إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تعيين رئيس حكومة جديد.. سياسيون لـ"الصباح": لا انتظارات جديدة ما لم تُحدد سياسات الدولة من رئيس الدولة

 

حاتم المليكي: لا توجد في النظام السياسي صلاحيات تسمح لرئيس الحكومة بأن يكون مهما في المنظومة السياسية

زهير المغزاوي: تحديات تتطلب تصورات ورؤى وبناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية، ونحن نوافق رئيس الجمهورية في هذا كله

محسن النابتي: رئيس الحكومة الجديد محكوم بضوابط دستورية معروفة بأن السياسات العامة يحددها رئيس الجمهورية وتقوم الحكومة بتنفيذها

ريم محجوب: مهما تغيّرت الأسماء فإنه ما لم تكن هناك إرادة سياسية لدى رئيس الجمهورية للتغيير فإننا لا ننتظر أي جديد

سمير ديلو: الانتظارات أو التوقعات إن لم تكن مبنيّة على تعهّدات وبرامج قابلة للتحقيق تصبح ضربا من الرّجم بالغيب والتنجيم

تونس – الصباح

لم تكن في حقيقة الأمر مسألة تغيير رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالأمر المفاجئ، بل دار الكثير من الحديث في المدة الأخيرة عن إقالات إما لوزراء أو أيضا لرئيستهم أو حتى لتغيير حكومي شامل.

تبقى ماهي انتظارات الرأي العام والسياسيين من تنصيب أحمد الحشاني رئيسا جديدا للحكومة، والذي مثل محور نقاش في هذه الفترة، فهل من الممكن أن يحدث التغيير في سياسة الدولة؟ أم أن الإشكال لا يمكن في الأشخاص في حد ذاتهم؟

هناك إجماع، تقريبا ممن تحدثت إليهم "الصباح" بأن تغيير رئيس الحكومة أو الإبقاء ليس بجوهر المشكل. بل الإشكالية تكمن في وضوح الرؤية في كل ما يتعلق بسياسات الدولة في جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

إيمان عبد اللطيف

 

قال الناشط السياسي المستقل حاتم المليكي في تصريح لـ"الصباح" "اعتبر أن درجة التغيير مرتبطة بأهمية المنصب، والنظام السياسي الحالي لا يعطي أهمية كبيرة لمنصب رئيس الحكومة وإلى رئيس الوزراء أو الوزير الأول".

وأضاف "لا يوجد في النظام سياسي صلاحيات تسمح لرئيس الحكومة بأن يكون مهما في المنظومة السياسية أي المنظومة التنفيذية وهذا ما أكدته تجربة السنتين اللتين عاشتهما السيدة نجلاء بودن. حتى ولو أن بعض الناس ربطوا ذلك بشخصيتها فإنه في تقديري المسألة مرتبطة بطبيعة المنصب وأهميته والذي هو نفسه بالنسبة لرئيس الحكومة الجديد".

وأفاد "بالتالي لا أتصور أنه سيكون هناك تغيير سيحدث، لأنه ليس لديه الصلاحيات الكافية ليحدث تغييرات في سياسات الحكومة. فنحن الآن لا نعرف إن كنا محكومين بالمرسوم 117 أو بالدستور، فهذه العملية غير واضحة في تونس".

وفي الحالتين، وفق قوله، "هناك أجهزة دولة تمتلك صلاحيات مثل المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء أو مجلس الأقاليم أو البرلمان، وإن كانت هي بدورها محدودة باعتبار أن رئيس الجمهورية يتدخل في تعيينات الأعضاء، ولكن في حالة رئيس الحكومة لا يوجد حديث على أنه له دور كبير".

وبيّن "إذا كان سيحدث تغيير في تونس، فإما أنه سيحدث على مستوى تغيير سياسات رئيس الجمهورية الحالي وإما تغيير الرئيس الحالي، والواضح أنه من خلال فيديو التنصيب وما جاء على لسان رئيس الجمهورية أن دور رئيس الحكومة سيكون التنسيق بين الوزراء حتى لا تكون هناك تصريحات أو مواقف متضاربة مع رئيس الجمهورية".

في ذات السياق أوضح أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لـ"الصباح" أنّه "في حقيقة الأمر انتظاراتنا أكثر من رئيس الجمهورية باعتباره هو من يرسم السياسات، فالتغيير مطلوب وقد طالبنا به منذ فترة طويلة ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات، وقلنا أن هناك شللا كبيرا وإدارة سيئة للمرحلة وأدت إلى وضع اجتماعي محتقن وإلى فقدان مواد أساسية والغلاء الفاحش للأسعار وبدأت في إخراج مسار 25 جويلية من أهدافه الحقيقية".

وأضاف المغزاوي"بالنسبة لنا العمق والجوهر الحقيقي لهذا المسار هو اقتصادي واجتماعي وليس فقط سياسيا وهذا ربما من خلافاتنا مع رئيس الجمهورية قيس سعيد في إدارة المرحلة فهو يرى المسألة السياسية هي الأهم ونحن نرى أن هذه الأخيرة يجب أن تسير جنبا الى جنب مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي".

وقال "انتظاراتنا اليوم هو أولا  إيقاف ظاهرة الطوابير على الخبز وندرة المواد في الأسواق ونحن بطبيعة الحال لا نحمل المسؤولية فقط لرئاستي الجمهورية والحكومة فهناك أسباب أخرى ولكن لهم جزء من هذه المسؤولية.

فهناك الإرث الثقيل للعشرية السابقة والأزمة العالمية التي أثرت على الجميع ولكن في نفس الوقت الإدارة لم تكن في مستوى اللحظة وعمق الأزمة ولم تعرف كيفية التعامل معها".

والمسألة الثانية، وفق قوله،"نريد أن يكون للحكومة برنامج واضح، فلا يكفي كلام الرئيس الذي قال أثناء تنصيب رئيس الحكومة الجديد إننا مطالبون برفع التحديات.

فالتحديات تتطلب تصورات ورؤى وبناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية، ونحن نوافق رئيس الجمهورية في هذا كله ولكن ذلك لا يمكن أن يكون بالشعارات والكلام. فجميعنا نهدف إلى هذه الدولة ولكن يجب أن تكون لدينا حكومة لديها رؤية واضحة مفصلة ودقيقة".

وبين زهير المغزاوي "الكارتالات التي تحدث عنها الرئيس وتقوم بتجويع التونسيين لا تهم فقط الخبز والحليب، فاليوم للأسف لدينا خبز الفقراء وخبز الأغنياء، ومستشفى الفقراء ومستشفى الأغنياء، مدرسة الفقراء ومدرسة الأغنياء. يعني هذه هي "المرمة" التي تنتظر البلاد. وهذه لا تُجابه بالشعارات الرنانة وإنما بالفعل والعمل وببرنامج واضح وبالتشاور مع كل المجتمع السياسي والمدني في تونس".

وقال الأمين العام لحركة الشعب "التشاركية هي من المسائل المهمة في اللحظات الدقيقة وفي تاريخ البشرية، فالجبهة الداخلية يجب أن تكون جبهة متينة وموحدة ونحن نعتقد أن جل التونسيين كانوا مع لحظة 25 جويلية وكانت لهم انتظارات كبيرة ورئيس الجمهورية يتحمل مسؤوليته في أن يمثل هذه الجبهة الداخلية ويجعلها قوية حتى تقلع بالبلاد فعلا، كما هو يريد وكما نحن جميعا نريد. وبالتالي نريده إقلاعا فعليا ولا يتم فقط بالحديث والشعارات".

في ذات الاتجاه، قال الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي في تصريح لـ"الصباح" إنّ "الحزب ليس لديه انتظارات خاصة وإنما هي نفس انتظارات الشعب التونسي وباتت مزمنة منذ عقود طويلة. وتغيير الأشخاص لا يعد أولوية بالنسبة لنا على أهميته".

وأضاف "ما يهمّ، وهذا ما عبرنا عنه في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد محمد البراهمي، هو أي رؤية مستقبلية للبلاد وكيف نريدها. فرئيس الحكومة الجديد محكوم بضوابط دستورية معروفة بأن السياسات العامة يحّدها رئيس الجمهورية وتقوم الحكومة بتنفيذها".

وقال النابتي "اليوم المطلوب من رئيس الجمهورية هو تحويل المبادئ التي تحدث عنها إلى رؤية إستراتيجية للدولة التونسية والتدقيق في السياسات العامة على المدى القصير والمتوسط والبعيد وما يتطلبه من برامج وغيره من الإصلاحات في جميع القطاعات".

وبين الناطق الرسمي للحزب أن "السيدة نجلاء بودن قادت البلاد على مدى سنة وعشرة أشهر وتقييم أدائها من المفروض أن يُبنى على الأهداف التي كانت مطلوبة منها. وطالما أن الكثيرين لا يعرفون هذه الأهداف التي جاءت من أجلها فكيف سيتم التقييم".

وتساءل في ذات السياق "على أية مقاييس أو على أي أساس سيكون تقييم رئيس الحكومة الجديد ما لم توضع أهداف كمية وعلمية وواضحة بعلاقة بكل ما يهم حياة التونسيين".

وأّكد أن "رئيس الجمهورية مطالب اليوم بأن يوضح للتونسيين كيف ستكون تونس بعد سنوات، فإذا اتضحت الرؤية لديهم فإنهم أولا سيعلمون ما هو المطلوب منهم، وثانيا ستبتعد الحكومات من الارتجالية والاجتهاد الشخصي وعلى التقييم الانطباعي بل يكون وفق أهداف".

وأفاد "وضوح الرؤية والأهداف سيضمن ديمومة الحكومات التي هي من مؤشرات تقدم الدول وقوتها واستقرارها. ولا نستطيع تحقيق أي استقرار ما لم يكن هناك استقرار اقتصادي. فالمسألة هي مسألة رؤية وبرامج ووضوح".

من جهتها أكدت نائبة رئيس حزب آفاق تونس ريم محجوب في تصريح لـ "الصباح" "ما ننتظره كحزب من رئيس الحكومة الجديد هو ما ينتظره كل التونسيين من إصلاحات اقتصادية واجتماعية ورؤية واضحة، ولكن نعلم أن رئيس الجمهورية هو من يقرر كل شيء. فرئيس الحكومة سيكون عضوا تنفيذيا لما يراه الرئيس".

وأضافت محجوب "ما يراه رئيس الجمهورية نعرفه ولا أتصور أن يكون هناك تغيير في ظل، مع الأسف، غياب أي حوار تشاركي مع الجميع. فلا نرى أنه سيكون هناك تغيير كبير بتغيير رئيس الحكومة الذي هو رجل قانون وليس رجل اقتصاد. فلا نعرف شيئا عن مدى كفاءته في ظل الأزمة التي نعيشها في البلاد".

وقالت "في كل الحالات مهما تغيّرت الأسماء، فإنه ما لم تكن هناك إرادة سياسية لدى رئيس الجمهورية للتغيير فإننا لا ننتظر أي جديد. نحن لسنا ضد أي محاسبة ولا ضد المساءلة بل بالعكس ما حدث في تونس كله بسبب الإفلات من العقاب، بل نحن ضد كل ذلك ولكن يجب أن يكون في ظل قضاء عادل وناجع وبدولة القانون".

وأوضحت "رئيسة الحكومة السابقة تم تعيينها طبق دستور 2014، اليوم تم تعيين رئيس الحكومة الجديد وفق دستور 2022، ومع قيس سعيد لم نعد نفهم أي شيء.

فلا نعلم إلى الآن برنامج رئيس الحكومة الجديد، وماذا سيقدم وهل سيبقي على نفس الفريق الحكومي أم سيغيره، المسألة الوحيدة التي نعرفها إلى حد الآن أنه سيتم تنظيم انتخابات محلية في شهر أكتوبر أو نوفمبر وكأنه هذا ما ينقص تونس بانتخاب مؤسسات لا نفع منها. ومع الأسف الشديد نحن في سبات عميق من الشعب التونسي الذي لم يعد يهتم ولا يتفاعل، صحيح أنه نفر من الوضع ولكن لابد أن يتحمل مسؤوليته".

وقالت "نحن رجعنا إلى ما وراء الوراء، فكل مؤسسات الدولة نراها تسقط أمامنا، حتى الأشياء البسيطة من الحياة اليومية لم نعد نتمتع بها كانقطاع المياه والتيار الكهربائي في هذا الحر الشديد وفقدان المواد الأساسية والطوابير على الخبز".

من جهته أوضح عضو جبهة الخلاص الوطني سمير ديلو في تصريح لـ"الصباح" أنّ "الانتظارات أو التوقعات إن لم تكن مبنيّة على تعهّدات وبرامج قابلة للتحقيق تصبح ضربا من الرّجم بالغيب والتنجيم"..

وأضاف "لم يُجب أيّ مسؤول في الدولة لحد الآن عن السّؤال البديهي المرافق لأي قرار بالإعفاء والتعيين: إن كانت السيدة بودن قد نجحت في مهمّتها فلماذا تم عزلها؟ وإن كانت قد فشلت فلماذا لم تتمّ مصارحة الشّعب بمجالات الفشل وأسبابه والمسؤولين عنه".

وبيّن ديلو "رغم محدودية صلاحيّات رئيس الحكومة في ظل ما تعيشه البلاد من حكم الفرد المستند على دستور كتبه الرئيس بنفسه لنفسه، فمن غير المقبول أن تكون عملية التعيين خاضعة للمزاج الشخصي لمن عين دون التقيد بأي معايير أو مراعاة أي ضوابط، فالمفترض في خلفية المعين أن تكون متماشية مع تحديات المرحلة الحاليّة وطبيعة الأزمة التي تعيشها البلاد، وهي أزمة متعدّدة الأوجه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالنّظر للوضعيّة الاقتصاديّة شديدة التّعقيد والوضعيّة المالية الكارثية والانسداد السياسي غير المسبوق"..

وقال ديلو "لكن المفاجأة الكبرى تجلّت في أن رئيس الحكومة المعين ليس رجل اقتصاد ولا سياسة بل موظف سام متقاعد لا علاقة له بالشأن العام إلا من خلال تدوينات عسى أن لا تصحّ نسبتها له .

مشكلة البلاد ليست في تعيين فاشل وآخر موفّق بل غياب أي رؤية أو تصور يستبطن التوجه للتونسيين كمواطنين لا كرعايا ويعتبرهم شركاء في القرار لا مستهلكين لمضمون بلاغات شحيحة تنشرها صفحة الرئاسة وتتعلق بقضايا مفصلية تهم حياتهم و مصير بلدهم".

بعد تعيين رئيس حكومة جديد..   سياسيون لـ"الصباح": لا انتظارات جديدة ما لم تُحدد سياسات الدولة من رئيس الدولة

 

حاتم المليكي: لا توجد في النظام السياسي صلاحيات تسمح لرئيس الحكومة بأن يكون مهما في المنظومة السياسية

زهير المغزاوي: تحديات تتطلب تصورات ورؤى وبناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية، ونحن نوافق رئيس الجمهورية في هذا كله

محسن النابتي: رئيس الحكومة الجديد محكوم بضوابط دستورية معروفة بأن السياسات العامة يحددها رئيس الجمهورية وتقوم الحكومة بتنفيذها

ريم محجوب: مهما تغيّرت الأسماء فإنه ما لم تكن هناك إرادة سياسية لدى رئيس الجمهورية للتغيير فإننا لا ننتظر أي جديد

سمير ديلو: الانتظارات أو التوقعات إن لم تكن مبنيّة على تعهّدات وبرامج قابلة للتحقيق تصبح ضربا من الرّجم بالغيب والتنجيم

تونس – الصباح

لم تكن في حقيقة الأمر مسألة تغيير رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالأمر المفاجئ، بل دار الكثير من الحديث في المدة الأخيرة عن إقالات إما لوزراء أو أيضا لرئيستهم أو حتى لتغيير حكومي شامل.

تبقى ماهي انتظارات الرأي العام والسياسيين من تنصيب أحمد الحشاني رئيسا جديدا للحكومة، والذي مثل محور نقاش في هذه الفترة، فهل من الممكن أن يحدث التغيير في سياسة الدولة؟ أم أن الإشكال لا يمكن في الأشخاص في حد ذاتهم؟

هناك إجماع، تقريبا ممن تحدثت إليهم "الصباح" بأن تغيير رئيس الحكومة أو الإبقاء ليس بجوهر المشكل. بل الإشكالية تكمن في وضوح الرؤية في كل ما يتعلق بسياسات الدولة في جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

إيمان عبد اللطيف

 

قال الناشط السياسي المستقل حاتم المليكي في تصريح لـ"الصباح" "اعتبر أن درجة التغيير مرتبطة بأهمية المنصب، والنظام السياسي الحالي لا يعطي أهمية كبيرة لمنصب رئيس الحكومة وإلى رئيس الوزراء أو الوزير الأول".

وأضاف "لا يوجد في النظام سياسي صلاحيات تسمح لرئيس الحكومة بأن يكون مهما في المنظومة السياسية أي المنظومة التنفيذية وهذا ما أكدته تجربة السنتين اللتين عاشتهما السيدة نجلاء بودن. حتى ولو أن بعض الناس ربطوا ذلك بشخصيتها فإنه في تقديري المسألة مرتبطة بطبيعة المنصب وأهميته والذي هو نفسه بالنسبة لرئيس الحكومة الجديد".

وأفاد "بالتالي لا أتصور أنه سيكون هناك تغيير سيحدث، لأنه ليس لديه الصلاحيات الكافية ليحدث تغييرات في سياسات الحكومة. فنحن الآن لا نعرف إن كنا محكومين بالمرسوم 117 أو بالدستور، فهذه العملية غير واضحة في تونس".

وفي الحالتين، وفق قوله، "هناك أجهزة دولة تمتلك صلاحيات مثل المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء أو مجلس الأقاليم أو البرلمان، وإن كانت هي بدورها محدودة باعتبار أن رئيس الجمهورية يتدخل في تعيينات الأعضاء، ولكن في حالة رئيس الحكومة لا يوجد حديث على أنه له دور كبير".

وبيّن "إذا كان سيحدث تغيير في تونس، فإما أنه سيحدث على مستوى تغيير سياسات رئيس الجمهورية الحالي وإما تغيير الرئيس الحالي، والواضح أنه من خلال فيديو التنصيب وما جاء على لسان رئيس الجمهورية أن دور رئيس الحكومة سيكون التنسيق بين الوزراء حتى لا تكون هناك تصريحات أو مواقف متضاربة مع رئيس الجمهورية".

في ذات السياق أوضح أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لـ"الصباح" أنّه "في حقيقة الأمر انتظاراتنا أكثر من رئيس الجمهورية باعتباره هو من يرسم السياسات، فالتغيير مطلوب وقد طالبنا به منذ فترة طويلة ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات، وقلنا أن هناك شللا كبيرا وإدارة سيئة للمرحلة وأدت إلى وضع اجتماعي محتقن وإلى فقدان مواد أساسية والغلاء الفاحش للأسعار وبدأت في إخراج مسار 25 جويلية من أهدافه الحقيقية".

وأضاف المغزاوي"بالنسبة لنا العمق والجوهر الحقيقي لهذا المسار هو اقتصادي واجتماعي وليس فقط سياسيا وهذا ربما من خلافاتنا مع رئيس الجمهورية قيس سعيد في إدارة المرحلة فهو يرى المسألة السياسية هي الأهم ونحن نرى أن هذه الأخيرة يجب أن تسير جنبا الى جنب مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي".

وقال "انتظاراتنا اليوم هو أولا  إيقاف ظاهرة الطوابير على الخبز وندرة المواد في الأسواق ونحن بطبيعة الحال لا نحمل المسؤولية فقط لرئاستي الجمهورية والحكومة فهناك أسباب أخرى ولكن لهم جزء من هذه المسؤولية.

فهناك الإرث الثقيل للعشرية السابقة والأزمة العالمية التي أثرت على الجميع ولكن في نفس الوقت الإدارة لم تكن في مستوى اللحظة وعمق الأزمة ولم تعرف كيفية التعامل معها".

والمسألة الثانية، وفق قوله،"نريد أن يكون للحكومة برنامج واضح، فلا يكفي كلام الرئيس الذي قال أثناء تنصيب رئيس الحكومة الجديد إننا مطالبون برفع التحديات.

فالتحديات تتطلب تصورات ورؤى وبناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية، ونحن نوافق رئيس الجمهورية في هذا كله ولكن ذلك لا يمكن أن يكون بالشعارات والكلام. فجميعنا نهدف إلى هذه الدولة ولكن يجب أن تكون لدينا حكومة لديها رؤية واضحة مفصلة ودقيقة".

وبين زهير المغزاوي "الكارتالات التي تحدث عنها الرئيس وتقوم بتجويع التونسيين لا تهم فقط الخبز والحليب، فاليوم للأسف لدينا خبز الفقراء وخبز الأغنياء، ومستشفى الفقراء ومستشفى الأغنياء، مدرسة الفقراء ومدرسة الأغنياء. يعني هذه هي "المرمة" التي تنتظر البلاد. وهذه لا تُجابه بالشعارات الرنانة وإنما بالفعل والعمل وببرنامج واضح وبالتشاور مع كل المجتمع السياسي والمدني في تونس".

وقال الأمين العام لحركة الشعب "التشاركية هي من المسائل المهمة في اللحظات الدقيقة وفي تاريخ البشرية، فالجبهة الداخلية يجب أن تكون جبهة متينة وموحدة ونحن نعتقد أن جل التونسيين كانوا مع لحظة 25 جويلية وكانت لهم انتظارات كبيرة ورئيس الجمهورية يتحمل مسؤوليته في أن يمثل هذه الجبهة الداخلية ويجعلها قوية حتى تقلع بالبلاد فعلا، كما هو يريد وكما نحن جميعا نريد. وبالتالي نريده إقلاعا فعليا ولا يتم فقط بالحديث والشعارات".

في ذات الاتجاه، قال الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي في تصريح لـ"الصباح" إنّ "الحزب ليس لديه انتظارات خاصة وإنما هي نفس انتظارات الشعب التونسي وباتت مزمنة منذ عقود طويلة. وتغيير الأشخاص لا يعد أولوية بالنسبة لنا على أهميته".

وأضاف "ما يهمّ، وهذا ما عبرنا عنه في الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد محمد البراهمي، هو أي رؤية مستقبلية للبلاد وكيف نريدها. فرئيس الحكومة الجديد محكوم بضوابط دستورية معروفة بأن السياسات العامة يحّدها رئيس الجمهورية وتقوم الحكومة بتنفيذها".

وقال النابتي "اليوم المطلوب من رئيس الجمهورية هو تحويل المبادئ التي تحدث عنها إلى رؤية إستراتيجية للدولة التونسية والتدقيق في السياسات العامة على المدى القصير والمتوسط والبعيد وما يتطلبه من برامج وغيره من الإصلاحات في جميع القطاعات".

وبين الناطق الرسمي للحزب أن "السيدة نجلاء بودن قادت البلاد على مدى سنة وعشرة أشهر وتقييم أدائها من المفروض أن يُبنى على الأهداف التي كانت مطلوبة منها. وطالما أن الكثيرين لا يعرفون هذه الأهداف التي جاءت من أجلها فكيف سيتم التقييم".

وتساءل في ذات السياق "على أية مقاييس أو على أي أساس سيكون تقييم رئيس الحكومة الجديد ما لم توضع أهداف كمية وعلمية وواضحة بعلاقة بكل ما يهم حياة التونسيين".

وأّكد أن "رئيس الجمهورية مطالب اليوم بأن يوضح للتونسيين كيف ستكون تونس بعد سنوات، فإذا اتضحت الرؤية لديهم فإنهم أولا سيعلمون ما هو المطلوب منهم، وثانيا ستبتعد الحكومات من الارتجالية والاجتهاد الشخصي وعلى التقييم الانطباعي بل يكون وفق أهداف".

وأفاد "وضوح الرؤية والأهداف سيضمن ديمومة الحكومات التي هي من مؤشرات تقدم الدول وقوتها واستقرارها. ولا نستطيع تحقيق أي استقرار ما لم يكن هناك استقرار اقتصادي. فالمسألة هي مسألة رؤية وبرامج ووضوح".

من جهتها أكدت نائبة رئيس حزب آفاق تونس ريم محجوب في تصريح لـ "الصباح" "ما ننتظره كحزب من رئيس الحكومة الجديد هو ما ينتظره كل التونسيين من إصلاحات اقتصادية واجتماعية ورؤية واضحة، ولكن نعلم أن رئيس الجمهورية هو من يقرر كل شيء. فرئيس الحكومة سيكون عضوا تنفيذيا لما يراه الرئيس".

وأضافت محجوب "ما يراه رئيس الجمهورية نعرفه ولا أتصور أن يكون هناك تغيير في ظل، مع الأسف، غياب أي حوار تشاركي مع الجميع. فلا نرى أنه سيكون هناك تغيير كبير بتغيير رئيس الحكومة الذي هو رجل قانون وليس رجل اقتصاد. فلا نعرف شيئا عن مدى كفاءته في ظل الأزمة التي نعيشها في البلاد".

وقالت "في كل الحالات مهما تغيّرت الأسماء، فإنه ما لم تكن هناك إرادة سياسية لدى رئيس الجمهورية للتغيير فإننا لا ننتظر أي جديد. نحن لسنا ضد أي محاسبة ولا ضد المساءلة بل بالعكس ما حدث في تونس كله بسبب الإفلات من العقاب، بل نحن ضد كل ذلك ولكن يجب أن يكون في ظل قضاء عادل وناجع وبدولة القانون".

وأوضحت "رئيسة الحكومة السابقة تم تعيينها طبق دستور 2014، اليوم تم تعيين رئيس الحكومة الجديد وفق دستور 2022، ومع قيس سعيد لم نعد نفهم أي شيء.

فلا نعلم إلى الآن برنامج رئيس الحكومة الجديد، وماذا سيقدم وهل سيبقي على نفس الفريق الحكومي أم سيغيره، المسألة الوحيدة التي نعرفها إلى حد الآن أنه سيتم تنظيم انتخابات محلية في شهر أكتوبر أو نوفمبر وكأنه هذا ما ينقص تونس بانتخاب مؤسسات لا نفع منها. ومع الأسف الشديد نحن في سبات عميق من الشعب التونسي الذي لم يعد يهتم ولا يتفاعل، صحيح أنه نفر من الوضع ولكن لابد أن يتحمل مسؤوليته".

وقالت "نحن رجعنا إلى ما وراء الوراء، فكل مؤسسات الدولة نراها تسقط أمامنا، حتى الأشياء البسيطة من الحياة اليومية لم نعد نتمتع بها كانقطاع المياه والتيار الكهربائي في هذا الحر الشديد وفقدان المواد الأساسية والطوابير على الخبز".

من جهته أوضح عضو جبهة الخلاص الوطني سمير ديلو في تصريح لـ"الصباح" أنّ "الانتظارات أو التوقعات إن لم تكن مبنيّة على تعهّدات وبرامج قابلة للتحقيق تصبح ضربا من الرّجم بالغيب والتنجيم"..

وأضاف "لم يُجب أيّ مسؤول في الدولة لحد الآن عن السّؤال البديهي المرافق لأي قرار بالإعفاء والتعيين: إن كانت السيدة بودن قد نجحت في مهمّتها فلماذا تم عزلها؟ وإن كانت قد فشلت فلماذا لم تتمّ مصارحة الشّعب بمجالات الفشل وأسبابه والمسؤولين عنه".

وبيّن ديلو "رغم محدودية صلاحيّات رئيس الحكومة في ظل ما تعيشه البلاد من حكم الفرد المستند على دستور كتبه الرئيس بنفسه لنفسه، فمن غير المقبول أن تكون عملية التعيين خاضعة للمزاج الشخصي لمن عين دون التقيد بأي معايير أو مراعاة أي ضوابط، فالمفترض في خلفية المعين أن تكون متماشية مع تحديات المرحلة الحاليّة وطبيعة الأزمة التي تعيشها البلاد، وهي أزمة متعدّدة الأوجه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالنّظر للوضعيّة الاقتصاديّة شديدة التّعقيد والوضعيّة المالية الكارثية والانسداد السياسي غير المسبوق"..

وقال ديلو "لكن المفاجأة الكبرى تجلّت في أن رئيس الحكومة المعين ليس رجل اقتصاد ولا سياسة بل موظف سام متقاعد لا علاقة له بالشأن العام إلا من خلال تدوينات عسى أن لا تصحّ نسبتها له .

مشكلة البلاد ليست في تعيين فاشل وآخر موفّق بل غياب أي رؤية أو تصور يستبطن التوجه للتونسيين كمواطنين لا كرعايا ويعتبرهم شركاء في القرار لا مستهلكين لمضمون بلاغات شحيحة تنشرها صفحة الرئاسة وتتعلق بقضايا مفصلية تهم حياتهم و مصير بلدهم".