كان من المنتظر أن يتم قبل نهاية جوان المنقضي وبمناسبة انعقاد قمة الاتحاد الأوربي يومي 29 و30 من نفس الشهر توقيع مشروع مذكرة تفاهم بين تونس والاتحاد الأوربي وفق ما أعلنه الجانب الأوربي آنذاك، ليعلن في ما بعد عن تأجيل توقيع الاتفاق إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى بأيام قليلة، لينقضي أسبوعان منذ بداية الشهر الحالي دون أي مبادرة إيجابية في هذا الاتجاه.
ويبدو أن الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه في زيارة رئيسة المفوضة الأوربية أورسولا فون دير لاين إلى تونس بمعية رئيسة الحكومة الإيطالية ميلوني والوزير الأول الهولندي يوم 11 جوان الماضي، ويتضمن حزمة مساعدات مالية مقابل التزام تونس بمكافحة الهجرة غير النظامية، يشهد خلافات في بعض بنوده خاصة منها ما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، وبربط الإفراج عن المساعدات المالية بتوقيع تونس اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو ما ترفضه تونس.
ويتضمن مشروع مذكرة التفاهم أربعة محاور رئيسية وهي: تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية، الهجرة، والتقارب بين الشعوب.
كما وعد الوفد الأوربي في زيارته لتونس، بتقديم حزمة مساعدات مالية فورية لتونس بواقع 150 مليون أورو لدعم ميزانية التونسية، و100 مليون أورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، فضلا عن وعد بتقديم خط مالي بقيمة 900 مليون أورو تدفع مباشرة بعد الاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي.
وكانت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية قد أعلنت يوم 26 جوان أي قبل يومين من انعقاد قمة الاتحاد الأوربي، أن مذكرة التفاهم الخاصة بحزمة الشراكة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وتونس لن يتم توقيعها من طرف مفوض سياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي بسبب عطلة عيد الأضحى في تونس.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية “آكي” عن آنا بيسونيرو خلال مؤتمر صحفي في بروكسل قولها “لن نتمكن من مواصلة المناقشات إلا من يوم الاثنين المقبل”. وهو الذي وافق بداية شهر جويلية الجاري.
الملفت للانتباه، أنه مقابل "صمت" السلطات التونسية عن الحديث في مشروع الاتفاق سواء من رئاسة الجمهورية أو من الحكومة، ألمح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قبل أيام في حديث تلفزي نقلته عنه وكالة "نوفا" الإيطالية، إلى وجود فرضية "إلغاء" الاتفاق، وذلك على خلفية تأجيله وجمود المحادثات في مضمونه.. كما تحدث لأول مرة عن وجود تحفظات تونسية وشروط لتعديل بعض بنود الاتفاق التمهيدي الذي تم الإعلان عنه أواسط شهر جوان بمناسبة زيارة رئيسة المفوضة الأوربية إلى تونس.
وقال تاياني "إذا كان هناك خطر في إلغاء الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتونس بشأن المهاجرين، ينبغي أن نسأل أطراف المفاوضات، لكنني لا أعتقد ذلك. أعلم أن هناك تمنيات طيبة متقاربة من جانب رئيس تونس (قيس سعيّد) ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. أعتقد أن هناك شروطا".
ويوحي تصريح تاياني بوجود صعوبات في المفاوضات الجارية بين تونس والاتحاد الأوربي حول اتفاق الهجرة قد تصل إلى "خطر الإلغاء"، خاصة أنه يأتي بعد نحو أسبوع من اندلاع أحداث عنف في صفاقس ضد المهاجرين خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية، والتي وصلت ذروتها إثر مقتل مواطن تونسي على يد مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء.
ومن غير المستبعد أن تكون السلطات التونسية قد عبرت عن تحفظات بشأن بعض محاور مشروع الاتفاق خاصة في ما يتعلق بكيفية إدارة أزمة المهاجرين غير النظاميين واكتفاء الجانب الأوروبي بتقديم وعود مالية مع رغبة ملحة في التركيز على مقاربة أمنية لمعالجة تدفقات المهاجرين وتكثيف عمليات الاعتراض والترحيل، دون أن يرافق ذلك اتفاق أشمل حول سياسات الهجرة التي يجب أن تتم وفق رؤية دولية موحدة بين دول شمال وجنوب المتوسط.. علما أن المقاربة التونسية في هذا المجال تعتمد على فكرة معالجة الأزمة من خلال البحث في أسبابها العميقة وعدم الاكتفاء بمعاجلة نتائجها عبر حلول أمنية.
ومن بين الإشارات التي تعكس وجود صعوبات في التوصل إلى صيغة نهائية لمشروع مذكرة التفاهم، تأجيل زيارة لتونس كان من المقرر أن يقوم بها المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي، مباشرة بعد الزيارة التي قام بها وزيري الداخلية الفرنسي والألماني إلى تونس، قبل موعد القمة الأوروبية.
علما أن البيان الختامي للقمّة الأوروبية المنعقدة ببروكسال أواخر جوان الماضي، اكتفى بالإشارة إلى دعم المجلس الأوروبي للحوار السياسي بشأن الشراكة الشاملة مع تونس.
وفي الجزء الخاص بعلاقات الاتحاد الأوروبي مع الشركاء في الجوار الجنوبي ومنها تونس، قال البيان إن المجلس الأوروبي « يدعم استئناف الحوار السياسي في سياق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس»، والتي "تؤكد أهمية تعزيز وتطوير شراكات إستراتيجية مماثلة بين الاتحاد الأوروبي والشركاء في المنطقة ".
كما ابرز ترحيب قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في قمتهم ببروكسل بـ"العمل المنجز على حزمة شراكة شاملة متبادلة المنفعة مع تونس والبناء على ركائز التنمية الاقتصادية والاستثمار والتجارة والانتقال للطاقة الخضراء والهجرة والتواصل بين الشعوب".
وكان من المفترض أن يقوم فارهيلي باستكمال التباحث مع الحكومة التونسية ورئيس الجمهورية قيس سعيد، قبل نهاية جوان الماضي، بخصوص مشروع مذكرة التفاهم وآفاق التعاون الاقتصادي والتجاري مع تونس، وخصوصا في ما يتعلق بمسألة ملف الهجرة غير النظامية.. قبل أن تعلن المفوضية الأوروبية عن تأجيلها والتي أشارت إلى أن المناقشات حتى الآن "بناءة" وما تزال جارية.
ويأتي تعطل مشروع الاتفاق التونسي الأوروبي بشأن الهجرة غير النظامية مقابل حزمة مساعدات مالية أوربية، في وقت تتصاعد فيه أزمة المهاجرين غير النظاميين في تونس، والتي رافقتها انتقادات من قبل منظمات حقوقية أوربية بخصوص كيفية تعامل السلطات التونسية مع أزمة المهاجرين.
رفيق بن عبد الله
تونس-الصباح
كان من المنتظر أن يتم قبل نهاية جوان المنقضي وبمناسبة انعقاد قمة الاتحاد الأوربي يومي 29 و30 من نفس الشهر توقيع مشروع مذكرة تفاهم بين تونس والاتحاد الأوربي وفق ما أعلنه الجانب الأوربي آنذاك، ليعلن في ما بعد عن تأجيل توقيع الاتفاق إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى بأيام قليلة، لينقضي أسبوعان منذ بداية الشهر الحالي دون أي مبادرة إيجابية في هذا الاتجاه.
ويبدو أن الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه في زيارة رئيسة المفوضة الأوربية أورسولا فون دير لاين إلى تونس بمعية رئيسة الحكومة الإيطالية ميلوني والوزير الأول الهولندي يوم 11 جوان الماضي، ويتضمن حزمة مساعدات مالية مقابل التزام تونس بمكافحة الهجرة غير النظامية، يشهد خلافات في بعض بنوده خاصة منها ما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، وبربط الإفراج عن المساعدات المالية بتوقيع تونس اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو ما ترفضه تونس.
ويتضمن مشروع مذكرة التفاهم أربعة محاور رئيسية وهي: تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية، الهجرة، والتقارب بين الشعوب.
كما وعد الوفد الأوربي في زيارته لتونس، بتقديم حزمة مساعدات مالية فورية لتونس بواقع 150 مليون أورو لدعم ميزانية التونسية، و100 مليون أورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، فضلا عن وعد بتقديم خط مالي بقيمة 900 مليون أورو تدفع مباشرة بعد الاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي.
وكانت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية قد أعلنت يوم 26 جوان أي قبل يومين من انعقاد قمة الاتحاد الأوربي، أن مذكرة التفاهم الخاصة بحزمة الشراكة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وتونس لن يتم توقيعها من طرف مفوض سياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي بسبب عطلة عيد الأضحى في تونس.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية “آكي” عن آنا بيسونيرو خلال مؤتمر صحفي في بروكسل قولها “لن نتمكن من مواصلة المناقشات إلا من يوم الاثنين المقبل”. وهو الذي وافق بداية شهر جويلية الجاري.
الملفت للانتباه، أنه مقابل "صمت" السلطات التونسية عن الحديث في مشروع الاتفاق سواء من رئاسة الجمهورية أو من الحكومة، ألمح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قبل أيام في حديث تلفزي نقلته عنه وكالة "نوفا" الإيطالية، إلى وجود فرضية "إلغاء" الاتفاق، وذلك على خلفية تأجيله وجمود المحادثات في مضمونه.. كما تحدث لأول مرة عن وجود تحفظات تونسية وشروط لتعديل بعض بنود الاتفاق التمهيدي الذي تم الإعلان عنه أواسط شهر جوان بمناسبة زيارة رئيسة المفوضة الأوربية إلى تونس.
وقال تاياني "إذا كان هناك خطر في إلغاء الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتونس بشأن المهاجرين، ينبغي أن نسأل أطراف المفاوضات، لكنني لا أعتقد ذلك. أعلم أن هناك تمنيات طيبة متقاربة من جانب رئيس تونس (قيس سعيّد) ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. أعتقد أن هناك شروطا".
ويوحي تصريح تاياني بوجود صعوبات في المفاوضات الجارية بين تونس والاتحاد الأوربي حول اتفاق الهجرة قد تصل إلى "خطر الإلغاء"، خاصة أنه يأتي بعد نحو أسبوع من اندلاع أحداث عنف في صفاقس ضد المهاجرين خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية، والتي وصلت ذروتها إثر مقتل مواطن تونسي على يد مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء.
ومن غير المستبعد أن تكون السلطات التونسية قد عبرت عن تحفظات بشأن بعض محاور مشروع الاتفاق خاصة في ما يتعلق بكيفية إدارة أزمة المهاجرين غير النظاميين واكتفاء الجانب الأوروبي بتقديم وعود مالية مع رغبة ملحة في التركيز على مقاربة أمنية لمعالجة تدفقات المهاجرين وتكثيف عمليات الاعتراض والترحيل، دون أن يرافق ذلك اتفاق أشمل حول سياسات الهجرة التي يجب أن تتم وفق رؤية دولية موحدة بين دول شمال وجنوب المتوسط.. علما أن المقاربة التونسية في هذا المجال تعتمد على فكرة معالجة الأزمة من خلال البحث في أسبابها العميقة وعدم الاكتفاء بمعاجلة نتائجها عبر حلول أمنية.
ومن بين الإشارات التي تعكس وجود صعوبات في التوصل إلى صيغة نهائية لمشروع مذكرة التفاهم، تأجيل زيارة لتونس كان من المقرر أن يقوم بها المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي، مباشرة بعد الزيارة التي قام بها وزيري الداخلية الفرنسي والألماني إلى تونس، قبل موعد القمة الأوروبية.
علما أن البيان الختامي للقمّة الأوروبية المنعقدة ببروكسال أواخر جوان الماضي، اكتفى بالإشارة إلى دعم المجلس الأوروبي للحوار السياسي بشأن الشراكة الشاملة مع تونس.
وفي الجزء الخاص بعلاقات الاتحاد الأوروبي مع الشركاء في الجوار الجنوبي ومنها تونس، قال البيان إن المجلس الأوروبي « يدعم استئناف الحوار السياسي في سياق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس»، والتي "تؤكد أهمية تعزيز وتطوير شراكات إستراتيجية مماثلة بين الاتحاد الأوروبي والشركاء في المنطقة ".
كما ابرز ترحيب قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في قمتهم ببروكسل بـ"العمل المنجز على حزمة شراكة شاملة متبادلة المنفعة مع تونس والبناء على ركائز التنمية الاقتصادية والاستثمار والتجارة والانتقال للطاقة الخضراء والهجرة والتواصل بين الشعوب".
وكان من المفترض أن يقوم فارهيلي باستكمال التباحث مع الحكومة التونسية ورئيس الجمهورية قيس سعيد، قبل نهاية جوان الماضي، بخصوص مشروع مذكرة التفاهم وآفاق التعاون الاقتصادي والتجاري مع تونس، وخصوصا في ما يتعلق بمسألة ملف الهجرة غير النظامية.. قبل أن تعلن المفوضية الأوروبية عن تأجيلها والتي أشارت إلى أن المناقشات حتى الآن "بناءة" وما تزال جارية.
ويأتي تعطل مشروع الاتفاق التونسي الأوروبي بشأن الهجرة غير النظامية مقابل حزمة مساعدات مالية أوربية، في وقت تتصاعد فيه أزمة المهاجرين غير النظاميين في تونس، والتي رافقتها انتقادات من قبل منظمات حقوقية أوربية بخصوص كيفية تعامل السلطات التونسية مع أزمة المهاجرين.