حالة من الفوضى صفة لأي وضع يولد ارتباكا في عقولنا.
هنالك سلوكيات اليوم تستبيح الدولة، لتحقيق منفعة أو أغراض شخصية، مواقف وأفعال فاقت كلّ منطق وتجاوزت كلّ الحدود، لم نشهد لها مثيلا في تاريخ الدولة التونسية الحديثة، نقابات تحجب أعداد تلاميذ أطفال صغار، تسرق منهم فرحة النجاح والامتياز، مؤذن يغلق الجامع ويحرم المصلين من أداء فريضتهم، مجرمون يستولون على الفضاءات العمومية أمام أعين الشرطة، سواحل شواطئ، وساحات عامة، وأسواق، وشوارع، وأنهج، والبقية تأتي .
من كان يتصوّر يوما أن تصبح أجمل معالم العاصمة من "باب البحر وساحات فرنسا وبرشلونة والسوق المركزية أراض حكرا على عصابات هي بمثابة مافيا جديدة أضرت بل دمّرت حياة مئات التجار وأصحاب المحلات والسكان، استباحت الأنهج والأرصفة والجدران، بل هنالك حديث حتى عن إرهاب مالكي المغازات والمحلات التجارية باستغلال واجهاتها بالقوة وإن لزم الأمر اقتحامها وقضاء شؤونهم الخاصة داخلها .
إنهم من تصحّ فيهم كلمة “حكمدار” بما تعني من حاكم فعل لجهة أو لمنطقة أو شارع أو ساحة عامة …
إن الشر الذي يعاني منه المجتمع من مظاهر الفوضى والبلطجة، تغذي حالة انهيار اجتماعي بما سيسمح لعصابات بممارسة إرادتها ضدّ السلطة.
نعرف قوة التعليلات لتبرير حالة الأشياء التي غالبا ما تكون مشروطة بالظروف والحالات الاجتماعية، قد اتخذت قيمة مراعاة الظروف طبيعة ثابتة. ومع ذلك، تبقى النتيجة هو اختفاء الدولة وتحول "السلطة" لأطراف تتولى تنفيذها بنفسها حسب أهوائها وإرادتها، وتحويل الهياكل، في خدمة هذه الفئات المتسلّطة، في حين يبقي الشعب المنفصل والمغلوب على أمره في الخضوع، معدّلا حياته وسلوكياته على رغبات وإرادات رجال هذه العصابات.
ما نعرفه أيضًا هو أن الإنسان وحده، مهما كان اغترابه عن البيئة وأخلاق التبرير، يمكنه اكتساب معرفة حالته وإيجاد الوسائل الكفيلة بوضع حد لها.
قد يبرّر البعض حالة دوام هذه الفوضى من خلال غضب واشمئزاز فئة اجتماعية معينة، سعت إلى حل لصعوبة تواجدها في مجتمع يريد أن ينتصر لقيم أخلاقية ويكرس دولة القانون، وبالتالي يلقي بالمشكل على السّلطات الساهرة على إنفاذ القانون .
الفوضى ليست مرادفا للسقوط، لكنها تتوافق مع حالة متناغمة ناتجة عن إلغاء الدولة وجميع أشكال الهيمنة والسلطة. إنها تقوم على فرض أمر واقع و"قوانين" على الأفراد وعلى المجتمع، رغم أن ذلك يتم دون أي أسبقية أو تخطيط قبلي.
لكن الأخطر أن تستغلَ ذلك وتستثمر فيه قوى سياسية معينة لخدمة أهداف إيديولوجية أو عقائدية معينة أو أجندات أو حتى تكريس حالة من الرعب والخوف في قلوب الناس.
إن المعجزة الحقيقية لا تكون في خرق النظام، وإنّما في إحلال النظام وتطبيقه بصرامة على الجميع.. فالقوانين بلا تنفيذ عبارة عن نصيحة لا غير، والحرية بلا ضوابط وحدود تعد انحرافا وتسيبا ..
يرويها: أبو بكر الصغير
حالة من الفوضى صفة لأي وضع يولد ارتباكا في عقولنا.
هنالك سلوكيات اليوم تستبيح الدولة، لتحقيق منفعة أو أغراض شخصية، مواقف وأفعال فاقت كلّ منطق وتجاوزت كلّ الحدود، لم نشهد لها مثيلا في تاريخ الدولة التونسية الحديثة، نقابات تحجب أعداد تلاميذ أطفال صغار، تسرق منهم فرحة النجاح والامتياز، مؤذن يغلق الجامع ويحرم المصلين من أداء فريضتهم، مجرمون يستولون على الفضاءات العمومية أمام أعين الشرطة، سواحل شواطئ، وساحات عامة، وأسواق، وشوارع، وأنهج، والبقية تأتي .
من كان يتصوّر يوما أن تصبح أجمل معالم العاصمة من "باب البحر وساحات فرنسا وبرشلونة والسوق المركزية أراض حكرا على عصابات هي بمثابة مافيا جديدة أضرت بل دمّرت حياة مئات التجار وأصحاب المحلات والسكان، استباحت الأنهج والأرصفة والجدران، بل هنالك حديث حتى عن إرهاب مالكي المغازات والمحلات التجارية باستغلال واجهاتها بالقوة وإن لزم الأمر اقتحامها وقضاء شؤونهم الخاصة داخلها .
إنهم من تصحّ فيهم كلمة “حكمدار” بما تعني من حاكم فعل لجهة أو لمنطقة أو شارع أو ساحة عامة …
إن الشر الذي يعاني منه المجتمع من مظاهر الفوضى والبلطجة، تغذي حالة انهيار اجتماعي بما سيسمح لعصابات بممارسة إرادتها ضدّ السلطة.
نعرف قوة التعليلات لتبرير حالة الأشياء التي غالبا ما تكون مشروطة بالظروف والحالات الاجتماعية، قد اتخذت قيمة مراعاة الظروف طبيعة ثابتة. ومع ذلك، تبقى النتيجة هو اختفاء الدولة وتحول "السلطة" لأطراف تتولى تنفيذها بنفسها حسب أهوائها وإرادتها، وتحويل الهياكل، في خدمة هذه الفئات المتسلّطة، في حين يبقي الشعب المنفصل والمغلوب على أمره في الخضوع، معدّلا حياته وسلوكياته على رغبات وإرادات رجال هذه العصابات.
ما نعرفه أيضًا هو أن الإنسان وحده، مهما كان اغترابه عن البيئة وأخلاق التبرير، يمكنه اكتساب معرفة حالته وإيجاد الوسائل الكفيلة بوضع حد لها.
قد يبرّر البعض حالة دوام هذه الفوضى من خلال غضب واشمئزاز فئة اجتماعية معينة، سعت إلى حل لصعوبة تواجدها في مجتمع يريد أن ينتصر لقيم أخلاقية ويكرس دولة القانون، وبالتالي يلقي بالمشكل على السّلطات الساهرة على إنفاذ القانون .
الفوضى ليست مرادفا للسقوط، لكنها تتوافق مع حالة متناغمة ناتجة عن إلغاء الدولة وجميع أشكال الهيمنة والسلطة. إنها تقوم على فرض أمر واقع و"قوانين" على الأفراد وعلى المجتمع، رغم أن ذلك يتم دون أي أسبقية أو تخطيط قبلي.
لكن الأخطر أن تستغلَ ذلك وتستثمر فيه قوى سياسية معينة لخدمة أهداف إيديولوجية أو عقائدية معينة أو أجندات أو حتى تكريس حالة من الرعب والخوف في قلوب الناس.
إن المعجزة الحقيقية لا تكون في خرق النظام، وإنّما في إحلال النظام وتطبيقه بصرامة على الجميع.. فالقوانين بلا تنفيذ عبارة عن نصيحة لا غير، والحرية بلا ضوابط وحدود تعد انحرافا وتسيبا ..