بدأ العد التنازلي لنهاية العطلة الصيفية لتبدأ الاستعدادات والتحضيرات للعودة المدرسية والجامعية للموسم الدراسي 2023/2024، خاصة أن مواعيد القيام بإجراءات الترسيم والنُقل والدراسة ستنطلق خلال الأسابيع القليلة القادمة، وفق ما أعلنت عنه وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، وسط أجواء تخيم عليها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. فيما تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تعلن عنه سلطة الإشراف من إجراءات ومبادرات إصلاحية خاصة ما يتعلق بالمجلس الأعلى للتربية الذي تم التنصيص عليه في الدستور كهيكل تعديلي وإصلاحي هام للقطاع التربوي بعد أن نخرته الإشكاليات والأزمات والتردي وبات في شكله ووضعه الحاليين غير قادر على مجاراة نسق التطور.
ولعل ما يميز هذا الموسم الدراسي المرتقب هو الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمناخ العام في البلاد والمجتمع الذي يخيم على الوضع العام خلال هذه المرحلة والصائفة باعتبار أن بعضها هو نتيجة تراكمات وامتداد لمخلفات المراحل السابقة. ثم أن تحديات كبيرة تنتظر سلطة الإشراف للقيام بالإصلاحات والمراجعات المطلوبة من أجل تدارك الهنات والإشكاليات التي لطالما عانى منها القطاع وساهمت في تراجع مستوى التعليم في تونس فضلا عن ضرب التعليم العمومي بشكل ممنهج. إذ أكد محمد علي البوغديري وزير التربية منذ أيام أنّه لا مجال لتعطيل سير عمل المدارس العمومية مستقبلا، وأنّه آن الأوان لإصلاح المدرسة العمومية، لتقوم بدورها الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب دورها التربوي والتعليمي. وهي رسائل اعتبرها بعض المتابعين للشأن العام في تونس واضحة المعالم موجهة بالأساس للأولياء والتلاميذ والأسرة التربوية بشكل عام ليكون جميعهم على علم بحقيقة الوضع في الموسم الدراسي الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أسابيع قليلة.
ويذكر أنه على خلافا لبقية المواسم الدراسية السابقة، تم التوصل إلى الحسم في الأزمة القائمة بين وزارة التربية ونقابات التعليم الأساسي والثانوي وذلك بعد ماراطون من اللقاءات منذ بداية العام الدراسي الماضي وتعثر الحوار في عديد المرات لترجح كفة الغلبة فيه لسلطة الإشراف بعد قرار نقابة التعليم الأساسي نهاية جويلية المنقضي إنهاء حجب الأعداد الذي تواصل طيلة الموسم الدراسي وبعد التوصل إلى اتفاق مع نقابة الثانوي في ماي الماضي وطي صفحة الخلاف الذي كان قائما. وذلك بعد مرور الوزارة المعنية إلى اتخاذ جملة من الإجراءات التأديبية المتمثلة في إعفاء عدد من مديري المدارس وحجز رواتب آلاف من المعلمين ممن لم يمتثلوا للقوانين المعمول بها في أداء مهامهم. إذ أعلنت وزارة التربية في بداية شهر جويلية الماضي عن إعفاء 350 مدير مدرسة من مناصبهم، وحجز رواتب 17 ألف معلّم، على خلفية حجبهم كشوف التلاميذ التي سلمها المعلمون إلى الإدارة.فضلا عن تحول المعركة القطاعية إلى أروقة المحاكم بعد لجوء الجهات النقابية وسلطة الإشراف والأولياء من جهة إلى القضاء في أكثر من مناسبة. خاصة أن المطالب النقابية كانت مادية واجتماعية بالأساس مقابل غياب أي مبادرة أو رؤية إصلاحية للبرامج وآليات التعليم في تونس باعتبارها من الأولويات التي لطالما دعا إليها وطالب بضرورة القيام بها من أجل تطوير منظومة التربية والتعليم في تونس وإعادة الاعتبار للمؤسسة التربوية العمومية في ظل الانتشار الواسع للإعلام الخاص الذي كان المستفيد الأكبر من الأزمة القائمة في التعليم العمومي. الأمر الذي دفع البعض إلى اتهام الهياكل النقابية بإثارة مثل هذه الأزمات بهدف ضرب التعليم العمومي لفائدة القطاع الخاص.
ارتفاع أسعار الكتب
إذ من المنتظر أن تلقي أزمة الورق العالمية ومتطلبات الطباعة بثقلها على أسعار الكتاب المدرسي رغم قرار سلطة الإشراف تغليب المصلحة الوطنية وإرجاع طباعة الكتب بتونس، بعد أن كانت تطبع من قبل في تركيا وما خلفته هذه العملية من جدل ونقد واستنكار في أوساط عديدة. فيما أكد وزير التربية أيضا أنه سوف لن يتم الترفيع في سعر الكراس المدعم مقابل ترفيع طفيف في بعض الكتب المدرسية فقط. لتتزامن العودة المدرسية مع نهاية فصل الصيف موسم الترفيه والأفراح إضافة إلى غلاء المسجل في الأسعار وضغط افتقاد عديد المواد الاستهلاكية والغذائية.
كما أن البنية التحتية المهترئة لعديد المؤسسات التربوية وعدم توفر بعضها الآخر على أبسط الشروط الصحية وعدم جاهزية البعض الآخر لفتح أبوابها للتلاميذ في مختلف المستويات التعليمية تدفع الجهات المعنية إلى فتح ملف الصيانة وإعادة التهيئة بصفة مبكرة حتى لا تضطر إلى تأجيل فتح بعضها في المواعيد المقررة للعودة المدرسية.
الحوار الاجتماعي في الميزان
ولئن أكد وزير التربية على أن على أن بلادنا تعترف بالمواثيق والأعراف والاتّفاقيات الدولية وعلى رأسها الحوار الاجتماعي والعمل النقابي المضمون دستوريا، فإن البعض الآخر يعتبر نجاعة سياسية البوغديري في قلب موازين القوى لفائدة سلطة الإشراف في المعركة القائمة بينها وبين الهياكل النقابية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل يؤشر لموسم دراسي ساخن لاسيما في ظل ما اتسمت به مواقف وزارة التربية من جرأة وقوة في التعاطي مع هذه النقابات. في المقابل أكد أكثر من طرف نقابي أن الحوار مع سلطة الإشراف حول جملة المطالب المرفوعة من تحسين في الوضعية المادية وترقيات وتسوية وضعيات مهنية سوف لن تغلق طالما لم يتم الحسم فيها نهائيا والاتفاق حولها لتكون لهذا الحوار بقية في الموسم الدراسي القادم.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
بدأ العد التنازلي لنهاية العطلة الصيفية لتبدأ الاستعدادات والتحضيرات للعودة المدرسية والجامعية للموسم الدراسي 2023/2024، خاصة أن مواعيد القيام بإجراءات الترسيم والنُقل والدراسة ستنطلق خلال الأسابيع القليلة القادمة، وفق ما أعلنت عنه وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، وسط أجواء تخيم عليها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. فيما تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تعلن عنه سلطة الإشراف من إجراءات ومبادرات إصلاحية خاصة ما يتعلق بالمجلس الأعلى للتربية الذي تم التنصيص عليه في الدستور كهيكل تعديلي وإصلاحي هام للقطاع التربوي بعد أن نخرته الإشكاليات والأزمات والتردي وبات في شكله ووضعه الحاليين غير قادر على مجاراة نسق التطور.
ولعل ما يميز هذا الموسم الدراسي المرتقب هو الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمناخ العام في البلاد والمجتمع الذي يخيم على الوضع العام خلال هذه المرحلة والصائفة باعتبار أن بعضها هو نتيجة تراكمات وامتداد لمخلفات المراحل السابقة. ثم أن تحديات كبيرة تنتظر سلطة الإشراف للقيام بالإصلاحات والمراجعات المطلوبة من أجل تدارك الهنات والإشكاليات التي لطالما عانى منها القطاع وساهمت في تراجع مستوى التعليم في تونس فضلا عن ضرب التعليم العمومي بشكل ممنهج. إذ أكد محمد علي البوغديري وزير التربية منذ أيام أنّه لا مجال لتعطيل سير عمل المدارس العمومية مستقبلا، وأنّه آن الأوان لإصلاح المدرسة العمومية، لتقوم بدورها الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب دورها التربوي والتعليمي. وهي رسائل اعتبرها بعض المتابعين للشأن العام في تونس واضحة المعالم موجهة بالأساس للأولياء والتلاميذ والأسرة التربوية بشكل عام ليكون جميعهم على علم بحقيقة الوضع في الموسم الدراسي الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أسابيع قليلة.
ويذكر أنه على خلافا لبقية المواسم الدراسية السابقة، تم التوصل إلى الحسم في الأزمة القائمة بين وزارة التربية ونقابات التعليم الأساسي والثانوي وذلك بعد ماراطون من اللقاءات منذ بداية العام الدراسي الماضي وتعثر الحوار في عديد المرات لترجح كفة الغلبة فيه لسلطة الإشراف بعد قرار نقابة التعليم الأساسي نهاية جويلية المنقضي إنهاء حجب الأعداد الذي تواصل طيلة الموسم الدراسي وبعد التوصل إلى اتفاق مع نقابة الثانوي في ماي الماضي وطي صفحة الخلاف الذي كان قائما. وذلك بعد مرور الوزارة المعنية إلى اتخاذ جملة من الإجراءات التأديبية المتمثلة في إعفاء عدد من مديري المدارس وحجز رواتب آلاف من المعلمين ممن لم يمتثلوا للقوانين المعمول بها في أداء مهامهم. إذ أعلنت وزارة التربية في بداية شهر جويلية الماضي عن إعفاء 350 مدير مدرسة من مناصبهم، وحجز رواتب 17 ألف معلّم، على خلفية حجبهم كشوف التلاميذ التي سلمها المعلمون إلى الإدارة.فضلا عن تحول المعركة القطاعية إلى أروقة المحاكم بعد لجوء الجهات النقابية وسلطة الإشراف والأولياء من جهة إلى القضاء في أكثر من مناسبة. خاصة أن المطالب النقابية كانت مادية واجتماعية بالأساس مقابل غياب أي مبادرة أو رؤية إصلاحية للبرامج وآليات التعليم في تونس باعتبارها من الأولويات التي لطالما دعا إليها وطالب بضرورة القيام بها من أجل تطوير منظومة التربية والتعليم في تونس وإعادة الاعتبار للمؤسسة التربوية العمومية في ظل الانتشار الواسع للإعلام الخاص الذي كان المستفيد الأكبر من الأزمة القائمة في التعليم العمومي. الأمر الذي دفع البعض إلى اتهام الهياكل النقابية بإثارة مثل هذه الأزمات بهدف ضرب التعليم العمومي لفائدة القطاع الخاص.
ارتفاع أسعار الكتب
إذ من المنتظر أن تلقي أزمة الورق العالمية ومتطلبات الطباعة بثقلها على أسعار الكتاب المدرسي رغم قرار سلطة الإشراف تغليب المصلحة الوطنية وإرجاع طباعة الكتب بتونس، بعد أن كانت تطبع من قبل في تركيا وما خلفته هذه العملية من جدل ونقد واستنكار في أوساط عديدة. فيما أكد وزير التربية أيضا أنه سوف لن يتم الترفيع في سعر الكراس المدعم مقابل ترفيع طفيف في بعض الكتب المدرسية فقط. لتتزامن العودة المدرسية مع نهاية فصل الصيف موسم الترفيه والأفراح إضافة إلى غلاء المسجل في الأسعار وضغط افتقاد عديد المواد الاستهلاكية والغذائية.
كما أن البنية التحتية المهترئة لعديد المؤسسات التربوية وعدم توفر بعضها الآخر على أبسط الشروط الصحية وعدم جاهزية البعض الآخر لفتح أبوابها للتلاميذ في مختلف المستويات التعليمية تدفع الجهات المعنية إلى فتح ملف الصيانة وإعادة التهيئة بصفة مبكرة حتى لا تضطر إلى تأجيل فتح بعضها في المواعيد المقررة للعودة المدرسية.
الحوار الاجتماعي في الميزان
ولئن أكد وزير التربية على أن على أن بلادنا تعترف بالمواثيق والأعراف والاتّفاقيات الدولية وعلى رأسها الحوار الاجتماعي والعمل النقابي المضمون دستوريا، فإن البعض الآخر يعتبر نجاعة سياسية البوغديري في قلب موازين القوى لفائدة سلطة الإشراف في المعركة القائمة بينها وبين الهياكل النقابية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل يؤشر لموسم دراسي ساخن لاسيما في ظل ما اتسمت به مواقف وزارة التربية من جرأة وقوة في التعاطي مع هذه النقابات. في المقابل أكد أكثر من طرف نقابي أن الحوار مع سلطة الإشراف حول جملة المطالب المرفوعة من تحسين في الوضعية المادية وترقيات وتسوية وضعيات مهنية سوف لن تغلق طالما لم يتم الحسم فيها نهائيا والاتفاق حولها لتكون لهذا الحوار بقية في الموسم الدراسي القادم.