إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد فشل الوزارة وجامعة التعليم الأساسي في التوصل لحل.. لابد من ترحيل المفاوضات الى رئاسة الحكومة واتحاد الشغل..

 

بقلم:ريم بالخذيري

رئيس المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط

بات من الواضح أن المفاوضات بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي قد وصلت الى طريق مسدود بعد جولات امتدت لأكثر من تسعة أشهر في أسوأ سنة دراسية لم يشهدها تاريخ تونس.

و ما زاد الطين بلة و يهدد بلا عودة مدرسية السنة المقبلة هو اقدام الوزارة على اقالة المئات من مديري المدارس (العدد بلغ 350 مديرا من جملة اكثر من 4500 لغاية الاثنين الفارط وحجز مرتبات 17 ألف معلّم من جملة حوالي 60 ألفا).

لكن هذا العدد المشمول بالعقوبات وان كان قليلا بالنظر للعدد الجملي إلا أن التضامن القطاعي سيجعل منه مشكلة حقيقية بعد تقديم العشرات ان لم يكن المئات استقالاتهم من إدارة المدارس ورفض المعلمين تعويضهم. كما أن جل المعلمين 60 ألفا سيتضامنون مع زملائهم حتى وان لم يشملهم قرار حجز المرتب.

والمحصّلة أن باب الحوار أغلق و أن مسار التفاوض خرج عن المألوف والمعلمون بدأوا يعدّون العدة لاتخاذ أشكال نضالية غير مسبوقة وفق تعبيرهم.

النتيجة التي يجب أن يراها الجميع هو أن وزارة التربية والجامعة  العامة للتعليم الأساسي لم تعودا قادرتين على الجلوس على طاولة المفاوضات نظرا لما تقدم ذكره واضافة الى خطاب التصعيد والوعيد الذي رفعه الطرفان.

ولأن الدولة واحدة ولأن التفويت في التعليم العمومي أو إلحاق الضرر بالتلاميذ خط أحمر وأمن قومي لا يجب المساس به فلابد من تدخّل رئاسة الحكومة والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل من أجل نقل المفاوضات من أروقة وزارة التربية الى قصر الحكومة وأن تتم مفاوضات مباشرة بين وفد تقوده رئيسة الحكومة ووفد يقوده الأمين العام للاتحاد التونسي الشغل.

ونعتقد أن هذا هو الحل الأسلم و الأنجع والأسرع وذلك لسببين اثنين على الأقل وهما:

*وزارة التربية تتفاوض حول حلول ليست بيدها وهي من اختصاص وزارة المالية وفي الوقت الحاضر الكل يدرك  استحالة الاستجابة الى هذه الطلبات المادية ولكن باشراك هذه الوزارة في المفاوضات قد يسهل الأمر لأن "اللاّء" غير المعللة من طرف وزارة التربية لن تكون كذلك بالنسبة لوزارة المالية  بل ستكون مدعمة بالأرقام التي تعلّل استحالة تنفيذها وتسهل عملية الاقتناع بها والرضاء بالحد الادنى منها.

*الجامعة العامة للتعليم الأساسي هي سيدة نفسها في المفاوضات الثنائية والقطاعية وهي بذلك تستقوي على وزارة التربية الطرف الضعيف من الناحية التقنية غير أن هاته الجامعة تخضع بحسب القانون الاساسي للاتحاد التونسي للشغل الى قرارات المكتب التنفيذي وبالتالي فالمفاوضات بين الحكومة ممثلة بعدة وزارات(وزارة التربية ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية) وبين المكتب التنفيذي للاتحاد سيرفع الحرج عن طرفي "النزاع" وسنخرج من فوبيا الهزيمة التي يخشاها الطرفان.

ان إنهاء هذه السنة الدراسية وتسلم كل التلاميذ لبطاقات أعدادهم يجب ألّا يتجاوز هذا الشهر وهذا لن يتم سوى عبر الحل الذي اقترحناه . وكذلك لابد من عدم الانسياق وراء ترحيل الأزمة الى السنة الدراسية المقبلة فتلك كارثة ستنهي ما تبقى من أمل في التعليم العمومي الذي يخشى أن يشهد هجرة جماعية منه هذه الصائفة طالما بقيت الأزمة تراوح مكانها وللسنة الدراسية المقبلة مهددة. وحينها سيصبح التعليم لمن استطاع اليه سبيلا.وبما أنّ التونسي يضحي بكل شيئ من اجل دراسة أبنائه من المنتظر تفجر أزمة  اقتصادية واجتماعية بسبب الأموال الكثيرة التي تطلبها المؤسسات الخاصة .فالمسألة اذن تتجاوز التعليم الى المجتمع بأكمله والأزمة ستؤثر في الجميع دون استثناء .

التعليم العمومي في مرحلته الابتدائية والثانوية مهدد في وجوده وتوجد لوبيات كاملة تعمل على ذلك لمصلحة التعليم الخاص المستفيد الأكبر من هذا الصراع النقابي الوزاري العقيم.

وبالتالي فعلى رئاسة الحكومة أن تأخذ بزمام الأمور وتقود عملية اصلاح كبرى للتعليم فضلا عن اصدار قرار واضح يجرم استعمال  التلاميذ رهائن واستغلالهم في العمل النقابي.

ان العبث بالتعليم  العمومي والمحافظة عليه وعلى جودته يجب أن ينظر اليه على أنه مسألة أمن قومي بدرجة أولى فالتونسي كان ولايزال يعتبره مصعدا اجتماعيا رئيسيا وضرب هذا المصعد أو تعطيله يهدد وطنا بأكمله فالحذر كل الحذر.

وكفى استعمال أبنائنا حطب معركة لا دخل لهم فيها.

بعد فشل الوزارة وجامعة التعليم الأساسي في التوصل لحل..  لابد من ترحيل المفاوضات الى رئاسة الحكومة واتحاد الشغل..

 

بقلم:ريم بالخذيري

رئيس المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط

بات من الواضح أن المفاوضات بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي قد وصلت الى طريق مسدود بعد جولات امتدت لأكثر من تسعة أشهر في أسوأ سنة دراسية لم يشهدها تاريخ تونس.

و ما زاد الطين بلة و يهدد بلا عودة مدرسية السنة المقبلة هو اقدام الوزارة على اقالة المئات من مديري المدارس (العدد بلغ 350 مديرا من جملة اكثر من 4500 لغاية الاثنين الفارط وحجز مرتبات 17 ألف معلّم من جملة حوالي 60 ألفا).

لكن هذا العدد المشمول بالعقوبات وان كان قليلا بالنظر للعدد الجملي إلا أن التضامن القطاعي سيجعل منه مشكلة حقيقية بعد تقديم العشرات ان لم يكن المئات استقالاتهم من إدارة المدارس ورفض المعلمين تعويضهم. كما أن جل المعلمين 60 ألفا سيتضامنون مع زملائهم حتى وان لم يشملهم قرار حجز المرتب.

والمحصّلة أن باب الحوار أغلق و أن مسار التفاوض خرج عن المألوف والمعلمون بدأوا يعدّون العدة لاتخاذ أشكال نضالية غير مسبوقة وفق تعبيرهم.

النتيجة التي يجب أن يراها الجميع هو أن وزارة التربية والجامعة  العامة للتعليم الأساسي لم تعودا قادرتين على الجلوس على طاولة المفاوضات نظرا لما تقدم ذكره واضافة الى خطاب التصعيد والوعيد الذي رفعه الطرفان.

ولأن الدولة واحدة ولأن التفويت في التعليم العمومي أو إلحاق الضرر بالتلاميذ خط أحمر وأمن قومي لا يجب المساس به فلابد من تدخّل رئاسة الحكومة والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل من أجل نقل المفاوضات من أروقة وزارة التربية الى قصر الحكومة وأن تتم مفاوضات مباشرة بين وفد تقوده رئيسة الحكومة ووفد يقوده الأمين العام للاتحاد التونسي الشغل.

ونعتقد أن هذا هو الحل الأسلم و الأنجع والأسرع وذلك لسببين اثنين على الأقل وهما:

*وزارة التربية تتفاوض حول حلول ليست بيدها وهي من اختصاص وزارة المالية وفي الوقت الحاضر الكل يدرك  استحالة الاستجابة الى هذه الطلبات المادية ولكن باشراك هذه الوزارة في المفاوضات قد يسهل الأمر لأن "اللاّء" غير المعللة من طرف وزارة التربية لن تكون كذلك بالنسبة لوزارة المالية  بل ستكون مدعمة بالأرقام التي تعلّل استحالة تنفيذها وتسهل عملية الاقتناع بها والرضاء بالحد الادنى منها.

*الجامعة العامة للتعليم الأساسي هي سيدة نفسها في المفاوضات الثنائية والقطاعية وهي بذلك تستقوي على وزارة التربية الطرف الضعيف من الناحية التقنية غير أن هاته الجامعة تخضع بحسب القانون الاساسي للاتحاد التونسي للشغل الى قرارات المكتب التنفيذي وبالتالي فالمفاوضات بين الحكومة ممثلة بعدة وزارات(وزارة التربية ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية) وبين المكتب التنفيذي للاتحاد سيرفع الحرج عن طرفي "النزاع" وسنخرج من فوبيا الهزيمة التي يخشاها الطرفان.

ان إنهاء هذه السنة الدراسية وتسلم كل التلاميذ لبطاقات أعدادهم يجب ألّا يتجاوز هذا الشهر وهذا لن يتم سوى عبر الحل الذي اقترحناه . وكذلك لابد من عدم الانسياق وراء ترحيل الأزمة الى السنة الدراسية المقبلة فتلك كارثة ستنهي ما تبقى من أمل في التعليم العمومي الذي يخشى أن يشهد هجرة جماعية منه هذه الصائفة طالما بقيت الأزمة تراوح مكانها وللسنة الدراسية المقبلة مهددة. وحينها سيصبح التعليم لمن استطاع اليه سبيلا.وبما أنّ التونسي يضحي بكل شيئ من اجل دراسة أبنائه من المنتظر تفجر أزمة  اقتصادية واجتماعية بسبب الأموال الكثيرة التي تطلبها المؤسسات الخاصة .فالمسألة اذن تتجاوز التعليم الى المجتمع بأكمله والأزمة ستؤثر في الجميع دون استثناء .

التعليم العمومي في مرحلته الابتدائية والثانوية مهدد في وجوده وتوجد لوبيات كاملة تعمل على ذلك لمصلحة التعليم الخاص المستفيد الأكبر من هذا الصراع النقابي الوزاري العقيم.

وبالتالي فعلى رئاسة الحكومة أن تأخذ بزمام الأمور وتقود عملية اصلاح كبرى للتعليم فضلا عن اصدار قرار واضح يجرم استعمال  التلاميذ رهائن واستغلالهم في العمل النقابي.

ان العبث بالتعليم  العمومي والمحافظة عليه وعلى جودته يجب أن ينظر اليه على أنه مسألة أمن قومي بدرجة أولى فالتونسي كان ولايزال يعتبره مصعدا اجتماعيا رئيسيا وضرب هذا المصعد أو تعطيله يهدد وطنا بأكمله فالحذر كل الحذر.

وكفى استعمال أبنائنا حطب معركة لا دخل لهم فيها.