مختصون في الشأن الديبلوماسي والعلاقات الدولية لـ "الصباح": مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي لم تفعل بعد.. ومعالجة ملف الهجرة يتطلب شراكة إقليمية
لازال الجدل متواصلا حول مذكرة التفاهم التي أمضيت الأحد الفارط بين تونس والاتحاد الأوروبي وسط تحذيرات من جهات داخلية مختلفة من وجود مساع أوروبية لاستغلال تونس التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا مقابل مراقبة الحدود البحرية.
ووسط القراءات المختلفة حول النقاط التي جاءت في المذكرة اتصلت "الصباح" بمختصين في الشأن الديبلوماسي والعلاقات الدولية لفهم النقاط الشكلية القانونية ومضمون نص الاتفاقية.
قال أستاذ العلاقات الدولية عبد المجيد العبدلي، مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي غير نافذة المفعول إلى الآن لأنها تستدعي مصادقة البرلمان التونسي ورئيس الدولية وكذلك البرلمان الأوروبي وفقا لما جاء في الفصل 74 من دستور 2022 الذي نص على انه "يصادق رئيس الجمهورية على المعاهدات ويأذن بنشرها، ولا تجوز المصادقة على المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدات التجارية والمعاهدات الخاصة بالتنظيم الدولي وتلك المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة والمعاهدات المتضمنة أحكاما ذات صبغة تشريعية إلا بعد الموافقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب ولا تعد المعاهدات نافذة المفعول إلا بعد المصادقة عليها وشريطة تطبيقها من الطرف الآخر والمعاهدات المصادق عليها من قبل رئيس الجمهورية والموافق عليها من قبل مجلس نواب الشعب أعلى من القوانين ودون الدستور".
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أنه إلى حد الآن فان المذكرة غير ملزمة للطرفين إلا إذا تم استكمال كل الشروط الشكلية القانونية.
وعلى مستوى المضمون أضاف العبدلي أن المذكرة تضمنت 5 نقاط عامة تستدعي إبرام برتوكولات وتوضيحات واتفاقيات أخرى، مشيرا إلى أن المذكرة تدور كلها في فلك النقطة الخامسة المتعلقة بمقاومة الهجرة غير الشرعية.
وأكد العبدلي لـ "الصباح" أن ما جاء في مذكرة التفاهم ليس منة أو "مزية" من الاتحاد الأوروبي على تونس لأنه بحماية بلدنا من الهجرة غير الشرعية يحمي الاتحاد الأوروبي نفسه، كما أن هذه المذكرة أثبتت مكانة تونس المهمة وبأنها ليست حارسا للحدود بل هي بلد له سيادته ويقرأ له ألف حساب والدليل على ذلك أنه في السابق وتحديدا في سنة 2019 كانت الوفود التونسية هي التي تتنقل إلى بروكسل للتفاوض لكن اليوم الوفود الأوروبية هي التي تأتي إلى تونس، وبالتالي فان هذه المذكرة ستحافظ على سيادة تونس.
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الأسبق احمد ونيس أزمة الهجرة غير النظامية أصبحت تهدد استقرار تونس الاقتصادي والاجتماعي وكذلك تهدد استقرار المجتمعات الأوروبية بحكم حجمها غير المسبوق وعلى هذا الأساس أتت مذكرة التفاهم التي أمضيت بين الطرفين التونسي والأوروبي لان معالجة القضية لا يتم بشكل فردي بل يجب توفر شراكة إقليمية.
وأضاف ونيس لـ "الصباح" كان من المجدي لو انضمت أمريكا والصين ودول عربية أخرى لمثل هذا الاتفاق، مشددا بان تونس حققت مكسبا بإمضاء هذه المذكرة التي ستمكن من رسم سياسة كاملة لمقاومة هذه الظاهرة خاصة وأن المعالجة الأمنية القمعية لم تنجح في التصدي لها.
وتعتمد المذكرة التي تم الإعلان عن تفاصيلها على خمس نقاط تتمثل الأولى في الاتّصال بين البشر، وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنّه سيتمّ توفير فرص للشباب بشكل خاصّ وسيقع فتح نافذة تونسية في برنامج ايرومس + بـ 10 ملايين أورو لدفع المبادلات، كما سيتمّ الانطلاق في الشراكة لإعطاء شباب تونس فرصا للدراسة والعمل أو للتدرب في الاتّحاد الأوروبي لاكتساب خبرة تكون هامة للاقتصاد التونسي عند عودتهم إلى بلدهم.
وأضافت أورسولا فون دير لاين أنّه سيتم العمل المشترك على تعصير المدارس من خلال دعم 80 مدرسة بما يؤهلها للانتقال الرقمي والأخضر، وذلك بتمويلات تبلغ 6.5 مليون أورو.
أما النقطة الثانية فهي التنمية الاقتصادية، حيث سيتمّ العمل من أجل بناء اقتصاد تونسي متين يصمد أمام الصدمات ويخلق التنمية. وفي هذا السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنّه سيتم العمل على تقديم الدعم المالي لتونس وميزانيتها.
كما تتمثّل النقطة الثالثة في الاستثمار والتجارة، وبما أنّ الاتّحاد الأوروبي أكبر شريك في الاستثمار لتونس سيتمّ العمل المشترك على تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات.
وأشارت إلى أنّه سيتمّ أيضا إتاحة فرص دعم للاقتصاد الأخضر، وذلك لتنمية السياحة، وأيضا المجتمعات المحلية، كما سيتمّ التركيز على الاستثمار في القطاع الرقمي.
واستعرضت أورسولا فون دير لاين عددا من المشاريع على غرار الكابل البحري "ميدوزا" الذي سيربط تونس بالاتحاد الأوروبي وسيربط 11 بلدا حول المتوسط مع حلول سنة 2025، وللغرض سيتمّ رصد 350 مليون أورو.
وفي مجال الطاقات المتجدّدة، النقطة الرابعة من مذكرة التفاهم، أشارت إلى أنّ تونس لها إمكانات هائلة في الطاقات المتجددة وسيتمّ العمل على تطوير هذا القطاع عبر تزويدها بالتكنولوجيا الضرورية، مشيرة إلى أنّ أوروبا بحاجة إلى التزود بالطاقة النظيفة وبصدد تخليص اقتصادها من الكربون وتنظيف مواردها على غرار الهيدروجين الأخضر والكهرباء المولد من الطاقات المتجدّدة.
أما النقطة الخامسة والتي تتمحور حول ظاهرة الهجرة، شدّدت رئيسة المفوضية الأوروبية على الحاجة إلى تعاون فعلي أكثر ممّا كان.
وأكّدت المتحدّثة على أهمية ضرب الشبكات الإجرامية والمهرّبين الذين يستغلون بؤس الناس، مضيفة أنّه سيتمّ العمل على تعميق الشراكة وترفيع التعاون على مستوى البحر والنجدة، إضافة إلى ذلك سيتمّ في إطار إدارة الحدود ومجابهة تهريب المواطنين العمل على إنفاذ القانون، وتخصيص 100 مليون أورو من تمويلات الاتّحاد الأوروبي، وكشفت أنّه سيتمّ العمل على تيسير الهجرة القانونية.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
لازال الجدل متواصلا حول مذكرة التفاهم التي أمضيت الأحد الفارط بين تونس والاتحاد الأوروبي وسط تحذيرات من جهات داخلية مختلفة من وجود مساع أوروبية لاستغلال تونس التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا مقابل مراقبة الحدود البحرية.
ووسط القراءات المختلفة حول النقاط التي جاءت في المذكرة اتصلت "الصباح" بمختصين في الشأن الديبلوماسي والعلاقات الدولية لفهم النقاط الشكلية القانونية ومضمون نص الاتفاقية.
قال أستاذ العلاقات الدولية عبد المجيد العبدلي، مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي غير نافذة المفعول إلى الآن لأنها تستدعي مصادقة البرلمان التونسي ورئيس الدولية وكذلك البرلمان الأوروبي وفقا لما جاء في الفصل 74 من دستور 2022 الذي نص على انه "يصادق رئيس الجمهورية على المعاهدات ويأذن بنشرها، ولا تجوز المصادقة على المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدات التجارية والمعاهدات الخاصة بالتنظيم الدولي وتلك المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة والمعاهدات المتضمنة أحكاما ذات صبغة تشريعية إلا بعد الموافقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب ولا تعد المعاهدات نافذة المفعول إلا بعد المصادقة عليها وشريطة تطبيقها من الطرف الآخر والمعاهدات المصادق عليها من قبل رئيس الجمهورية والموافق عليها من قبل مجلس نواب الشعب أعلى من القوانين ودون الدستور".
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أنه إلى حد الآن فان المذكرة غير ملزمة للطرفين إلا إذا تم استكمال كل الشروط الشكلية القانونية.
وعلى مستوى المضمون أضاف العبدلي أن المذكرة تضمنت 5 نقاط عامة تستدعي إبرام برتوكولات وتوضيحات واتفاقيات أخرى، مشيرا إلى أن المذكرة تدور كلها في فلك النقطة الخامسة المتعلقة بمقاومة الهجرة غير الشرعية.
وأكد العبدلي لـ "الصباح" أن ما جاء في مذكرة التفاهم ليس منة أو "مزية" من الاتحاد الأوروبي على تونس لأنه بحماية بلدنا من الهجرة غير الشرعية يحمي الاتحاد الأوروبي نفسه، كما أن هذه المذكرة أثبتت مكانة تونس المهمة وبأنها ليست حارسا للحدود بل هي بلد له سيادته ويقرأ له ألف حساب والدليل على ذلك أنه في السابق وتحديدا في سنة 2019 كانت الوفود التونسية هي التي تتنقل إلى بروكسل للتفاوض لكن اليوم الوفود الأوروبية هي التي تأتي إلى تونس، وبالتالي فان هذه المذكرة ستحافظ على سيادة تونس.
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الأسبق احمد ونيس أزمة الهجرة غير النظامية أصبحت تهدد استقرار تونس الاقتصادي والاجتماعي وكذلك تهدد استقرار المجتمعات الأوروبية بحكم حجمها غير المسبوق وعلى هذا الأساس أتت مذكرة التفاهم التي أمضيت بين الطرفين التونسي والأوروبي لان معالجة القضية لا يتم بشكل فردي بل يجب توفر شراكة إقليمية.
وأضاف ونيس لـ "الصباح" كان من المجدي لو انضمت أمريكا والصين ودول عربية أخرى لمثل هذا الاتفاق، مشددا بان تونس حققت مكسبا بإمضاء هذه المذكرة التي ستمكن من رسم سياسة كاملة لمقاومة هذه الظاهرة خاصة وأن المعالجة الأمنية القمعية لم تنجح في التصدي لها.
وتعتمد المذكرة التي تم الإعلان عن تفاصيلها على خمس نقاط تتمثل الأولى في الاتّصال بين البشر، وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنّه سيتمّ توفير فرص للشباب بشكل خاصّ وسيقع فتح نافذة تونسية في برنامج ايرومس + بـ 10 ملايين أورو لدفع المبادلات، كما سيتمّ الانطلاق في الشراكة لإعطاء شباب تونس فرصا للدراسة والعمل أو للتدرب في الاتّحاد الأوروبي لاكتساب خبرة تكون هامة للاقتصاد التونسي عند عودتهم إلى بلدهم.
وأضافت أورسولا فون دير لاين أنّه سيتم العمل المشترك على تعصير المدارس من خلال دعم 80 مدرسة بما يؤهلها للانتقال الرقمي والأخضر، وذلك بتمويلات تبلغ 6.5 مليون أورو.
أما النقطة الثانية فهي التنمية الاقتصادية، حيث سيتمّ العمل من أجل بناء اقتصاد تونسي متين يصمد أمام الصدمات ويخلق التنمية. وفي هذا السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنّه سيتم العمل على تقديم الدعم المالي لتونس وميزانيتها.
كما تتمثّل النقطة الثالثة في الاستثمار والتجارة، وبما أنّ الاتّحاد الأوروبي أكبر شريك في الاستثمار لتونس سيتمّ العمل المشترك على تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات.
وأشارت إلى أنّه سيتمّ أيضا إتاحة فرص دعم للاقتصاد الأخضر، وذلك لتنمية السياحة، وأيضا المجتمعات المحلية، كما سيتمّ التركيز على الاستثمار في القطاع الرقمي.
واستعرضت أورسولا فون دير لاين عددا من المشاريع على غرار الكابل البحري "ميدوزا" الذي سيربط تونس بالاتحاد الأوروبي وسيربط 11 بلدا حول المتوسط مع حلول سنة 2025، وللغرض سيتمّ رصد 350 مليون أورو.
وفي مجال الطاقات المتجدّدة، النقطة الرابعة من مذكرة التفاهم، أشارت إلى أنّ تونس لها إمكانات هائلة في الطاقات المتجددة وسيتمّ العمل على تطوير هذا القطاع عبر تزويدها بالتكنولوجيا الضرورية، مشيرة إلى أنّ أوروبا بحاجة إلى التزود بالطاقة النظيفة وبصدد تخليص اقتصادها من الكربون وتنظيف مواردها على غرار الهيدروجين الأخضر والكهرباء المولد من الطاقات المتجدّدة.
أما النقطة الخامسة والتي تتمحور حول ظاهرة الهجرة، شدّدت رئيسة المفوضية الأوروبية على الحاجة إلى تعاون فعلي أكثر ممّا كان.
وأكّدت المتحدّثة على أهمية ضرب الشبكات الإجرامية والمهرّبين الذين يستغلون بؤس الناس، مضيفة أنّه سيتمّ العمل على تعميق الشراكة وترفيع التعاون على مستوى البحر والنجدة، إضافة إلى ذلك سيتمّ في إطار إدارة الحدود ومجابهة تهريب المواطنين العمل على إنفاذ القانون، وتخصيص 100 مليون أورو من تمويلات الاتّحاد الأوروبي، وكشفت أنّه سيتمّ العمل على تيسير الهجرة القانونية.