إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع استمرار الأزمة المالية والاقتصادية: ملفات عالقة.. وصيف ساخن ينتظر التونسيين

  

تونس- الصباح

مع استمرار الأزمة المالية والاقتصادية، وتداعياتها السلبية الواضحة على نسبة النمو وارتفاع التضخم ونقص السيولة ومخزون العملة الصعبة التي أثرت بدورها على نسق التزود بالمواد الأساسية والاستهلاكية، وارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية.. تلوح الفترة المقبلة صعبة على التونسيين، وستكون أشهر الصيف ساخنة ومتوترة على عديد المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية..

ومع تواصل جمود المفاوضات أو بطء نسقها بين تونس وصندوق النقد الدولي بخصوص مراجعة الاتفاق الأولي الموقع خلال شهر أكتوبر من سنة 2022 والمتعلق باتفاق القرض بقيمة 1.9 مليار دولار يسند على ثماني دفعات مقابل التزام السلطة التنفيذية التونسية بحزمة إصلاحات هيكلية.. لا شيء يدعو للتفاؤل بخصوص إمكانية توصل تونس إلى اتفاق مع المؤسسة المالية قبل نهاية العام الحالي.. وهذا الأمر من شأنه أن يزيد من معاناة الاقتصاد الوطني وخاصة توازنات المالية العمومية باعتبار حاجتها لموارد خارجية ضرورية، وأيضا تواصل غلق باب التعاون الثنائي مع الدول الصديقة أو مؤسسات مالية أخرى بسبب اشتراطها توصل تونس لإبرام اتفاق مع صندوق النقد قبل تقديم أي مساعدة مالية أو اقتصادية..

ورغم الإشارات الإيجابية التي ألمح إليها رؤساء حكومات أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا، وأيضا مسؤولو الصندوق بخصوص إمكانية مراجعة الاتفاق الأولي، في اتجاه توخي سياسة أكثر مرونة مع تونس.. إلا أن الأمر يظل رهينا لما ستقدمه الحكومة التونسية من مقترحات جديدة في إطار مراجعة بنود الاتفاق المبدئي، خاصة بعد الفيتو الذي رفعه رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذا المجال خاصة في ما يتعلق بمسألة رفع الدعم عن المواد الأساسية والتفويت في بعض مؤسسات القطاع العام معللا ذلك بإمكانية تدهور السلم الأهلية وتصاعد التوتر الاجتماعي في البلاد بسبب تضرر الفئات الاجتماعية الهشة من أي عملية تخلي عن الدعم..

وفي نفس السياق، يبدو أن الاتفاق الأولي مع الاتحاد الأوروبي بخصوص حزمة مساعدات مالية واقتصادية، ما يزال يكتنفه الغموض، وهو الذي كان من المفترض أن يتم توقيعه في إطار مذكرة تفاهم في نهاية شهر جوان الماضي بمناسبة انعقاد القمة الأوروبية، علما أن الاتفاق جاء عل خلفية رغبة الاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول جذرية لأزمة الهجرة غير النظامية التي باتت تؤرق الجانب الأوروبي وخاصة الإيطالي بسبب ارتفاع نسق تدفقات المهاجرين العابرة للمتوسط انطلاقا من سواحل دول شمال إفريقيا وعلى رأسها تونس وليبيا..

ومرد تعطل توقيع الاتفاق، هو اشتراط الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة مالية لتونس مقدرة بحوالي 900 مليون أورو بتوقيع اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.. وهو أمر ترفضه تونس بشدة وتسعى إلى إقناع الجانب الأوروبي بتغييره.. فضلا عن اشتراط أوروبا التزامات تونسية بخصوص موضوع مكافحة الهجرة غير النظامية والتي قد تحرج الجانب التونسي خاصة في ما يتعلق بجعل تونس منصة خلفية لتجميع المهاجرين وفرزهم قبل إعادة ترحيلهم.. وهو أمر قد تعجز عنه السلطات التونسية في الوقت الحالي في غياب إمكانيات مالية ولوجستية ومادية..

وهذا الملف، أي ملف أزمة المهاجرين غير النظاميين، سيكون دون شك من بين الملفات الساخنة العويصة أمام السلطات التونسية خلال الفترة المقبلة، وحلها لن يكون سهلا ويتطلب تدخلا دوليا عاجلا مع الدول المعنية والمنظمات الدولية، خاصة بعد التوترات التي شهدتها مدينة صفاقس مؤخرا، وجعلت من المسألة تحديات جديدة مثل كيفية معالجة الأزمة في غياب أي اتفاق رسمي مع الاتحاد الأوروبي أو مع المنظمات الأممية المعنية بإدارة تدفق اللاجئين والمهاجرين..

أما ما يجعل الأشهر المقبلة ساخنة فعلا وصعبة للغاية، هي المشاكل الاجتماعية المترتبة بدورها عن الأزمة المالية، مثل تواصل أزمة الجفاف وتراجع مخزون المياه بالسدود، ما يهدد التونسيين بأزمة عطش، وقطاع الزراعة من تراجع وتدهور مستمرين..، علما أن حالة من الاحتقان والغضب سجلت في عدة جهات ومناطق تشهد صعوبات في التزود بمياه الشرب والري..

وفي نفس السياق، تستمر معاناة التونسيين من تداعيات أزمة المالية العمومية من حيث تواصل ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع كلفة المعيشة وأسعار المواد الاستهلاكية، خاصة في غياب بعض المواد الأساسية المدعمة أو نقصها، في السوق المحلية مثل الزيت النباتي، والسكر، ومشتقات الحبوب مثل الفرينة، مع ارتفاع أسعار بعضها مثل القهوة والأرز..

ومع استمرار الأزمة المالية العمومية وشح السيولة النقدية، سيكون أمام السلطة الحالية صعوبات في إيجاد حلول للسوق الموازية التي ازدهرت وتنامت مع تعدد مظاهر التهريب والتهرب الجبائي والاحتكار..

في جانب، آخر، سيكون أمام السلطة مشاكل أخرى قد تتفاقم حدتها خلال الفترة المقبلة، مثل أزمة التعليم وتدهور الحوار الاجتماعي، خاصة بعد فشل جلسات التفاوض مع نقابات التعليم الأساسي ودخول أزمة حجب الأعداد في منعرج خطير بعد تلويح وزارة التربية بتنفيذ عقوبات إدارية على المربين ومديري المدارس الابتدائية الذين رفضوا تسليم الأعداد.. وهي أزمة ستصدر للعودة المدرسية المقبلة التي ستكون دون شك صعبة ومتوترة ومليئة بالمفاجآت.. خاصة مع تهديد النقابات بالتصعيد..

سياسيا، قد يكون تركيز المؤسسات الدستورية التي جاء بها دستور جويلية 2022 مثل المحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للتربية، وهيئة الانتخابات..، وتقييم عمل الحكومة الحالية خاصة في ظل تواتر الحديث عن وجود مخطط رئاسي لتحوير حكومي واسع وأيضا إصلاح هيكلي للحكومة، فضلا عن تنظيم انتخابات محلية لانتخاب أعضاء مجلس الجهات والأقاليم، قبل نهاية العام الجاري، التحدي الأكبر أمام رئاسة الجمهورية بشكل خاص والبرلمان بشكل عام..

وفي جانب متصل، تتواصل أزمة التسيير اليومي لبعض الهياكل الحكومية والإدارية والجهوية، مع تواصل إشكالية الشغورات في عديد الخطط الحساسة خاصة بالولايات والمعتمديات، والبلديات، بعد حل مجالسها البلدية مؤخرا وتكيف الكتاب العامين بمهام التسيير اليومي للبلديات، وأيضا تواصل بعض الشغورات على مستوى بعض سفارات تونس بالخارج وبعض القنصليات..  

والملفت للانتباه، أن الغموض ما يزال سيد الموقف في ما يتعلق بالمواعيد الانتخابية النهائية، بما فيها البلدية، والرئاسية التي قد تنظم في خريف العام المقبل، خاصة أمام بروز أزمة جديدة داخل هيئة الانتخابات بعد إعفاء أحد أعضائها، وغياب النصاب القانوني لمجلسها المركزي، مما يطرح تساؤلات عن كيفية معالجة الأزمة القائمة، هل سيتم الإبقاء على الهيئة الحالية بتسمية أعضاء جدد، أم سيتم المرور إلى تشكيل هيئة جديدة وفق ما نص عليه دستور جويلية 2022؟

رفيق بن عبد الله

مع استمرار الأزمة المالية والاقتصادية:   ملفات عالقة.. وصيف ساخن ينتظر التونسيين

  

تونس- الصباح

مع استمرار الأزمة المالية والاقتصادية، وتداعياتها السلبية الواضحة على نسبة النمو وارتفاع التضخم ونقص السيولة ومخزون العملة الصعبة التي أثرت بدورها على نسق التزود بالمواد الأساسية والاستهلاكية، وارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية.. تلوح الفترة المقبلة صعبة على التونسيين، وستكون أشهر الصيف ساخنة ومتوترة على عديد المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية..

ومع تواصل جمود المفاوضات أو بطء نسقها بين تونس وصندوق النقد الدولي بخصوص مراجعة الاتفاق الأولي الموقع خلال شهر أكتوبر من سنة 2022 والمتعلق باتفاق القرض بقيمة 1.9 مليار دولار يسند على ثماني دفعات مقابل التزام السلطة التنفيذية التونسية بحزمة إصلاحات هيكلية.. لا شيء يدعو للتفاؤل بخصوص إمكانية توصل تونس إلى اتفاق مع المؤسسة المالية قبل نهاية العام الحالي.. وهذا الأمر من شأنه أن يزيد من معاناة الاقتصاد الوطني وخاصة توازنات المالية العمومية باعتبار حاجتها لموارد خارجية ضرورية، وأيضا تواصل غلق باب التعاون الثنائي مع الدول الصديقة أو مؤسسات مالية أخرى بسبب اشتراطها توصل تونس لإبرام اتفاق مع صندوق النقد قبل تقديم أي مساعدة مالية أو اقتصادية..

ورغم الإشارات الإيجابية التي ألمح إليها رؤساء حكومات أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا، وأيضا مسؤولو الصندوق بخصوص إمكانية مراجعة الاتفاق الأولي، في اتجاه توخي سياسة أكثر مرونة مع تونس.. إلا أن الأمر يظل رهينا لما ستقدمه الحكومة التونسية من مقترحات جديدة في إطار مراجعة بنود الاتفاق المبدئي، خاصة بعد الفيتو الذي رفعه رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذا المجال خاصة في ما يتعلق بمسألة رفع الدعم عن المواد الأساسية والتفويت في بعض مؤسسات القطاع العام معللا ذلك بإمكانية تدهور السلم الأهلية وتصاعد التوتر الاجتماعي في البلاد بسبب تضرر الفئات الاجتماعية الهشة من أي عملية تخلي عن الدعم..

وفي نفس السياق، يبدو أن الاتفاق الأولي مع الاتحاد الأوروبي بخصوص حزمة مساعدات مالية واقتصادية، ما يزال يكتنفه الغموض، وهو الذي كان من المفترض أن يتم توقيعه في إطار مذكرة تفاهم في نهاية شهر جوان الماضي بمناسبة انعقاد القمة الأوروبية، علما أن الاتفاق جاء عل خلفية رغبة الاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول جذرية لأزمة الهجرة غير النظامية التي باتت تؤرق الجانب الأوروبي وخاصة الإيطالي بسبب ارتفاع نسق تدفقات المهاجرين العابرة للمتوسط انطلاقا من سواحل دول شمال إفريقيا وعلى رأسها تونس وليبيا..

ومرد تعطل توقيع الاتفاق، هو اشتراط الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة مالية لتونس مقدرة بحوالي 900 مليون أورو بتوقيع اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.. وهو أمر ترفضه تونس بشدة وتسعى إلى إقناع الجانب الأوروبي بتغييره.. فضلا عن اشتراط أوروبا التزامات تونسية بخصوص موضوع مكافحة الهجرة غير النظامية والتي قد تحرج الجانب التونسي خاصة في ما يتعلق بجعل تونس منصة خلفية لتجميع المهاجرين وفرزهم قبل إعادة ترحيلهم.. وهو أمر قد تعجز عنه السلطات التونسية في الوقت الحالي في غياب إمكانيات مالية ولوجستية ومادية..

وهذا الملف، أي ملف أزمة المهاجرين غير النظاميين، سيكون دون شك من بين الملفات الساخنة العويصة أمام السلطات التونسية خلال الفترة المقبلة، وحلها لن يكون سهلا ويتطلب تدخلا دوليا عاجلا مع الدول المعنية والمنظمات الدولية، خاصة بعد التوترات التي شهدتها مدينة صفاقس مؤخرا، وجعلت من المسألة تحديات جديدة مثل كيفية معالجة الأزمة في غياب أي اتفاق رسمي مع الاتحاد الأوروبي أو مع المنظمات الأممية المعنية بإدارة تدفق اللاجئين والمهاجرين..

أما ما يجعل الأشهر المقبلة ساخنة فعلا وصعبة للغاية، هي المشاكل الاجتماعية المترتبة بدورها عن الأزمة المالية، مثل تواصل أزمة الجفاف وتراجع مخزون المياه بالسدود، ما يهدد التونسيين بأزمة عطش، وقطاع الزراعة من تراجع وتدهور مستمرين..، علما أن حالة من الاحتقان والغضب سجلت في عدة جهات ومناطق تشهد صعوبات في التزود بمياه الشرب والري..

وفي نفس السياق، تستمر معاناة التونسيين من تداعيات أزمة المالية العمومية من حيث تواصل ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع كلفة المعيشة وأسعار المواد الاستهلاكية، خاصة في غياب بعض المواد الأساسية المدعمة أو نقصها، في السوق المحلية مثل الزيت النباتي، والسكر، ومشتقات الحبوب مثل الفرينة، مع ارتفاع أسعار بعضها مثل القهوة والأرز..

ومع استمرار الأزمة المالية العمومية وشح السيولة النقدية، سيكون أمام السلطة الحالية صعوبات في إيجاد حلول للسوق الموازية التي ازدهرت وتنامت مع تعدد مظاهر التهريب والتهرب الجبائي والاحتكار..

في جانب، آخر، سيكون أمام السلطة مشاكل أخرى قد تتفاقم حدتها خلال الفترة المقبلة، مثل أزمة التعليم وتدهور الحوار الاجتماعي، خاصة بعد فشل جلسات التفاوض مع نقابات التعليم الأساسي ودخول أزمة حجب الأعداد في منعرج خطير بعد تلويح وزارة التربية بتنفيذ عقوبات إدارية على المربين ومديري المدارس الابتدائية الذين رفضوا تسليم الأعداد.. وهي أزمة ستصدر للعودة المدرسية المقبلة التي ستكون دون شك صعبة ومتوترة ومليئة بالمفاجآت.. خاصة مع تهديد النقابات بالتصعيد..

سياسيا، قد يكون تركيز المؤسسات الدستورية التي جاء بها دستور جويلية 2022 مثل المحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للتربية، وهيئة الانتخابات..، وتقييم عمل الحكومة الحالية خاصة في ظل تواتر الحديث عن وجود مخطط رئاسي لتحوير حكومي واسع وأيضا إصلاح هيكلي للحكومة، فضلا عن تنظيم انتخابات محلية لانتخاب أعضاء مجلس الجهات والأقاليم، قبل نهاية العام الجاري، التحدي الأكبر أمام رئاسة الجمهورية بشكل خاص والبرلمان بشكل عام..

وفي جانب متصل، تتواصل أزمة التسيير اليومي لبعض الهياكل الحكومية والإدارية والجهوية، مع تواصل إشكالية الشغورات في عديد الخطط الحساسة خاصة بالولايات والمعتمديات، والبلديات، بعد حل مجالسها البلدية مؤخرا وتكيف الكتاب العامين بمهام التسيير اليومي للبلديات، وأيضا تواصل بعض الشغورات على مستوى بعض سفارات تونس بالخارج وبعض القنصليات..  

والملفت للانتباه، أن الغموض ما يزال سيد الموقف في ما يتعلق بالمواعيد الانتخابية النهائية، بما فيها البلدية، والرئاسية التي قد تنظم في خريف العام المقبل، خاصة أمام بروز أزمة جديدة داخل هيئة الانتخابات بعد إعفاء أحد أعضائها، وغياب النصاب القانوني لمجلسها المركزي، مما يطرح تساؤلات عن كيفية معالجة الأزمة القائمة، هل سيتم الإبقاء على الهيئة الحالية بتسمية أعضاء جدد، أم سيتم المرور إلى تشكيل هيئة جديدة وفق ما نص عليه دستور جويلية 2022؟

رفيق بن عبد الله