إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

25 جويلية .. تأمّلات وآراء وانتظارات ..

بقلم : صلاح بوزيّان ، كاتب وباحث في الحضارة

 لا شكّ أنّ الرّئيس قيس سعيد يحاول بكلّ جهده إيجاد حلول للمشاكل المالية والقانونية التي تعيق جهود الإصلاح في البلاد. ونريد النّجاح لكلّ مساعيه الإصلاحية ، ولكن ثمّة قطاعات كان بالإمكان إجراء إصلاحات فيها بسرعة ونجاعة ملموسة.

ملفّ الحرائق في الصّيف والثّلوج في الشتاء

 ملفّ المناطق الشمالية ونقصد الغابات التونسية في ولاية جندوبة والشريط الحدودي ، كان بالإمكان تكليف مستشار في رئاسة الجمهورية أو إحداث إدارة أو كتابة دولة ، يهتمّ هذا المكلّف بمسألة البنية التحية للمنطقة الشمالية ويجري بحثا معمّقا للواقع الجغرافي والفلاحي والاجتماعي للمنطقة ويبحث في أسباب تكرار الحرائق وتراكم الثلوج في الشتاء ، لأنّ المنطقة تعاني لسنوات مشكلتين لم يتمّ البتّ فيهما منذ 2011 ، بل ومن قبل 2011. قلنا بعد البحث في الأسباب ينتقل هذا المكلّف رفقة فريق مصغّر من المساعدين إلى ضبط خطّة لتجاوز الصعوبات واقتراح الحلول وتنفيذها دون تردّد بالتنسيق مع الإدارات المركزية والجهوية والاستعانة بالكفاءات في الجامعة التونسية والخبراء في المجال والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة ، ودعم التجهيزات وتركيز نقاط للحماية المدنية وتطوير المراقبة بمنظومة إعلامية والطائرات دون طيّار ، وتعبيد بعض المسالك ، وإعادة التهيئة العمرانية بشكل منتظم تتوفّر فيه أسباب السّلامة، وهذا يمكن أن يتمّ بسهولة وفي وقت وجيز، ويتلمّس المواطن بوادر الانفراج من سنة إلى أخرى.

وإنّ من يتمّ تكليفه بهذا الملفّ يكون قادرًا على إيجاد الحلول لكلّ الصعوبات وأوّلها مشكل المال وذلك مثلا بالتنسيق مع أهالي الجهات ورجال الأعمال.

التلفزة الوطنية ومحتوايات البرامج

إنّ المتأمّل في محتويات البرامج التي تبثّها التلفزة الوطنية يقف حائرا متعجبا من حجم التكرار لمسلسلات قديمة : السبوعي ، الخطّاب على الباب و غيرها ، وكأنّ خزينة التلفزة قد نفدت، والحال أنّ المسألة تتعلقّ بالقدرة على البرمجة وانتقاء المحتويات التلفزية والتوقيت المناسب، الشعب في الصيف يحتاج إلى الترفيه والترويح ، ولنا رصيد من الإنتاج المسرحي والتلفزي يجمع بين البعد التربوي والترفيهي ويراعي رغبة الأسرة التونسية وتشوّقها إلى أفلام تونسية ومسرحيات ومنوعات، هل يُعقلُ أن تبقى التلفزة التونسية حبيسة مسلسل السبوعي والخطاب على الباب ، وهو يتكرّر المرات ؟ إنّنا في عالم متغيّر مقلّب وفي وضع اجتماعي تونسي يحتاج إلى تجويد منتوج التلفزة التونسية ، بما يليق بهذه المؤسّسة وبما يليق بالتّوجه الإصلاحي للرّئيس قيس سعيد المبني على احترام الهوية التونسية وتقدير الشعب التونسي واحترام المواطن التونسي . ويبدو أنّ المشكلة الحقيقية وراء هذه العثرات تتعلّق بالقدرة على البرمجة من ناحية وعلى الفهم العميق لمطالب الشعب التونسي ورغباته وأذواقه ، لا يمكن للتلفزة التونسية أن تغرّد بعيدا عن الشعب . التلفزة التونسية للشعب التونسي بمختلف شرائحه ومثقفيه ومبدعيه . ومن غير المعقول أن تمارس الرتابة وهي مطالبة بالإبداع .

قطاع الثقافة

ثمّة مهرجانات في جهات البلاد لكنّها موسمية ولا يمكن لها أن تلبّي طلبات الشّباب المبدع ، ولكن ما رأيناه في مهرجان قرطاج يدعو إلى فتح جسور التواصل مع المثقفين والمبدعين ، لتجاوز مثل هذه العثرات ، ما هو السبب الحقيقي لاختيار تلك العروض ؟ وما الحاجة إليها الآن ؟ إنّه التكرار ليس إلاّ والاكتفاء بتشريك بعض الأسماء الثقافية دون الكثير ممّن لهم قدرة على النّهوض بالقطاع وتجويد المردودية وصرف المال المرصود للغرض في الفعل الثقافي الذي يستحقّه ، أليس ثمّة أساتذة تخرجوا من  معهد المسرح والسينما ومعهد الموسيقى وكليّات الآداب والفنون ؟ كان بالإمكان إتاحة الفرصة لهم . ونلاحظ أنّ وزارة الثقافة لا توسّع التعاون مع الأدباء والكُتّاب والشعراء والفنانين في البلاد بما فيه الكفاية ، فالثقافة ليست فقط ترميم بيوت قديمة لها بعدها التاريخي أو مهرجانات موسيقية أو جوائز، بل الثقافة غذاء روحي وفكري يحتاجه المواطن التونسي وقدرة على توليد الصناعة الثقافية من الثقافة نفسها بما يوفّر المال ، كما أنّ تنمية المواهب وتشجيع الشباب المبدع يساهم في  إرساء التعايش بين الناس وتمتين العلاقات والتوازن الفكري ، و ينمّي مستوى التّحضّر في سلوك المواطن، كما لاحظنا أنّ كلّ التظاهرات الثقافية المهمّة لا تتجاوز حدود العاصمة ، وكان بإمكان وزراة الثقافة أن تبعث دور ثقافة جديدة في المناطق الداخلية  ومعاهد موسيقية وتحوّل المخزون التراثي  إلى منتوج ثقافي يمكن ترويجه في إطار السياحة الثقافية ( القيروان ، دقة ، سبيطلة ، توزر..) ، وهذا يثري الخزينة التونسية بالعملة الصعبة ويخلق حركية في النقل الجوي والحجوزات النزلية. ويتكاثر عدد الوافدين على تونس لأجل الأنشطة الثقافية والدراسات الثقافية . صحيح أنّ وضع المالية العمومية صعب، و لكن نعتقد أنّ ذلك ليس عائقا إذا كانت ثمّة رغبة حقيقية في التغيير والبناء وثمّة إيمان عميق بالمشروع الإصلاحي للرّئيس قيس سعيد ، إنّ رغبة الرّئيس في تنمية البلاد واستصلاح القطاعات وإذكاء روح الهوية التونسية ونشر ثقافة العمل والإخلاص في الواجب هي من القناعات الراسخة لدى السواد الأعظم من الشعب، ولكن كلّ التجارب العالمية الإصلاحية أثبتت أهمّية التشاركية والإصغاء لأهل الاختصاص في أيّ مجال وضرورة توسيع قاعدة الاستشارة ، كالاستعانة بكفاءات تونسية من الجامعة التونسية والمبدعين والخبراء ومن الذين أثبتت الأيّام صدق رغبتهم في معاضدة جهود الإصلاح لا بالكلام ولكن بالفعل وبتقديم مقترحات وتنفيذها وتلمّس نتائجها في وقت وجيز في الثقافة والتربية والشباب وفي مجالات أخرى مثل قطاع النّقل العمومي والصّيد البحري والإعلام والمؤسّسات الوطنية. يمكن أن يُكلَّف مستشارين بمهام في هذا المجال يلتزمون بالملفّات ويساهمون مساهمة منقطعة النّظير في نجاعة هذه القطاعات ، ويلتزمون بالجدّية والتوقيت وسرعة التنفيذ. إنّ آلية الإصغاء إلى الكفاءات وفتح جسور التواصل مع الخُلّص من أبناء تونس يمكن أن ينفع البلاد ويساعد الجهود الإصلاحية.

ملفّ التّراث والآثار

كذلك ملفّ التراث أو الآثار، يمكن إحداث كتابة دولة تهتمّ بالمواقع الأثرية والتراث بعيدا عن المعهد الوطني للتراث، من ناحية تحاول مزيد العناية بالمواقع الأثرية خاصّة الزوايا ومراقد العلماء والفقهاء ( مثل مقام الفقيه الإمام سحنون الذي كرّس جهوده لتركيز المذهب المالكي وقاوم التطرّف والتشدّد وأرسى الوسطية ، إنّه اليوم عرضة للإهمال والإغلاق، وتحيط به الزبالة وبقايا المرمّات والعجلات المطاطية ، وكذلك زاوية الشيخ عرفة الشابي قاهر الأسبان والمخزن الحفصي والعثمانيين/ القيروان). ويمكن  توظيف هذا الموروث التراثي في سياحة ثقافية داخلية للمواطنين التونسيين المهتمين والطلبة والتلاميذ ، وكذلك في سياحة عالمية ، ومن ناحية ثانية تهتمّ كتابة الدولة بإطارات الآثار الباحثين المختصّين وتأخذ بأيديهم وتفتح لهم الآفاق البحثية وتشجّعهم وتسهّل انتدابهم في المعاهد المختصّة ومراكز البحث وتوفّر لهم سُبل تجويد مردودهم وتعميق بحوثهم ونشرها في مجلات علمية محكّمة يتمّ نشرها عالميا مترجمة إلى لغات مختلفة ، ممّا يُعرّف ببلادنا ويستقطب السّياح والمستثمرين.

كثيرة هي القطاعات التي تحتاج إلى فتح الملفّات ونعتقد أنّ مسألة تكليف مستشارين مختصين في مثل هذه القطاعات قد يسهّل إيجاد الحلول ويسرّع في تنفيذها وينقذ المواطنين من غول الانتظار الذي أحيانا يمتزج بالإحباط والسؤم .

المجالس العليا و دورها في دعم جهد الوزارات و تسريع الأعمال والمشاريع

1) المجلس الأعلى للثقافة والفنون

يمكن إحداث مجلس أعلى للثقافة والفنون يضطلع بدور متابعة مشاريع وزارة الثقافة وإبداء الرأي فيها وتقديم المقترحات ، ويتألف هذا المجلس من شعراء وكُتّاب وفنانين ومسرحيين ورسّامين وباحثين في مجالات الثقافة ومدراء المعاهد العليا ذات الصلة بالثقافة. على أن يكون أعضاء المجلس من مختلف جهات البلاد.

كما نقترح إحداث مجالس أخرى كالآتي:

2) المجلس الأعلى للإنتاج الفلاحي والصيد البحري.

3) المجلس الأعلى للإعلام والاتّصال.

4) المجلس الأعلى لجودة التعليم العالي والثانوي والابتدائي.

5) المجلس الأعلى للنقل.

6) المجلس الأعلى للتجارة والصناعة.

7) المجلس الأعلى للتصدير.

8) المجلس الأعلى للتنمية الجهوية والمحليّة والبنية التحية.

9) المجلس الأعلى للطرقات والجسور والموارد المائية .

10) المجلس الأعلى للإنتاج الطاقي والمناجم .

11) المجلس الأعلى للبيئة.

12) المجلس الأعلى للشباب والمرأة والطفولة.

13) المجلس الأعلى للرياضة وتنمية المواهب.

ويلتزم كلّ مجلس بتقديم تقرير نشاطه وأعماله كلّ شهر لرئاسة الجمهوريّة .

25 جويلية .. تأمّلات وآراء وانتظارات ..

بقلم : صلاح بوزيّان ، كاتب وباحث في الحضارة

 لا شكّ أنّ الرّئيس قيس سعيد يحاول بكلّ جهده إيجاد حلول للمشاكل المالية والقانونية التي تعيق جهود الإصلاح في البلاد. ونريد النّجاح لكلّ مساعيه الإصلاحية ، ولكن ثمّة قطاعات كان بالإمكان إجراء إصلاحات فيها بسرعة ونجاعة ملموسة.

ملفّ الحرائق في الصّيف والثّلوج في الشتاء

 ملفّ المناطق الشمالية ونقصد الغابات التونسية في ولاية جندوبة والشريط الحدودي ، كان بالإمكان تكليف مستشار في رئاسة الجمهورية أو إحداث إدارة أو كتابة دولة ، يهتمّ هذا المكلّف بمسألة البنية التحية للمنطقة الشمالية ويجري بحثا معمّقا للواقع الجغرافي والفلاحي والاجتماعي للمنطقة ويبحث في أسباب تكرار الحرائق وتراكم الثلوج في الشتاء ، لأنّ المنطقة تعاني لسنوات مشكلتين لم يتمّ البتّ فيهما منذ 2011 ، بل ومن قبل 2011. قلنا بعد البحث في الأسباب ينتقل هذا المكلّف رفقة فريق مصغّر من المساعدين إلى ضبط خطّة لتجاوز الصعوبات واقتراح الحلول وتنفيذها دون تردّد بالتنسيق مع الإدارات المركزية والجهوية والاستعانة بالكفاءات في الجامعة التونسية والخبراء في المجال والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة ، ودعم التجهيزات وتركيز نقاط للحماية المدنية وتطوير المراقبة بمنظومة إعلامية والطائرات دون طيّار ، وتعبيد بعض المسالك ، وإعادة التهيئة العمرانية بشكل منتظم تتوفّر فيه أسباب السّلامة، وهذا يمكن أن يتمّ بسهولة وفي وقت وجيز، ويتلمّس المواطن بوادر الانفراج من سنة إلى أخرى.

وإنّ من يتمّ تكليفه بهذا الملفّ يكون قادرًا على إيجاد الحلول لكلّ الصعوبات وأوّلها مشكل المال وذلك مثلا بالتنسيق مع أهالي الجهات ورجال الأعمال.

التلفزة الوطنية ومحتوايات البرامج

إنّ المتأمّل في محتويات البرامج التي تبثّها التلفزة الوطنية يقف حائرا متعجبا من حجم التكرار لمسلسلات قديمة : السبوعي ، الخطّاب على الباب و غيرها ، وكأنّ خزينة التلفزة قد نفدت، والحال أنّ المسألة تتعلقّ بالقدرة على البرمجة وانتقاء المحتويات التلفزية والتوقيت المناسب، الشعب في الصيف يحتاج إلى الترفيه والترويح ، ولنا رصيد من الإنتاج المسرحي والتلفزي يجمع بين البعد التربوي والترفيهي ويراعي رغبة الأسرة التونسية وتشوّقها إلى أفلام تونسية ومسرحيات ومنوعات، هل يُعقلُ أن تبقى التلفزة التونسية حبيسة مسلسل السبوعي والخطاب على الباب ، وهو يتكرّر المرات ؟ إنّنا في عالم متغيّر مقلّب وفي وضع اجتماعي تونسي يحتاج إلى تجويد منتوج التلفزة التونسية ، بما يليق بهذه المؤسّسة وبما يليق بالتّوجه الإصلاحي للرّئيس قيس سعيد المبني على احترام الهوية التونسية وتقدير الشعب التونسي واحترام المواطن التونسي . ويبدو أنّ المشكلة الحقيقية وراء هذه العثرات تتعلّق بالقدرة على البرمجة من ناحية وعلى الفهم العميق لمطالب الشعب التونسي ورغباته وأذواقه ، لا يمكن للتلفزة التونسية أن تغرّد بعيدا عن الشعب . التلفزة التونسية للشعب التونسي بمختلف شرائحه ومثقفيه ومبدعيه . ومن غير المعقول أن تمارس الرتابة وهي مطالبة بالإبداع .

قطاع الثقافة

ثمّة مهرجانات في جهات البلاد لكنّها موسمية ولا يمكن لها أن تلبّي طلبات الشّباب المبدع ، ولكن ما رأيناه في مهرجان قرطاج يدعو إلى فتح جسور التواصل مع المثقفين والمبدعين ، لتجاوز مثل هذه العثرات ، ما هو السبب الحقيقي لاختيار تلك العروض ؟ وما الحاجة إليها الآن ؟ إنّه التكرار ليس إلاّ والاكتفاء بتشريك بعض الأسماء الثقافية دون الكثير ممّن لهم قدرة على النّهوض بالقطاع وتجويد المردودية وصرف المال المرصود للغرض في الفعل الثقافي الذي يستحقّه ، أليس ثمّة أساتذة تخرجوا من  معهد المسرح والسينما ومعهد الموسيقى وكليّات الآداب والفنون ؟ كان بالإمكان إتاحة الفرصة لهم . ونلاحظ أنّ وزارة الثقافة لا توسّع التعاون مع الأدباء والكُتّاب والشعراء والفنانين في البلاد بما فيه الكفاية ، فالثقافة ليست فقط ترميم بيوت قديمة لها بعدها التاريخي أو مهرجانات موسيقية أو جوائز، بل الثقافة غذاء روحي وفكري يحتاجه المواطن التونسي وقدرة على توليد الصناعة الثقافية من الثقافة نفسها بما يوفّر المال ، كما أنّ تنمية المواهب وتشجيع الشباب المبدع يساهم في  إرساء التعايش بين الناس وتمتين العلاقات والتوازن الفكري ، و ينمّي مستوى التّحضّر في سلوك المواطن، كما لاحظنا أنّ كلّ التظاهرات الثقافية المهمّة لا تتجاوز حدود العاصمة ، وكان بإمكان وزراة الثقافة أن تبعث دور ثقافة جديدة في المناطق الداخلية  ومعاهد موسيقية وتحوّل المخزون التراثي  إلى منتوج ثقافي يمكن ترويجه في إطار السياحة الثقافية ( القيروان ، دقة ، سبيطلة ، توزر..) ، وهذا يثري الخزينة التونسية بالعملة الصعبة ويخلق حركية في النقل الجوي والحجوزات النزلية. ويتكاثر عدد الوافدين على تونس لأجل الأنشطة الثقافية والدراسات الثقافية . صحيح أنّ وضع المالية العمومية صعب، و لكن نعتقد أنّ ذلك ليس عائقا إذا كانت ثمّة رغبة حقيقية في التغيير والبناء وثمّة إيمان عميق بالمشروع الإصلاحي للرّئيس قيس سعيد ، إنّ رغبة الرّئيس في تنمية البلاد واستصلاح القطاعات وإذكاء روح الهوية التونسية ونشر ثقافة العمل والإخلاص في الواجب هي من القناعات الراسخة لدى السواد الأعظم من الشعب، ولكن كلّ التجارب العالمية الإصلاحية أثبتت أهمّية التشاركية والإصغاء لأهل الاختصاص في أيّ مجال وضرورة توسيع قاعدة الاستشارة ، كالاستعانة بكفاءات تونسية من الجامعة التونسية والمبدعين والخبراء ومن الذين أثبتت الأيّام صدق رغبتهم في معاضدة جهود الإصلاح لا بالكلام ولكن بالفعل وبتقديم مقترحات وتنفيذها وتلمّس نتائجها في وقت وجيز في الثقافة والتربية والشباب وفي مجالات أخرى مثل قطاع النّقل العمومي والصّيد البحري والإعلام والمؤسّسات الوطنية. يمكن أن يُكلَّف مستشارين بمهام في هذا المجال يلتزمون بالملفّات ويساهمون مساهمة منقطعة النّظير في نجاعة هذه القطاعات ، ويلتزمون بالجدّية والتوقيت وسرعة التنفيذ. إنّ آلية الإصغاء إلى الكفاءات وفتح جسور التواصل مع الخُلّص من أبناء تونس يمكن أن ينفع البلاد ويساعد الجهود الإصلاحية.

ملفّ التّراث والآثار

كذلك ملفّ التراث أو الآثار، يمكن إحداث كتابة دولة تهتمّ بالمواقع الأثرية والتراث بعيدا عن المعهد الوطني للتراث، من ناحية تحاول مزيد العناية بالمواقع الأثرية خاصّة الزوايا ومراقد العلماء والفقهاء ( مثل مقام الفقيه الإمام سحنون الذي كرّس جهوده لتركيز المذهب المالكي وقاوم التطرّف والتشدّد وأرسى الوسطية ، إنّه اليوم عرضة للإهمال والإغلاق، وتحيط به الزبالة وبقايا المرمّات والعجلات المطاطية ، وكذلك زاوية الشيخ عرفة الشابي قاهر الأسبان والمخزن الحفصي والعثمانيين/ القيروان). ويمكن  توظيف هذا الموروث التراثي في سياحة ثقافية داخلية للمواطنين التونسيين المهتمين والطلبة والتلاميذ ، وكذلك في سياحة عالمية ، ومن ناحية ثانية تهتمّ كتابة الدولة بإطارات الآثار الباحثين المختصّين وتأخذ بأيديهم وتفتح لهم الآفاق البحثية وتشجّعهم وتسهّل انتدابهم في المعاهد المختصّة ومراكز البحث وتوفّر لهم سُبل تجويد مردودهم وتعميق بحوثهم ونشرها في مجلات علمية محكّمة يتمّ نشرها عالميا مترجمة إلى لغات مختلفة ، ممّا يُعرّف ببلادنا ويستقطب السّياح والمستثمرين.

كثيرة هي القطاعات التي تحتاج إلى فتح الملفّات ونعتقد أنّ مسألة تكليف مستشارين مختصين في مثل هذه القطاعات قد يسهّل إيجاد الحلول ويسرّع في تنفيذها وينقذ المواطنين من غول الانتظار الذي أحيانا يمتزج بالإحباط والسؤم .

المجالس العليا و دورها في دعم جهد الوزارات و تسريع الأعمال والمشاريع

1) المجلس الأعلى للثقافة والفنون

يمكن إحداث مجلس أعلى للثقافة والفنون يضطلع بدور متابعة مشاريع وزارة الثقافة وإبداء الرأي فيها وتقديم المقترحات ، ويتألف هذا المجلس من شعراء وكُتّاب وفنانين ومسرحيين ورسّامين وباحثين في مجالات الثقافة ومدراء المعاهد العليا ذات الصلة بالثقافة. على أن يكون أعضاء المجلس من مختلف جهات البلاد.

كما نقترح إحداث مجالس أخرى كالآتي:

2) المجلس الأعلى للإنتاج الفلاحي والصيد البحري.

3) المجلس الأعلى للإعلام والاتّصال.

4) المجلس الأعلى لجودة التعليم العالي والثانوي والابتدائي.

5) المجلس الأعلى للنقل.

6) المجلس الأعلى للتجارة والصناعة.

7) المجلس الأعلى للتصدير.

8) المجلس الأعلى للتنمية الجهوية والمحليّة والبنية التحية.

9) المجلس الأعلى للطرقات والجسور والموارد المائية .

10) المجلس الأعلى للإنتاج الطاقي والمناجم .

11) المجلس الأعلى للبيئة.

12) المجلس الأعلى للشباب والمرأة والطفولة.

13) المجلس الأعلى للرياضة وتنمية المواهب.

ويلتزم كلّ مجلس بتقديم تقرير نشاطه وأعماله كلّ شهر لرئاسة الجمهوريّة .