تفيد عديد الشهادات التي جمعتها "الصباح" أن مشكلة النقص المسجل في عدد من عناوين الأدوية في مستشفياتنا العمومية قد تفاقمت للغاية في الآونة الأخيرة، وأصبح المريض لا يمكنه الظفر بأبسط الخدمات الصحية على غرار التحاليل والتصوير بـ"السكانار" ولا يستفيد من حقه في أخذ الأدوية من الصيدليات حتى في المستشفيات الجهوية والجامعية. ويكون الوضع شبه كارثي في الخط الأول في المستوصفات والمستشفيات المحلية وأقسام الاستعجالي أين يضطر المريض، إلى شراء حتى ميزان الحرارة والضمادات ومسكنات الآلام التي لا تتوفر عليه هذه المراكز الصحية في مقابل حصوله على الخدمة. كما يضطر إلى اقتناء أدويته الخاصة بمرضه المزمن من الصيدليات الخاصة نظرا لأن مركز الصحة العائد له بالنظر قد عجز عن توفيرها لأكثر من موعد.
وعلى الأغلب غابت أو تحولت إلى عملة صعبة داخل صيدليات المستشفيات العمومية، جملة من الأدوية على غرار تلك الخاصة بالتحاليل وأدوية المسكنات والأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم والقلب..، وشمل النقص حتى أدوية مرضى السرطان والأمراض العصبية التي يصعب إيجاد أدوية جنيسة لها حتى في الصيدليات الخاصة.
ويضرب هذا النقص في الأدوية بعمق خلال السنوات الأخيرة حق فئة عريضة من المواطنين التونسيين من ذوي الدخل المحدود وضعاف الحال، في الولوج للصحة والتمتع بخدمات صحية ذات جودة.. أين لا يجدون ضالتهم في منظومة الصحة العمومية ويتم إقصاؤهم من المنظومة الخاصة نظرا لأنهم يعجزون عن تامين كلفة النفاذ إلى المصحات وخدماتها الباهظة. علما وأنه وفقا لنقابات الصحة العمومية فان 70% من التونسيين يتلقون علاجهم في مؤسسات الصحة العمومية.
ويقر الدكتور عماد خليفي كاتب عام نقابة الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيين الجامعيين، بهذا النقص المسجل ويكشف في تصريحه لـ"الصباح" أن مشكلة فقدان الأدوية معضلة يعاني منها قطاع الصحة العمومي منذ سنوات طويلة، وهي تدخل في صلب مشاكل الخدمات الصحية، من تحاليل وكشوفات بـ"السكانار"..، كما يشمل النقص أيضا الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة..، ويوضح في نفس الوقت انه بالنسبة لميزان الحرارة فانه ومنذ جائحة كورونا تم التنصيص ضمن البروتوكول الصحي على اعتباره شخصيا نظرا إلى أنه يمكن أن ينقل العدوى ومنذ ذلك الحين تم الإبقاء على نفس البروتوكول في شأنه.
ويعتبر خليفي أن هذا النقص في الأدوية داخل مختلف المؤسسات الصحية، من الصف الأول وحتى المستشفيات الجامعية، بصدد التأثير مباشرة على العلاقة بين طالبي الخدمة والإطار الطبي وشبه الطبي.. ويخلق تشنجات وحتى أحداث عنف داخل المؤسسات الاستشفائية، فالمريض عند عدم قدرته على الولوج لخدمات الصحة العمومية وعدم إيجاده للأدوية يعود إلى الطبيب أو الإطار شبه الطبي ويحمله مسؤولية ذلك ويتهمهم أنهم السبب في عدم وجود الأدوية في حين أنه ليس لهم أي دخل في ذلك.
ويصف كاتب عام نقابة الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيين الجامعيين، الوضع بالصعب، ويقول هناك نقص متقطع للأدوية داخل المستشفيات العمومية وفي غالبية الأحيان يتم تزويدها بكميات منقوصة..
ويفسر عماد خليفي أزمة نقص الدواء في تونس بأزمة المالية العمومية، وعجز الصيدلية المركزية على خلاص ديونها لدى مخابر الأدوية العالمية التي أصبحت تفرض الدفع المسبق مقابل تزويد السوق التونسية منذ جائحة كورونا. ويرى أن تجاوز الأزمة مازال ممكنا فيكفي أن تتم مراجعة النظام الصحي في تونس وتحسين خدمات الصف الأول منه، وأن تجد الحكومة حلا في طبيعة العلاقة القائمة بين الصيدلية المركزية والصندوق الوطني للتامين على المرض ووزارة الصحة، حتى يتم خلاص المتخلدات وتحسين الخدمات الصحية وتوفير السيولة للصيدلية المركزية من أجل تأمين كميات كافية من الأدوية.
وللإشارة تغطي تونس حسب تصريح إعلامي لأحد أعضاء هيئة الصيادلة، بين الـ60% و65% من احتياجاتها من الدواء ولا يمكن ضبط قائمة محددة في العناوين غير المتوفرة منه فهي متغيرة وتشهد فترات وفرة وأخرى نقصا. كما أن مخابر الدواء المحلية بدورها تعيش جملة من الاشكاليات على خلفية ما شهدته المواد الأولية وكلفة الشحن من ارتفاع ما بعد جائحة كورونا، وفي ظل عدم اخذ ذلك بعين الاعتبار في الأسعار التي تحددها الدولة للأدوية الجنيسة تراجع نسق إنتاجها وشهدت بدورها نقصا في كمياتها.
في نفس الوقت تقول آخر المعطيات الصادرة في شأن ديون الصيدلية المركزية أن حجم ديونها لدى الصندوق الوطني للتامين على المرض وجملة المؤسسات الاستشفائية يصل إلى 1200 مليون دينار، واستخلاص تلك الديون من شانه أن ينعش وضعيتها ويمكنها من خلاص ديونها المتخلدة لدى المخابر الأجنبية.
ريم سوودي
تونس الصباح
تفيد عديد الشهادات التي جمعتها "الصباح" أن مشكلة النقص المسجل في عدد من عناوين الأدوية في مستشفياتنا العمومية قد تفاقمت للغاية في الآونة الأخيرة، وأصبح المريض لا يمكنه الظفر بأبسط الخدمات الصحية على غرار التحاليل والتصوير بـ"السكانار" ولا يستفيد من حقه في أخذ الأدوية من الصيدليات حتى في المستشفيات الجهوية والجامعية. ويكون الوضع شبه كارثي في الخط الأول في المستوصفات والمستشفيات المحلية وأقسام الاستعجالي أين يضطر المريض، إلى شراء حتى ميزان الحرارة والضمادات ومسكنات الآلام التي لا تتوفر عليه هذه المراكز الصحية في مقابل حصوله على الخدمة. كما يضطر إلى اقتناء أدويته الخاصة بمرضه المزمن من الصيدليات الخاصة نظرا لأن مركز الصحة العائد له بالنظر قد عجز عن توفيرها لأكثر من موعد.
وعلى الأغلب غابت أو تحولت إلى عملة صعبة داخل صيدليات المستشفيات العمومية، جملة من الأدوية على غرار تلك الخاصة بالتحاليل وأدوية المسكنات والأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم والقلب..، وشمل النقص حتى أدوية مرضى السرطان والأمراض العصبية التي يصعب إيجاد أدوية جنيسة لها حتى في الصيدليات الخاصة.
ويضرب هذا النقص في الأدوية بعمق خلال السنوات الأخيرة حق فئة عريضة من المواطنين التونسيين من ذوي الدخل المحدود وضعاف الحال، في الولوج للصحة والتمتع بخدمات صحية ذات جودة.. أين لا يجدون ضالتهم في منظومة الصحة العمومية ويتم إقصاؤهم من المنظومة الخاصة نظرا لأنهم يعجزون عن تامين كلفة النفاذ إلى المصحات وخدماتها الباهظة. علما وأنه وفقا لنقابات الصحة العمومية فان 70% من التونسيين يتلقون علاجهم في مؤسسات الصحة العمومية.
ويقر الدكتور عماد خليفي كاتب عام نقابة الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيين الجامعيين، بهذا النقص المسجل ويكشف في تصريحه لـ"الصباح" أن مشكلة فقدان الأدوية معضلة يعاني منها قطاع الصحة العمومي منذ سنوات طويلة، وهي تدخل في صلب مشاكل الخدمات الصحية، من تحاليل وكشوفات بـ"السكانار"..، كما يشمل النقص أيضا الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة..، ويوضح في نفس الوقت انه بالنسبة لميزان الحرارة فانه ومنذ جائحة كورونا تم التنصيص ضمن البروتوكول الصحي على اعتباره شخصيا نظرا إلى أنه يمكن أن ينقل العدوى ومنذ ذلك الحين تم الإبقاء على نفس البروتوكول في شأنه.
ويعتبر خليفي أن هذا النقص في الأدوية داخل مختلف المؤسسات الصحية، من الصف الأول وحتى المستشفيات الجامعية، بصدد التأثير مباشرة على العلاقة بين طالبي الخدمة والإطار الطبي وشبه الطبي.. ويخلق تشنجات وحتى أحداث عنف داخل المؤسسات الاستشفائية، فالمريض عند عدم قدرته على الولوج لخدمات الصحة العمومية وعدم إيجاده للأدوية يعود إلى الطبيب أو الإطار شبه الطبي ويحمله مسؤولية ذلك ويتهمهم أنهم السبب في عدم وجود الأدوية في حين أنه ليس لهم أي دخل في ذلك.
ويصف كاتب عام نقابة الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيين الجامعيين، الوضع بالصعب، ويقول هناك نقص متقطع للأدوية داخل المستشفيات العمومية وفي غالبية الأحيان يتم تزويدها بكميات منقوصة..
ويفسر عماد خليفي أزمة نقص الدواء في تونس بأزمة المالية العمومية، وعجز الصيدلية المركزية على خلاص ديونها لدى مخابر الأدوية العالمية التي أصبحت تفرض الدفع المسبق مقابل تزويد السوق التونسية منذ جائحة كورونا. ويرى أن تجاوز الأزمة مازال ممكنا فيكفي أن تتم مراجعة النظام الصحي في تونس وتحسين خدمات الصف الأول منه، وأن تجد الحكومة حلا في طبيعة العلاقة القائمة بين الصيدلية المركزية والصندوق الوطني للتامين على المرض ووزارة الصحة، حتى يتم خلاص المتخلدات وتحسين الخدمات الصحية وتوفير السيولة للصيدلية المركزية من أجل تأمين كميات كافية من الأدوية.
وللإشارة تغطي تونس حسب تصريح إعلامي لأحد أعضاء هيئة الصيادلة، بين الـ60% و65% من احتياجاتها من الدواء ولا يمكن ضبط قائمة محددة في العناوين غير المتوفرة منه فهي متغيرة وتشهد فترات وفرة وأخرى نقصا. كما أن مخابر الدواء المحلية بدورها تعيش جملة من الاشكاليات على خلفية ما شهدته المواد الأولية وكلفة الشحن من ارتفاع ما بعد جائحة كورونا، وفي ظل عدم اخذ ذلك بعين الاعتبار في الأسعار التي تحددها الدولة للأدوية الجنيسة تراجع نسق إنتاجها وشهدت بدورها نقصا في كمياتها.
في نفس الوقت تقول آخر المعطيات الصادرة في شأن ديون الصيدلية المركزية أن حجم ديونها لدى الصندوق الوطني للتامين على المرض وجملة المؤسسات الاستشفائية يصل إلى 1200 مليون دينار، واستخلاص تلك الديون من شانه أن ينعش وضعيتها ويمكنها من خلاص ديونها المتخلدة لدى المخابر الأجنبية.