إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"لكي تقرع الأجراس"..اليسار التونسي

بقلم: فوزي النوري*

 

 

كلّ هذه العناصر الجديدة والتحوّلات الكبرى لم يقع استيعابها على مستوى الأطروحات أو المقاربات أو الكتابات التي تصدر هنا وهناك داخل بيتنا القديم أو في نصوص شيوخ اليسار التونسي

 

هذا  النص هو بمثابة احتفال لتسليم "شعرة معاوية" لمن يستحقّها واعلان حرب بالمعنى الفكري والايديولوجي على البيت القديم بساكنيه .

بعد معاينة حالة السبات التي يعيشها اليسار منذ التسعينات بشكل أصبحت مقاربته تنصبّ على واقع لا وجود له الاّ في أذهانهم

من ذلك التغيّرات الكبرى والهيكليّة في النسيج الاقتصادي للقوى العظمى وأغلب اقتصادات العالم والمقصود هنا هوّ هيمنة الثولثة (القطاع الثالث) بمعنى أنّه لم يعد للبرجوازية الصناعيّة نفس الثقل ولا الحجم ولا التأثير بما يفرضه ذلك من مراجعة آليات وأدوات التحليل لفهم المحاور الكبرى للصراع على النفوذ في العالم وعلى المستوى الوطني.

هذه التحوّل الكبير والذي صاحبه ظهور الرأسمال المالي غيّر ملامح الصراع الطبقي والبنى الاجتماعية والوعي الجمعي وغيّر حتّى من طبيعة أزمات النظام الرأسمالي وطرق التحكّم فيها ( الأزمة المالية العالمية) ولسنا في حاجة للتذكير بالرجّة التي أحدثتها المعلوماتية في مستوى طبيعة المؤسّسة الاقتصادية وحجمها وتأثيرها .

كلّ هذه العناصر الجديدة والتحوّلات الكبرى لم يقع استيعابها على مستوى الأطروحات أو المقاربات أو الكتابات التي تصدر هنا وهناك داخل بيتنا القديم أو في نصوص شيوخ اليسار التونسي .

التغيّرات الكبرى ليست اقتصادية فحسب من ذلك التحوّلات التي يشهدها الفضاء العمومي سواء في تداخله مع الافتراضي أو مستوى التقاطعات والصراعات المستجدّة بعد تعاظم دور المجتمع المدني وصراعه ضدّ المجتمع السياسي وتأثير هذه العناصر مجتمعة في بنية الوعي وحتّى في تغيير مفهوم الفرد.

لا يفوتنا التذكير هنا بدور النقابات المتعاظم والذي أدّى الى سحب البساط من تحت أقدام الأحزاب اليسارية وأصبحت المركزيّات النقابية هي الوحيدة التي تخوض صراع سياسي جدّي ضدّ الحكومات عبر مفاوضات دوريّة لتحسين شروط العمّال وهي التي تنوّع مناوراتها وتستغلّ المساحات التي تفتكّها للمساهمة في صناعة الخيارات العامّة على المستويين الوطني والدّولي.

كلّ ذلك غيّر أنماط الهيمنة والنير والاستلاب وغيّر الفضاءات السلطويّة وبالتالي غيّر أدوات التحليل و"المهمّات التاريخية" وفي اعتقادي فإنّ المتاح حاليّا هوّ تثوير مفهوم المواطنة في جانبه المادّي الموضوعي وهذا لا يعني أنّنا لا نتبنّى الحريات الفرديّة والعامّة ولكن نحن واعون بأنّ هذه الحريات تظل شكليّة وفارغة في غياب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .

لم يعد بالامكان التأثير في الفضاء العام دون افتكاك مساحات كافية داخل المجتمع المدني والفضاء العام.

التحوّل في كلّ المستويات يمرّ عبر المساهمة في تغيير البنى الاجتماعية والنسيج الاجتماعي والعبور من خلال الفضاءات المتاحة للتمكّن من الفعل والتأثير وحتّى المناورة عبر التحكّم في السّلم الاجتماعي .

هذا يظلّ غير قابل للتحقّق في غياب شروط موضوعية أهمّها معركة علمنة المؤسّسات والفضاء العام وتجاوز الخطابات المتردّدة والمحتشمة والتي درجت على المطالبة بحريّة الضمير أو المعتقد بغايات الغزل الانتخابي والخوف من التكفير.

لا يمكن لنا التأثير في الوعي الجماعي وافتكاك مواقع داخل الفضاء العام دون حسم معركة اللائكية التي تمهّد لولادة مجتمع سويّ لا يترك مساحات يتسلّل منها المقدّس للسيطرة على كامل النسيج وتأبيد الامراض الاجتماعية الناتجة عن الوضعيّة التي تعيشها المرأة وما ينتجه ذلك من العاهات في مستوى التنشئة التي تعيد انتاج ذات المعضلات والاشكالات.

 *كاتب ومحلل سياسي

"لكي تقرع الأجراس"..اليسار التونسي

بقلم: فوزي النوري*

 

 

كلّ هذه العناصر الجديدة والتحوّلات الكبرى لم يقع استيعابها على مستوى الأطروحات أو المقاربات أو الكتابات التي تصدر هنا وهناك داخل بيتنا القديم أو في نصوص شيوخ اليسار التونسي

 

هذا  النص هو بمثابة احتفال لتسليم "شعرة معاوية" لمن يستحقّها واعلان حرب بالمعنى الفكري والايديولوجي على البيت القديم بساكنيه .

بعد معاينة حالة السبات التي يعيشها اليسار منذ التسعينات بشكل أصبحت مقاربته تنصبّ على واقع لا وجود له الاّ في أذهانهم

من ذلك التغيّرات الكبرى والهيكليّة في النسيج الاقتصادي للقوى العظمى وأغلب اقتصادات العالم والمقصود هنا هوّ هيمنة الثولثة (القطاع الثالث) بمعنى أنّه لم يعد للبرجوازية الصناعيّة نفس الثقل ولا الحجم ولا التأثير بما يفرضه ذلك من مراجعة آليات وأدوات التحليل لفهم المحاور الكبرى للصراع على النفوذ في العالم وعلى المستوى الوطني.

هذه التحوّل الكبير والذي صاحبه ظهور الرأسمال المالي غيّر ملامح الصراع الطبقي والبنى الاجتماعية والوعي الجمعي وغيّر حتّى من طبيعة أزمات النظام الرأسمالي وطرق التحكّم فيها ( الأزمة المالية العالمية) ولسنا في حاجة للتذكير بالرجّة التي أحدثتها المعلوماتية في مستوى طبيعة المؤسّسة الاقتصادية وحجمها وتأثيرها .

كلّ هذه العناصر الجديدة والتحوّلات الكبرى لم يقع استيعابها على مستوى الأطروحات أو المقاربات أو الكتابات التي تصدر هنا وهناك داخل بيتنا القديم أو في نصوص شيوخ اليسار التونسي .

التغيّرات الكبرى ليست اقتصادية فحسب من ذلك التحوّلات التي يشهدها الفضاء العمومي سواء في تداخله مع الافتراضي أو مستوى التقاطعات والصراعات المستجدّة بعد تعاظم دور المجتمع المدني وصراعه ضدّ المجتمع السياسي وتأثير هذه العناصر مجتمعة في بنية الوعي وحتّى في تغيير مفهوم الفرد.

لا يفوتنا التذكير هنا بدور النقابات المتعاظم والذي أدّى الى سحب البساط من تحت أقدام الأحزاب اليسارية وأصبحت المركزيّات النقابية هي الوحيدة التي تخوض صراع سياسي جدّي ضدّ الحكومات عبر مفاوضات دوريّة لتحسين شروط العمّال وهي التي تنوّع مناوراتها وتستغلّ المساحات التي تفتكّها للمساهمة في صناعة الخيارات العامّة على المستويين الوطني والدّولي.

كلّ ذلك غيّر أنماط الهيمنة والنير والاستلاب وغيّر الفضاءات السلطويّة وبالتالي غيّر أدوات التحليل و"المهمّات التاريخية" وفي اعتقادي فإنّ المتاح حاليّا هوّ تثوير مفهوم المواطنة في جانبه المادّي الموضوعي وهذا لا يعني أنّنا لا نتبنّى الحريات الفرديّة والعامّة ولكن نحن واعون بأنّ هذه الحريات تظل شكليّة وفارغة في غياب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .

لم يعد بالامكان التأثير في الفضاء العام دون افتكاك مساحات كافية داخل المجتمع المدني والفضاء العام.

التحوّل في كلّ المستويات يمرّ عبر المساهمة في تغيير البنى الاجتماعية والنسيج الاجتماعي والعبور من خلال الفضاءات المتاحة للتمكّن من الفعل والتأثير وحتّى المناورة عبر التحكّم في السّلم الاجتماعي .

هذا يظلّ غير قابل للتحقّق في غياب شروط موضوعية أهمّها معركة علمنة المؤسّسات والفضاء العام وتجاوز الخطابات المتردّدة والمحتشمة والتي درجت على المطالبة بحريّة الضمير أو المعتقد بغايات الغزل الانتخابي والخوف من التكفير.

لا يمكن لنا التأثير في الوعي الجماعي وافتكاك مواقع داخل الفضاء العام دون حسم معركة اللائكية التي تمهّد لولادة مجتمع سويّ لا يترك مساحات يتسلّل منها المقدّس للسيطرة على كامل النسيج وتأبيد الامراض الاجتماعية الناتجة عن الوضعيّة التي تعيشها المرأة وما ينتجه ذلك من العاهات في مستوى التنشئة التي تعيد انتاج ذات المعضلات والاشكالات.

 *كاتب ومحلل سياسي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews