لئن أجمعت أغلب قراءات وآراء المتابعين للشأن السياسي في تونس على فشل الأحزاب وغيرها من القوى السياسية المعارضة لسياسة الدولة اليوم في تخطي عتبة الموقف المعارض خلال السنتين الأخيرتين لعدة أسباب من بينها عدم التجانس في الأفكار والأهداف وعدم القيام بالمراجعات اللازمة إضافة إلى غياب البرامج وتراجع القواعد الشعبية لها، فإن التغيير الوحيد المسجل في مستوى هذه القوى هو تحول المعارضات في الجمع بين الأحزاب والسياسيين أو القوى التي كانت في صفوف المعارضة للحكم خلال العشرية الماضية إلى معارضة واحدة تقف على نفس الخط في معارضة قيس سعيد رئيس الجمهورية، في تأكيد للديناميكية الحزبية المبنية على "قاعدة: عدو عدوي صديقي" بشكل ينسف كل الخطوط الحمراء التي كانت مرسومة بين هؤلاء الفرقاء. وهو تقارب يراهن عليه البعض ليكون منطلقا آخر لإعادة رسم المشهد السياسي في الجمهورية الجديدة بهدف خلق توازنات حزبية وسياسية جديدة لاسيما في ظل الوضع الراهن للأحزاب بما في ذلك المكونة لمنظومة الحكم في العشرية الماضية أو المعارضة لها، وعلاقة سلطة الإشراف بها وهي علاقة أقرب للعدمية.
ليجتمع بذلك فرقاء الأمس من تيارات سياسية وتوجهات مختلفة منها اليمينية واليسارية والتقدمية والدستورية وغيرها في تقاطع مع نهج يوحّد مواقفها الرسمية تجاه السلطة لتضاف لها في ذلك منظمات وجمعيات وهياكل مدنية وقطاعية وحقوقية وغيرها حول نفس الموقف المعادي أو المعارض لسياسة سعيد في إدارة دواليب الدولة. وهو تقاطع وتجمّع بين قوى لا يجمع بينها خط فكري ولا رؤية موحدة ولا نظرة مشتركة أنما هو تحالف جديد أملته المرحلة، حسب تأكيد البعض، بدافع تقوية حزام المعارضة.
فمسألة التحول والتبدل في المواقف من المعارضة إلى التأييد والقبول أو عكس ذلك، تعد من الظواهر التي ميزت الساحة السياسية في تونس ما بعد 2011، وغدت هذه الظاهرة عنوانا بارزا للمرحلة وللمشهد السياسي والحزبي خلال العشرية الماضية ضمن أجندات وأهداف بقطع النظر عن انعدام توفر المشترك الفكري والإيديولوجي والأدبي والرؤية السياسية لتشكل هذه القوى بدورها عناوين لـ"توافقات وتحالفات وتفاهمات" تجسدت في أبعد تجلياتها الراهنة في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021.
ففي قراءة كرونولوجية لظاهرة التحول في المواقف السياسية حول "المعارضة" كنقطة محورية في تحديد تحولات الطبقة السياسية في تاريخ تونس السياسي الحديث منذ سقوط منظومة الراحل زين العابدين بن علي إلى غاية هذه الفترة، يتبين الجميع صعوبة تصنيف أي جهة سياسية أو تحديد موقف ثابت لها إما في صفوف المعارضة أو الدعم والمولاة للسلطة. فبعد أول انتخابات تشريعية لتونس في هذه المرحلة في أكتوبر 2011 وإثر انتخاب المجلس الوطني التأسيسي اختارت عدة أحزاب موقع المعارضة لمنظومة الحكم التي تركبت من "الترويكا"، وهي حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل، خاصة أن الأحزاب التقليدية هي التي كانت عنوانا للمرحلة بعد حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان مكونا لمنظومة الحكم في المرحلة السابقة. ليكون بذلك حزب العمال وحركة الوطنيين الديمقراطيين والوطد إلى جانب أحزاب وتيارات يسارية وأخرى قومية ضمن الجبهة الشعبية في صفوف المعارضة للترويكا. ليلتحق بالمعارضة في فترة لاحقة ائتلاف يتكون من ثلاثة من أحزاب رئيسية لشكل قطبًا أُطلق عليه اسم "الاتحاد من أجل تونس"، ضم إلى جانب "حركة نداء تونس" الفتية آنذاك، التي يتزعمها رئيس وزراء حكومة الفترة الانتقالية ما بعد سقوط منظومة بن علي والانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني التأسيسي ورئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي وتضم أيضا حزبي "الجمهوري" بقيادة الراحلة مي الجريبي و"المسار الديمقراطي الاجتماعي" بزعامة الراحل أحمد إبراهيم وأحزاب أخرى كانت في المعارضة أيضا على غرار "آفاق تونس". لتساهم ظاهرة تفشي التحالفات واندماج القوى السياسية وتوالد الأحزاب في تعزيز مكونات المشهد الحزبي في مراحل مختلفة من العشرية الماضية. الأمر الذي خلق ديناميكية في المشهد السياسي. فنداء تونس الذي كان يتزعم المعارضة للترويكا، تحول بعد فوزه في الانتخابات التشريعية 2014 بأغلبية المقاعد في البرلمان فضلا عن فوز رئيسه قايد السبسي في الانتخابات الرئاسية من معارض لحركة النهضة الفاعلة بقوة في منظومة الحكم إلى حليف استراتيجي وشريك معها الحكم، في تغيير جذري لمواقف قيادياته على نحو صادم لشق واسع من القواعد الشعبية المنتخبة للحزب وأيضا لبعض قياديي النداء ممن خيروا إعلان الاستقالة أو الانسحاب.
فكان أن توالدت في مرحلة ما بعد المحطة الانتخابية الثانية في العشرية الماضية أحزاب جديدة خرجت من رحم أحزاب وقوى في تأكيد لحالة التشظي والانقسامات التي عرفتها كردود أفعال حيال التبدل المسجل في المواقف وعدم الثبات على موقع أو خط إما ضمن المعارضة أو الانخراط في ظاهرة التحالفات والوفاقات والتفاهمات التي ميزت المرحلة. لتطفو على سطح المشهد العام في فترات متفاوتة من نفس المرحلة أحزاب سياسية جديدة وأخرى قديمة أو متجددة على غرار التيار الديمقراطي الذي خرج أغلب قيادييه من المؤتمر من أجل الجمهورية إضافة إلى "مشروع تونس" و"تحيا تونس" و"الحزب الدستوري الحر" و"عيش تونسي" و"ائتلاف الكرامة" و"الوطد" و"المسار" وغيرها. خاصة أن نتائج الانتخابات التشريعية لتونس 2019 وضعت جل هذه القوى في موقع الفاعلين في المشهد السياسي سواء في منظومة الحكم أو المعارضين لها. إذ تحول "التيار" من المعارضة إلى الانخراط في منظومة الحكم إلى جانب حركة النهضة و"قلب تونس" وتحيا تونس وغيرها.
لتتغير قواعد اللعبة السياسية في تونس منذ مسك رئيس الجمهورية بدواليب الحكم لتتغير بذلك الموازين السياسية لفائدته بعد قراراته القاضية بإقالة حكومة مشيشي وحل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بعد وضع دستور جديد عوضا عن دستور 2014. لتكشف بذلك المعارضة السياسية في تونس اليوم التي تقف في الخط المعادي لسياسة سعيد، عن تبدل مقومات المعارضة بعد تحول المعارضات أو "أعداء وفرقاء" الأمس إلى "أصدقاء" اليوم في مشاهد وصور "سيريالية"، نظرا لعدم توفر أي تجانس أو تقارب في الأفكار والرؤى والبرامج، ليكون عداءهم لسعيد ورفضه لسياسته ومشروعه السياسي هو العامل الذي وحّد هؤلاء المختلفون ولم شملهم حول موقف شكلي لا غير. لتتحول بذلك حركات وأحزاب التكتل والإرادة والجمهوري والنهضة والتيار وائتلاف الكرامة والعمال والاشتراكي وافاق تونس والدستوري الحر وغيرها إلى قوة معارضة لمنظومة الحكم التي يقودها سعيد.
وإذا كانت عبير موسي قد اختارت النأي بحزبها عن مشاركة بقية مكونات المعارضة الساحات والتحركات والانتصاب لحسابها الخاص في هذا السياق، فإن جمعيات ومنظمات وهياكل قطاعية مختلفة انخرطت ضمن هذه المعارضات. وقد ساهمت عدة عوامل في توسع دائرتها خلال السنيتين الأخيرتين لعل من أبرزها طول فترة الاستثنائي والضبابية التي اكتنفت المرحلة وتغييب ما تزخر به الدولة من كفاءات عن مواقع القرار والإدارة بما في ذك الوزارات، وعدم تشريك سعيد لأي طرف أو جهة في سياسة وصياغة تدابير الدولة خلال هذه المرحلة.
ليطرح بذلك وضع المعارضات في شكلها ومنهجها الجديد، مدى قدرتها على تحقيق التقارب والانسجام وتقديم النازلات والمراجعات المطلوبة في ظل تمسك أغلب قياديي الأحزاب المكونة لها بـ"الزعامة" ونزعة بعضهم للسلطة وإدراك مواقع القرار؟ لأن موقف المعارضة في مجموعها اليوم لا يقوم حول أفكار ومبادئ وبرامج وأجندات وطنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو فكرية وإنما تحددها المسافة أو الخطوط الحمراء التي وضعها رئيس الجمهورية أمام هؤلاء في علاقة بالسلطة والقرار. فمنطق الدينامكية الذي جمّع هؤلاء الفرقاء يمكنه أن يفرق المعارضة ويعيدها إلى مربعها الأول حيث أجسام سياسية غير متجانسة يحكمها الاختلاف.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
لئن أجمعت أغلب قراءات وآراء المتابعين للشأن السياسي في تونس على فشل الأحزاب وغيرها من القوى السياسية المعارضة لسياسة الدولة اليوم في تخطي عتبة الموقف المعارض خلال السنتين الأخيرتين لعدة أسباب من بينها عدم التجانس في الأفكار والأهداف وعدم القيام بالمراجعات اللازمة إضافة إلى غياب البرامج وتراجع القواعد الشعبية لها، فإن التغيير الوحيد المسجل في مستوى هذه القوى هو تحول المعارضات في الجمع بين الأحزاب والسياسيين أو القوى التي كانت في صفوف المعارضة للحكم خلال العشرية الماضية إلى معارضة واحدة تقف على نفس الخط في معارضة قيس سعيد رئيس الجمهورية، في تأكيد للديناميكية الحزبية المبنية على "قاعدة: عدو عدوي صديقي" بشكل ينسف كل الخطوط الحمراء التي كانت مرسومة بين هؤلاء الفرقاء. وهو تقارب يراهن عليه البعض ليكون منطلقا آخر لإعادة رسم المشهد السياسي في الجمهورية الجديدة بهدف خلق توازنات حزبية وسياسية جديدة لاسيما في ظل الوضع الراهن للأحزاب بما في ذلك المكونة لمنظومة الحكم في العشرية الماضية أو المعارضة لها، وعلاقة سلطة الإشراف بها وهي علاقة أقرب للعدمية.
ليجتمع بذلك فرقاء الأمس من تيارات سياسية وتوجهات مختلفة منها اليمينية واليسارية والتقدمية والدستورية وغيرها في تقاطع مع نهج يوحّد مواقفها الرسمية تجاه السلطة لتضاف لها في ذلك منظمات وجمعيات وهياكل مدنية وقطاعية وحقوقية وغيرها حول نفس الموقف المعادي أو المعارض لسياسة سعيد في إدارة دواليب الدولة. وهو تقاطع وتجمّع بين قوى لا يجمع بينها خط فكري ولا رؤية موحدة ولا نظرة مشتركة أنما هو تحالف جديد أملته المرحلة، حسب تأكيد البعض، بدافع تقوية حزام المعارضة.
فمسألة التحول والتبدل في المواقف من المعارضة إلى التأييد والقبول أو عكس ذلك، تعد من الظواهر التي ميزت الساحة السياسية في تونس ما بعد 2011، وغدت هذه الظاهرة عنوانا بارزا للمرحلة وللمشهد السياسي والحزبي خلال العشرية الماضية ضمن أجندات وأهداف بقطع النظر عن انعدام توفر المشترك الفكري والإيديولوجي والأدبي والرؤية السياسية لتشكل هذه القوى بدورها عناوين لـ"توافقات وتحالفات وتفاهمات" تجسدت في أبعد تجلياتها الراهنة في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021.
ففي قراءة كرونولوجية لظاهرة التحول في المواقف السياسية حول "المعارضة" كنقطة محورية في تحديد تحولات الطبقة السياسية في تاريخ تونس السياسي الحديث منذ سقوط منظومة الراحل زين العابدين بن علي إلى غاية هذه الفترة، يتبين الجميع صعوبة تصنيف أي جهة سياسية أو تحديد موقف ثابت لها إما في صفوف المعارضة أو الدعم والمولاة للسلطة. فبعد أول انتخابات تشريعية لتونس في هذه المرحلة في أكتوبر 2011 وإثر انتخاب المجلس الوطني التأسيسي اختارت عدة أحزاب موقع المعارضة لمنظومة الحكم التي تركبت من "الترويكا"، وهي حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل، خاصة أن الأحزاب التقليدية هي التي كانت عنوانا للمرحلة بعد حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان مكونا لمنظومة الحكم في المرحلة السابقة. ليكون بذلك حزب العمال وحركة الوطنيين الديمقراطيين والوطد إلى جانب أحزاب وتيارات يسارية وأخرى قومية ضمن الجبهة الشعبية في صفوف المعارضة للترويكا. ليلتحق بالمعارضة في فترة لاحقة ائتلاف يتكون من ثلاثة من أحزاب رئيسية لشكل قطبًا أُطلق عليه اسم "الاتحاد من أجل تونس"، ضم إلى جانب "حركة نداء تونس" الفتية آنذاك، التي يتزعمها رئيس وزراء حكومة الفترة الانتقالية ما بعد سقوط منظومة بن علي والانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني التأسيسي ورئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي وتضم أيضا حزبي "الجمهوري" بقيادة الراحلة مي الجريبي و"المسار الديمقراطي الاجتماعي" بزعامة الراحل أحمد إبراهيم وأحزاب أخرى كانت في المعارضة أيضا على غرار "آفاق تونس". لتساهم ظاهرة تفشي التحالفات واندماج القوى السياسية وتوالد الأحزاب في تعزيز مكونات المشهد الحزبي في مراحل مختلفة من العشرية الماضية. الأمر الذي خلق ديناميكية في المشهد السياسي. فنداء تونس الذي كان يتزعم المعارضة للترويكا، تحول بعد فوزه في الانتخابات التشريعية 2014 بأغلبية المقاعد في البرلمان فضلا عن فوز رئيسه قايد السبسي في الانتخابات الرئاسية من معارض لحركة النهضة الفاعلة بقوة في منظومة الحكم إلى حليف استراتيجي وشريك معها الحكم، في تغيير جذري لمواقف قيادياته على نحو صادم لشق واسع من القواعد الشعبية المنتخبة للحزب وأيضا لبعض قياديي النداء ممن خيروا إعلان الاستقالة أو الانسحاب.
فكان أن توالدت في مرحلة ما بعد المحطة الانتخابية الثانية في العشرية الماضية أحزاب جديدة خرجت من رحم أحزاب وقوى في تأكيد لحالة التشظي والانقسامات التي عرفتها كردود أفعال حيال التبدل المسجل في المواقف وعدم الثبات على موقع أو خط إما ضمن المعارضة أو الانخراط في ظاهرة التحالفات والوفاقات والتفاهمات التي ميزت المرحلة. لتطفو على سطح المشهد العام في فترات متفاوتة من نفس المرحلة أحزاب سياسية جديدة وأخرى قديمة أو متجددة على غرار التيار الديمقراطي الذي خرج أغلب قيادييه من المؤتمر من أجل الجمهورية إضافة إلى "مشروع تونس" و"تحيا تونس" و"الحزب الدستوري الحر" و"عيش تونسي" و"ائتلاف الكرامة" و"الوطد" و"المسار" وغيرها. خاصة أن نتائج الانتخابات التشريعية لتونس 2019 وضعت جل هذه القوى في موقع الفاعلين في المشهد السياسي سواء في منظومة الحكم أو المعارضين لها. إذ تحول "التيار" من المعارضة إلى الانخراط في منظومة الحكم إلى جانب حركة النهضة و"قلب تونس" وتحيا تونس وغيرها.
لتتغير قواعد اللعبة السياسية في تونس منذ مسك رئيس الجمهورية بدواليب الحكم لتتغير بذلك الموازين السياسية لفائدته بعد قراراته القاضية بإقالة حكومة مشيشي وحل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بعد وضع دستور جديد عوضا عن دستور 2014. لتكشف بذلك المعارضة السياسية في تونس اليوم التي تقف في الخط المعادي لسياسة سعيد، عن تبدل مقومات المعارضة بعد تحول المعارضات أو "أعداء وفرقاء" الأمس إلى "أصدقاء" اليوم في مشاهد وصور "سيريالية"، نظرا لعدم توفر أي تجانس أو تقارب في الأفكار والرؤى والبرامج، ليكون عداءهم لسعيد ورفضه لسياسته ومشروعه السياسي هو العامل الذي وحّد هؤلاء المختلفون ولم شملهم حول موقف شكلي لا غير. لتتحول بذلك حركات وأحزاب التكتل والإرادة والجمهوري والنهضة والتيار وائتلاف الكرامة والعمال والاشتراكي وافاق تونس والدستوري الحر وغيرها إلى قوة معارضة لمنظومة الحكم التي يقودها سعيد.
وإذا كانت عبير موسي قد اختارت النأي بحزبها عن مشاركة بقية مكونات المعارضة الساحات والتحركات والانتصاب لحسابها الخاص في هذا السياق، فإن جمعيات ومنظمات وهياكل قطاعية مختلفة انخرطت ضمن هذه المعارضات. وقد ساهمت عدة عوامل في توسع دائرتها خلال السنيتين الأخيرتين لعل من أبرزها طول فترة الاستثنائي والضبابية التي اكتنفت المرحلة وتغييب ما تزخر به الدولة من كفاءات عن مواقع القرار والإدارة بما في ذك الوزارات، وعدم تشريك سعيد لأي طرف أو جهة في سياسة وصياغة تدابير الدولة خلال هذه المرحلة.
ليطرح بذلك وضع المعارضات في شكلها ومنهجها الجديد، مدى قدرتها على تحقيق التقارب والانسجام وتقديم النازلات والمراجعات المطلوبة في ظل تمسك أغلب قياديي الأحزاب المكونة لها بـ"الزعامة" ونزعة بعضهم للسلطة وإدراك مواقع القرار؟ لأن موقف المعارضة في مجموعها اليوم لا يقوم حول أفكار ومبادئ وبرامج وأجندات وطنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو فكرية وإنما تحددها المسافة أو الخطوط الحمراء التي وضعها رئيس الجمهورية أمام هؤلاء في علاقة بالسلطة والقرار. فمنطق الدينامكية الذي جمّع هؤلاء الفرقاء يمكنه أن يفرق المعارضة ويعيدها إلى مربعها الأول حيث أجسام سياسية غير متجانسة يحكمها الاختلاف.