إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. التحوير ..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

يذكر التونسيون ما اصطلح على تسميته بـ"مسلسل الاثنين" زمن حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة  .

مسلسل كان ينتظره التونسيون كلّ بداية أسبوع عند الساعة الواحدة موعد نشرة أخبار الظهيرة وخبر إعلان التحوير الوزاري الذي غالبا ما يكون جزئيا .

كانت فكرة العمل بهذا المسلسل صادرة من داخل  حاشية الرّئيس بورقيبة، بهدف إضعاف الوزير الأول  وقتها محمد مزالي، وذلك بـ"تقليم" أتباعه وزيرا، وزيرا   داخل الفريق الحكومي .

نقلا عن بعض المقرّبين من جماعة  المزالي، قالوا إنّه كان يقضي نهاية كل أسبوع في حالة توتّر ترقبا  لمفاجآت القصر ..

إن فكرة هذا المسلسل شيطانية بامتياز، لأنها طريقة  خبيثة لإرباك عمل الحكومة وإضعافها وحتى تعطيل أعمالها  .

كانت التحويرات الوزارية، أكثر الأخبار التي تغري الساحة السياسية، أوجدوا  لها "بورصة " تعطي مؤشرات  صعود وهبوط  الوزراء، الطريف أن إحدى وسائل الإعلام كانت تعطي أعدادا من صفر إلى عشرين  لعمل ونشاط أعضاء الحكومة، كان واضحا أن لوبيا نافذا يقف وراء مثل هذه العملية .

بل الأخطر في فترات ضعف الدولة كانت تهندس التحويرات في غرف مظلمة تدفع بها مجموعات تأثير وضغط وحتى  بنفوذ أصحاب مصالح ورجال أعمال. العمود الكهربائي المقابل لإحدى بنايات نهج بيروت يشهد على ذلك !.

من أطرف التحويرات التي عرفتها تونس ما حصل بعد 14 جانفي 2011 عندما أصبحت المناصب توزّع بالمحاصصة أو حتى بصفقات وتوصيات .

يُذكر عن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي أن أحد قياديي حركة "نداء تونس" كان يطمح  الى منصب وزاري وهو معروف بنقده الشديد لسياسات ومواقف  حركة "النهضة"  .

لم يجد الرئيس السبسي من جواب ردًا على هذا الطامح بالمنصب إلا أن طلب منه التوجه الى مكتب رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي وأن يطلب مقابلته وإن لم يمانع في تعيينه فسيلحقه بالفريق الحكومي، وهذا ما تمّ بالفعل .

قبل أيام راجت إشاعات ملحة، بل أنباء صادرة حتى  عن بعض الوجوه السياسية من القوى المساندة والداعمة لرئيس الجمهورية التي أصبحت تتحدّث بقوة عن تغيير حكومي مرتقب .

التحوير الوزاري.. لماذا؟

عادة ما يتم مثل هذا الأمر بعد استحقاق انتخابي مهم، أو بعد عرض ميزانية جديدة، أو مفتتح سنة إدارية أو وقوع أزمة فشل أداء في ملف وازن، أو حتى إعادة بث روح جديدة في فريق سياسي .

إن لأي تعديل وزاري وجوه عديدة لعلّ أهمها إعادة التصميم الفعالة في سياسات محدّدة في معالمها وملامحها.

إن السياسة هي الحياة، والحكومة روحها، وهي من الأشياء الأكثر افتتانا في العالم، لا يمكنك رؤيتها أو حتى لمسها، بل يجب أن تشعر بها بقلبك .

فَرق كبير بين أن تحب حكومة لأنها رائعة، وأن تكون رائعة لأنك تحبها .

فالمرء يمكنه أن يصنع المستحيل أحيانا حتى من الحجارة التي توضع له عثرة في الطريق.

حكاياتهم  .. التحوير ..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

يذكر التونسيون ما اصطلح على تسميته بـ"مسلسل الاثنين" زمن حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة  .

مسلسل كان ينتظره التونسيون كلّ بداية أسبوع عند الساعة الواحدة موعد نشرة أخبار الظهيرة وخبر إعلان التحوير الوزاري الذي غالبا ما يكون جزئيا .

كانت فكرة العمل بهذا المسلسل صادرة من داخل  حاشية الرّئيس بورقيبة، بهدف إضعاف الوزير الأول  وقتها محمد مزالي، وذلك بـ"تقليم" أتباعه وزيرا، وزيرا   داخل الفريق الحكومي .

نقلا عن بعض المقرّبين من جماعة  المزالي، قالوا إنّه كان يقضي نهاية كل أسبوع في حالة توتّر ترقبا  لمفاجآت القصر ..

إن فكرة هذا المسلسل شيطانية بامتياز، لأنها طريقة  خبيثة لإرباك عمل الحكومة وإضعافها وحتى تعطيل أعمالها  .

كانت التحويرات الوزارية، أكثر الأخبار التي تغري الساحة السياسية، أوجدوا  لها "بورصة " تعطي مؤشرات  صعود وهبوط  الوزراء، الطريف أن إحدى وسائل الإعلام كانت تعطي أعدادا من صفر إلى عشرين  لعمل ونشاط أعضاء الحكومة، كان واضحا أن لوبيا نافذا يقف وراء مثل هذه العملية .

بل الأخطر في فترات ضعف الدولة كانت تهندس التحويرات في غرف مظلمة تدفع بها مجموعات تأثير وضغط وحتى  بنفوذ أصحاب مصالح ورجال أعمال. العمود الكهربائي المقابل لإحدى بنايات نهج بيروت يشهد على ذلك !.

من أطرف التحويرات التي عرفتها تونس ما حصل بعد 14 جانفي 2011 عندما أصبحت المناصب توزّع بالمحاصصة أو حتى بصفقات وتوصيات .

يُذكر عن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي أن أحد قياديي حركة "نداء تونس" كان يطمح  الى منصب وزاري وهو معروف بنقده الشديد لسياسات ومواقف  حركة "النهضة"  .

لم يجد الرئيس السبسي من جواب ردًا على هذا الطامح بالمنصب إلا أن طلب منه التوجه الى مكتب رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي وأن يطلب مقابلته وإن لم يمانع في تعيينه فسيلحقه بالفريق الحكومي، وهذا ما تمّ بالفعل .

قبل أيام راجت إشاعات ملحة، بل أنباء صادرة حتى  عن بعض الوجوه السياسية من القوى المساندة والداعمة لرئيس الجمهورية التي أصبحت تتحدّث بقوة عن تغيير حكومي مرتقب .

التحوير الوزاري.. لماذا؟

عادة ما يتم مثل هذا الأمر بعد استحقاق انتخابي مهم، أو بعد عرض ميزانية جديدة، أو مفتتح سنة إدارية أو وقوع أزمة فشل أداء في ملف وازن، أو حتى إعادة بث روح جديدة في فريق سياسي .

إن لأي تعديل وزاري وجوه عديدة لعلّ أهمها إعادة التصميم الفعالة في سياسات محدّدة في معالمها وملامحها.

إن السياسة هي الحياة، والحكومة روحها، وهي من الأشياء الأكثر افتتانا في العالم، لا يمكنك رؤيتها أو حتى لمسها، بل يجب أن تشعر بها بقلبك .

فَرق كبير بين أن تحب حكومة لأنها رائعة، وأن تكون رائعة لأنك تحبها .

فالمرء يمكنه أن يصنع المستحيل أحيانا حتى من الحجارة التي توضع له عثرة في الطريق.