إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. لهذه الأسباب ستستمر الهجرة غير النظامية

 

قد تكون الصدفة شاءت أن تتزامن قمة روما حول الهجرة غير القانونية مع مرور مائة يوم على اندلاع حرب الاستنزاف في السودان بين جيش نظامي وقوات أريد لها أن تكون في خدمة النظام ثم تحولت إلى قوة لحرق الأخضر واليابس.. حرب تستعر يوما بعد يوم مخلفة كل يوم بل كل ساعة مزيد الخسائر البشرية لمختلف الأجيال من نساء وشباب وأطفال دون اعتبار للبنية التحتية ولحالة الخراب والدمار والجوع الذي يلاحق الأبرياء ويدفع بآلاف بل ملايين اللاجئين للهجرة في الداخل والخارج.. حرب السودان التي فشلت اثني عشر وساطة عربية ودولية في إنهائها هي مثال قائم عن فشل المجتمع الدولي وعجزه كلما تعلق الأمر بمواجهة الهجرة غير النظامية وهي مثال خارق على انه طالما بقيت الأسباب والدوافع التي تجبر اللاجئين على الهروب داخل وخارج حدوهم فليس هناك قوة ستمنعهم من ذلك لان اللاجئ الذي يلاحقه خطر الموت في كل حين لن ترهبه كل محاولات إيقافه ولن يتوقف مهما كانت قدرات وإمكانيات خفر السواحل التي تسهر على منع أمثاله من العبور للعالم الآخر حيث يحلم بواقع جديد وحلم بان يحيا وأن يعيش ...

أسدل الستار أول أمس على قمة روما حول التنمية والهجرة غير الشرعية الهاجس الأكبر للضفة الشمالية للمتوسط، قمة انعقدت على عجل بعد أن أعلن الرئيس قيس سعيد رغبته في تنظيم قمة تجمع الدول الإفريقية والأوروبية المعنية فتلقفتها رئيسة الوزراء الايطالية ميلوني لتتزعم المشهد والظهور بمظهر الزعيمة الجديدة في أوروبا في غياب فرنسا وألمانيا واسبانيا.. لا خلاف أن ميلوني راهنت مع دخول الانتخابات الايطالية على الحد من جحافل المهاجرين القادمين إلى جزيرة لامبدوزا بكل الطرق المتاحة سرا أو جهرا عبر قوارب الموت التي تجد دوما الطريقة للإبحار سواء وصلت أو وقعت في مقبرة المتوسط ...

تراهن ميلوني على فصل ثان من القمة لبحث التمويلات لخطتها التي تسمى خطة ماتي للتنمية في إفريقيا نسبة لمهندس البنية التحتية في ايطاليا بعد الحرب العالمية الثانية الذي كان وراء بعث اكبر شركات البترول الايطالية.. ولكن الواقع مهما كانت النوايا سيكون من الأوهام الاعتقاد أن هذه الخطة ستكون مرادفة لمشروع مارشال لبناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فلا الإرادة ولا الإمكانيات ولا العقليات السائدة تدفع إلى ذلك ..

من الواضح بعد أن انفضت أشغال القمة وتلا كل المشاركين ما أعدوه من خطب أن الظاهرة لن تتوقف وأنها قد تتراجع أو تتقلص لبعض الوقت ولكنها لن تختفي من المشهد تحديدا من دول الساحل والصحراء إلى حدود الدول المغاربية التي يتطلع شبابها إلى الوصول إلى الضفة الأخرى للمتوسط هربا من الموت البطيء الذي يترصدهم سواء الجفاف القاتل أو بسبب المجاعات أو الحروب أو الصراعات أو الظلم أو الفساد.. وكلها أسباب كانت ولا تزال تدفع الشعوب للمغامرة وقطع آلاف الأميال للوصول إلى بر الأمان.. ولعل ما ينقل من شهادات للكثير من الشباب الذين يبحثون عن الهجرة يختزل هذه الحقائق المؤلمة التي يتجاهلها صناع السياسة الذين يبحثون عن حلول على المقاس لظاهرة الهجرة ...

هناك قناعة لدى الأنظمة والحكومات التي يرتبط بقاؤها واستمرارها في المشهد السياسي بالقضاء عل الهجرة والعودة إلى إقامة الجدران العازلة برا أو بحرا لتطويق المهاجرين حتى لو تطلب الأمر سجنهم في السفن العائمة كما هو حال بريطانيا التي وجدت الحل في ترحيل اللاجئين إلى رواندا أو منع المهاجرين من دوس ترابها.. وفي ايطاليا كان البرلمان على وشك التصويت لقانون يمنع إغاثة اللاجئين الذين يواجهون المخاطر في البحر لولا تحركات المنظمات الإنسانية ...

حتى لو توقفت الحرب في السودان اليوم وخرج حميدتي والبرهان متعانقين فان تدفق المهاجرين السودانيين إلى حدود دول الجوار لن يتوقف لان ما فعله صناع الحرب على ارض الواقع جعل الحياة مستعصية عليهم.. ولا يمكن لمن امتهن قتل الأمل وإهدار الفرص وزرع اليأس أن يصنع البديل متى شاء أو كيفما شاء ...

اسيا العتروس

ممنوع من الحياد..   لهذه الأسباب ستستمر الهجرة غير النظامية

 

قد تكون الصدفة شاءت أن تتزامن قمة روما حول الهجرة غير القانونية مع مرور مائة يوم على اندلاع حرب الاستنزاف في السودان بين جيش نظامي وقوات أريد لها أن تكون في خدمة النظام ثم تحولت إلى قوة لحرق الأخضر واليابس.. حرب تستعر يوما بعد يوم مخلفة كل يوم بل كل ساعة مزيد الخسائر البشرية لمختلف الأجيال من نساء وشباب وأطفال دون اعتبار للبنية التحتية ولحالة الخراب والدمار والجوع الذي يلاحق الأبرياء ويدفع بآلاف بل ملايين اللاجئين للهجرة في الداخل والخارج.. حرب السودان التي فشلت اثني عشر وساطة عربية ودولية في إنهائها هي مثال قائم عن فشل المجتمع الدولي وعجزه كلما تعلق الأمر بمواجهة الهجرة غير النظامية وهي مثال خارق على انه طالما بقيت الأسباب والدوافع التي تجبر اللاجئين على الهروب داخل وخارج حدوهم فليس هناك قوة ستمنعهم من ذلك لان اللاجئ الذي يلاحقه خطر الموت في كل حين لن ترهبه كل محاولات إيقافه ولن يتوقف مهما كانت قدرات وإمكانيات خفر السواحل التي تسهر على منع أمثاله من العبور للعالم الآخر حيث يحلم بواقع جديد وحلم بان يحيا وأن يعيش ...

أسدل الستار أول أمس على قمة روما حول التنمية والهجرة غير الشرعية الهاجس الأكبر للضفة الشمالية للمتوسط، قمة انعقدت على عجل بعد أن أعلن الرئيس قيس سعيد رغبته في تنظيم قمة تجمع الدول الإفريقية والأوروبية المعنية فتلقفتها رئيسة الوزراء الايطالية ميلوني لتتزعم المشهد والظهور بمظهر الزعيمة الجديدة في أوروبا في غياب فرنسا وألمانيا واسبانيا.. لا خلاف أن ميلوني راهنت مع دخول الانتخابات الايطالية على الحد من جحافل المهاجرين القادمين إلى جزيرة لامبدوزا بكل الطرق المتاحة سرا أو جهرا عبر قوارب الموت التي تجد دوما الطريقة للإبحار سواء وصلت أو وقعت في مقبرة المتوسط ...

تراهن ميلوني على فصل ثان من القمة لبحث التمويلات لخطتها التي تسمى خطة ماتي للتنمية في إفريقيا نسبة لمهندس البنية التحتية في ايطاليا بعد الحرب العالمية الثانية الذي كان وراء بعث اكبر شركات البترول الايطالية.. ولكن الواقع مهما كانت النوايا سيكون من الأوهام الاعتقاد أن هذه الخطة ستكون مرادفة لمشروع مارشال لبناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فلا الإرادة ولا الإمكانيات ولا العقليات السائدة تدفع إلى ذلك ..

من الواضح بعد أن انفضت أشغال القمة وتلا كل المشاركين ما أعدوه من خطب أن الظاهرة لن تتوقف وأنها قد تتراجع أو تتقلص لبعض الوقت ولكنها لن تختفي من المشهد تحديدا من دول الساحل والصحراء إلى حدود الدول المغاربية التي يتطلع شبابها إلى الوصول إلى الضفة الأخرى للمتوسط هربا من الموت البطيء الذي يترصدهم سواء الجفاف القاتل أو بسبب المجاعات أو الحروب أو الصراعات أو الظلم أو الفساد.. وكلها أسباب كانت ولا تزال تدفع الشعوب للمغامرة وقطع آلاف الأميال للوصول إلى بر الأمان.. ولعل ما ينقل من شهادات للكثير من الشباب الذين يبحثون عن الهجرة يختزل هذه الحقائق المؤلمة التي يتجاهلها صناع السياسة الذين يبحثون عن حلول على المقاس لظاهرة الهجرة ...

هناك قناعة لدى الأنظمة والحكومات التي يرتبط بقاؤها واستمرارها في المشهد السياسي بالقضاء عل الهجرة والعودة إلى إقامة الجدران العازلة برا أو بحرا لتطويق المهاجرين حتى لو تطلب الأمر سجنهم في السفن العائمة كما هو حال بريطانيا التي وجدت الحل في ترحيل اللاجئين إلى رواندا أو منع المهاجرين من دوس ترابها.. وفي ايطاليا كان البرلمان على وشك التصويت لقانون يمنع إغاثة اللاجئين الذين يواجهون المخاطر في البحر لولا تحركات المنظمات الإنسانية ...

حتى لو توقفت الحرب في السودان اليوم وخرج حميدتي والبرهان متعانقين فان تدفق المهاجرين السودانيين إلى حدود دول الجوار لن يتوقف لان ما فعله صناع الحرب على ارض الواقع جعل الحياة مستعصية عليهم.. ولا يمكن لمن امتهن قتل الأمل وإهدار الفرص وزرع اليأس أن يصنع البديل متى شاء أو كيفما شاء ...

اسيا العتروس