن رئيس الوزراء الجديد "هل سيكون منفتحا على مختلف المكونات الموجودة في البلاد من أجل التغلب على المصاعب والتحديات؟" .

ويبدو هذا التساؤل وجيها خاصة وأن حكومة نجلاء بودن استبعدت الاتحاد رغم ثقله الاجتماعي من كل مشاوراته وألغت دوره في عدة ملفات بما في ذلك ملف التشاور مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا التعامل الحكومي غير الإيجابي مع الاتحاد بالإضافة الى غموض عدة ملفات في مسار 25 جويلية والذي مازال الاتحاد من مؤيديه الى اليوم رغم الفتور الكبير بينه وبين رئيس الجمهورية، كان من أبرز الأسباب التي دعت الاتحاد الى الإعلان عن مبادرة الإنقاذ الوطني مع بقية المنظمات الوطنية وهي أساسا عمادة المحامين والرابطة والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكن هذه المبادرة بعد أسابيع من المداولات اختفت دون أثر ودون أن يتم الإعلان عن فحواه وفي إجابة عن مصير تلك المبادرة قال الطبوبي إنها "ستكون جاهزة متى يكون الشعب التونسي في حاجة إليها" وإذا كان الأمين العام لاتحاد الشغل لم يوضح معنى أن يكون الشعب في حاجة لهذه المبادرة إلا أن الوضع الحالي يتطلب مجهودا مضاعفا من الحكومة للخروج من النفق .

كما أن رئيس الجمهورية وكذلك رئيس الحكومة الجديد عليهما أن يقتنعا بأن بعض الوزراء أساؤوا الى العمل الحكومي ولم يقوموا بدورهم في النهوض بقطاعاتهم بل تسببوا في مشاكل قطاعية كبيرة ساهمت في احتقان كبير وأن تواصل تعنّت هؤلاء الوزراء دون تقييم موضوعي لأدائهم سينتهي بفشل كل المسار الحكومي .

منية العرفاوي

تقييم أداء الوزراء أكثر من ضروري..   رئيس حكومة جديد وفريق حكومي قديم.. وضع دائم أم مؤقت؟ !

 

تونس – الصباح

اختار رئيس الجمهورية قيس سعيد تغيير رئيسة الحكومة نجلاء بودن دون إفصاح عن أسباب الإقالة ودون تقييم معلن لأدائها كرئيسة حكومة بدت منذ تعيينها في منصبها في انسجام تام مع رئيس الدولة، ولكن في خطوة مفاجئة اختار الرئيس أن يُقيل نجلاء بودن ويمنح قيادة الحكومة الى شخصية مغمورة نوعا ما، حيث لم يكن أحمد الحشاني من الشخصيات المعروفة سواء في الأوساط السياسية أو المدنية أو النقابية، كان فقط أحد إطارات البنك المركزي أين تولّى ملف الشؤون القانونية والموارد البشرية..

وإذا كان خيار رئيس الدولة مفاجئا للبعض في علاقة بالإقالة أو بالشخصية التي يُراهن عليها اليوم لقيادة الحكومة في فترة صعبة على جميع المستويات، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح اليوم ما إذا كان التغيير على مستوى الحكومة سيكون على مستوى الرئيس فقط أم انه سننتظر في غضون الأيام القليلة القادمة تحويرا وتعديلا أشمل، يختار من خلاله رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني فريقه الحكومي الجديد الذي سيرافقه في مهمة حكومية لن تكون سهلة بل محفوفة بصعوبات كثيرة مع استفحال العديد من الأزمات خاصة في علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي .

ووفق بعض المؤشرات فإن تعديلا وزاريا واسعا وارد خاصة وأنه في اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني برئيس الجمهورية، أكد قيس سعيد على ضرورة اختيار المسؤولين بناء على شعورهم بالمسؤولية لأن الكفاءة إذا لم تكن مشفوعة بالنزاهة لا يمكن أن تكون معيارا للاختيار. كما أكد رئيس الجمهورية على ضرورة الانسجام في العمل الحكومي لأنه توجد في تونس دولة واحدة فكل قطاع يكمل القطاع الآخر في إطار سياسة الدولة. ولهذا التصريح دلالاته حيث بدا واضحا أن الرئيس لا يبدو راضيا على أساليب العمل الحكومي حيث شدّد على النزاهة وعلى الانسجام، وهما ركيزتان يراهن عليهما رئيس الجمهورية في إنجاح مسار 25 جويلية الذي يواجه صعوبات واقعية لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها ومنها الوضع الاجتماعي والاقتصادي وقد تطرق الرئيس في لقائه الأخير مع رئيس الحكومة إلى الغلاء الفاحش للأسعار والذي يتضرر منه المنتج والمستهلك ولا تستفيد منه سوى المسالك التي توصف بأنها مسالك توزيع ولكنها تعمل على تجويع المواطن بدعم من لوبيات الفساد. وقد شدد سعيّد على ضرورة تطبيق القانون على الجميع وعلى تضافر كل الجهود حتى لا يجوع الشعب .

تحديات ورهانات

منذ زيارته الأخيرة الى القصبة، بدا من الواضح أن نية رئيس الجمهورية متجهة بالأساس الى تطهير الإدارة من الذين قال إنهم اندسوا داخلها خلال العشرية الماضية، وتعيين أحمد الحشاني يأتي في هذا السياق ولكن مع التطهير هناك اليوم ملفات أكثر خطورة وتعقيدا وهي أساسا الملف الاقتصادي والملف الاجتماعي الذي يرتبط به بشكل مباشر خاصة مع تواصل أزمة غلاء الأسعار وفقدان العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية .

وفي هذا السياق حث الأمين للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، رئيس الحكومة الجديد، أحمد الحشاني على ضرورة "الانفتاح على مختلف المكونات"  في البلاد.

الطبوبي الذي علّق في التجمّع العمالي الذي التأم السبت الماضي بصفاقس على إقالة نجلاء بودن بقوله إن "العبرة لا تكمن في تغيير الأشخاص وإنما تكمن في تغيير الإستراتيجيات والسياسات". وفي ذات السياق تساءل الطبوبي بشأن رئيس الوزراء الجديد "هل سيكون منفتحا على مختلف المكونات الموجودة في البلاد من أجل التغلب على المصاعب والتحديات؟" .

ويبدو هذا التساؤل وجيها خاصة وأن حكومة نجلاء بودن استبعدت الاتحاد رغم ثقله الاجتماعي من كل مشاوراته وألغت دوره في عدة ملفات بما في ذلك ملف التشاور مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا التعامل الحكومي غير الإيجابي مع الاتحاد بالإضافة الى غموض عدة ملفات في مسار 25 جويلية والذي مازال الاتحاد من مؤيديه الى اليوم رغم الفتور الكبير بينه وبين رئيس الجمهورية، كان من أبرز الأسباب التي دعت الاتحاد الى الإعلان عن مبادرة الإنقاذ الوطني مع بقية المنظمات الوطنية وهي أساسا عمادة المحامين والرابطة والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكن هذه المبادرة بعد أسابيع من المداولات اختفت دون أثر ودون أن يتم الإعلان عن فحواه وفي إجابة عن مصير تلك المبادرة قال الطبوبي إنها "ستكون جاهزة متى يكون الشعب التونسي في حاجة إليها" وإذا كان الأمين العام لاتحاد الشغل لم يوضح معنى أن يكون الشعب في حاجة لهذه المبادرة إلا أن الوضع الحالي يتطلب مجهودا مضاعفا من الحكومة للخروج من النفق .

كما أن رئيس الجمهورية وكذلك رئيس الحكومة الجديد عليهما أن يقتنعا بأن بعض الوزراء أساؤوا الى العمل الحكومي ولم يقوموا بدورهم في النهوض بقطاعاتهم بل تسببوا في مشاكل قطاعية كبيرة ساهمت في احتقان كبير وأن تواصل تعنّت هؤلاء الوزراء دون تقييم موضوعي لأدائهم سينتهي بفشل كل المسار الحكومي .

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews