إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم | في تخريب الأوطان ..!.

 

يرويها: أبوبكر الصغير

يستدعي الخراب الذي نعيشه، إعادة فكر ابن خلدون ومقاربته لقيام العمران البشري وسقوطه، فصاحب المقولة الخالدة "الظلم مؤذن بخراب العمران" فسّر كيف تصل الدول إلى الظلم الطاغي والانحطاط والسقوط بيد أبنائها .

   إنه دليل تاريخي على أن العديد من الدول قد هلكت أو انحدرت، ليس بسبب صدمة العدوان الخارجي، لكن في الغالب لأن أبناءها فقدوا الشعور بالمصلحة الوطنية.

تمر الشعوب بحركات من هذا النوع، نتاج أزمات قيم، بفعل تشاؤم ثقافي معين، بموقف استقالة النخب، بما تكون نتيجته انحطاط يعسر علاجه.

   لا يزال إنتاج الفسفاط التجاري في معتمدية الرديف وتسليمه لمصنعي الأسمدة الكيماوية متوقفين، بسبب بلطجة البعض والاعتصامات التي لا تنتهي .

   يتواصل ذلك رغم الجهود المبذولة على أعلى مستوى لوضع حد لهذا الوضع، خاصة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الدولة قيس سعيد إلى المنطقة في 13 جوان الحالي .

 يتعطل الإنتاج منذ قرابة ثلاث سنوات ، مما يعني أن وحدة إنتاج الفسفاط التجاري لم تعمل إطلاقاً طوال هذه الفترة بالتالي خسارة للبلاد مداخيل بمئات المليارات من العملة الصعبة .

غير بعيد من الرديف، تحديدا بولاية القيروان تغلق مجمعات صناعية أبوابها، يجد آلاف العمال أنفسهم في حالة بطالة قسرية، السبب قرار إداري ما انزل به الله من سلطان بتوظيف بل بإسقاط وفرض أداء جديد بمبلغ أكثر من مرة ونصف المرة من ثمن مادة يتم تصديرها، تم ذلك بدون أي دراسة أو استشارة مسبقة مع المعنيين بالأمر أو حتى تقييم ونظر في وضع السوق العالمية وموقعنا مع الجهات المنافسة التي كانت المستفيد الأكبر من هذا القرار وافتكّت كل حرفاء مؤسساتنا ومصانعنا.

 بالمناسبة أوجه تحيّة الى رجل وطني مخلص وهو السيد الحبيب السبري، الذي ضحى بماله الخاص، باع رزقه من اجل تعويض عملة مجمّعه الصناعي وهم بالمئات، نفس الموقف كان لمستثمر ايطالي أحب تونس وشعبها وهو السيد "كارلو كالتران" الذي أنجز ببلادنا أربعة مصانع تصديرية كبرى ليجد نفسه اليوم في حالة مغادرة ووضع المفاتيح تحت الباب بعد أكثر من عشرين سنة من الاستثمار في تونس وقد أبلغته جهات مصرية أنها ترحب باستثماراته على أرضها، لكن رغم هذه المصائب لم يتخلّ ويختفي هذان المذكوران عن عمالهم ولم يتنكَرا لهم خاصة ونحن عشية عيد .

   ما يحزّ في النفس غياب تام للسلطات الجهوية وصمت غريب لمن بيده قرار إنقاذ هذه المجمعات الصناعية والحرص على مواصلة نشاطها بالتالي عدم إلقاء آلاف العمال المباشرين وعشرات الآلاف الآخرين غير المباشرين في متاهات الفقر والجوع والخصاصة .

     إن السقوط في التخلف أسهل بكثير من الصعود الى النجوم .

 إن فن الحكم يقتضي ألا نترك الناس سواء كانوا داخل منظومة حكم (موظفين في إدارة) أو خارجها (شباب عاطل) يحكمون بأحكامهم بمعزل عن قوانين البلاد أو ما تقتضيه مصلحة وطنية عليا أو حاجات البلاد الملحة للمحافظة أو إنتاج ثروة والدفع بمحرّكات النمو .

  إن الأدهى من الفساد الإداري هو السكوت عنه .

 

 

حكاياتهم |  في تخريب الأوطان ..!.

 

يرويها: أبوبكر الصغير

يستدعي الخراب الذي نعيشه، إعادة فكر ابن خلدون ومقاربته لقيام العمران البشري وسقوطه، فصاحب المقولة الخالدة "الظلم مؤذن بخراب العمران" فسّر كيف تصل الدول إلى الظلم الطاغي والانحطاط والسقوط بيد أبنائها .

   إنه دليل تاريخي على أن العديد من الدول قد هلكت أو انحدرت، ليس بسبب صدمة العدوان الخارجي، لكن في الغالب لأن أبناءها فقدوا الشعور بالمصلحة الوطنية.

تمر الشعوب بحركات من هذا النوع، نتاج أزمات قيم، بفعل تشاؤم ثقافي معين، بموقف استقالة النخب، بما تكون نتيجته انحطاط يعسر علاجه.

   لا يزال إنتاج الفسفاط التجاري في معتمدية الرديف وتسليمه لمصنعي الأسمدة الكيماوية متوقفين، بسبب بلطجة البعض والاعتصامات التي لا تنتهي .

   يتواصل ذلك رغم الجهود المبذولة على أعلى مستوى لوضع حد لهذا الوضع، خاصة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الدولة قيس سعيد إلى المنطقة في 13 جوان الحالي .

 يتعطل الإنتاج منذ قرابة ثلاث سنوات ، مما يعني أن وحدة إنتاج الفسفاط التجاري لم تعمل إطلاقاً طوال هذه الفترة بالتالي خسارة للبلاد مداخيل بمئات المليارات من العملة الصعبة .

غير بعيد من الرديف، تحديدا بولاية القيروان تغلق مجمعات صناعية أبوابها، يجد آلاف العمال أنفسهم في حالة بطالة قسرية، السبب قرار إداري ما انزل به الله من سلطان بتوظيف بل بإسقاط وفرض أداء جديد بمبلغ أكثر من مرة ونصف المرة من ثمن مادة يتم تصديرها، تم ذلك بدون أي دراسة أو استشارة مسبقة مع المعنيين بالأمر أو حتى تقييم ونظر في وضع السوق العالمية وموقعنا مع الجهات المنافسة التي كانت المستفيد الأكبر من هذا القرار وافتكّت كل حرفاء مؤسساتنا ومصانعنا.

 بالمناسبة أوجه تحيّة الى رجل وطني مخلص وهو السيد الحبيب السبري، الذي ضحى بماله الخاص، باع رزقه من اجل تعويض عملة مجمّعه الصناعي وهم بالمئات، نفس الموقف كان لمستثمر ايطالي أحب تونس وشعبها وهو السيد "كارلو كالتران" الذي أنجز ببلادنا أربعة مصانع تصديرية كبرى ليجد نفسه اليوم في حالة مغادرة ووضع المفاتيح تحت الباب بعد أكثر من عشرين سنة من الاستثمار في تونس وقد أبلغته جهات مصرية أنها ترحب باستثماراته على أرضها، لكن رغم هذه المصائب لم يتخلّ ويختفي هذان المذكوران عن عمالهم ولم يتنكَرا لهم خاصة ونحن عشية عيد .

   ما يحزّ في النفس غياب تام للسلطات الجهوية وصمت غريب لمن بيده قرار إنقاذ هذه المجمعات الصناعية والحرص على مواصلة نشاطها بالتالي عدم إلقاء آلاف العمال المباشرين وعشرات الآلاف الآخرين غير المباشرين في متاهات الفقر والجوع والخصاصة .

     إن السقوط في التخلف أسهل بكثير من الصعود الى النجوم .

 إن فن الحكم يقتضي ألا نترك الناس سواء كانوا داخل منظومة حكم (موظفين في إدارة) أو خارجها (شباب عاطل) يحكمون بأحكامهم بمعزل عن قوانين البلاد أو ما تقتضيه مصلحة وطنية عليا أو حاجات البلاد الملحة للمحافظة أو إنتاج ثروة والدفع بمحرّكات النمو .

  إن الأدهى من الفساد الإداري هو السكوت عنه .