إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. اللجان لقبر الأزمات ..

 

من الشائع في العمل السياسي أنه من أراد قبر ملف أو وضعه في الرفوف فليبحث عن تشكيل لجنة تنظر في حل الأزمة.. وسيكون ذلك كفيلا بنسيان أسباب تكوين اللجنة ولكن دون حل جذري للازمة التي ستتفاقم وستتعقد أكثر.. هذه حقيقة تكاد تكون ثابتة في العالم العربي حيث تغيب ثقافة المحاسبة والمساءلة وتسود ثقافة التنصل من المسؤولية والهروب الى الأمام ولكن أيضا حيث تتصدر المشهد الوجوه والأسماء ذاتها التي لم تحصد غير الفشل ..

ولاشك أن في اجتماع الفصائل الفلسطينية الذي اختتمت أشغاله أول أمس الأحد بالقاهرة ما يحيلنا الى المربع الأول في مختلف الجهود التي ظلت عقيمة ولم تفلح في كسر الجمود بين فتح وحماس وإنهاء الانقسام الذي طال أمده بين سلطة غزة بزعامة إسماعيل هنية وسلطة رام  الله بزعامة محمود عباس وهو الانقسام الذي استنزف الجميع وتحول الى وبال على الفلسطينيين الذين يقرون بان الانقسام كان ولا يزال أفضل هدية للاحتلال وأن هذا الداء الذي اخترق البيت الفلسطيني هو الذي يمنح الاحتلال الأوكسيجين الذي يحتاجه لمواصلة ما يقوم به من جرائم يومية لا تميز بين غزاوي ومقدسي أو خلايلي أو غيره.. ولهذا السبب ولغيره أيضا قد لا نكشف سرا إذا اعتبرنا أن اللقاءات التي تسعى لجمع الإخوة الأعداء في عديد العواصم العربية لم تعد تثير اهتمام الشارع الفلسطيني ولا الإعلام الفلسطيني حيث تسود قناعة بأن لا شيء أشد خطرا على ماضي وحاضر ومستقبل الفلسطينيين مثل الاحتلال ويستوجب بالتالي التعجيل بإنهاء الانقسام من المشهد ومع ذلك فلا شيء يحدث..

المثير فعلا للتساؤلات وللمخاوف أن يتزامن لقاء القاهرة مع انفجار خطير في مخيم عين الحلوة في لبنان انتهى حسب آخر إحصائية الى حين كتابة هذه الكلمات الى مقتل تسعة أشخاص في اشتباكات فلسطينية-فلسطينية من شأنها أن تعيد الى الأذهان الأحداث الدموية التي مهدت للحرب الأهلية المدمرة في لبنان كل ذلك دون اعتبار لحالة الخراب والدمار الحاصل في المخيم بعد مقتل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا العميد في حركة فتح أبو أشرف العرموشي مع أربعة من مرافقيه وجرح آخرين بعد تعرضهم لكمين مسلح في حي البساتين داخل المخيم..لا نريد استباق الأحداث ولكن سيكون من المهم استعادة ما حدث في الجزائر قبل عام من جهود ديبلوماسية لجمع الفصائل الفلسطينية قبل قمة جمع الشمل التي انتهت دون تحقيق جمع الشمل الفلسطيني  المأمول لتبقى القطيعة قائمة والوحدة مستعصية حتى وإن كان ثمن هذا الانقسام كارثيا ويهدد بضياع ما بقي من الأرض ..

لقاء القاهرة سبقه وساطة تركية  للرئيس اردوغان حيث استقبلت أنقرة كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حماس إسماعيل هنية كل على حدة في محاولة لتمهيد الطريق نحو لقاء القاهرة بوساطة الرئيس المصري ..

طبعا ندرك جيدا أن لكل من اردوغان والسيسي حساباته من وراء احتضان اللقاء ومحاولات الاستثمار في هذه الجهود أمام الرأي العام المحلي والأجنبي وإظهار الاهتمام بالقضية الفلسطينية  في الإعلام المحلي والدولي في خضم تفاقم جرائم الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات اليومية للمقدسات والتهجير القسري للفلسطينيين ومع ذلك فإن الخطوة تستحق أن تتدعم على أرض الواقع وأن تكون منعرجا في المشهد.. الجديد في لقاء القاهرة أن الرئيس الفلسطيني حضر اللقاء لأول مرة منذ وقوع الانقسام لكن في المقابل غابت الجهاد وتعاطفت معها الجبهة الشعبية ما يجعل اللقاء منذ البداية مبتورا ..

والموضوعية تقتضي الإشارة الى أن غياب الجهاد مرده خلاف بشأن رجال المقاومة الذين ترفض السلطة إطلاق سراحهم بدعوى أنهم مدانون في جرائم حق عام فيما تصر الجهاد على أنهم عناصر من المقاومة ضد الاحتلال هنا مربط الفرس واصل الإشكالية بين فتح والجهاد وحماس أيضا في التعاطي مع المقاومة التي تعتبرها الفصائل الحل الوحيد المتبقي لردع الاحتلال ..

ولكن ماذا تحقق في لقاء القاهرة وهل يمكن التعاطي مع الانقسام على انه بات من الماضي؟

بالتأكيد انه من السابق لأوانه الحديث عن نهاية الانقسام فتغيير الواقع لن يكون بالأمنيات ولا بالدعاء ولقاء القاهرة قد لا يختلف في نتائجه عن لقاءات بين الإخوة الأعداء  الذين يجتمعون لالتقاط الصورة الجماعية وتوزيع الابتسامات قبل أن ينصرف كل الى وجهته فيما يبقى الاحتلال مسلطا على الرقاب يحتل الأرض ويقتحم ويدنس المقدسات ويواصل الاغتيالات ويشرد الأهالي ويزرع المستوطنات ويلغي نهائيا كل فرصة متبقية لإقامة الدولة الفلسطينية ومصادرة الحلم الفلسطيني.. سيظل الانقسام الداء الأخطر الذي يهدد مسار القضية الفلسطينية ولكنه سيظل أيضا الهدية التي لا تريد إسرائيل التفريط فيها.. ليس مهما  في هذه المرحلة من المسؤول عن الانقسام الذي سيلعنه التاريخ فالأكيد أن نتائجه يتقاسمها الجميع و بالتساوي ..

آسيا العتروس

ممنوع من الحياد..      اللجان لقبر الأزمات ..

 

من الشائع في العمل السياسي أنه من أراد قبر ملف أو وضعه في الرفوف فليبحث عن تشكيل لجنة تنظر في حل الأزمة.. وسيكون ذلك كفيلا بنسيان أسباب تكوين اللجنة ولكن دون حل جذري للازمة التي ستتفاقم وستتعقد أكثر.. هذه حقيقة تكاد تكون ثابتة في العالم العربي حيث تغيب ثقافة المحاسبة والمساءلة وتسود ثقافة التنصل من المسؤولية والهروب الى الأمام ولكن أيضا حيث تتصدر المشهد الوجوه والأسماء ذاتها التي لم تحصد غير الفشل ..

ولاشك أن في اجتماع الفصائل الفلسطينية الذي اختتمت أشغاله أول أمس الأحد بالقاهرة ما يحيلنا الى المربع الأول في مختلف الجهود التي ظلت عقيمة ولم تفلح في كسر الجمود بين فتح وحماس وإنهاء الانقسام الذي طال أمده بين سلطة غزة بزعامة إسماعيل هنية وسلطة رام  الله بزعامة محمود عباس وهو الانقسام الذي استنزف الجميع وتحول الى وبال على الفلسطينيين الذين يقرون بان الانقسام كان ولا يزال أفضل هدية للاحتلال وأن هذا الداء الذي اخترق البيت الفلسطيني هو الذي يمنح الاحتلال الأوكسيجين الذي يحتاجه لمواصلة ما يقوم به من جرائم يومية لا تميز بين غزاوي ومقدسي أو خلايلي أو غيره.. ولهذا السبب ولغيره أيضا قد لا نكشف سرا إذا اعتبرنا أن اللقاءات التي تسعى لجمع الإخوة الأعداء في عديد العواصم العربية لم تعد تثير اهتمام الشارع الفلسطيني ولا الإعلام الفلسطيني حيث تسود قناعة بأن لا شيء أشد خطرا على ماضي وحاضر ومستقبل الفلسطينيين مثل الاحتلال ويستوجب بالتالي التعجيل بإنهاء الانقسام من المشهد ومع ذلك فلا شيء يحدث..

المثير فعلا للتساؤلات وللمخاوف أن يتزامن لقاء القاهرة مع انفجار خطير في مخيم عين الحلوة في لبنان انتهى حسب آخر إحصائية الى حين كتابة هذه الكلمات الى مقتل تسعة أشخاص في اشتباكات فلسطينية-فلسطينية من شأنها أن تعيد الى الأذهان الأحداث الدموية التي مهدت للحرب الأهلية المدمرة في لبنان كل ذلك دون اعتبار لحالة الخراب والدمار الحاصل في المخيم بعد مقتل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا العميد في حركة فتح أبو أشرف العرموشي مع أربعة من مرافقيه وجرح آخرين بعد تعرضهم لكمين مسلح في حي البساتين داخل المخيم..لا نريد استباق الأحداث ولكن سيكون من المهم استعادة ما حدث في الجزائر قبل عام من جهود ديبلوماسية لجمع الفصائل الفلسطينية قبل قمة جمع الشمل التي انتهت دون تحقيق جمع الشمل الفلسطيني  المأمول لتبقى القطيعة قائمة والوحدة مستعصية حتى وإن كان ثمن هذا الانقسام كارثيا ويهدد بضياع ما بقي من الأرض ..

لقاء القاهرة سبقه وساطة تركية  للرئيس اردوغان حيث استقبلت أنقرة كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حماس إسماعيل هنية كل على حدة في محاولة لتمهيد الطريق نحو لقاء القاهرة بوساطة الرئيس المصري ..

طبعا ندرك جيدا أن لكل من اردوغان والسيسي حساباته من وراء احتضان اللقاء ومحاولات الاستثمار في هذه الجهود أمام الرأي العام المحلي والأجنبي وإظهار الاهتمام بالقضية الفلسطينية  في الإعلام المحلي والدولي في خضم تفاقم جرائم الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات اليومية للمقدسات والتهجير القسري للفلسطينيين ومع ذلك فإن الخطوة تستحق أن تتدعم على أرض الواقع وأن تكون منعرجا في المشهد.. الجديد في لقاء القاهرة أن الرئيس الفلسطيني حضر اللقاء لأول مرة منذ وقوع الانقسام لكن في المقابل غابت الجهاد وتعاطفت معها الجبهة الشعبية ما يجعل اللقاء منذ البداية مبتورا ..

والموضوعية تقتضي الإشارة الى أن غياب الجهاد مرده خلاف بشأن رجال المقاومة الذين ترفض السلطة إطلاق سراحهم بدعوى أنهم مدانون في جرائم حق عام فيما تصر الجهاد على أنهم عناصر من المقاومة ضد الاحتلال هنا مربط الفرس واصل الإشكالية بين فتح والجهاد وحماس أيضا في التعاطي مع المقاومة التي تعتبرها الفصائل الحل الوحيد المتبقي لردع الاحتلال ..

ولكن ماذا تحقق في لقاء القاهرة وهل يمكن التعاطي مع الانقسام على انه بات من الماضي؟

بالتأكيد انه من السابق لأوانه الحديث عن نهاية الانقسام فتغيير الواقع لن يكون بالأمنيات ولا بالدعاء ولقاء القاهرة قد لا يختلف في نتائجه عن لقاءات بين الإخوة الأعداء  الذين يجتمعون لالتقاط الصورة الجماعية وتوزيع الابتسامات قبل أن ينصرف كل الى وجهته فيما يبقى الاحتلال مسلطا على الرقاب يحتل الأرض ويقتحم ويدنس المقدسات ويواصل الاغتيالات ويشرد الأهالي ويزرع المستوطنات ويلغي نهائيا كل فرصة متبقية لإقامة الدولة الفلسطينية ومصادرة الحلم الفلسطيني.. سيظل الانقسام الداء الأخطر الذي يهدد مسار القضية الفلسطينية ولكنه سيظل أيضا الهدية التي لا تريد إسرائيل التفريط فيها.. ليس مهما  في هذه المرحلة من المسؤول عن الانقسام الذي سيلعنه التاريخ فالأكيد أن نتائجه يتقاسمها الجميع و بالتساوي ..

آسيا العتروس