إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سفير روسيا الكسندر زولوتوف لـ "الصباح": روسيا منفتحة على التعاون مع دول إفريقيا.. ولدينا مشاريع مشتركة كلفتها بين 15 و25 مليار دولار

 

  • تونس من بين أكبر عشرة شركاء لروسيا في القارة الإفريقية ويقترب حجم المبادلات معها من الـ 900 مليون دولار..
  • المنتدى سيحدد أولويات العمل المشترك الروسي-الإفريقي وهو تشكيل نظام عالمي أكثر إنصافًا وتوازنًا
  • الصورة الجيدة للسياحة التونسية لدى الرأي العام الروسي تعد حافزا لتركيز مشاريع في تونس..
  • علاقاتنا مع إفريقيا محصنة ضد التقلبات السياسية
  • الأزمة مع الغرب سرعت في تقاربنا مع دول ومناطق أخرى خاصة في إفريقيا
  • ارتفاع المبادلات التجارية بين روسيا وبلدان إفريقيا سنويا لتصل إلى عتبة 18 مليار دولار

 

 

تونس-الصباح

 تنطلق غدا فعاليات المنتدى الروسي- الإفريقي الذي تحتضنه روسيا في مدينة سانت بطرسبرغ تحديدا أيام 27 و28 جويلية الجاري، هذه التظاهرة التي تعد من بين أكبر التظاهرات الاقتصادية والاجتماعية في العالم وتنتظم في نسختها الثانية بعد أربع سنوات من تاريخ انعقاد دورتها الأولى، لتعود في هذه الدورة بمحاور وملفات حارقة تخص مجالات التعاون المشترك بين روسيا وبلدان القارة الإفريقية على غرار الغذاء والطاقة والصناعة  والنقل والاستثمار والتنمية..

قبيل انطلاق هذه التظاهرة الهامة، التقت "الصباح"- التي ستكون حاضرة في المنتدى- بسفير روسيا بتونس الكسندر زولوتوف، Alexandre Zolotov) )، الذي تحدث عن أهمية المنتدى في تدعيم العلاقات الروسية الإفريقية ومجالات التعاون البيني، وأسباب توجه روسيا إلى القارة السمراء، وحظوظ تونس من هذه التظاهرة..، وفي ما يلي نص الحوار:

 

حاورته: وفاء بن محمد

 

  • غدا تنطلق فعاليات كبرى التظاهرات الاقتصادية وهو المنتدى الروسي- الإفريقي  الذي تحتضنه مدينة سانت بطرسبرغ،  فماذا عن هذا الحدث.. أبعاده والانتظارات منه؟

-تستضيف مدينة سانت بطرسبرغ بداية من يوم غد وعلى مدى يومين (27 و28 جويلية الجاري) أعمال القمة الروسية- الإفريقية الثانية والمنتدى الاقتصادي والإنساني روسيا – أفريقيا بعد أن عقدت القمة الأولى في أكتوبر 2019 في سوتشي تحت شعار "من أجل السلام والأمن والتنمية".

 هذه الفعاليات المهمة ستقام في ظل تمثيل مرموق، والتي ستشهد مشاركة من قبل رؤساء الدول والحكومات ورجال الأعمال والعلماء والشخصيات الاجتماعية الإفريقية والروسية. وهو لقاء يعد حدثًا هاما ورئيسيا للعلاقات الروسية الإفريقية، وفيه ستتحدد أولويات العمل المشترك الذي يعتبر هدفنا جميعا، وهو تشكيل نظام عالمي أكثر إنصافًا وتوازنًا.

وتعتبر القمة الروسية الإفريقية الحدث الرئيسي والأكبر في العلاقات الروسية الإفريقية، إذ يهدف عقد هذه القمة إلى تحقيق مستوى جديد نوعيا للشراكة المتبادلة المنفعة التي تلبي تحديات القرن الحادي والعشرين.

ويدعو هذا الحدث إلى تعزيز التعاون الشامل والمتساوي بين روسيا والدول الإفريقية في جميع أبعاده السياسة والأمنية والاقتصادية والمجالات العلمية والتقنية والثقافية والإنسانية.

ويعد المنتدى الاقتصادي الذي سيعقد في إطار القمة الروسية الإفريقية الثانية حدثا فريدا من نوعه في علاقات روسيا مع دول القارة الإفريقية، حيث يهدف لتنويع أشكال ومجالات التعاون الروسي الإفريقي، وكذلك تحديد تطور هذه العلاقات على المدى الطويل.

 وفي الواقع، جرت الاستعدادات لهذا الحدث على خلفية التغيرات الحاسمة في المشهد العالمي، وبالرغم من التحديات والضغوطات الكبيرة، إلا أن جميع الدول الإفريقية تقريبًا أكدت مشاركتها، مما يدل على الالتزام الراسخ لأصدقائنا الأفارقة بالسعي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع روسيا.

ومن بين المواضيع التي سيتم مناقشتها في هذا الحدث الهام، الحلول العملية لضمان استمرار تنمية التعاون التجاري والاقتصادي والإنساني، كما ستشمل جداول أعمال القمة على عدة محاور من بينها الأمن الغذائي، واستقرار الطاقة وأبعادها المختلفة، ونقل التكنولوجيا، والصحة، وتدريب المديرين التنفيذيين الأفارقة، بما في ذلك افتتاح فروع للمدارس والجامعات الروسية.

وعلى الصعيد السياسي، أود أن أؤكد أن روسيا تدافع باستمرار عن حق الدول الإفريقية في اتخاذ قرارات سيادية، ولا سيما من خلال الدعوة إلى توسيع تمثيل الدول الإفريقية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة العشرين، كما سيتم تناول هذه القضايا في القمة المقبلة.

وللتذكير فان النتائج المذهلة التي حققتها القمة الروسية الإفريقية في دورتها الأولى تحديدا قبل أربع سنوات فيما يتعلق بتأثيرها على الشراكة الروسية الإفريقية تعدّ ضمانًا قويًا للقيمة المضافة الفعلية التي من المتوقع أن تحققها الدورة الثانية القادمة للمشاركين، ومن بينهم تونس بالخصوص.

  • تتجه روسيا إلى القارة الإفريقية باعتبارها سوقا واعدة وبديلة للغرب،  ما هي أبرز الفرص التي ستجد فيها ضالتها وأي بلدان القارة الأكثر استقطابا لأهداف روسيا؟

-في البداية، يجب أن أشير إلى أن روسيا تعتبر كل الدول الإفريقية شركاء متساوين، وتشترك معهم في مصلحة مشتركة من أجل الانتقال إلى اقتصاد حديث وتنافسي. والسوق الإفريقية هي السوق التي يتوفر فيها  أكبر قدر من الفرص للمستثمرين، باعتباره السوق الأقل استغلالا مقارنة بالمناطق الأخرى في العالم.

ومازالت الكثير من الأمور التي لابد من العمل عليها في اتجاه تسيير وتبسيط التعاملات البينية، والاهم أن مزيد دفع الاستثمار سيخلق عائدات كبيرة ومتنامية ستتضاعف مع تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية.

وباختصار، نستطيع القول إن روسيا منفتحة على التعاون مع جميع دول القارة الإفريقية، ولدينا مشاريع استثمارية مشتركة تتراوح تكلفتها بين 15 مليار دولار و25 مليار دولار، وتزداد المبادلات التجارية كل عام لتصل إلى عتبة 18 مليار دولار، كما أعتقد أن هذا المجال سيستفيد إلى حد ما من التحول إلى تعديل العملات المحلية وخلق مسارات لوجستية جديدة.

  • تونس ستكون من بين الدول المشاركة، فهل من فكرة عن العلاقات الاقتصادية الروسية- التونسية حاليا وسبل تطويرها إثر قمة سانت بطرسبرغ؟

-تعد تونس من بين أكبر عشرة شركاء لروسيا في القارة الإفريقية،  وتونس هي  في الأغلب في وضع  أفضل، بالنظر إلى الظرفية التجارية واضطراب الأسعار وعوامل أخرى، لكن خلاصة القول تونس في السنوات الأخيرة تشهد مؤشراتها العامة في المبادلات مع روسيا ارتفاعا لتقترب إلى حدود الـ 900 مليون دولار..

وتزود روسيا تونس بعدة منتجات على غرار النفط ومشتقاته والمنتجات الزراعية والمنتجات المعدنية والأسمدة، في حين تستورد منها التمور وزيت الزيتون والمأكولات البحرية وكذلك منتجات النسيج.

  • نعرف جيدا أن أكثر القطاعات التي تستهوي الروس هي السياحة، فماذا عن آخر الأرقام التي تخص عدد الوافدين الروس إلى تونس هذه السنة والبرامج المستقبلية في هذا المجال للتعاون؟

-صحيح أن تونس تعد وجهة مفضلة للسياح الروس، حيث وصل عددهم  قبل جائحة COVID-19 إلى حوالي 650.000 سائح، لكن  في الوقت الحالي، هذا الرقم مازال بعيدا، لكن نستطيع القول أن هناك عودة جيدة للسوق الروسية إلى تونس، مع توقعات ايجابية في السنوات القليلة المقبلة، خاصة أن الوجهة التونسية ما زالت تستقطب الكثير من الروس الراغبين في قضاء عطلهم في مكان جميل وهادئ والذين يستغلون اليوم رحلات "الشارتر" المباشرة التي تؤمنها الأطراف التونسية.

  • ما هي القطاعات الأخرى التي تستقطب المستثمرين الروس في تونس؟

عندما نتحدث عن الاستثمارات ومجال الأعمال مع شركائنا التونسيين، فإننا نؤسس لأنفسنا قبل كل شيء احترام مبدأ الربح للجميع، ومثلت الصورة الجيدة للسياحة التونسية في الرأي العام الروسي عاملا مشجعا في مناخ الأعمال والذي يعد حافزا لتركيز مشاريع في تونس وتوسيع مجالات التعاون..

 ولدينا آلية حكومية دولية مفيدة للغاية لتنسيق الجهود وتحديد الأولويات وهي اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني،  والتي من المقرر عقد جلستها الثامنة القادمة قبل نهاية العام الحالي في موسكو.

وستكون فرصة لمراجعة بعض الاتفاقيات وتعديل طريقة العمل المشترك لبعض الملفات العالقة، فضلا عن الاتفاق على الخطوات التي يجب اتخاذها في المقام الأول لإعطاء دفعة جديدة لجميع علاقاتنا، كما سيتم النظر في مذكرة التفاهم التي انبثقت عن اللجنة المشتركة السابقة..

وللتذكير فان مذكرة التفاهم هذه شملت العديد من القطاعات التي تنوي التعاون فيها مع تونس على غرار النسيج والصناعة والطاقات المتجددة والفلاحة والموارد المائية، إلى جانب النقل والبحث العلمي، وقد تمت اتصالات واتفاقيات مؤخرا بين الجانبين للنظر فيها في الأشهر المقبلة وتوحيد الجهود، ونتطلع إلى مستقبل أفضل بخصوص هذه الشراكات..

  • تبعا للتغيرات التي تشهدها روسيا والحرب الدائرة بينها وبين أوكرانيا، كيف ستؤثر هذه الحرب على العلاقات الاقتصادية مع البلدان الإفريقية وما يهمنا في هذا الإطار تونس في ما يتعلق بالمبادلات البينية؟

-أعتقد أن علاقاتنا مع إفريقيا محصنة ضد التقلبات السياسية، وتواصل دول القارة إظهار رغبة قوية في تعزيز التعاون مع روسيا، من جهتنا نحن مهتمون جدًا بتفاعلاتهم ومقترحاتهم التي تهدف إلى تعزيز جودة الشراكة، ونشير هنا إلى نسق الاتصالات مع دول القارة بما في ذلك تبادل الزيارات على العديد من المستويات، وقد سرعت أزمة العلاقات مع دول الغرب في تقاربنا مع دول ومناطق أخرى من العالم، خاصة دول إفريقيا.

أما بخصوص تونس، فإن علاقاتنا عموما جيدة، والمناخ السياسي مطمئن، كما أن التواصل بين روسيا وتونس مستمر على جميع المستويات، ونحن بصدد التنسيق مع الهيئات الدولية لتسليط الضوء على العديد من القضايا الحساسة، أهمها مضاعفة التجارة الثنائية التي تضاعفت تقريبًا في عام 2022 مقارنة بعام 2021، مع توقعات أن تتجاوز قريبا الأرقام المسجلة حاليا.

ومن المؤكد أن الوضع الدولي خلق العديد من العقبات المصطنعة أمام تعاوننا مع إفريقيا أهمها الإجراءات التقييدية الغربية، خاصة تلك المتعلقة بالخدمات اللوجستية للتسليم والمعاملات المصرفية، والتي أدت إلى صعوبة الولوج إلى المنتجات الروسية، خاصة الحبوب والأسمدة.

عموما ورغم الضغط الغربي الكبير، نجحنا مع الدول الإفريقية في التكيف مع الوضع العالمي الجديد، وهذا التحول الإيجابي يعود بالأساس إلى الإرادة المشتركة لتعزيز الصداقة والتعاون والمنفعة المتبادلة بين دولنا وشعوبنا.

سفير روسيا الكسندر زولوتوف لـ "الصباح":  روسيا منفتحة على التعاون مع دول إفريقيا.. ولدينا مشاريع مشتركة كلفتها بين 15 و25 مليار دولار

 

  • تونس من بين أكبر عشرة شركاء لروسيا في القارة الإفريقية ويقترب حجم المبادلات معها من الـ 900 مليون دولار..
  • المنتدى سيحدد أولويات العمل المشترك الروسي-الإفريقي وهو تشكيل نظام عالمي أكثر إنصافًا وتوازنًا
  • الصورة الجيدة للسياحة التونسية لدى الرأي العام الروسي تعد حافزا لتركيز مشاريع في تونس..
  • علاقاتنا مع إفريقيا محصنة ضد التقلبات السياسية
  • الأزمة مع الغرب سرعت في تقاربنا مع دول ومناطق أخرى خاصة في إفريقيا
  • ارتفاع المبادلات التجارية بين روسيا وبلدان إفريقيا سنويا لتصل إلى عتبة 18 مليار دولار

 

 

تونس-الصباح

 تنطلق غدا فعاليات المنتدى الروسي- الإفريقي الذي تحتضنه روسيا في مدينة سانت بطرسبرغ تحديدا أيام 27 و28 جويلية الجاري، هذه التظاهرة التي تعد من بين أكبر التظاهرات الاقتصادية والاجتماعية في العالم وتنتظم في نسختها الثانية بعد أربع سنوات من تاريخ انعقاد دورتها الأولى، لتعود في هذه الدورة بمحاور وملفات حارقة تخص مجالات التعاون المشترك بين روسيا وبلدان القارة الإفريقية على غرار الغذاء والطاقة والصناعة  والنقل والاستثمار والتنمية..

قبيل انطلاق هذه التظاهرة الهامة، التقت "الصباح"- التي ستكون حاضرة في المنتدى- بسفير روسيا بتونس الكسندر زولوتوف، Alexandre Zolotov) )، الذي تحدث عن أهمية المنتدى في تدعيم العلاقات الروسية الإفريقية ومجالات التعاون البيني، وأسباب توجه روسيا إلى القارة السمراء، وحظوظ تونس من هذه التظاهرة..، وفي ما يلي نص الحوار:

 

حاورته: وفاء بن محمد

 

  • غدا تنطلق فعاليات كبرى التظاهرات الاقتصادية وهو المنتدى الروسي- الإفريقي  الذي تحتضنه مدينة سانت بطرسبرغ،  فماذا عن هذا الحدث.. أبعاده والانتظارات منه؟

-تستضيف مدينة سانت بطرسبرغ بداية من يوم غد وعلى مدى يومين (27 و28 جويلية الجاري) أعمال القمة الروسية- الإفريقية الثانية والمنتدى الاقتصادي والإنساني روسيا – أفريقيا بعد أن عقدت القمة الأولى في أكتوبر 2019 في سوتشي تحت شعار "من أجل السلام والأمن والتنمية".

 هذه الفعاليات المهمة ستقام في ظل تمثيل مرموق، والتي ستشهد مشاركة من قبل رؤساء الدول والحكومات ورجال الأعمال والعلماء والشخصيات الاجتماعية الإفريقية والروسية. وهو لقاء يعد حدثًا هاما ورئيسيا للعلاقات الروسية الإفريقية، وفيه ستتحدد أولويات العمل المشترك الذي يعتبر هدفنا جميعا، وهو تشكيل نظام عالمي أكثر إنصافًا وتوازنًا.

وتعتبر القمة الروسية الإفريقية الحدث الرئيسي والأكبر في العلاقات الروسية الإفريقية، إذ يهدف عقد هذه القمة إلى تحقيق مستوى جديد نوعيا للشراكة المتبادلة المنفعة التي تلبي تحديات القرن الحادي والعشرين.

ويدعو هذا الحدث إلى تعزيز التعاون الشامل والمتساوي بين روسيا والدول الإفريقية في جميع أبعاده السياسة والأمنية والاقتصادية والمجالات العلمية والتقنية والثقافية والإنسانية.

ويعد المنتدى الاقتصادي الذي سيعقد في إطار القمة الروسية الإفريقية الثانية حدثا فريدا من نوعه في علاقات روسيا مع دول القارة الإفريقية، حيث يهدف لتنويع أشكال ومجالات التعاون الروسي الإفريقي، وكذلك تحديد تطور هذه العلاقات على المدى الطويل.

 وفي الواقع، جرت الاستعدادات لهذا الحدث على خلفية التغيرات الحاسمة في المشهد العالمي، وبالرغم من التحديات والضغوطات الكبيرة، إلا أن جميع الدول الإفريقية تقريبًا أكدت مشاركتها، مما يدل على الالتزام الراسخ لأصدقائنا الأفارقة بالسعي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع روسيا.

ومن بين المواضيع التي سيتم مناقشتها في هذا الحدث الهام، الحلول العملية لضمان استمرار تنمية التعاون التجاري والاقتصادي والإنساني، كما ستشمل جداول أعمال القمة على عدة محاور من بينها الأمن الغذائي، واستقرار الطاقة وأبعادها المختلفة، ونقل التكنولوجيا، والصحة، وتدريب المديرين التنفيذيين الأفارقة، بما في ذلك افتتاح فروع للمدارس والجامعات الروسية.

وعلى الصعيد السياسي، أود أن أؤكد أن روسيا تدافع باستمرار عن حق الدول الإفريقية في اتخاذ قرارات سيادية، ولا سيما من خلال الدعوة إلى توسيع تمثيل الدول الإفريقية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة العشرين، كما سيتم تناول هذه القضايا في القمة المقبلة.

وللتذكير فان النتائج المذهلة التي حققتها القمة الروسية الإفريقية في دورتها الأولى تحديدا قبل أربع سنوات فيما يتعلق بتأثيرها على الشراكة الروسية الإفريقية تعدّ ضمانًا قويًا للقيمة المضافة الفعلية التي من المتوقع أن تحققها الدورة الثانية القادمة للمشاركين، ومن بينهم تونس بالخصوص.

  • تتجه روسيا إلى القارة الإفريقية باعتبارها سوقا واعدة وبديلة للغرب،  ما هي أبرز الفرص التي ستجد فيها ضالتها وأي بلدان القارة الأكثر استقطابا لأهداف روسيا؟

-في البداية، يجب أن أشير إلى أن روسيا تعتبر كل الدول الإفريقية شركاء متساوين، وتشترك معهم في مصلحة مشتركة من أجل الانتقال إلى اقتصاد حديث وتنافسي. والسوق الإفريقية هي السوق التي يتوفر فيها  أكبر قدر من الفرص للمستثمرين، باعتباره السوق الأقل استغلالا مقارنة بالمناطق الأخرى في العالم.

ومازالت الكثير من الأمور التي لابد من العمل عليها في اتجاه تسيير وتبسيط التعاملات البينية، والاهم أن مزيد دفع الاستثمار سيخلق عائدات كبيرة ومتنامية ستتضاعف مع تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية.

وباختصار، نستطيع القول إن روسيا منفتحة على التعاون مع جميع دول القارة الإفريقية، ولدينا مشاريع استثمارية مشتركة تتراوح تكلفتها بين 15 مليار دولار و25 مليار دولار، وتزداد المبادلات التجارية كل عام لتصل إلى عتبة 18 مليار دولار، كما أعتقد أن هذا المجال سيستفيد إلى حد ما من التحول إلى تعديل العملات المحلية وخلق مسارات لوجستية جديدة.

  • تونس ستكون من بين الدول المشاركة، فهل من فكرة عن العلاقات الاقتصادية الروسية- التونسية حاليا وسبل تطويرها إثر قمة سانت بطرسبرغ؟

-تعد تونس من بين أكبر عشرة شركاء لروسيا في القارة الإفريقية،  وتونس هي  في الأغلب في وضع  أفضل، بالنظر إلى الظرفية التجارية واضطراب الأسعار وعوامل أخرى، لكن خلاصة القول تونس في السنوات الأخيرة تشهد مؤشراتها العامة في المبادلات مع روسيا ارتفاعا لتقترب إلى حدود الـ 900 مليون دولار..

وتزود روسيا تونس بعدة منتجات على غرار النفط ومشتقاته والمنتجات الزراعية والمنتجات المعدنية والأسمدة، في حين تستورد منها التمور وزيت الزيتون والمأكولات البحرية وكذلك منتجات النسيج.

  • نعرف جيدا أن أكثر القطاعات التي تستهوي الروس هي السياحة، فماذا عن آخر الأرقام التي تخص عدد الوافدين الروس إلى تونس هذه السنة والبرامج المستقبلية في هذا المجال للتعاون؟

-صحيح أن تونس تعد وجهة مفضلة للسياح الروس، حيث وصل عددهم  قبل جائحة COVID-19 إلى حوالي 650.000 سائح، لكن  في الوقت الحالي، هذا الرقم مازال بعيدا، لكن نستطيع القول أن هناك عودة جيدة للسوق الروسية إلى تونس، مع توقعات ايجابية في السنوات القليلة المقبلة، خاصة أن الوجهة التونسية ما زالت تستقطب الكثير من الروس الراغبين في قضاء عطلهم في مكان جميل وهادئ والذين يستغلون اليوم رحلات "الشارتر" المباشرة التي تؤمنها الأطراف التونسية.

  • ما هي القطاعات الأخرى التي تستقطب المستثمرين الروس في تونس؟

عندما نتحدث عن الاستثمارات ومجال الأعمال مع شركائنا التونسيين، فإننا نؤسس لأنفسنا قبل كل شيء احترام مبدأ الربح للجميع، ومثلت الصورة الجيدة للسياحة التونسية في الرأي العام الروسي عاملا مشجعا في مناخ الأعمال والذي يعد حافزا لتركيز مشاريع في تونس وتوسيع مجالات التعاون..

 ولدينا آلية حكومية دولية مفيدة للغاية لتنسيق الجهود وتحديد الأولويات وهي اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني،  والتي من المقرر عقد جلستها الثامنة القادمة قبل نهاية العام الحالي في موسكو.

وستكون فرصة لمراجعة بعض الاتفاقيات وتعديل طريقة العمل المشترك لبعض الملفات العالقة، فضلا عن الاتفاق على الخطوات التي يجب اتخاذها في المقام الأول لإعطاء دفعة جديدة لجميع علاقاتنا، كما سيتم النظر في مذكرة التفاهم التي انبثقت عن اللجنة المشتركة السابقة..

وللتذكير فان مذكرة التفاهم هذه شملت العديد من القطاعات التي تنوي التعاون فيها مع تونس على غرار النسيج والصناعة والطاقات المتجددة والفلاحة والموارد المائية، إلى جانب النقل والبحث العلمي، وقد تمت اتصالات واتفاقيات مؤخرا بين الجانبين للنظر فيها في الأشهر المقبلة وتوحيد الجهود، ونتطلع إلى مستقبل أفضل بخصوص هذه الشراكات..

  • تبعا للتغيرات التي تشهدها روسيا والحرب الدائرة بينها وبين أوكرانيا، كيف ستؤثر هذه الحرب على العلاقات الاقتصادية مع البلدان الإفريقية وما يهمنا في هذا الإطار تونس في ما يتعلق بالمبادلات البينية؟

-أعتقد أن علاقاتنا مع إفريقيا محصنة ضد التقلبات السياسية، وتواصل دول القارة إظهار رغبة قوية في تعزيز التعاون مع روسيا، من جهتنا نحن مهتمون جدًا بتفاعلاتهم ومقترحاتهم التي تهدف إلى تعزيز جودة الشراكة، ونشير هنا إلى نسق الاتصالات مع دول القارة بما في ذلك تبادل الزيارات على العديد من المستويات، وقد سرعت أزمة العلاقات مع دول الغرب في تقاربنا مع دول ومناطق أخرى من العالم، خاصة دول إفريقيا.

أما بخصوص تونس، فإن علاقاتنا عموما جيدة، والمناخ السياسي مطمئن، كما أن التواصل بين روسيا وتونس مستمر على جميع المستويات، ونحن بصدد التنسيق مع الهيئات الدولية لتسليط الضوء على العديد من القضايا الحساسة، أهمها مضاعفة التجارة الثنائية التي تضاعفت تقريبًا في عام 2022 مقارنة بعام 2021، مع توقعات أن تتجاوز قريبا الأرقام المسجلة حاليا.

ومن المؤكد أن الوضع الدولي خلق العديد من العقبات المصطنعة أمام تعاوننا مع إفريقيا أهمها الإجراءات التقييدية الغربية، خاصة تلك المتعلقة بالخدمات اللوجستية للتسليم والمعاملات المصرفية، والتي أدت إلى صعوبة الولوج إلى المنتجات الروسية، خاصة الحبوب والأسمدة.

عموما ورغم الضغط الغربي الكبير، نجحنا مع الدول الإفريقية في التكيف مع الوضع العالمي الجديد، وهذا التحول الإيجابي يعود بالأساس إلى الإرادة المشتركة لتعزيز الصداقة والتعاون والمنفعة المتبادلة بين دولنا وشعوبنا.