إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قاطعت الانتخابات التشريعية.. أحزاب وسياسيون يستعدون لـ"الرئاسية"

 

تونس – الصباح

بعد أن أعلنت مقاطعتها الانتخابات التشريعية الاستثنائية التي كان دعا لها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ديسمبر الماضي، وتعدت ذلك لتشن حملة تدعو فيها المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات ورفض نتائجها في مرحلة أولى، فالتشكيك في مدى دستوريتها والأهلية السياسية للفائزين فيها بمقاعد في مجلس نواب الشعب ولدور المؤسسة التشريعية في نسختها الجديدة ومدى استقلالية قرارها في مرحلة أخرى، انطلقت بعض الأحزاب والسياسيون والناشطون في المجتمع المدني في الاستعداد للانتخابات الرئاسية بشكل علني بعد أن بدأت الاشتغال على هذا الاستحقاق بشكل أو بآخر منذ مدة وفي مستوى أوساط مختلفة، لتدخل اليوم في مرحلة أخرى في مسار التحضير للرئاسية وذلك عبر الراهنة على "ماكينة" خاصة بهذا الاستحقاق الانتخابي وطرح كل متعلقاته الزمنية والدستورية والتنظيمية والسياسية.

 وهو تقريبا ما سبق أن أكده حسام الحامي منسق ائتلاف صمود في بداية هذا الأسبوع أثناء الإعلان عن المشروع الذي جمع عدة أحزاب وأطياف سياسية يسارية وتقدمية وحقوقية ومنظمات مدنية وأكاديميين وغيرها. مبينا أن مشاورات تجري بين الائتلاف وعدد من الأحزاب الوطنية والمنظمات والجمعيات لطرح مبادرة تتمثل في وضع آلية يمكن بمقتضاها تقديم مرشح موحد للانتخابات الرئاسية، يكون محل إجماع العائلة الديمقراطية، ليكون الإعلان عن مخرجات هذه المبادرة قبل نهاية سنة 2023.

لتطرح هذه "الهبة" على الرئاسية، في الوقت الذي لا تزال فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منشغلة بإتمام المسار الانتخابي للغرفة الثانية للمؤسسة التشريعية باعتبار أنه لم يحسم بعد، عدة استفهامات من قبيل ما هي دوافع الإقبال على الانتخابات الرئاسية خاصة بالنسبة للسياسيين والجهات المعارضة للمسار الذي يقوده سعيد، وعبرت عن رفضها لكل خياراته وقراراته؟ وهل أن دستور 2022 كان عاملا مشجعا لهذه الطبقة لتتجه للمراهنة على صناديق الاقتراع للرئاسية، وذلك من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها هذا الدستور لرئيس الجمهورية على خلاف ما كان عليه الأمر في دستور 2014، الذي حد من صلاحيات رئيس الجمهورية وجعل منه في مهامه وصلاحياته أقرب "للصورية"؟

أم أن ترسخ ثقافة الميل إلى تسمية "فخامة" رئيس الجمهورية لدى أغلبية التونسيين، لاسيما أن عمليات سبر الآراء وغيرها من عمليات استطلاع الرأي والتجارب السابقة التي عاشتها بلادنا، تبين أن نسب الإقبال على الانتخابات الرئاسية تكون أكثر مما عليه الأمر بالنسبة للإقبال على غيرها من المحطات الانتخابية؟ فضلا عن دور مدى تعلق السياسيين بالأساس بأمل أو فرصة الإقامة بقصر قرطاج بقطع النظر عن الصلاحيات والبرامج والمشاريع والأهداف الوطنية؟

إذ ما انفكت تطالعنا تصريحات بعض الساسة في المدة الأخيرة التي تتمحور حول الانتخابات الرئاسية ليصبح الشغل الشاغل للبعض في هذه المرحلة بعد مباشرة البرلمان لمهامه وإدراك استعدادات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهياكل والجهات المعنية لتنظيم انتخابات مجلس الجهات والأقاليم مرحلة متقدمة.

وأصبحت مسألة ترشح سعيد لعهدة قادمة أو عدم احتساب العهدة الأولى في تاريخه السياسي في رئاسة الجمهورية والتوجه إلى اعتبار ذلك حسب دستور 2022، مسألة أكثر تداولا في أوساط دستورية أو سياسية. فأستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد دعا إلى ضرورة تحديد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، ووضع أسس اختيار المترشحين، وطريقة واضحة لاحتساب العهدة الرئاسية ما بين العهدة التي انطلقت وفق مقتضيات دستور 2014 الملغى والدستور الحالي. موضحا أنه في حال تم عدم احتساب العهدة الحالية للرئيس قيس سعيد كعهدة أولى وفق مقتضيات الدستور الحالي يعني تقديم هدية له بعهدتين إضافيتين ليحكم البلاد 15 عاما كاملة.

فيما اعتبر أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أن الدستور الحالي للبلاد لا يضبط موعدا محددا لإجراء الانتخابات الرئاسية من خلال الفصل 90 الذي نص على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الدورة الرئاسية، وأوكل مهمة ضبط تاريخ الانتخابات الرئاسية إلى السلطة التشريعية التي تختص في ذلك في المقام الأول ثم هيئة الانتخابات في مقام ثان.

وسبق أن وجهت عبير موسي رئيسة حزب الدستوري الحر دعوة لرئيس الجمهورية لتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها بعد إلغاء العمل بدستور 2014 الذي انتخب رئيسا وفق ما جاء فيه، بعد دخول دستور أوت 2022 حيز التنفيذ.

كما سبق أن أعلن بعض السياسيين عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة على اعتبار أن ذلك حق يكفله الدستور لكل تونسي يأنس في نفسه الرغبة والقدرة والإرادة على تسيير دواليب الدولة وفي إطار مناخ ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات.

لذلك يرى البعض أن تعلق همة البعض بالانتخابات الرئاسية إنما تؤكده استفاقة متأخرة ورغبة بعض السياسيين في البقاء في دائرة الفعل والقرار في المشهد السياسي خاصة بعد تراجع مواقع وأدوار الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية في واقع تونس اليوم، ولم تعد لها القواعد الشعبية القادرة على ضمان بقائها وإنصافها في صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية أو غيرها إضافة إلى إيمان الجميع لاسيما في ظل الصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور الجديد لرئيس الجمهورية، بأهمية هذا الموقع للدفاع أو تكريس أي مشروع سياسي أو غيره، على اعتبار أنه موقع القوة والقرار والسلطة الوحيد القادر على التغيير.

نزيهة الغضباني

 

 

 قاطعت الانتخابات التشريعية..   أحزاب وسياسيون يستعدون لـ"الرئاسية"

 

تونس – الصباح

بعد أن أعلنت مقاطعتها الانتخابات التشريعية الاستثنائية التي كان دعا لها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ديسمبر الماضي، وتعدت ذلك لتشن حملة تدعو فيها المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات ورفض نتائجها في مرحلة أولى، فالتشكيك في مدى دستوريتها والأهلية السياسية للفائزين فيها بمقاعد في مجلس نواب الشعب ولدور المؤسسة التشريعية في نسختها الجديدة ومدى استقلالية قرارها في مرحلة أخرى، انطلقت بعض الأحزاب والسياسيون والناشطون في المجتمع المدني في الاستعداد للانتخابات الرئاسية بشكل علني بعد أن بدأت الاشتغال على هذا الاستحقاق بشكل أو بآخر منذ مدة وفي مستوى أوساط مختلفة، لتدخل اليوم في مرحلة أخرى في مسار التحضير للرئاسية وذلك عبر الراهنة على "ماكينة" خاصة بهذا الاستحقاق الانتخابي وطرح كل متعلقاته الزمنية والدستورية والتنظيمية والسياسية.

 وهو تقريبا ما سبق أن أكده حسام الحامي منسق ائتلاف صمود في بداية هذا الأسبوع أثناء الإعلان عن المشروع الذي جمع عدة أحزاب وأطياف سياسية يسارية وتقدمية وحقوقية ومنظمات مدنية وأكاديميين وغيرها. مبينا أن مشاورات تجري بين الائتلاف وعدد من الأحزاب الوطنية والمنظمات والجمعيات لطرح مبادرة تتمثل في وضع آلية يمكن بمقتضاها تقديم مرشح موحد للانتخابات الرئاسية، يكون محل إجماع العائلة الديمقراطية، ليكون الإعلان عن مخرجات هذه المبادرة قبل نهاية سنة 2023.

لتطرح هذه "الهبة" على الرئاسية، في الوقت الذي لا تزال فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منشغلة بإتمام المسار الانتخابي للغرفة الثانية للمؤسسة التشريعية باعتبار أنه لم يحسم بعد، عدة استفهامات من قبيل ما هي دوافع الإقبال على الانتخابات الرئاسية خاصة بالنسبة للسياسيين والجهات المعارضة للمسار الذي يقوده سعيد، وعبرت عن رفضها لكل خياراته وقراراته؟ وهل أن دستور 2022 كان عاملا مشجعا لهذه الطبقة لتتجه للمراهنة على صناديق الاقتراع للرئاسية، وذلك من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها هذا الدستور لرئيس الجمهورية على خلاف ما كان عليه الأمر في دستور 2014، الذي حد من صلاحيات رئيس الجمهورية وجعل منه في مهامه وصلاحياته أقرب "للصورية"؟

أم أن ترسخ ثقافة الميل إلى تسمية "فخامة" رئيس الجمهورية لدى أغلبية التونسيين، لاسيما أن عمليات سبر الآراء وغيرها من عمليات استطلاع الرأي والتجارب السابقة التي عاشتها بلادنا، تبين أن نسب الإقبال على الانتخابات الرئاسية تكون أكثر مما عليه الأمر بالنسبة للإقبال على غيرها من المحطات الانتخابية؟ فضلا عن دور مدى تعلق السياسيين بالأساس بأمل أو فرصة الإقامة بقصر قرطاج بقطع النظر عن الصلاحيات والبرامج والمشاريع والأهداف الوطنية؟

إذ ما انفكت تطالعنا تصريحات بعض الساسة في المدة الأخيرة التي تتمحور حول الانتخابات الرئاسية ليصبح الشغل الشاغل للبعض في هذه المرحلة بعد مباشرة البرلمان لمهامه وإدراك استعدادات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهياكل والجهات المعنية لتنظيم انتخابات مجلس الجهات والأقاليم مرحلة متقدمة.

وأصبحت مسألة ترشح سعيد لعهدة قادمة أو عدم احتساب العهدة الأولى في تاريخه السياسي في رئاسة الجمهورية والتوجه إلى اعتبار ذلك حسب دستور 2022، مسألة أكثر تداولا في أوساط دستورية أو سياسية. فأستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد دعا إلى ضرورة تحديد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، ووضع أسس اختيار المترشحين، وطريقة واضحة لاحتساب العهدة الرئاسية ما بين العهدة التي انطلقت وفق مقتضيات دستور 2014 الملغى والدستور الحالي. موضحا أنه في حال تم عدم احتساب العهدة الحالية للرئيس قيس سعيد كعهدة أولى وفق مقتضيات الدستور الحالي يعني تقديم هدية له بعهدتين إضافيتين ليحكم البلاد 15 عاما كاملة.

فيما اعتبر أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أن الدستور الحالي للبلاد لا يضبط موعدا محددا لإجراء الانتخابات الرئاسية من خلال الفصل 90 الذي نص على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الدورة الرئاسية، وأوكل مهمة ضبط تاريخ الانتخابات الرئاسية إلى السلطة التشريعية التي تختص في ذلك في المقام الأول ثم هيئة الانتخابات في مقام ثان.

وسبق أن وجهت عبير موسي رئيسة حزب الدستوري الحر دعوة لرئيس الجمهورية لتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها بعد إلغاء العمل بدستور 2014 الذي انتخب رئيسا وفق ما جاء فيه، بعد دخول دستور أوت 2022 حيز التنفيذ.

كما سبق أن أعلن بعض السياسيين عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة على اعتبار أن ذلك حق يكفله الدستور لكل تونسي يأنس في نفسه الرغبة والقدرة والإرادة على تسيير دواليب الدولة وفي إطار مناخ ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات.

لذلك يرى البعض أن تعلق همة البعض بالانتخابات الرئاسية إنما تؤكده استفاقة متأخرة ورغبة بعض السياسيين في البقاء في دائرة الفعل والقرار في المشهد السياسي خاصة بعد تراجع مواقع وأدوار الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية في واقع تونس اليوم، ولم تعد لها القواعد الشعبية القادرة على ضمان بقائها وإنصافها في صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية أو غيرها إضافة إلى إيمان الجميع لاسيما في ظل الصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور الجديد لرئيس الجمهورية، بأهمية هذا الموقع للدفاع أو تكريس أي مشروع سياسي أو غيره، على اعتبار أنه موقع القوة والقرار والسلطة الوحيد القادر على التغيير.

نزيهة الغضباني