إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مجلس نواب الشعب.. مطالبة بمنح أولوية مطلقة لإصلاح التعليم

 

ـ دعوة الحكومة إلى الترفيع في ميزانية وزارة التربية

ـ اقتراح فتح اكتتاب وطني وإنشاء صندوق لتمويل المنظومة التربوية

تونس-الصباح

أقر العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب بضرورة القيام بإصلاح شامل للمنظومة التربوية وطالبوا خلال مداولاتهم مساء أول أمس بقصر باردو حول الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم الأساسي بالتعجيل بهذا الإصلاح ومنحه أولوية مطلقة، ونبهوا إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح دون توفير موارد مالية، وبينوا أنه يتعين على رئاسة الحكومة ووزارة المالية الترفيع في الميزانية المرصودة لوزارة التربية بما يسمح لها بتحسين وضعية المدرسة العمومية والاستجابة إلى مطالب المربين  ومن ثمة الارتقاء بجودة التعليم في تونس.

وبدا من خلال مداخلاتهم أنهم سيوجهون بوصلتهم خلال الفترة القادمة نحو ملف الإصلاح التربوي ولا يمكن أن ننسى في هذا السياق أن أغلب الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة ينتمون إلى الوظيفة العمومية وخاصة قطاعات التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وهو ما يفسر اهتمامهم بالإصلاح التربوي حتى أن أول مبادرة تشريعية مقدمة من قبل نواب الشعب في البرلمان الجديد تعلقت بمسألة الإصلاح التربوي وإحداث صندوق لتمويله، كما تم لاحقا تقديم مبادرة تشريعية أخرى تتعلق بتوظيف معلوم إسداء الخدمات على المؤسسات التربوية الخاصة، وليس هذا فقط، إذ أولت لجنة التربية والتكوين المهني والشباب والرياضة التي يرأسها النائب فخر الدين فضلون عن الكتلة الوطنية المستقلة منذ تركيزها ملف الإصلاح التربوي أولوية قصوى، وفي هذا الإطار عقدت  اللجنة مؤخرا جلسة استماع إلى وزير التربية محمد علي البوغديري حول مقترح القانون المقدم من قبل نواب كتلة الخط الوطني السيادي والمتعلق بإحداث صندوق للإصلاح التربوي، وإحداث المجلس الأعلى للتربية ومقاربات الوزارة للإصلاح التربوي ومآل صندوق دعم المؤسسات التربوية.

كما عملت اللجنة وفق ما أشار إليه رئيسها فخر الدين فضلون على تقريب وجهات النظر بين وزارة التربية وبين الجامعة العامة للتعليم الأساسي بهدف حلحلة الأزمة لأنها واعية بضرورة تحسين الوضع الاجتماعي للمدرسين ومدركة أن التلميذ يجب أن يكون محور العملية التربوية وأن المعلم والتلميذ كلاهما يرغب في الذهاب إلى مدرسة لائقة. وأضاف أن لجنة التربية تحاول مع الوزارة والجامعة العامة الوصول إلى حلول جوهرية ويرى فضلون أن الحلول تكون من خلال تحسين ميزانية وزارة التربية ومنه تحقيق الإصلاح التربوي وتحسين وضعية المربين المادية.

أما يوسف طرشون رئيس كتلة الخط الوطني السيادي والذي كان أستاذا ومتفقدا للتعليم الثانوي وكاتبا عاما لنقابة متفقدي التعليم الثانوي وموظفا في وزارة التربية ومشاركا في الإصلاح التربوي الذي قاده الوزير السابق ناجي جلول فأشار إلى أن الأزمة التي تعيشها المدرسة التونسية ليس مردها وزارة التربية أو المربي بل هي أزمة مرتبطة بوضع الدولة التونسية والمالية العمومية بشكل عام وبين أن الحكومة ستعرض ميزانية وزارة التربية على البرلمان وما على النواب سوى تحمل مسؤولياتهم لأن ما وصل إليه وضع المربي مرتبط بوضع المالية العمومية ولو كانت ميزانية وزارة التربية تتوفر على ما يضمن وضعية مناسبة للمؤسسات التربوية وللمربين ولبرامج الإصلاح التربوي ما كان سيكون هناك مشكل، وقال إن كتلته عندما أودعت مبادرة تشريعية تتعلق ببعث صندوق لدعم الإصلاح التربوي فذلك  لأنها تعلم أن موارد الدولة ضعيفة وأن الأزمة التي يعيشها القطاع التربوي هي بالأساس أزمة مالية وحلها ليس في يد وزارة التربية فقط  إذ لا يمكن حسب تعبيره  ترك وزير التربية بمفرده في مواجهة هذا المشكل العويص وحيال مطالب المربين وهي مطالب مشروعة بل لا بد من توفير الموارد المالية الكافية لتلبية هذه المطالب. ويرى طرشون أن حل المشكل القائم بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي لا يمكن أن يكون بالاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك وإنما بدعم ميزانية وزارة التربية بهدف الرقي بالمنظومة التربوي ودعا النائب وزير التربية إلى تعليق قرار حجب رواتب المدرسين بصفة فورية واقترح على نقابة التعليم الأساسي تعليق قرار الحجب وطالبهما معا بالذهاب إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات  والتفاوض حسب تعبيره يقتضي الكثير من نكران الذات والوعي بالواقع.

وأشار النائب عن نفس الكتلة بدر الدين القمودي والذي كان معلما وأستاذا ومرشدا بيداغوجيا ثم متفقدا إلى أنه يعرف خبايا المنظومة التربوية التي تعاني من أزمة مركبة بدأت منذ سنوات وبين أن الحكومات المتعاقبة لم تفلح في إصلاح هذه المنظومة ولم تحاول الانطلاق في عملية إصلاح عميق يجعل من المدرسة العمومية مدرسة جاذبة لا مدرسة منفرة حتى أن المعلمين والأساتذة الذين يعملون في المؤسسات التربوية العمومية أصبحوا يدرسون أبناءهم في القطاع الخاص. وأضاف القمودي أن الوضع المادي للمربي لا يحسد عليه وذلك إضافة إلى الظروف الصعبة التي يعمل فيها لأن أغلب المدارس مهترئة كما أنه يتحمل مصاريف الطباعة والورق والطباشير والامتحانات لكن للأسف الشديد كل الحكومات تغاضت عن هذا المشكل ولم تعالجه، ولاحظ أن الأزمة لم تنطلق مع وزير التربية الحالي محمد علي البوغديري بل هي قديمة وهي تتجاوز الوزارة لأنها قضية مجتمعية تهم الجميع لأن المنظومة التربوية تهم كافة الشعب التونسي. وقال إنه كنقابي يعتبر أن حجب الأعداد آلية غير نقابية ودعا القمودي وزارة التربية إلى التراجع عن آلية حجز الأجور وطالب النقابة بالعدول عن قرار الحجب وشدد على أهمة العودة بعد هذه الخطوة إلى طاولة المفاوضات.

أما محمد الشعباني النائب عن كتلة لينتصر الشعب الذي كان بدوره مدرسا فلم يخف استياءه من حملة التشويه التي طالت المربين وكيف تمت مكافأتهم بالسب والشتم وذكر أنه يجب على الأولياء أن يتذكروا أن المعلمين والأساتذة بعد الثورة وعندما تعطلت كل القطاعات قاموا بإنجاح السنة الدراسية وجنبوا البلاد مشكل عدم الاستقرار وأضاف أن المربي يقوم بدور بيداغوجي ودور تربوي وهو يدرس في مدرسة ليس فيها سياج ويتنقل مسافات بعيدة وأحيانا يرس فريقين في قسم واحد كما أن المربي هو الوحيد الذي يعمل واقفا وأن سعادته الكبرى تكون بنجاح تلاميذه.

حوار حول إصلاح التعليم

ويرى النائب رياض بلال عن كتلة الأحرار أن ملف التعليم في تونس يفترض القيام بحوار جدي وعميق، وذكر أن لي كوان يو صانع معجزة سنغافورة قال "أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني وخصصت موارد للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة في سنغافورة لان المعلم هو من صنع المعرفة وأنتج جيلا يحب العلم والأخلاق بعد أن كنا نشتم ونبصق على بعضنا في الشوارع"، كما استدل النائب بمقولة "عندما تزدان المدارس يزدان معها كل شيء" ومقولة "كاد المعلم أن يكون رسولا" وطالب لجنة التربية بحلحلة الأزمة.

وأشار عادل ضياف النائب عن كتلة صوت الجمهورية إلى أن من أهم الرهانات المطروحة على تونس في الوقت الراهن هي التربية والتعليم لان الثروة الحقيقية هي ثروة العقول ولكن في السنوات الأخيرة لوحظ تنامي هجرة العقول إلى بلدان كانت في وقت قريب متأخرة على مستوى التربية والتعليم والبحث العلمي مقارنة بتونس ولكنها بفضل العقول التونسية المهاجرة أصبحت تتصدر المراتب الأولى عالميا أما تونس فهي موجودة في مراتب مخجلة.  وأضاف أنه لا يريد للازمة الحالية أن تطول لان الخاسر الوحيد هو التلميذ وطالب المجلس يتكون لجنة ممثلة عن جميع الكتل و غير المنتمين لتعمل على تقريب وجهات النظر بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي بهدف التوصل إلى حل لأنه يتوقع في حال فشل الحوار أنه لن تكون هناك سنة دراسية مقبلة.

اكتتاب وطني

وقال رئيس الكتلة الوطنية المستقلة عماد أولاد جبريل انه خريج المدرسة العمومية وأن أبناءه يدرسون في المدرسة العمومية وأنه درس تلاميذه في مدرسة عمومية والتلاميذ الذين درسهم أصبحوا حاليا يدرسون في مدارس عمومية.. وعبر عن رفضه لحملة الشيطنة التي تستهدف المربين لأنه لولا المعلم لما كان هناك طبيب أو محام أو مهندس أو رئيس دولة أو أعضاء مجلس نواب، وأضاف أن احترام المربين واجب على الجميع وشتمهم يعني أنه تم بلوغ الحضيض وفي حال شيطنتهم سيصعب صناعة جيل جديد من المربين وذكر أنه عندما يتم التندر بالمربي في وسائل التواصل الاجتماعي وفي المقاهي فهذا خطير لأن المربين من معلمين وأساتذة هم تاج على رؤوس الجميع فهم الذين أنجحوا السيزيام والنوفيام والباكالوريا ونجاح التلاميذ في هذه الامتحانات الوطنية كان بفضل المفقرين في الأرض لأن أجر المعلم أقل من أجر حارس مؤسسة شبه عمومية، وقال أولاد جبريل إنه يجب نقاش النقائص التي تعاني منها المدرسة العمومية وهل هناك اليوم مدرسة جاذبة أم مدرسة منفرة وهل تم توفير الإمكانيات المادية واللوجستية لضمان تعليم جيد أم لا. وشدد النائب على ضرورة إطلاق حوار جدي حول إصلاح المنظومة التربوية، ودعا إلى فتح اكتتاب خاص بقطاع التربية  لإصلاح المنظومة التربوية وإصلاح البرامج التي أكل عليها الدهر وشرب والإطلاع على نماذج الإصلاح الموجودة في العالم والتي لا تخرج تلميذا كالآلة وإنسانا مغتربا في وطنه بل تجعل التلميذ يذهب إلى المدرسة وهو مبتهج لأنها مدرسة جاذبة كما يجب حسب رأيه منح قيمة كبيرة للتكوين المهني وأن يصبح التكوين مسلك الناجحين في الدراسة وليس مصير الفاشلين.. ودعا مجلس نواب الشعب إلى بحث حلول ومخرج للأزمة بين الوزارة والنقابة لان الصدام لا ينفع أي طرف والخاسر الوحيد هو المجتمع وأضاف أنه على النواب الدفاع عن حظوظ وزارة التربية أمام وزارة المالية عند النظر في ميزانية الدولة.

أما وليد حاجي النائب عن كتلة الأحرار فقال انه في الوقت الذي كان النواب ينتظرون فيه إصلاحا تربويا من شأنه أن يرتقي بالمستوى التعليمي اصطدموا بصراع عميق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي وبين انه عمل 20 سنة في المدرسة العمومية ويعرف ما يعانيه المعلم والتلميذ معا فالمعلم يدرس في قاعات مهترئة نوافذها مهشمة ورغم ذلك لم تقم الوزارة بتحسين وضعية المدرسة العمومية وتركت المعلم يتكفل بتوفير المطبوعات والأوراق ويضحي من أجل إنجاح العملية التربوية، ودعا النائب وزارة التربية إلى التعاطي مع المشكل بهدوء وطالب الطرف النقابي بالتحلي بالحكمة لأنه لا يريد أن يبقى التلميذ رهينة وسط هذا الصراع. ونبه إلى أن المدرسة العمومية بصدد فقدان مصداقيتها وقال إن هناك من يسعى إلى تدميرها خدمة للتعليم الخاص وطالب بالمحافظة على مكتسبات التعليم العمومي الذي ناضل من أجله الكثير من الوطنيين.

ويرى محمد علي النائب عن الخط الوطني السيادي أنه من المهم جدا أن يتناول مجلس نواب الشعب قضية التعليم بالدرس وأن يسعى إلى البحث عن حلول للأزمة الراهنة تحفظ كرامة المربي وتراعي مصلحة التلميذ، وذكر أنه بالإمكان تجاوز المشاكل الاقتصادية وتجاوز حالة الاختناق السياسي لكن عندما يقع ضرب القيم التربوية في البلاد فإن إمكانية التجاوز تحتاج إلى وقت طويل ويمكن في الأثناء أن تحصل هزات عديدة في البلاد وهو ما يشكل خطرا يحدق بالحياة القيمية والتربوية للأبناء ودعا محمد علي الشعب التونسي إلى التضامن من أجل تجاوز الأزمة لان هناك الكثير ممن يرغبون في توظيفها من اجل صناعة الفتة ونبه إلى أن شيطنة المربين يستفيد منها من يريدون تفكيك العلاقات داخل المجتمع بما فيها العلاقة بين الولي والمربي ومن يريدون زرع حقد متبادل يضر بمصلحة التلميذ وطالب الأولياء بعدم السقوط في فخ ضرب مكانة المربي لأن في ذلك خسارة للأبناء لأن  المربي هو أصل البنية الاجتماعية التي تهدف إلى صناعة إنسان مثقف وإنسان متعلم وعند ضرب صورة المعلم بما هو مدرسة القيم في تونس فان النتيجة ستكون وخيمة على المجتمع بأسره وسيفتح الباب لأعداء السلم الاجتماعية لاختراق المجتمع وتسرب المجموعات التكفيرية.

سعيدة بوهلال

في مجلس نواب الشعب..   مطالبة بمنح أولوية مطلقة لإصلاح التعليم

 

ـ دعوة الحكومة إلى الترفيع في ميزانية وزارة التربية

ـ اقتراح فتح اكتتاب وطني وإنشاء صندوق لتمويل المنظومة التربوية

تونس-الصباح

أقر العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب بضرورة القيام بإصلاح شامل للمنظومة التربوية وطالبوا خلال مداولاتهم مساء أول أمس بقصر باردو حول الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم الأساسي بالتعجيل بهذا الإصلاح ومنحه أولوية مطلقة، ونبهوا إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح دون توفير موارد مالية، وبينوا أنه يتعين على رئاسة الحكومة ووزارة المالية الترفيع في الميزانية المرصودة لوزارة التربية بما يسمح لها بتحسين وضعية المدرسة العمومية والاستجابة إلى مطالب المربين  ومن ثمة الارتقاء بجودة التعليم في تونس.

وبدا من خلال مداخلاتهم أنهم سيوجهون بوصلتهم خلال الفترة القادمة نحو ملف الإصلاح التربوي ولا يمكن أن ننسى في هذا السياق أن أغلب الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة ينتمون إلى الوظيفة العمومية وخاصة قطاعات التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وهو ما يفسر اهتمامهم بالإصلاح التربوي حتى أن أول مبادرة تشريعية مقدمة من قبل نواب الشعب في البرلمان الجديد تعلقت بمسألة الإصلاح التربوي وإحداث صندوق لتمويله، كما تم لاحقا تقديم مبادرة تشريعية أخرى تتعلق بتوظيف معلوم إسداء الخدمات على المؤسسات التربوية الخاصة، وليس هذا فقط، إذ أولت لجنة التربية والتكوين المهني والشباب والرياضة التي يرأسها النائب فخر الدين فضلون عن الكتلة الوطنية المستقلة منذ تركيزها ملف الإصلاح التربوي أولوية قصوى، وفي هذا الإطار عقدت  اللجنة مؤخرا جلسة استماع إلى وزير التربية محمد علي البوغديري حول مقترح القانون المقدم من قبل نواب كتلة الخط الوطني السيادي والمتعلق بإحداث صندوق للإصلاح التربوي، وإحداث المجلس الأعلى للتربية ومقاربات الوزارة للإصلاح التربوي ومآل صندوق دعم المؤسسات التربوية.

كما عملت اللجنة وفق ما أشار إليه رئيسها فخر الدين فضلون على تقريب وجهات النظر بين وزارة التربية وبين الجامعة العامة للتعليم الأساسي بهدف حلحلة الأزمة لأنها واعية بضرورة تحسين الوضع الاجتماعي للمدرسين ومدركة أن التلميذ يجب أن يكون محور العملية التربوية وأن المعلم والتلميذ كلاهما يرغب في الذهاب إلى مدرسة لائقة. وأضاف أن لجنة التربية تحاول مع الوزارة والجامعة العامة الوصول إلى حلول جوهرية ويرى فضلون أن الحلول تكون من خلال تحسين ميزانية وزارة التربية ومنه تحقيق الإصلاح التربوي وتحسين وضعية المربين المادية.

أما يوسف طرشون رئيس كتلة الخط الوطني السيادي والذي كان أستاذا ومتفقدا للتعليم الثانوي وكاتبا عاما لنقابة متفقدي التعليم الثانوي وموظفا في وزارة التربية ومشاركا في الإصلاح التربوي الذي قاده الوزير السابق ناجي جلول فأشار إلى أن الأزمة التي تعيشها المدرسة التونسية ليس مردها وزارة التربية أو المربي بل هي أزمة مرتبطة بوضع الدولة التونسية والمالية العمومية بشكل عام وبين أن الحكومة ستعرض ميزانية وزارة التربية على البرلمان وما على النواب سوى تحمل مسؤولياتهم لأن ما وصل إليه وضع المربي مرتبط بوضع المالية العمومية ولو كانت ميزانية وزارة التربية تتوفر على ما يضمن وضعية مناسبة للمؤسسات التربوية وللمربين ولبرامج الإصلاح التربوي ما كان سيكون هناك مشكل، وقال إن كتلته عندما أودعت مبادرة تشريعية تتعلق ببعث صندوق لدعم الإصلاح التربوي فذلك  لأنها تعلم أن موارد الدولة ضعيفة وأن الأزمة التي يعيشها القطاع التربوي هي بالأساس أزمة مالية وحلها ليس في يد وزارة التربية فقط  إذ لا يمكن حسب تعبيره  ترك وزير التربية بمفرده في مواجهة هذا المشكل العويص وحيال مطالب المربين وهي مطالب مشروعة بل لا بد من توفير الموارد المالية الكافية لتلبية هذه المطالب. ويرى طرشون أن حل المشكل القائم بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي لا يمكن أن يكون بالاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك وإنما بدعم ميزانية وزارة التربية بهدف الرقي بالمنظومة التربوي ودعا النائب وزير التربية إلى تعليق قرار حجب رواتب المدرسين بصفة فورية واقترح على نقابة التعليم الأساسي تعليق قرار الحجب وطالبهما معا بالذهاب إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات  والتفاوض حسب تعبيره يقتضي الكثير من نكران الذات والوعي بالواقع.

وأشار النائب عن نفس الكتلة بدر الدين القمودي والذي كان معلما وأستاذا ومرشدا بيداغوجيا ثم متفقدا إلى أنه يعرف خبايا المنظومة التربوية التي تعاني من أزمة مركبة بدأت منذ سنوات وبين أن الحكومات المتعاقبة لم تفلح في إصلاح هذه المنظومة ولم تحاول الانطلاق في عملية إصلاح عميق يجعل من المدرسة العمومية مدرسة جاذبة لا مدرسة منفرة حتى أن المعلمين والأساتذة الذين يعملون في المؤسسات التربوية العمومية أصبحوا يدرسون أبناءهم في القطاع الخاص. وأضاف القمودي أن الوضع المادي للمربي لا يحسد عليه وذلك إضافة إلى الظروف الصعبة التي يعمل فيها لأن أغلب المدارس مهترئة كما أنه يتحمل مصاريف الطباعة والورق والطباشير والامتحانات لكن للأسف الشديد كل الحكومات تغاضت عن هذا المشكل ولم تعالجه، ولاحظ أن الأزمة لم تنطلق مع وزير التربية الحالي محمد علي البوغديري بل هي قديمة وهي تتجاوز الوزارة لأنها قضية مجتمعية تهم الجميع لأن المنظومة التربوية تهم كافة الشعب التونسي. وقال إنه كنقابي يعتبر أن حجب الأعداد آلية غير نقابية ودعا القمودي وزارة التربية إلى التراجع عن آلية حجز الأجور وطالب النقابة بالعدول عن قرار الحجب وشدد على أهمة العودة بعد هذه الخطوة إلى طاولة المفاوضات.

أما محمد الشعباني النائب عن كتلة لينتصر الشعب الذي كان بدوره مدرسا فلم يخف استياءه من حملة التشويه التي طالت المربين وكيف تمت مكافأتهم بالسب والشتم وذكر أنه يجب على الأولياء أن يتذكروا أن المعلمين والأساتذة بعد الثورة وعندما تعطلت كل القطاعات قاموا بإنجاح السنة الدراسية وجنبوا البلاد مشكل عدم الاستقرار وأضاف أن المربي يقوم بدور بيداغوجي ودور تربوي وهو يدرس في مدرسة ليس فيها سياج ويتنقل مسافات بعيدة وأحيانا يرس فريقين في قسم واحد كما أن المربي هو الوحيد الذي يعمل واقفا وأن سعادته الكبرى تكون بنجاح تلاميذه.

حوار حول إصلاح التعليم

ويرى النائب رياض بلال عن كتلة الأحرار أن ملف التعليم في تونس يفترض القيام بحوار جدي وعميق، وذكر أن لي كوان يو صانع معجزة سنغافورة قال "أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني وخصصت موارد للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة في سنغافورة لان المعلم هو من صنع المعرفة وأنتج جيلا يحب العلم والأخلاق بعد أن كنا نشتم ونبصق على بعضنا في الشوارع"، كما استدل النائب بمقولة "عندما تزدان المدارس يزدان معها كل شيء" ومقولة "كاد المعلم أن يكون رسولا" وطالب لجنة التربية بحلحلة الأزمة.

وأشار عادل ضياف النائب عن كتلة صوت الجمهورية إلى أن من أهم الرهانات المطروحة على تونس في الوقت الراهن هي التربية والتعليم لان الثروة الحقيقية هي ثروة العقول ولكن في السنوات الأخيرة لوحظ تنامي هجرة العقول إلى بلدان كانت في وقت قريب متأخرة على مستوى التربية والتعليم والبحث العلمي مقارنة بتونس ولكنها بفضل العقول التونسية المهاجرة أصبحت تتصدر المراتب الأولى عالميا أما تونس فهي موجودة في مراتب مخجلة.  وأضاف أنه لا يريد للازمة الحالية أن تطول لان الخاسر الوحيد هو التلميذ وطالب المجلس يتكون لجنة ممثلة عن جميع الكتل و غير المنتمين لتعمل على تقريب وجهات النظر بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي بهدف التوصل إلى حل لأنه يتوقع في حال فشل الحوار أنه لن تكون هناك سنة دراسية مقبلة.

اكتتاب وطني

وقال رئيس الكتلة الوطنية المستقلة عماد أولاد جبريل انه خريج المدرسة العمومية وأن أبناءه يدرسون في المدرسة العمومية وأنه درس تلاميذه في مدرسة عمومية والتلاميذ الذين درسهم أصبحوا حاليا يدرسون في مدارس عمومية.. وعبر عن رفضه لحملة الشيطنة التي تستهدف المربين لأنه لولا المعلم لما كان هناك طبيب أو محام أو مهندس أو رئيس دولة أو أعضاء مجلس نواب، وأضاف أن احترام المربين واجب على الجميع وشتمهم يعني أنه تم بلوغ الحضيض وفي حال شيطنتهم سيصعب صناعة جيل جديد من المربين وذكر أنه عندما يتم التندر بالمربي في وسائل التواصل الاجتماعي وفي المقاهي فهذا خطير لأن المربين من معلمين وأساتذة هم تاج على رؤوس الجميع فهم الذين أنجحوا السيزيام والنوفيام والباكالوريا ونجاح التلاميذ في هذه الامتحانات الوطنية كان بفضل المفقرين في الأرض لأن أجر المعلم أقل من أجر حارس مؤسسة شبه عمومية، وقال أولاد جبريل إنه يجب نقاش النقائص التي تعاني منها المدرسة العمومية وهل هناك اليوم مدرسة جاذبة أم مدرسة منفرة وهل تم توفير الإمكانيات المادية واللوجستية لضمان تعليم جيد أم لا. وشدد النائب على ضرورة إطلاق حوار جدي حول إصلاح المنظومة التربوية، ودعا إلى فتح اكتتاب خاص بقطاع التربية  لإصلاح المنظومة التربوية وإصلاح البرامج التي أكل عليها الدهر وشرب والإطلاع على نماذج الإصلاح الموجودة في العالم والتي لا تخرج تلميذا كالآلة وإنسانا مغتربا في وطنه بل تجعل التلميذ يذهب إلى المدرسة وهو مبتهج لأنها مدرسة جاذبة كما يجب حسب رأيه منح قيمة كبيرة للتكوين المهني وأن يصبح التكوين مسلك الناجحين في الدراسة وليس مصير الفاشلين.. ودعا مجلس نواب الشعب إلى بحث حلول ومخرج للأزمة بين الوزارة والنقابة لان الصدام لا ينفع أي طرف والخاسر الوحيد هو المجتمع وأضاف أنه على النواب الدفاع عن حظوظ وزارة التربية أمام وزارة المالية عند النظر في ميزانية الدولة.

أما وليد حاجي النائب عن كتلة الأحرار فقال انه في الوقت الذي كان النواب ينتظرون فيه إصلاحا تربويا من شأنه أن يرتقي بالمستوى التعليمي اصطدموا بصراع عميق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي وبين انه عمل 20 سنة في المدرسة العمومية ويعرف ما يعانيه المعلم والتلميذ معا فالمعلم يدرس في قاعات مهترئة نوافذها مهشمة ورغم ذلك لم تقم الوزارة بتحسين وضعية المدرسة العمومية وتركت المعلم يتكفل بتوفير المطبوعات والأوراق ويضحي من أجل إنجاح العملية التربوية، ودعا النائب وزارة التربية إلى التعاطي مع المشكل بهدوء وطالب الطرف النقابي بالتحلي بالحكمة لأنه لا يريد أن يبقى التلميذ رهينة وسط هذا الصراع. ونبه إلى أن المدرسة العمومية بصدد فقدان مصداقيتها وقال إن هناك من يسعى إلى تدميرها خدمة للتعليم الخاص وطالب بالمحافظة على مكتسبات التعليم العمومي الذي ناضل من أجله الكثير من الوطنيين.

ويرى محمد علي النائب عن الخط الوطني السيادي أنه من المهم جدا أن يتناول مجلس نواب الشعب قضية التعليم بالدرس وأن يسعى إلى البحث عن حلول للأزمة الراهنة تحفظ كرامة المربي وتراعي مصلحة التلميذ، وذكر أنه بالإمكان تجاوز المشاكل الاقتصادية وتجاوز حالة الاختناق السياسي لكن عندما يقع ضرب القيم التربوية في البلاد فإن إمكانية التجاوز تحتاج إلى وقت طويل ويمكن في الأثناء أن تحصل هزات عديدة في البلاد وهو ما يشكل خطرا يحدق بالحياة القيمية والتربوية للأبناء ودعا محمد علي الشعب التونسي إلى التضامن من أجل تجاوز الأزمة لان هناك الكثير ممن يرغبون في توظيفها من اجل صناعة الفتة ونبه إلى أن شيطنة المربين يستفيد منها من يريدون تفكيك العلاقات داخل المجتمع بما فيها العلاقة بين الولي والمربي ومن يريدون زرع حقد متبادل يضر بمصلحة التلميذ وطالب الأولياء بعدم السقوط في فخ ضرب مكانة المربي لأن في ذلك خسارة للأبناء لأن  المربي هو أصل البنية الاجتماعية التي تهدف إلى صناعة إنسان مثقف وإنسان متعلم وعند ضرب صورة المعلم بما هو مدرسة القيم في تونس فان النتيجة ستكون وخيمة على المجتمع بأسره وسيفتح الباب لأعداء السلم الاجتماعية لاختراق المجتمع وتسرب المجموعات التكفيرية.

سعيدة بوهلال