إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في المؤتمر السادس لحزب العمال.. انتخاب حمة الهمامي أمينا عاما.. ودعوات للتصدي لجميع أشكال التطبيع

 

ـ المطالبة بتوحيد القوى اليسارية وتجميع القوى الحية حول مشروع إنقاذ وطني

تونس-الصباح

انتهى المؤتمر الوطني السادس لحزب العمال المنعقد أيام 7 و8 و9 جويلية الجاري بالعاصمة تحت شعار "نعم سننتصر" بانتخاب لجنة مركزيّة، وقامت هذه اللجنة بعقد اجتماع لتوزيع المهام وحسب ما ورد في بلاغ صادر عن رئيس المؤتمر كمال عمروسية تمّ انتخاب الهيئة التسييريّة التّالية: حمه الهمامي: أمين عام، ألفة بعزاوي: مسؤولة عن التّكوين والإعلام، عمار عمروسيّة: مسؤول عن العلاقات مع الأحزاب والمجتمع المدني، عادل ثابت: مسؤول عن الهجرة والعلاقات الخارجيّة، الشاذلي المغراوي: مسؤول عن الإدارة والماليّة.

وتم تكوين حزب العمال الذي كان يسمى بحزب العمال الشيوعي التونسي في السرية سنة 1985، ووقع الإعلان عن تأسيسه في 3 جانفي 1986 بمناسبة ذكرى انتفاضة الخبز وإلى جانب محمد الكيلاني كان حمة الهمامي من مؤسسي الحزب ومنذ ذلك التاريخ ظل على رأسه.

لا للعنصرية.. لا للتطبيع

وأصدر نواب المؤتمر السادس لحزب العمال لائحة أدانوا فيها ما وصفوه بالحملات العنصرية وانتهاك كرامة جنوب الصّحراويّين في تونس معتبرين أن اعتماد "المليشيات" لتنظيم حملات التمشيط والتهجير القسري والتشريد في الصحراء جريمة دولة لا تسقط بالتقادم وطالبوا بالكفّ عن هذه الحملات واحترام كرامة البشر وحقوقه مهما كان وضعه القانوني ودعوا التونسيّين إلى عدم الانخراط في هذه الحملات والتصدي لكل النوازع العنصرية ولعصابات الاتّجار بالبشر لأيّ اتفاق بين النظام والاتحاد الأوروبي لتحويل الدولة التونسية إلى حارس حدود وتحويل المتوسط إلى مقبرة لبنات إفريقيا وأبنائها الفارّين من جحيم البطالة والبؤس.

وبين المؤتمرون أن موجة هجرة جنوب الصحراويّين إلى تونس ومنها إلى أوروبا إنما هي جزء من موجات الهجرة التي أصبحت واحدة من أبرز الظواهر الاجتماعية لمنظومة العولمة الرأسمالية الاحتكارية ومن نتائج أزمتها المستمرة والمستعصية، وهي شاهد آخر على الحواجز المضروبة على حرية التنقل بالنسبة لـ"مواطني العالم" مقابل الحرية المطلقة لحركة الرأسميل والبضائع وفق ما يقتضيه منطق الربح على حساب أبسط حقوق الشعوب والأفراد، وجاء في اللائحة أن المعالجة السليمة لوضعية الهجرة اللاّنظامية إلى تونس ومنها إلى أوروبا هي المعالجة الاجتماعية الضامنة لكرامة الإنسان وحقوقه، والرافضة لتحوّل تونس إلى حارس للحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي..

كما أصدر نواب المؤتمر لائحة فلسطين وأدانوا فيها ما وصفوه بتنامي مظاهر التطبيع في تونس ودعوا من خلالها القوى التقدمية لتوحيد الجهود من أجل فرض تجريم كلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني محتل فلسطين وعدو الشعب التونسي وحيوا شعب الجبّارين ومقاومته الشرسة التي تخطّ ملحمة تليق بحركة تحرّر وطني راكمت من الخبرة والتجربة ما يؤهلها اليوم للانتصار خاصة في ظل تنامي مستوى الوحدة الميدانية لفصائل العمل الوطني من غزة المحاصرة إلى القدس والضفة الغربية والجولان المحتلين والأراضي 1948 إلى فلسطينيّي اللجوء والشتات. وأكدوا من خلال اللائحة أنه لا حلّ للصراع إلاّ بتحرير كامل الأرض وعودة كلّ اللاّجئين وتفكيك كيان الاحتلال وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية وعاصمتها القدس واعتبر المؤتمرون أن ما وصفوه بأنظمة العمالة والخيانة في المنطقة، هي حليف للعدو الصهيوني وراعيته الامبريالية العالمية، وهي بانخراطها في كلّ أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي والأكاديمي والرياضي سواء بشكل علني أو مخفيّ إنما توجّه طعنة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتوجهوا إلى كلّ القوى الثورية والتقدمية في تونس والوطن العربي والعالم لتنشيط كلّ أشكال الإسناد والتّضامن مع فلسطين شعبا وأرضا وهويّة وفي مقدّمة ذلك تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني خاصة في البلدان العربية.

كما وجه نواب المؤتمر السادس لحزب العمال رسالة تضامن مع قطاع التعليم الأساسي وعبروا عن مساندتهم المبدئية للملحمة النضالية التي يخوضها هذا القطاع المناضل ضدّ ما وصفوه بالهجمة الشرسة التي تشنّها منظومة الحكم ضدّ التعليم العمومي وكرامة المربّين وحقوقهم المادية والمعنوية وعلى الاتحاد العام التونسي للشغل.

وضع خطير

وكان حمة الهمامي الأمين العام لحزب العمال  أشار في خطابه الافتتاحي للمؤتمر السادس للحزب أن الظرف الراهن في غاية الخطورة ويشهد العديد من التغيرات على المستوى الدولي والعربي والمحلي. فعلى المستوى الدولي هناك أزمة تنسف بنظام الرأسمالية وهي تشمل كل مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبين أن العمال والكادحين والأمم الضعيفة والمضطهدة  هم الذين يدفعون الفاتورة، وأضاف أن من ابرز المتغيرات، الانتقال من عالم القطب الواحد حيث الهيمنة الأمريكية إلى عالم متعدد الأقطاب لكنه متعدد الأقطاب الامبريالية وهناك صراع على أشده من اجل إعادة اقتسام العالم مثلما حدث سابقا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبدأ الناس يسمعون أزيز السلاح رويدا رويدا وما حرب أوكرانيا إلا حربا عالمية صغيرة و"بروفة" إذ هناك روسيا الصين من جهة ومن جهة أخرى هناك الحلف الأطلسي ولكن الشعبين الروسي والأوكراني هما من يدفعان الفاتورة وكذلك عمال أوروبا الذين أصبحوا يحتجون في الشوارع بسبب غلاء المعيشة وتردي الخدمات والهجوم على الحريات على غرار ما حدث في فرنسا ومقابل تفقير الشعوب يتم رصد موارد ضخمة للتسلح وأصبح الحديث عن استعمال الأسلحة النووية مسألة عادية وهو ما يمثل خطرا كبيرا على البشرية حسب تأكيد الهمامي.  وذكر أنه إضافة إلى السباق المخيف نحو التسلح هناك مركزة رهيبة للثورة إذ تعادل ثروة واحد بالمائة من كبار الأثرياء في العالم ثروة ثلاثة مليارات وست مائة مليون نسمة.. وليس هذا فقط بل أن الأثرياء يعملون على تدمير الطبيعية وهم المسؤولون عن 52 بالمائة من انبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم فالنظام الرأسمالي حسب ما أشار إليه حمة الهمامي يهدد السلم والطبيعة.

أما بالنسبة إلى الوضع في الوطن العربي فيرى الهمامي أنه بدوره يشهد متغيرات خطيرة وأهمها الدفع نحن التطبيع مع الكيان الصهيوني ودخول لاعبين جدد إليه فإضافة إلى أمريكا هناك الصين وروسيا  وهناك حروب خفتت وهناك عودة علاقات بين إيران والسعودية وبين السعودية وتركيا وهناك إعادة ترتيب للمشهد. وذكر أن حزب العمال يحذر من عهد هيمني سعودي جديد.

 

أزمة شاملة

وبخصوص الوضع في تونس أشار حمة الهمامي إلى وجود أزمة شاملة وقال إن هناك وضعية كارثية ومتعفنة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية  وذكر أنه بعد الثورة حصلت ثورة مضادة وتم الاقتصار على تغيير شكل الحكم من الدكتاتورية إلى تمثيلية البرجوازية التي سرعان ما تعفنت وذلك مع الاستمرار في نفس الخيارات الاقتصادية واجتماعية وهو ما هيأ الوضع لما وصفه بانقلاب 25 جويلية وما تبعه من اعتداءات على الحريات واتهام المعارضين بالتآمر وملاحقة الحقوقيين والنقابيين والصحفيين بموجب المرسوم عدد 54 الذي وضعه رئيس الجمهورية وحتى الدستور فقد وضعه الرئيس بنفسه ولنفسه حسب وصف الهمامي وإضافة إلى ما شهده الوضع السياسي فان الوضع الاجتماعي تردى أكثر من خلال ارتفاع نسبتي الفقر والبطالة وفي عهد الهادي نويرة كان هناك شعار خبز وماء ونويرة لا واليوم رفع في الرديف شعار "لا خبر لا ماء والسلطة مش هنا"  أما من الناحية الاقتصادية فهناك اتجاه نحو الإفلاس. وذكر أن التونسيين يتساءلون إلى أين تسير البلاد؟ والإجابة واضحة فهي تتجه نحو مزيد من الاستبداد وتقسيم المجتمع والإفلاس ولكن السؤال الأهم الذي يجب طرحه هو إلي أين تريدها النخبة والمعطلون والمثقفون والعمال والنساء والشباب أن تسير؟ وذكر أن جميع التونسيين يريدون تونس أن تيسر على درب الديمقراطية والسيادة الوطنية ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ وأجاب الهمامي عن هذا السؤال قائلا إن الشعب ناضل وقام بثورة لكن قوى اليمين هي التي حصلت على السلطة، واليوم يجب التساؤل متى ستدخل إلى ذهن القوى الديمقراطية فكرة الحصول على السلطة لإنقاذ الشعب والوطن وأضاف أنه لا ينكر أن الرجعية والبرجوازية لديها خبرة أكبر من القوى الديمقراطية فالنهضة تمكنت من الوصول إلى السلطة والباجي قائد السبسي أسس حزبا في غضون يومين وتمكن من خلاله من الوصول الى السلطة، وحتى قيس سعيد فوصل إلى السلطة دون برنامج أو وعود وبالتالي فإن اليمين الديني واليمين الليبرالي واليمين الشعبوي وصلوا إلى السلطة وتسببوا في كوارث  ولكن أين هي القوى اليسارية التقدمية التي لديها رجاحة عقل وبرامج وأفكار فمتى ستطرح على نفسها قضية السلطة السياسية وهل خططت لكيفية الوصول إليها؟ ويرى الهمامي أنه قبل كل شيء لا بد أن يكون لديها اقتناع وأن تكون هناك إرادة.. وذكر أن المهم ليس النضال فقط بل آن الأوان لكي يكون  العمال والكادحون والشباب والمعطلون عن العمل  والنساء والمثقفون والمبدعون  كتلة واحدة وأن يعوا بهذه القضية لأنهم قادرون على تكوين عشر حكومات ففيهم كفاءات في الاقتصاد والقانون والطب والفن والإعلام لكن فكرة الوصول إلى السلطة لم تصل إلى عقولهم كما أنه لا بد أن يكون هناك برنامج واضح المعالم يحقق اقتصادا متطورا ومجتمعا متوازنا وعادلا.. وبين أن القضية الأساسية المطروحة على المؤتمر هي كيف تكون الطبقات الكادحة والقوى اليسارية التقدمية الثورية في علاقة بشعبها وكيف تكون قوة سلطة لأن تونس في حاجة الى مشروع وطني كبير وإلى إعادة بناء جديد وطني سياسي واقتصادي وثقافي ومجتمعي وامني وعسكري وأي برنامج انتقالي يمكنها من الخروج من الوضعية الراهنة وتحقيق تغيير حقيقي.

وتوقف الهمامي على جملة من النقاط الأخرى وهي قضية السجناء بتهمة التآمر على أمن الدولة وبين أنه يجب على دولة القانون أن تقوم بدورها ويجب على القضاء المستقل أن يكشف الحقائق المتعلقة بالتسفير وغيره ويجب أن تكون هناك محاكمة عادلة كما تحدث عن قضية الأفارقة الفارين من جنوب الصحراء وذكر أنهم فروا بسبب الجوع والفقر وهو نفس السبب الذي جعل الكثير من التونسيين يفرون نحو أوروبا، وتطرق الهمامي إلى تنامي العنف ضد النساء بسبب وجود مناخ معاد لحقوق الإنسان وذكر انه لا بد من تحرير النساء وتحقيق المساواة التامة والفعلية بما في ذلك المساواة في الإرث وتحقيق التناصف.

وترحم حمة الهمامي في كلمته على شهيد تونس البطل نبيل بركاتي المناضل بحزب العمال والحركة النقابية للاتحاد العام التونسي للشغل الذي عذب لمدة عشرة أيام دون أن يقدم اعترافا واحدا وقد شهد الطبيب الذي قام بتشريحه على أن كل جسده كان يحمل آثار التعذيب كما ترحم على أبناء حزب العمال ساسي بوعلاق وريم الحمروني وفتحي الدريدي ولزهر الزينوبي ونجيب بن بنينة ومحمد قن وحسن بوزميطة وهشام فرحات وعبد المجيد قوادر ونور الدين العجلاي وسالم اليحياوي ومعز الشابي ومحمد بن علي والهادي القيزاني والعيد البركاتي.

 

وحدة القوى اليسارية

وحضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس لحزب العمال ممثلون عن أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات وطنية ونسائية وشبابية إلى جانب ضيوف من فلسطين وفنزويلا.. وتحدثت فائزة الشابي عمن وصفتهم بالمساجين السياسيين وقالت إن ما بني على باطل فهو باطل وإنه سيتم الانتصار على الاستبداد وسيتم استرجاع الكرامة والحرية، في حين عبر نبيل الحجي الأمين العام للتيار الديمقراطي عن أسفه لأنه لم يقع استبطان الديمقراطية وقال إن النخب هي المسؤولة عما يحدث في تونس. ووجه عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رسالة  للمؤتمرين جاء فيها أن تونس ستنتصر للحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وكرامة المهاجرين في كل مكان وأشاد المنتدى بنضال راضية النصراوي في حين أكد الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير على وجود أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة ومركبة وتنذر بإفلاس تونس ووجه انتقادات لاذعة للرئيس قيس سعيد ووصفه بالمنقلب على الدستور والعاجز عن إيجاد حلول للمشاكل التي تعاني منها البلاد ودعا إلى العمل المشترك والانتقال من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة الفعل ضد المنظومة الحالية. وتحدث الأستاذ محمد المرواني ممثل لجنة الدفاع عن الشهيد نبيل البركاتي عن آخر المستجدات في ملف قضية الشهيد البركاتي الذي توفي تحت طائلة تعذيب بوليس بن علي وبين أن دائرة العدالة الانتقالية في محكمة الكاف قررت في آخر جلسة دعوة والي سليانة ووكيل الجمهورية وحاكم الناحية بقعفور زمن استشهاد بركاني وجميع الأطراف التي شاركت في تلك الجريمة وعبر عن أمله في أن تتم دراسة الملف من جديد.

في حين بين منصف الشريقي الأمين العام للحزب الاشتراكي أنه لا بد من تكتل القوى اليسارية وأعلن عن انتهاء الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية المشاركة في منتدى القوى الديمقراطية من إعداد مشروع جديد عنوانه الميثاق الجمهوري وهو يتضمن عشرة مبادئ أولها السيادة الوطنية وعبر عن رغبة في عرض هذا الميثاق على الرباعي المتكون من أحزاب العمال والتكتل والتيار والقطب لنقاشه معا والخروج بمشروع تتفق حوله القوى اليسارية في تونس..

مشروع وطني جامع

أما الأمينة العامة المساعدة بالاتحاد العام التونسي للشغل سهام بوستة فقالت إن تونس تعيش أزمة غير مسبوقة على جميع المستويات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية سياسية وقيمية  نتيجة حكم سنوات متعاقبة وخيارات لا وطنية لحكم النهضة وحلفائها ساهمت في تدمير البلاد والعباد وعشرية سوداء عرفت الاغتيالات والتشفي وتفاقم المديونية وانهيار مؤسسات الدولة والتعامل مع تونس كغنيمة، وهي حسب وصفها أزمة غير مسبوقة نتيجة حياد مسار التصحيح عن أهدافه حيث نشهد تنامي الخطاب الشعبوي الانفعالي المتشنج الذي عمق ضبابية المشهد العام وغابت الحلول الناجعة التي تستجيب لتطلعات الشعب في الشغل والتنمية والحرية والكرامة الوطنية وتدعم مكسب الحريات العامة والفردية التي عبدها الشعب بدماء شهدائه وتضحيات بناته وأبنائه.

وقالت بوستة إن الاتحاد لا يمكنه أن يكون مع ما قبل 24 جويلية ولا يمكنه أن يكون مع ما حدث بعد 25 جويلية الذي في تقييم الاتحاد  فشل وأضاف أزمة لأزمات العشرية الفاشلة، وبينت انه واهم من يعتقد ان تونس يمكن أن يدار شأنها العام بشكل انفرادي وبانتهاج سياسة الترهيب والهرسلة واستهداف القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية والمستقلة ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل فالاتحاد مكسب وطني وخيمة جامعة استظل بها كل من استهدفته آلة القمع والاضطهاد وانتهاك الحقوق الفردية والعامة وكان مدافعا عنها وحاميا لها التزاما منه بالثوابت التي انبنى عليها ومنها الحريات العامة والفردية والاستقلالية ومدنية الدولة.

وأضافت أن استهداف الاتحاد هو استهداف للشغالين والمعطلين والمهمشين وسائر فئات الشعب المحرومة وهو استهداف لتاريخ تونس وعمقها الشعبي وقالت :"نحن موحدون ومتضامنون ضد السلطة الحاكمة والمنظومة التي تعمل على تعطيل الحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية وتدمير مؤسسة المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وضرب الحريات الفردية والعامة ومنها الحريات النقابية واستهداف العمل النقابي المستقل حيث اثبت مؤشر الحقوق بالكنفديرالية الدولية للنقابات انتقال تونس من المجموعة الرابعة قبل الأخيرة والتي تشمل الدول التي تمارس الانتهاكات الممنهجة للحقوق سنة 2021 إلى المجموعة الأخيرة وتشمل الدول التي تكون الحقوق فيها غير مضمونة سنة 2022 وتحدثت بوستة عن سجن نقابيين وتعرض آخرين لنقل تعسفية  وعن خطاب وزارة التربية التحريضي ضد المدرسين والمديرين بسبب نضالهم ضد ضرب المدرسة العمومية وسلعنة التعليم، وأضافت أن السلطة قامت بإعادة بعث الروح في النقابات الموازية وانخرطت في مساندتها وشجعت على إنشاء تنسيقيات تابعة للدوائر القريبة من السلطة التنفيذية لضرب النقابات الأساسية وإقحام القضاء في النزاعات الشغلية. وخلصت إلى أن الاتحاد متمسك بواجب لعب دوره الوطني والاجتماعي والدفاع عن الديمقراطية الحقيقة لان تونس عندما تكون في خطر لا يمكن للمنظمة الشغيلة أن تكون في برجها العاجي وأن تلتزم الصمت والحياد ورغم سياسة التضييق على العمل النقابي واستهداف المنظمة الشغيلة، بقي الاتحاد ثابتا على مواقفه المبدئية بخصوص ما سمي بالإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي مقابل تقديم قروض ميسرة لتونس فالاتحاد يعتبرها إملاءات وهو يرفض رفع الدعم عن المواد الأساسية والطاقة والتفويت في المؤسسات العمومية والضغط على الإنفاق العمومي والتقليص في كتلة الأجور ووقف الانتدابات لأن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تحجيم الدور التعديلي للدولة وزيادة نسب التضخم والتهاب الأسعار وتدني مستوى الخدمات العمومية وارتفاع تكاليفها وازدياد نسب الفقر والإقصاء الاجتماعي. وأضافت أن الاتحاد يرفض كل أشكال العنصرية ويعتبر أن ملف الهجرة يجب أن يعالج وفق المواثيق الدولية والقوانين وحقوق الإنسان. كما أشارت إلى أن الاتحاد مقتنع بأنه في ذروة الأزمات تحتاج تونس إلى الحوار على قاعدة البرامج والمخطط التنموي واضح المعالم وإلى مبادرة إنقاذ. وخلصت إلى أنه لا بديل للحوار وغيابه لن يؤدي إلا إلى مزيد الانقسام والتبعية وتدهور الاقتصاد وانهيار للمقدرة الشرائية للأجراء وتفاقم معدلات الفقر والبطالة والهجرة السرية وهروب الكفاءات للخارج مع ما يمكن أن ينجر عن ذلك من أخطار على كيان الدولة ومؤسساتها وعلى السلم الاجتماعي بالبلاد، فإنقاذ تونس وإخراجها من وضعها الصعب المعقد يقتضي حسب قول الأمينة العامة المساعدة التعويل أولا على القدرات الذاتية وتجميع القوى الوطنية وتوحيدها حول مشروع وطني يلبي طموحات الشعب في حياة مزدهرة وعيش كريم في مجتمع تسوده الحريات الفردية والعامة والمساواة والعدالة الاجتماعية وتطبيق القانون على الجميع..

سعيدة بوهلال

في المؤتمر السادس لحزب العمال..   انتخاب حمة الهمامي أمينا عاما.. ودعوات للتصدي لجميع أشكال التطبيع

 

ـ المطالبة بتوحيد القوى اليسارية وتجميع القوى الحية حول مشروع إنقاذ وطني

تونس-الصباح

انتهى المؤتمر الوطني السادس لحزب العمال المنعقد أيام 7 و8 و9 جويلية الجاري بالعاصمة تحت شعار "نعم سننتصر" بانتخاب لجنة مركزيّة، وقامت هذه اللجنة بعقد اجتماع لتوزيع المهام وحسب ما ورد في بلاغ صادر عن رئيس المؤتمر كمال عمروسية تمّ انتخاب الهيئة التسييريّة التّالية: حمه الهمامي: أمين عام، ألفة بعزاوي: مسؤولة عن التّكوين والإعلام، عمار عمروسيّة: مسؤول عن العلاقات مع الأحزاب والمجتمع المدني، عادل ثابت: مسؤول عن الهجرة والعلاقات الخارجيّة، الشاذلي المغراوي: مسؤول عن الإدارة والماليّة.

وتم تكوين حزب العمال الذي كان يسمى بحزب العمال الشيوعي التونسي في السرية سنة 1985، ووقع الإعلان عن تأسيسه في 3 جانفي 1986 بمناسبة ذكرى انتفاضة الخبز وإلى جانب محمد الكيلاني كان حمة الهمامي من مؤسسي الحزب ومنذ ذلك التاريخ ظل على رأسه.

لا للعنصرية.. لا للتطبيع

وأصدر نواب المؤتمر السادس لحزب العمال لائحة أدانوا فيها ما وصفوه بالحملات العنصرية وانتهاك كرامة جنوب الصّحراويّين في تونس معتبرين أن اعتماد "المليشيات" لتنظيم حملات التمشيط والتهجير القسري والتشريد في الصحراء جريمة دولة لا تسقط بالتقادم وطالبوا بالكفّ عن هذه الحملات واحترام كرامة البشر وحقوقه مهما كان وضعه القانوني ودعوا التونسيّين إلى عدم الانخراط في هذه الحملات والتصدي لكل النوازع العنصرية ولعصابات الاتّجار بالبشر لأيّ اتفاق بين النظام والاتحاد الأوروبي لتحويل الدولة التونسية إلى حارس حدود وتحويل المتوسط إلى مقبرة لبنات إفريقيا وأبنائها الفارّين من جحيم البطالة والبؤس.

وبين المؤتمرون أن موجة هجرة جنوب الصحراويّين إلى تونس ومنها إلى أوروبا إنما هي جزء من موجات الهجرة التي أصبحت واحدة من أبرز الظواهر الاجتماعية لمنظومة العولمة الرأسمالية الاحتكارية ومن نتائج أزمتها المستمرة والمستعصية، وهي شاهد آخر على الحواجز المضروبة على حرية التنقل بالنسبة لـ"مواطني العالم" مقابل الحرية المطلقة لحركة الرأسميل والبضائع وفق ما يقتضيه منطق الربح على حساب أبسط حقوق الشعوب والأفراد، وجاء في اللائحة أن المعالجة السليمة لوضعية الهجرة اللاّنظامية إلى تونس ومنها إلى أوروبا هي المعالجة الاجتماعية الضامنة لكرامة الإنسان وحقوقه، والرافضة لتحوّل تونس إلى حارس للحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي..

كما أصدر نواب المؤتمر لائحة فلسطين وأدانوا فيها ما وصفوه بتنامي مظاهر التطبيع في تونس ودعوا من خلالها القوى التقدمية لتوحيد الجهود من أجل فرض تجريم كلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني محتل فلسطين وعدو الشعب التونسي وحيوا شعب الجبّارين ومقاومته الشرسة التي تخطّ ملحمة تليق بحركة تحرّر وطني راكمت من الخبرة والتجربة ما يؤهلها اليوم للانتصار خاصة في ظل تنامي مستوى الوحدة الميدانية لفصائل العمل الوطني من غزة المحاصرة إلى القدس والضفة الغربية والجولان المحتلين والأراضي 1948 إلى فلسطينيّي اللجوء والشتات. وأكدوا من خلال اللائحة أنه لا حلّ للصراع إلاّ بتحرير كامل الأرض وعودة كلّ اللاّجئين وتفكيك كيان الاحتلال وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية وعاصمتها القدس واعتبر المؤتمرون أن ما وصفوه بأنظمة العمالة والخيانة في المنطقة، هي حليف للعدو الصهيوني وراعيته الامبريالية العالمية، وهي بانخراطها في كلّ أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي والأكاديمي والرياضي سواء بشكل علني أو مخفيّ إنما توجّه طعنة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتوجهوا إلى كلّ القوى الثورية والتقدمية في تونس والوطن العربي والعالم لتنشيط كلّ أشكال الإسناد والتّضامن مع فلسطين شعبا وأرضا وهويّة وفي مقدّمة ذلك تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني خاصة في البلدان العربية.

كما وجه نواب المؤتمر السادس لحزب العمال رسالة تضامن مع قطاع التعليم الأساسي وعبروا عن مساندتهم المبدئية للملحمة النضالية التي يخوضها هذا القطاع المناضل ضدّ ما وصفوه بالهجمة الشرسة التي تشنّها منظومة الحكم ضدّ التعليم العمومي وكرامة المربّين وحقوقهم المادية والمعنوية وعلى الاتحاد العام التونسي للشغل.

وضع خطير

وكان حمة الهمامي الأمين العام لحزب العمال  أشار في خطابه الافتتاحي للمؤتمر السادس للحزب أن الظرف الراهن في غاية الخطورة ويشهد العديد من التغيرات على المستوى الدولي والعربي والمحلي. فعلى المستوى الدولي هناك أزمة تنسف بنظام الرأسمالية وهي تشمل كل مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبين أن العمال والكادحين والأمم الضعيفة والمضطهدة  هم الذين يدفعون الفاتورة، وأضاف أن من ابرز المتغيرات، الانتقال من عالم القطب الواحد حيث الهيمنة الأمريكية إلى عالم متعدد الأقطاب لكنه متعدد الأقطاب الامبريالية وهناك صراع على أشده من اجل إعادة اقتسام العالم مثلما حدث سابقا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبدأ الناس يسمعون أزيز السلاح رويدا رويدا وما حرب أوكرانيا إلا حربا عالمية صغيرة و"بروفة" إذ هناك روسيا الصين من جهة ومن جهة أخرى هناك الحلف الأطلسي ولكن الشعبين الروسي والأوكراني هما من يدفعان الفاتورة وكذلك عمال أوروبا الذين أصبحوا يحتجون في الشوارع بسبب غلاء المعيشة وتردي الخدمات والهجوم على الحريات على غرار ما حدث في فرنسا ومقابل تفقير الشعوب يتم رصد موارد ضخمة للتسلح وأصبح الحديث عن استعمال الأسلحة النووية مسألة عادية وهو ما يمثل خطرا كبيرا على البشرية حسب تأكيد الهمامي.  وذكر أنه إضافة إلى السباق المخيف نحو التسلح هناك مركزة رهيبة للثورة إذ تعادل ثروة واحد بالمائة من كبار الأثرياء في العالم ثروة ثلاثة مليارات وست مائة مليون نسمة.. وليس هذا فقط بل أن الأثرياء يعملون على تدمير الطبيعية وهم المسؤولون عن 52 بالمائة من انبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم فالنظام الرأسمالي حسب ما أشار إليه حمة الهمامي يهدد السلم والطبيعة.

أما بالنسبة إلى الوضع في الوطن العربي فيرى الهمامي أنه بدوره يشهد متغيرات خطيرة وأهمها الدفع نحن التطبيع مع الكيان الصهيوني ودخول لاعبين جدد إليه فإضافة إلى أمريكا هناك الصين وروسيا  وهناك حروب خفتت وهناك عودة علاقات بين إيران والسعودية وبين السعودية وتركيا وهناك إعادة ترتيب للمشهد. وذكر أن حزب العمال يحذر من عهد هيمني سعودي جديد.

 

أزمة شاملة

وبخصوص الوضع في تونس أشار حمة الهمامي إلى وجود أزمة شاملة وقال إن هناك وضعية كارثية ومتعفنة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية  وذكر أنه بعد الثورة حصلت ثورة مضادة وتم الاقتصار على تغيير شكل الحكم من الدكتاتورية إلى تمثيلية البرجوازية التي سرعان ما تعفنت وذلك مع الاستمرار في نفس الخيارات الاقتصادية واجتماعية وهو ما هيأ الوضع لما وصفه بانقلاب 25 جويلية وما تبعه من اعتداءات على الحريات واتهام المعارضين بالتآمر وملاحقة الحقوقيين والنقابيين والصحفيين بموجب المرسوم عدد 54 الذي وضعه رئيس الجمهورية وحتى الدستور فقد وضعه الرئيس بنفسه ولنفسه حسب وصف الهمامي وإضافة إلى ما شهده الوضع السياسي فان الوضع الاجتماعي تردى أكثر من خلال ارتفاع نسبتي الفقر والبطالة وفي عهد الهادي نويرة كان هناك شعار خبز وماء ونويرة لا واليوم رفع في الرديف شعار "لا خبر لا ماء والسلطة مش هنا"  أما من الناحية الاقتصادية فهناك اتجاه نحو الإفلاس. وذكر أن التونسيين يتساءلون إلى أين تسير البلاد؟ والإجابة واضحة فهي تتجه نحو مزيد من الاستبداد وتقسيم المجتمع والإفلاس ولكن السؤال الأهم الذي يجب طرحه هو إلي أين تريدها النخبة والمعطلون والمثقفون والعمال والنساء والشباب أن تسير؟ وذكر أن جميع التونسيين يريدون تونس أن تيسر على درب الديمقراطية والسيادة الوطنية ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ وأجاب الهمامي عن هذا السؤال قائلا إن الشعب ناضل وقام بثورة لكن قوى اليمين هي التي حصلت على السلطة، واليوم يجب التساؤل متى ستدخل إلى ذهن القوى الديمقراطية فكرة الحصول على السلطة لإنقاذ الشعب والوطن وأضاف أنه لا ينكر أن الرجعية والبرجوازية لديها خبرة أكبر من القوى الديمقراطية فالنهضة تمكنت من الوصول إلى السلطة والباجي قائد السبسي أسس حزبا في غضون يومين وتمكن من خلاله من الوصول الى السلطة، وحتى قيس سعيد فوصل إلى السلطة دون برنامج أو وعود وبالتالي فإن اليمين الديني واليمين الليبرالي واليمين الشعبوي وصلوا إلى السلطة وتسببوا في كوارث  ولكن أين هي القوى اليسارية التقدمية التي لديها رجاحة عقل وبرامج وأفكار فمتى ستطرح على نفسها قضية السلطة السياسية وهل خططت لكيفية الوصول إليها؟ ويرى الهمامي أنه قبل كل شيء لا بد أن يكون لديها اقتناع وأن تكون هناك إرادة.. وذكر أن المهم ليس النضال فقط بل آن الأوان لكي يكون  العمال والكادحون والشباب والمعطلون عن العمل  والنساء والمثقفون والمبدعون  كتلة واحدة وأن يعوا بهذه القضية لأنهم قادرون على تكوين عشر حكومات ففيهم كفاءات في الاقتصاد والقانون والطب والفن والإعلام لكن فكرة الوصول إلى السلطة لم تصل إلى عقولهم كما أنه لا بد أن يكون هناك برنامج واضح المعالم يحقق اقتصادا متطورا ومجتمعا متوازنا وعادلا.. وبين أن القضية الأساسية المطروحة على المؤتمر هي كيف تكون الطبقات الكادحة والقوى اليسارية التقدمية الثورية في علاقة بشعبها وكيف تكون قوة سلطة لأن تونس في حاجة الى مشروع وطني كبير وإلى إعادة بناء جديد وطني سياسي واقتصادي وثقافي ومجتمعي وامني وعسكري وأي برنامج انتقالي يمكنها من الخروج من الوضعية الراهنة وتحقيق تغيير حقيقي.

وتوقف الهمامي على جملة من النقاط الأخرى وهي قضية السجناء بتهمة التآمر على أمن الدولة وبين أنه يجب على دولة القانون أن تقوم بدورها ويجب على القضاء المستقل أن يكشف الحقائق المتعلقة بالتسفير وغيره ويجب أن تكون هناك محاكمة عادلة كما تحدث عن قضية الأفارقة الفارين من جنوب الصحراء وذكر أنهم فروا بسبب الجوع والفقر وهو نفس السبب الذي جعل الكثير من التونسيين يفرون نحو أوروبا، وتطرق الهمامي إلى تنامي العنف ضد النساء بسبب وجود مناخ معاد لحقوق الإنسان وذكر انه لا بد من تحرير النساء وتحقيق المساواة التامة والفعلية بما في ذلك المساواة في الإرث وتحقيق التناصف.

وترحم حمة الهمامي في كلمته على شهيد تونس البطل نبيل بركاتي المناضل بحزب العمال والحركة النقابية للاتحاد العام التونسي للشغل الذي عذب لمدة عشرة أيام دون أن يقدم اعترافا واحدا وقد شهد الطبيب الذي قام بتشريحه على أن كل جسده كان يحمل آثار التعذيب كما ترحم على أبناء حزب العمال ساسي بوعلاق وريم الحمروني وفتحي الدريدي ولزهر الزينوبي ونجيب بن بنينة ومحمد قن وحسن بوزميطة وهشام فرحات وعبد المجيد قوادر ونور الدين العجلاي وسالم اليحياوي ومعز الشابي ومحمد بن علي والهادي القيزاني والعيد البركاتي.

 

وحدة القوى اليسارية

وحضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس لحزب العمال ممثلون عن أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات وطنية ونسائية وشبابية إلى جانب ضيوف من فلسطين وفنزويلا.. وتحدثت فائزة الشابي عمن وصفتهم بالمساجين السياسيين وقالت إن ما بني على باطل فهو باطل وإنه سيتم الانتصار على الاستبداد وسيتم استرجاع الكرامة والحرية، في حين عبر نبيل الحجي الأمين العام للتيار الديمقراطي عن أسفه لأنه لم يقع استبطان الديمقراطية وقال إن النخب هي المسؤولة عما يحدث في تونس. ووجه عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رسالة  للمؤتمرين جاء فيها أن تونس ستنتصر للحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وكرامة المهاجرين في كل مكان وأشاد المنتدى بنضال راضية النصراوي في حين أكد الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير على وجود أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة ومركبة وتنذر بإفلاس تونس ووجه انتقادات لاذعة للرئيس قيس سعيد ووصفه بالمنقلب على الدستور والعاجز عن إيجاد حلول للمشاكل التي تعاني منها البلاد ودعا إلى العمل المشترك والانتقال من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة الفعل ضد المنظومة الحالية. وتحدث الأستاذ محمد المرواني ممثل لجنة الدفاع عن الشهيد نبيل البركاتي عن آخر المستجدات في ملف قضية الشهيد البركاتي الذي توفي تحت طائلة تعذيب بوليس بن علي وبين أن دائرة العدالة الانتقالية في محكمة الكاف قررت في آخر جلسة دعوة والي سليانة ووكيل الجمهورية وحاكم الناحية بقعفور زمن استشهاد بركاني وجميع الأطراف التي شاركت في تلك الجريمة وعبر عن أمله في أن تتم دراسة الملف من جديد.

في حين بين منصف الشريقي الأمين العام للحزب الاشتراكي أنه لا بد من تكتل القوى اليسارية وأعلن عن انتهاء الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية المشاركة في منتدى القوى الديمقراطية من إعداد مشروع جديد عنوانه الميثاق الجمهوري وهو يتضمن عشرة مبادئ أولها السيادة الوطنية وعبر عن رغبة في عرض هذا الميثاق على الرباعي المتكون من أحزاب العمال والتكتل والتيار والقطب لنقاشه معا والخروج بمشروع تتفق حوله القوى اليسارية في تونس..

مشروع وطني جامع

أما الأمينة العامة المساعدة بالاتحاد العام التونسي للشغل سهام بوستة فقالت إن تونس تعيش أزمة غير مسبوقة على جميع المستويات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية سياسية وقيمية  نتيجة حكم سنوات متعاقبة وخيارات لا وطنية لحكم النهضة وحلفائها ساهمت في تدمير البلاد والعباد وعشرية سوداء عرفت الاغتيالات والتشفي وتفاقم المديونية وانهيار مؤسسات الدولة والتعامل مع تونس كغنيمة، وهي حسب وصفها أزمة غير مسبوقة نتيجة حياد مسار التصحيح عن أهدافه حيث نشهد تنامي الخطاب الشعبوي الانفعالي المتشنج الذي عمق ضبابية المشهد العام وغابت الحلول الناجعة التي تستجيب لتطلعات الشعب في الشغل والتنمية والحرية والكرامة الوطنية وتدعم مكسب الحريات العامة والفردية التي عبدها الشعب بدماء شهدائه وتضحيات بناته وأبنائه.

وقالت بوستة إن الاتحاد لا يمكنه أن يكون مع ما قبل 24 جويلية ولا يمكنه أن يكون مع ما حدث بعد 25 جويلية الذي في تقييم الاتحاد  فشل وأضاف أزمة لأزمات العشرية الفاشلة، وبينت انه واهم من يعتقد ان تونس يمكن أن يدار شأنها العام بشكل انفرادي وبانتهاج سياسة الترهيب والهرسلة واستهداف القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية والمستقلة ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل فالاتحاد مكسب وطني وخيمة جامعة استظل بها كل من استهدفته آلة القمع والاضطهاد وانتهاك الحقوق الفردية والعامة وكان مدافعا عنها وحاميا لها التزاما منه بالثوابت التي انبنى عليها ومنها الحريات العامة والفردية والاستقلالية ومدنية الدولة.

وأضافت أن استهداف الاتحاد هو استهداف للشغالين والمعطلين والمهمشين وسائر فئات الشعب المحرومة وهو استهداف لتاريخ تونس وعمقها الشعبي وقالت :"نحن موحدون ومتضامنون ضد السلطة الحاكمة والمنظومة التي تعمل على تعطيل الحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية وتدمير مؤسسة المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وضرب الحريات الفردية والعامة ومنها الحريات النقابية واستهداف العمل النقابي المستقل حيث اثبت مؤشر الحقوق بالكنفديرالية الدولية للنقابات انتقال تونس من المجموعة الرابعة قبل الأخيرة والتي تشمل الدول التي تمارس الانتهاكات الممنهجة للحقوق سنة 2021 إلى المجموعة الأخيرة وتشمل الدول التي تكون الحقوق فيها غير مضمونة سنة 2022 وتحدثت بوستة عن سجن نقابيين وتعرض آخرين لنقل تعسفية  وعن خطاب وزارة التربية التحريضي ضد المدرسين والمديرين بسبب نضالهم ضد ضرب المدرسة العمومية وسلعنة التعليم، وأضافت أن السلطة قامت بإعادة بعث الروح في النقابات الموازية وانخرطت في مساندتها وشجعت على إنشاء تنسيقيات تابعة للدوائر القريبة من السلطة التنفيذية لضرب النقابات الأساسية وإقحام القضاء في النزاعات الشغلية. وخلصت إلى أن الاتحاد متمسك بواجب لعب دوره الوطني والاجتماعي والدفاع عن الديمقراطية الحقيقة لان تونس عندما تكون في خطر لا يمكن للمنظمة الشغيلة أن تكون في برجها العاجي وأن تلتزم الصمت والحياد ورغم سياسة التضييق على العمل النقابي واستهداف المنظمة الشغيلة، بقي الاتحاد ثابتا على مواقفه المبدئية بخصوص ما سمي بالإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي مقابل تقديم قروض ميسرة لتونس فالاتحاد يعتبرها إملاءات وهو يرفض رفع الدعم عن المواد الأساسية والطاقة والتفويت في المؤسسات العمومية والضغط على الإنفاق العمومي والتقليص في كتلة الأجور ووقف الانتدابات لأن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تحجيم الدور التعديلي للدولة وزيادة نسب التضخم والتهاب الأسعار وتدني مستوى الخدمات العمومية وارتفاع تكاليفها وازدياد نسب الفقر والإقصاء الاجتماعي. وأضافت أن الاتحاد يرفض كل أشكال العنصرية ويعتبر أن ملف الهجرة يجب أن يعالج وفق المواثيق الدولية والقوانين وحقوق الإنسان. كما أشارت إلى أن الاتحاد مقتنع بأنه في ذروة الأزمات تحتاج تونس إلى الحوار على قاعدة البرامج والمخطط التنموي واضح المعالم وإلى مبادرة إنقاذ. وخلصت إلى أنه لا بديل للحوار وغيابه لن يؤدي إلا إلى مزيد الانقسام والتبعية وتدهور الاقتصاد وانهيار للمقدرة الشرائية للأجراء وتفاقم معدلات الفقر والبطالة والهجرة السرية وهروب الكفاءات للخارج مع ما يمكن أن ينجر عن ذلك من أخطار على كيان الدولة ومؤسساتها وعلى السلم الاجتماعي بالبلاد، فإنقاذ تونس وإخراجها من وضعها الصعب المعقد يقتضي حسب قول الأمينة العامة المساعدة التعويل أولا على القدرات الذاتية وتجميع القوى الوطنية وتوحيدها حول مشروع وطني يلبي طموحات الشعب في حياة مزدهرة وعيش كريم في مجتمع تسوده الحريات الفردية والعامة والمساواة والعدالة الاجتماعية وتطبيق القانون على الجميع..

سعيدة بوهلال