إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صفاقس تخت...نق

 

بقلم:مصدّق الشّريف

*ليس بوسع صفاقس أن تصمد أمام هذا الكم الهائل من المهاجرين الأفارقة

منذ شهور مضت وإلى اليوم، لا حديث إلاّ عن هجرة الأفارقة غير النّظامية إلى تونس. عشرات الخطب العصماء من هنا وهناك تطلّ علينا كلّ يوم وكلّ ساعة حول هذا الموضوع. كثرت التّحاليل لاسيّما مع زيارات المسؤولين المتواترة من فرنسا وإيطاليا وهولندا وألمانيا والمفوضية الأوروبية للخوض في الشأن ذاته.

رئيس الدولة لا يفتأ يؤكد أنّ بلادنا لن تكون محتشدا للمهاجرين الأفارقة غير النظاميّين أو حارسة للحدود حتى تمنعهم من الدخول إليها. ويضيف أنه لا سبيل إلى أن تصبح تونس في يوم من الأيام موطن استيطان لهؤلاء المهاجرين أو لغيرهم. ولا يمكن بحال من الأحوال قبول أي شخص أو مجموعة لا تحترم القانون الذي يسمح له بالدخول إلى بلادنا للإقامة فيها أو العمل بداخلها. ويشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة تطبيق القانون في كنف احترام الذات البشرية والعمل على صيانة حقوقها وكرامتها. ويصرّ رئيس الدولة في كلّ لقاء يجمعه بالمسؤولين الأوروبيين على أنّ الحل الأمثل لمشكلة الهجرة غير الشرعية يجب أن يكون بعيدا عن الارتجال مع ضرورة عقد مؤتمر دولي تشارك فيه كلّ الدّول دون استثناء يعالج المعضلة برمتها مؤكدا ضرورة تحمّل كلّ الأطراف مسؤوليتها والتوقف عن استغلال ظرف البلدان الضعيفة الاقتصادي المتدهور والتعامل معها بمنطق لا يخلو من الابتزاز باعتبارها في حاجة ماسة إلى الإعانة والتداين. ولم يخف رئيس الدولة موقفه المبدئي الصّريح المعتبر أن هؤلاء المهاجرين هم ضحية سياسات الاستعمار الذي استولى على خيراتهم ونهبها فكانت هذه السياسات سببا رئيسيّا في تشردهم وضياعهم.

وفي المقابل، لا تفتأ تتعالى أصوات تشكك في أقوال الرئيس قيس سعيّد وتتهمه بأنّ فحوى محادثاته مع المسؤولين الأجانب في الغرف المظلمة ليس هو ذاته الذي يصرّح به في العلن.

وبعيدا عن كل هذه الأطروحات، وبلغة بعيدة أيضا عن الأسلوب الإنشائي المفعم بالعواطف والتشنج والتشكيك "والتنبير"، نقول إنّ مدينة صفاقس مهدّدة بما لا تحمد عواقبه. إنّ وتيرة دخول المهاجرين غير النّظاميّين إلى أحيائها وضواحيها في تسارع مذهل. كأنّ هؤلاء المهاجرين في سباق كبير جدا مع الوقت. وهذا ليس من باب التهويل والمبالغة فالعين المجرّدة شاهدة والأرقام ناطقة.

لقد اكتسح هؤلاء الأفارقة أغلب ربوع مدينة صفاقس وما جاورها من معتمديات. وأصبحوا يعدّون بالآلاف لاسيما بطريق المهدية كلم 3 وطريق تونس كلم 2.5 وكلم 11 وأحياء طرقات المطار والمحارزة وقابس ومنزل شاكر وسكرة وقرمدة (العوابد) ووسط المدينة بباب الجبلي تحديدا وبباحة جامع سيدي اللخمي وداخل أسوار المدينة العتيقة. إنّهم يأتون من كلّ حدب وصوب لاسيما من الجنوب التونسي بعد اجتياز الحدود الليبية التونسية ومن الشمال الغربي بعد اجتياز الحدود الجزائرية التونسية. يأتون أفواجا مع مطلع كل يوم إما ممتطين الحافلات العمومية التابعة لشركات النقل بالساحل وشركات النقل بصفاقس وغيرها من المدن أو على الأقدام.

إن الوضع ينذر بالانفجار. ليس بوسع صفاقس أن تصمد أمام هذا الكم الهائل من المهاجرين الأفارقة. المدينة تشكو منذ سنوات من الاكتظاظ ورداءة خدمات النقل واختناق حركة المرور وفوضى الأسواق. فضلا عن أنّ بناها التحتية في حالة تعسة بائسة. وبالإضافة إلى ذلك، صرّح لنا أحد أطباء الاختصاص بتسجيل مائة إصابة في صفوف المهاجرين بمدينة صفاقس بفيروس السيدا ومرض السلّ مع حالة وفاة.

إنّنا نقول بصوت عال بعيدا عن اللغة الشعبوية والعواطف الكاذبة واللغة المزركشة المستندة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفصوله إنّ صفاقس في خطر داهم ومن الصعب جدا أن يطيب العيش فيها ولو نسبيا مادامت على هذه الحال... وإنّها في قادم الأيام ستفقد حتى التنفس وسيضيق أهلها ذرعا... فهل من مجيب؟ وهل من حقوقيّين ينتصرون لحقّ المواطنين في العيش في صحة وسلام وأمان في مدينتهم قبل أن يسبق السيف العذل؟

إنّ سكان مدينة صفاقس في حيرة من الصمت المطبق والمريب اللذين تتعامل بهما السلط المركزية والجهوية تجاه هذا الموضوع الذي أقض مضاجعهم وحوّل حياتهم إلى جحيم. والأمرّ من هذا كلّه أنهم لا يدرون متى ستنجلي عنهم هذه الغمة. التساؤلات لا تفتأ تؤرّق أهالي مدينة صفاقس وضواحيها حول تزايد عدد الهاجرين غير النظاميّين لولايتهم على مرأى السلط الأمنية ومسمعها دون أن تحرّك ساكنا.

 

 

صفاقس تخت...نق

 

بقلم:مصدّق الشّريف

*ليس بوسع صفاقس أن تصمد أمام هذا الكم الهائل من المهاجرين الأفارقة

منذ شهور مضت وإلى اليوم، لا حديث إلاّ عن هجرة الأفارقة غير النّظامية إلى تونس. عشرات الخطب العصماء من هنا وهناك تطلّ علينا كلّ يوم وكلّ ساعة حول هذا الموضوع. كثرت التّحاليل لاسيّما مع زيارات المسؤولين المتواترة من فرنسا وإيطاليا وهولندا وألمانيا والمفوضية الأوروبية للخوض في الشأن ذاته.

رئيس الدولة لا يفتأ يؤكد أنّ بلادنا لن تكون محتشدا للمهاجرين الأفارقة غير النظاميّين أو حارسة للحدود حتى تمنعهم من الدخول إليها. ويضيف أنه لا سبيل إلى أن تصبح تونس في يوم من الأيام موطن استيطان لهؤلاء المهاجرين أو لغيرهم. ولا يمكن بحال من الأحوال قبول أي شخص أو مجموعة لا تحترم القانون الذي يسمح له بالدخول إلى بلادنا للإقامة فيها أو العمل بداخلها. ويشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة تطبيق القانون في كنف احترام الذات البشرية والعمل على صيانة حقوقها وكرامتها. ويصرّ رئيس الدولة في كلّ لقاء يجمعه بالمسؤولين الأوروبيين على أنّ الحل الأمثل لمشكلة الهجرة غير الشرعية يجب أن يكون بعيدا عن الارتجال مع ضرورة عقد مؤتمر دولي تشارك فيه كلّ الدّول دون استثناء يعالج المعضلة برمتها مؤكدا ضرورة تحمّل كلّ الأطراف مسؤوليتها والتوقف عن استغلال ظرف البلدان الضعيفة الاقتصادي المتدهور والتعامل معها بمنطق لا يخلو من الابتزاز باعتبارها في حاجة ماسة إلى الإعانة والتداين. ولم يخف رئيس الدولة موقفه المبدئي الصّريح المعتبر أن هؤلاء المهاجرين هم ضحية سياسات الاستعمار الذي استولى على خيراتهم ونهبها فكانت هذه السياسات سببا رئيسيّا في تشردهم وضياعهم.

وفي المقابل، لا تفتأ تتعالى أصوات تشكك في أقوال الرئيس قيس سعيّد وتتهمه بأنّ فحوى محادثاته مع المسؤولين الأجانب في الغرف المظلمة ليس هو ذاته الذي يصرّح به في العلن.

وبعيدا عن كل هذه الأطروحات، وبلغة بعيدة أيضا عن الأسلوب الإنشائي المفعم بالعواطف والتشنج والتشكيك "والتنبير"، نقول إنّ مدينة صفاقس مهدّدة بما لا تحمد عواقبه. إنّ وتيرة دخول المهاجرين غير النّظاميّين إلى أحيائها وضواحيها في تسارع مذهل. كأنّ هؤلاء المهاجرين في سباق كبير جدا مع الوقت. وهذا ليس من باب التهويل والمبالغة فالعين المجرّدة شاهدة والأرقام ناطقة.

لقد اكتسح هؤلاء الأفارقة أغلب ربوع مدينة صفاقس وما جاورها من معتمديات. وأصبحوا يعدّون بالآلاف لاسيما بطريق المهدية كلم 3 وطريق تونس كلم 2.5 وكلم 11 وأحياء طرقات المطار والمحارزة وقابس ومنزل شاكر وسكرة وقرمدة (العوابد) ووسط المدينة بباب الجبلي تحديدا وبباحة جامع سيدي اللخمي وداخل أسوار المدينة العتيقة. إنّهم يأتون من كلّ حدب وصوب لاسيما من الجنوب التونسي بعد اجتياز الحدود الليبية التونسية ومن الشمال الغربي بعد اجتياز الحدود الجزائرية التونسية. يأتون أفواجا مع مطلع كل يوم إما ممتطين الحافلات العمومية التابعة لشركات النقل بالساحل وشركات النقل بصفاقس وغيرها من المدن أو على الأقدام.

إن الوضع ينذر بالانفجار. ليس بوسع صفاقس أن تصمد أمام هذا الكم الهائل من المهاجرين الأفارقة. المدينة تشكو منذ سنوات من الاكتظاظ ورداءة خدمات النقل واختناق حركة المرور وفوضى الأسواق. فضلا عن أنّ بناها التحتية في حالة تعسة بائسة. وبالإضافة إلى ذلك، صرّح لنا أحد أطباء الاختصاص بتسجيل مائة إصابة في صفوف المهاجرين بمدينة صفاقس بفيروس السيدا ومرض السلّ مع حالة وفاة.

إنّنا نقول بصوت عال بعيدا عن اللغة الشعبوية والعواطف الكاذبة واللغة المزركشة المستندة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفصوله إنّ صفاقس في خطر داهم ومن الصعب جدا أن يطيب العيش فيها ولو نسبيا مادامت على هذه الحال... وإنّها في قادم الأيام ستفقد حتى التنفس وسيضيق أهلها ذرعا... فهل من مجيب؟ وهل من حقوقيّين ينتصرون لحقّ المواطنين في العيش في صحة وسلام وأمان في مدينتهم قبل أن يسبق السيف العذل؟

إنّ سكان مدينة صفاقس في حيرة من الصمت المطبق والمريب اللذين تتعامل بهما السلط المركزية والجهوية تجاه هذا الموضوع الذي أقض مضاجعهم وحوّل حياتهم إلى جحيم. والأمرّ من هذا كلّه أنهم لا يدرون متى ستنجلي عنهم هذه الغمة. التساؤلات لا تفتأ تؤرّق أهالي مدينة صفاقس وضواحيها حول تزايد عدد الهاجرين غير النظاميّين لولايتهم على مرأى السلط الأمنية ومسمعها دون أن تحرّك ساكنا.