وفي يوم 7 سبتمبر 1924 تم الاتفاق بين العملة وشركة الرصيف الأجنبية على إنهاء الإضراب بعد أن تحصل العمال على بعض المطالب مما جعل عمال مصانع جهة بنزرت ورصيفها ينسجون على منوالهم ويعلنون الإضراب يوم 11 سبتمبر وحصلت اصطدامات واشتباكات دامية بين العمال التونسيين العزل من كل سلاح وبين القوات الاستعمارية المدججة بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة سقط فيها العديد من الجرحى واستشهد فيها الشهيدان: محمد الكومي ومبروك بن محمد الشاهد وهما من أول رواد شهداء الكفاح الاجتماعي الوطني نتيجة ما أبداه السفاح الاستعماري (كمبانة) مدير عام الشرطة الفرنسية من حقد وتعسف وطيش وسوء تدبير وكره للعنصر الوطني.
وقد تفتقت قريحة الشاعر التونسي الشهير سعيد أبو بكر بقصيدة عصماء صور فيها هذه الملحمة الوطنية تصويرا رائعا ونظرا لأهميتها التاريخية نقتطف منها الأبيات التالية:
وقد مزقت أجسامهم ببنادق
أعدت لهم من دون ذنب ولا وزر
وقد جندلوا فوق البسيطة بعضهم
جريح وبعض قد أصابه بالقصر
وآخر مغلول مغلول اليدين مصيره
الى السجن مرفوعا بسلسلة الجر
يصيحون ولكن ليس يجدي صياحهم
ويستنجدون القوم والقلب في صخر
وما ان هدأت هذه الموجة من الاعتصامات حتى كأن رائد الحركة النقابية الأولى بالعالم العربي الدكتور محمد علي الحامي يبذر البذرة النقابية الأولى بهذه الربوع بعيدة كل البعد عن مختلف الأيديولوجيات الأجنبية.
ومثلما كان لعملة ميناء العاصمة فضل الزيادة في بعث أول حركة تعاونية اقتصادية وطنية. كان لهم أيضا فضل الزيادة في بعث أول حركة نقابية وطنية رغما عن تحجير العمل النقابي في بلادنا وعدم السماح به الا بعد صدور الأمر العلي المؤرخ في 1 نوفمبر 1932.
وبسرعة لحقت بها عدة نقابات بجهة بنزرت وتم تأسيس اتحاد جهوي للسهر على شؤون هذه النقابات وتحقيق جدواها بإشراف محمد الخميري ثم الطاهر بن سالم.
وكانت هذه الحركة النقابية الوطنية الناشئة كانها في سباق مع الزمن حيث انتشرت في فترة وجيزة بعديد المؤسسات بالعاصمة شملت عمال شركة السكك الحديدية والتزام وسوق الحبوب ومعامل الدقيق وقمرق الدخان ونسيج الحرير والبرانسية والشواشية.. الخ
اهتز (دوريل) كاتب عام اتحاد النقابات الفرنسية (C.G.T) بتونس من سرعة انتشار الحركة النقابية الوطنية التي تم تأسيسها في فترة وجيزة جدا تراوحت بين غرة أكتوبر 1924 ومستهل شهر ديسمبر من نفس السنة وعمت قطاعات عديدة هامة ومتنوعة بالعاصمة وبنزرت وماطر، وصفاقس وقفصة والمتلوي.(يتبع)
*مربي متقاعد
بقلم: البشير الشريف(*)
وفي يوم 7 سبتمبر 1924 تم الاتفاق بين العملة وشركة الرصيف الأجنبية على إنهاء الإضراب بعد أن تحصل العمال على بعض المطالب مما جعل عمال مصانع جهة بنزرت ورصيفها ينسجون على منوالهم ويعلنون الإضراب يوم 11 سبتمبر وحصلت اصطدامات واشتباكات دامية بين العمال التونسيين العزل من كل سلاح وبين القوات الاستعمارية المدججة بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة سقط فيها العديد من الجرحى واستشهد فيها الشهيدان: محمد الكومي ومبروك بن محمد الشاهد وهما من أول رواد شهداء الكفاح الاجتماعي الوطني نتيجة ما أبداه السفاح الاستعماري (كمبانة) مدير عام الشرطة الفرنسية من حقد وتعسف وطيش وسوء تدبير وكره للعنصر الوطني.
وقد تفتقت قريحة الشاعر التونسي الشهير سعيد أبو بكر بقصيدة عصماء صور فيها هذه الملحمة الوطنية تصويرا رائعا ونظرا لأهميتها التاريخية نقتطف منها الأبيات التالية:
وقد مزقت أجسامهم ببنادق
أعدت لهم من دون ذنب ولا وزر
وقد جندلوا فوق البسيطة بعضهم
جريح وبعض قد أصابه بالقصر
وآخر مغلول مغلول اليدين مصيره
الى السجن مرفوعا بسلسلة الجر
يصيحون ولكن ليس يجدي صياحهم
ويستنجدون القوم والقلب في صخر
وما ان هدأت هذه الموجة من الاعتصامات حتى كأن رائد الحركة النقابية الأولى بالعالم العربي الدكتور محمد علي الحامي يبذر البذرة النقابية الأولى بهذه الربوع بعيدة كل البعد عن مختلف الأيديولوجيات الأجنبية.
ومثلما كان لعملة ميناء العاصمة فضل الزيادة في بعث أول حركة تعاونية اقتصادية وطنية. كان لهم أيضا فضل الزيادة في بعث أول حركة نقابية وطنية رغما عن تحجير العمل النقابي في بلادنا وعدم السماح به الا بعد صدور الأمر العلي المؤرخ في 1 نوفمبر 1932.
وبسرعة لحقت بها عدة نقابات بجهة بنزرت وتم تأسيس اتحاد جهوي للسهر على شؤون هذه النقابات وتحقيق جدواها بإشراف محمد الخميري ثم الطاهر بن سالم.
وكانت هذه الحركة النقابية الوطنية الناشئة كانها في سباق مع الزمن حيث انتشرت في فترة وجيزة بعديد المؤسسات بالعاصمة شملت عمال شركة السكك الحديدية والتزام وسوق الحبوب ومعامل الدقيق وقمرق الدخان ونسيج الحرير والبرانسية والشواشية.. الخ
اهتز (دوريل) كاتب عام اتحاد النقابات الفرنسية (C.G.T) بتونس من سرعة انتشار الحركة النقابية الوطنية التي تم تأسيسها في فترة وجيزة جدا تراوحت بين غرة أكتوبر 1924 ومستهل شهر ديسمبر من نفس السنة وعمت قطاعات عديدة هامة ومتنوعة بالعاصمة وبنزرت وماطر، وصفاقس وقفصة والمتلوي.(يتبع)