رغم الأزمة فراغ على رأس الصيدلية المركزية منذ جانفي
الأدوية الجنيسة لا يمكن أن تحل إشكال فقدان الأدوية كليا
تراجع في مداخيل الصيدليات الخاصة بـ20%
500 صيدلية خاصة تشكو أزمة شاملة وصعبة وباتت غير قابلة للحياة
أكد رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة نوفل عميرة لـ"الصباح" أن أزمة نقص الأدوية مازالت تراوح مكانها، وكشف أن قائمة الأدوية المفقودة فاقت 300 دواء والعدد مُرشّح للارتفاع طالما لم يتم إيجاد الحلول.
وأوضح عميرة أن سبب الأزمة الأساسي عدم خلاص الجهات الخارجية التي يقع توريد الدواء منها، مشيرا إلى أن ديون المورّدين الذين ينتظرون تسديدها بلغت 800 مليون دينار هذا العام رغم أن السنة لم تنته بعد، مقابل 700 مليون دينار في 2022 أي بزيادة 100 مليون دينار كاملة.
وفي مواصلة لتشخيصه للأزمة قال محدثنا إنها تعود إلى النقص الكبير للحوكمة، مشيرا إلى أنه يقع الاقتطاع من أجور الموظفين باسم الصندوق الوطني للتأمين على المرض "الكنام" لكن هذه المبالغ لا تذهب إلى هذا الصندوق بل إلى صندوق التقاعد، مطالبا بأن تذهب أموال الاقتطاع مباشرة إلى الاسم الذي يقع الخصم من أجله، على أن الديون المتخلدة بذمة الصناديق الاجتماعية لدى "الكنام" قفزت إلى 8 آلاف مليار.
فراغ على رأس الصيدلية المركزية
أزمة نقص الأزمة والتي تتطلب قرارات صارمة ودقيقة ومنهجية، وفق عميرة، اصطدمت بوجود فراغ على رأس الصيدلية المركزية إذ منذ صدور أمر بالرائد الرسمي بتاريخ، 6 جانفي 2023، ينهي مهام الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية بشير اليرماني، ويقوم بتسييرها كل هذه الأشهر مؤقتا المدير العام للمخبر الوطني لمراقبة الأدوية، وضعية قال عنها رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة إنها جعلت مُورّدي الأدوية وممثلي المخابر العالمية يبحثون عن جهة يتفقون معها غير جهة مؤقتة.
ومنذ شهر جانفي لم يقع عقد جلسة عمل بين النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة ومن يشغل مؤقتا الإدارة العامة للصيدلية المركزية باستثناء جلسة واحدة وذلك في شهر مارس.
الأدوية الجنيسة لا يمكن أن تحل الإشكال
وبخصوص إمكانية اضطلاع الأدوية الجنيسة بدور هام في التخفيف من وطأة نقص الأدوية، ذكر محدثنا أن الأدوية الجنيسة من الوارد أن تمثل حلا لكنها حل جزئي، على خلفية وجود أدوية مستحدثة ومستجدة لا تدخل في خانة الأدوية الجنيسة.
كما اعتبر أن تونس تقوم بتصنيع عدة أصناف من الأدوية لكن ليس لها إمكانيات لتصنيع جميع الأنواع، ولابد من التوريد مع دفع التصنيع.
وأضاف "لابد كذلك من بعث وكالة وطنية للدواء والمواد الصحية".
تراجع في مداخيل الصيدليات الخاصة
وكأنه لا يكفي قطاع الصيادلة الخاصة نقص الأدوية لتصل إليه الأزمة الاقتصادية، حيث أبرز عميرة إلى أن هذا القطاع تأثر كثيرا بضعف المقدرة الشرائية للمواطن، ورغم أن الدواء مهم وله انعكاس مباشر على مدى شفاء المريض إلا أن هناك تراجعا على الإقبال على شراء الأدوية، الأمر الذي جعل مداخيل الصيدليات الخاصة تتراجع إلى ما بين 15 و20 بالمائة مقارنة بسنة 2019، علما وأن سنة 2019، هي السنة المرجعية التي يمكن اعتمادها للمقارنة على خلفية أن السنوات التي تلتها انتشر فيها كوفيد 19.
500 صيدلية خاصة تشكو أزمة شاملة
وعبّر عميرة عن مخاوفه من إمكانية غلق عدد من الصيدليات الخاصة أبوابها غلقا نهائيا، حيث تشكو ما بين 400 و500 صيدلية خاصة على الأقل من أزمة شاملة وصعبة، حيث أن تقلّص المداخيل يقابله ارتفاع في المصاريف على غرار معاليم الآداءات والكراء والكهرباء والماء وهي مصاريف ارتفعت بـ40 المائة، وفق قوله، ووصفه بالارتفاع "الغريب والعجيب".
لهذا يقدم الصيدلي الدواء دون وصفة طبية
وبخصوص اتهامات أصحاب الصيدليات الخاصة بتقديم الدواء إلى المرضى في حالات عديدة دون وصفة طبية مقدمة من طرف الطبيب، ردّ عميرة بأن المواطن والطبيب والصيدلي يمثلون ثلاثتهم حلقة واحدة متكاملة هدفها خدمة المريض، على أن الصيدلي ليس بمعزل عن المجتمع، في ظل أن العديد من المواطنين أصبحت تعوزهم القدرة المالية الكافية لدفع أجرة الجميع، لذا فان المشكل أساسا مشكل تغطية اجتماعية، وفي صورة عدم وجود تغطية اجتماعية شاملة فان المواطن سيلتجئ للصيدلي وسيحاول الضغط على مصاريفه بشراء الأدوية دون الذهاب إلى الطبيب، وإذا ما تم منع الصيدلي تماما من تقديم الأدوية للمواطنين دون وصفة طبية فان المواطن هو الذي سيعاني، مقرّا بأن هناك العديد من الأدوية لا يمكن بيعها دون وصفة طبية.
سوق موازية لأدوية من الخارج
وكشف عميرة بأن مواطنين اضطروا أيضا إلى جلب الأدوية بطرقهم الخاصة من الخارج، وعادة بواسطة أقاربهم وأصدقائهم، محذرا من نشوء سوق موازية للأدوية ستجد الدولة مستقبلا صعوبة حقيقة في التخلص منها، داعيا إلى الإبقاء فقط على السوق المنظمة وعدم شراء الأدوية من صفحات 'الفيسبوك" أو غيرها من الطرق، مبينا أن السوق الموازية تحولت إلى تجارة هدفها ربح المال جراء نقص الرقابة، مما يمثل خطرا كبيرا على صحة المواطن إذ بدأ القطاع الموازي في النمو أكثر فأكثر.
هذه التجارة المستحدثة أحالت إلى أنه لم يعد الحديث عن تهريب الأدوية إلى دول مجاورة بل، العكس، عن تهريب الأدوية إلى تونس، حيث هناك من استغل الوضع وأصبح يبيع الأدوية القادمة من الخارج بأضعاف أسعارها الحقيقية.
نقص الأدوية أثر على قطاع السياحة العلاجية
وكشف عميرة أن عدم توفر العديد من عناوين الأدوية ألقى بظلاله ليس على المواطن التونسي فقط بل على قطاع السياحة العلاجية، مشيرا إلى أن هذه السياحة لا يستفاد منها أصحاب المصحات الخاصة فقط بل أيضا النزل والمطاعم وأصحاب الصيدليات الخاصة وتساهم في نمو الاقتصاد التونسي، واصف السوق الليبية بـ"المهمة" حيث يتوافد العديد من الليبيين إلى بلادنا للعلاج لكنهم لا يجدون الأدوية، ويمكن أن تخسر تونس أسواقا أجنبية لفائدة منافسيها، إذ قد تصبح الوجهة التونسية غير محبذة بالنسبة للمرضى الأجانب ويفضلون بالتالي وجهات أخرى، ولا يمكن، وفق قوله، الحديث عن تطوير السياحة العلاجية دون توفير الأدوية اللازمة.
وذكر أن أزمة فقدان الأدوية بدأت منذ سنة 2016، وأصبحت أكثر حدة في 2019 على أنها حاليا بصدد التعمّق أكثر.
فوضى عارمة في قطاع المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية والمواد شبه الصيدلية
أما عن القانون الأساسي المنظم لمهنة أصحاب الصيادلة الخاصة، فيقول عميرة أنه لم يعد ملائما للعمل، بسبب أنه لم يقع تنقيحه منذ سنة 1973، وأن هناك قطاعات في حاجة أكيدة وملحة للمراجعة وضبطها خاصة بعد تطور الطلب عليها، وتحولت القطاعات المذكورة إلى "فوضى عارمة"، وهي المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية والمواد شبه الصيدلية .
وفيما يتعلّق بالرقمنة فقد شدّد عميرة على أنها هامة وضرورية لتنظيم العمل وتعاضد مجهودات الحوكمة، ومن شأنها حل إشكال فقدان الأدوية جزئيا.
درصاف اللموشي
فقدان الأدوية سببه هيكلي ومالي
رغم الأزمة فراغ على رأس الصيدلية المركزية منذ جانفي
الأدوية الجنيسة لا يمكن أن تحل إشكال فقدان الأدوية كليا
تراجع في مداخيل الصيدليات الخاصة بـ20%
500 صيدلية خاصة تشكو أزمة شاملة وصعبة وباتت غير قابلة للحياة
أكد رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة نوفل عميرة لـ"الصباح" أن أزمة نقص الأدوية مازالت تراوح مكانها، وكشف أن قائمة الأدوية المفقودة فاقت 300 دواء والعدد مُرشّح للارتفاع طالما لم يتم إيجاد الحلول.
وأوضح عميرة أن سبب الأزمة الأساسي عدم خلاص الجهات الخارجية التي يقع توريد الدواء منها، مشيرا إلى أن ديون المورّدين الذين ينتظرون تسديدها بلغت 800 مليون دينار هذا العام رغم أن السنة لم تنته بعد، مقابل 700 مليون دينار في 2022 أي بزيادة 100 مليون دينار كاملة.
وفي مواصلة لتشخيصه للأزمة قال محدثنا إنها تعود إلى النقص الكبير للحوكمة، مشيرا إلى أنه يقع الاقتطاع من أجور الموظفين باسم الصندوق الوطني للتأمين على المرض "الكنام" لكن هذه المبالغ لا تذهب إلى هذا الصندوق بل إلى صندوق التقاعد، مطالبا بأن تذهب أموال الاقتطاع مباشرة إلى الاسم الذي يقع الخصم من أجله، على أن الديون المتخلدة بذمة الصناديق الاجتماعية لدى "الكنام" قفزت إلى 8 آلاف مليار.
فراغ على رأس الصيدلية المركزية
أزمة نقص الأزمة والتي تتطلب قرارات صارمة ودقيقة ومنهجية، وفق عميرة، اصطدمت بوجود فراغ على رأس الصيدلية المركزية إذ منذ صدور أمر بالرائد الرسمي بتاريخ، 6 جانفي 2023، ينهي مهام الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية بشير اليرماني، ويقوم بتسييرها كل هذه الأشهر مؤقتا المدير العام للمخبر الوطني لمراقبة الأدوية، وضعية قال عنها رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة إنها جعلت مُورّدي الأدوية وممثلي المخابر العالمية يبحثون عن جهة يتفقون معها غير جهة مؤقتة.
ومنذ شهر جانفي لم يقع عقد جلسة عمل بين النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة ومن يشغل مؤقتا الإدارة العامة للصيدلية المركزية باستثناء جلسة واحدة وذلك في شهر مارس.
الأدوية الجنيسة لا يمكن أن تحل الإشكال
وبخصوص إمكانية اضطلاع الأدوية الجنيسة بدور هام في التخفيف من وطأة نقص الأدوية، ذكر محدثنا أن الأدوية الجنيسة من الوارد أن تمثل حلا لكنها حل جزئي، على خلفية وجود أدوية مستحدثة ومستجدة لا تدخل في خانة الأدوية الجنيسة.
كما اعتبر أن تونس تقوم بتصنيع عدة أصناف من الأدوية لكن ليس لها إمكانيات لتصنيع جميع الأنواع، ولابد من التوريد مع دفع التصنيع.
وأضاف "لابد كذلك من بعث وكالة وطنية للدواء والمواد الصحية".
تراجع في مداخيل الصيدليات الخاصة
وكأنه لا يكفي قطاع الصيادلة الخاصة نقص الأدوية لتصل إليه الأزمة الاقتصادية، حيث أبرز عميرة إلى أن هذا القطاع تأثر كثيرا بضعف المقدرة الشرائية للمواطن، ورغم أن الدواء مهم وله انعكاس مباشر على مدى شفاء المريض إلا أن هناك تراجعا على الإقبال على شراء الأدوية، الأمر الذي جعل مداخيل الصيدليات الخاصة تتراجع إلى ما بين 15 و20 بالمائة مقارنة بسنة 2019، علما وأن سنة 2019، هي السنة المرجعية التي يمكن اعتمادها للمقارنة على خلفية أن السنوات التي تلتها انتشر فيها كوفيد 19.
500 صيدلية خاصة تشكو أزمة شاملة
وعبّر عميرة عن مخاوفه من إمكانية غلق عدد من الصيدليات الخاصة أبوابها غلقا نهائيا، حيث تشكو ما بين 400 و500 صيدلية خاصة على الأقل من أزمة شاملة وصعبة، حيث أن تقلّص المداخيل يقابله ارتفاع في المصاريف على غرار معاليم الآداءات والكراء والكهرباء والماء وهي مصاريف ارتفعت بـ40 المائة، وفق قوله، ووصفه بالارتفاع "الغريب والعجيب".
لهذا يقدم الصيدلي الدواء دون وصفة طبية
وبخصوص اتهامات أصحاب الصيدليات الخاصة بتقديم الدواء إلى المرضى في حالات عديدة دون وصفة طبية مقدمة من طرف الطبيب، ردّ عميرة بأن المواطن والطبيب والصيدلي يمثلون ثلاثتهم حلقة واحدة متكاملة هدفها خدمة المريض، على أن الصيدلي ليس بمعزل عن المجتمع، في ظل أن العديد من المواطنين أصبحت تعوزهم القدرة المالية الكافية لدفع أجرة الجميع، لذا فان المشكل أساسا مشكل تغطية اجتماعية، وفي صورة عدم وجود تغطية اجتماعية شاملة فان المواطن سيلتجئ للصيدلي وسيحاول الضغط على مصاريفه بشراء الأدوية دون الذهاب إلى الطبيب، وإذا ما تم منع الصيدلي تماما من تقديم الأدوية للمواطنين دون وصفة طبية فان المواطن هو الذي سيعاني، مقرّا بأن هناك العديد من الأدوية لا يمكن بيعها دون وصفة طبية.
سوق موازية لأدوية من الخارج
وكشف عميرة بأن مواطنين اضطروا أيضا إلى جلب الأدوية بطرقهم الخاصة من الخارج، وعادة بواسطة أقاربهم وأصدقائهم، محذرا من نشوء سوق موازية للأدوية ستجد الدولة مستقبلا صعوبة حقيقة في التخلص منها، داعيا إلى الإبقاء فقط على السوق المنظمة وعدم شراء الأدوية من صفحات 'الفيسبوك" أو غيرها من الطرق، مبينا أن السوق الموازية تحولت إلى تجارة هدفها ربح المال جراء نقص الرقابة، مما يمثل خطرا كبيرا على صحة المواطن إذ بدأ القطاع الموازي في النمو أكثر فأكثر.
هذه التجارة المستحدثة أحالت إلى أنه لم يعد الحديث عن تهريب الأدوية إلى دول مجاورة بل، العكس، عن تهريب الأدوية إلى تونس، حيث هناك من استغل الوضع وأصبح يبيع الأدوية القادمة من الخارج بأضعاف أسعارها الحقيقية.
نقص الأدوية أثر على قطاع السياحة العلاجية
وكشف عميرة أن عدم توفر العديد من عناوين الأدوية ألقى بظلاله ليس على المواطن التونسي فقط بل على قطاع السياحة العلاجية، مشيرا إلى أن هذه السياحة لا يستفاد منها أصحاب المصحات الخاصة فقط بل أيضا النزل والمطاعم وأصحاب الصيدليات الخاصة وتساهم في نمو الاقتصاد التونسي، واصف السوق الليبية بـ"المهمة" حيث يتوافد العديد من الليبيين إلى بلادنا للعلاج لكنهم لا يجدون الأدوية، ويمكن أن تخسر تونس أسواقا أجنبية لفائدة منافسيها، إذ قد تصبح الوجهة التونسية غير محبذة بالنسبة للمرضى الأجانب ويفضلون بالتالي وجهات أخرى، ولا يمكن، وفق قوله، الحديث عن تطوير السياحة العلاجية دون توفير الأدوية اللازمة.
وذكر أن أزمة فقدان الأدوية بدأت منذ سنة 2016، وأصبحت أكثر حدة في 2019 على أنها حاليا بصدد التعمّق أكثر.
فوضى عارمة في قطاع المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية والمواد شبه الصيدلية
أما عن القانون الأساسي المنظم لمهنة أصحاب الصيادلة الخاصة، فيقول عميرة أنه لم يعد ملائما للعمل، بسبب أنه لم يقع تنقيحه منذ سنة 1973، وأن هناك قطاعات في حاجة أكيدة وملحة للمراجعة وضبطها خاصة بعد تطور الطلب عليها، وتحولت القطاعات المذكورة إلى "فوضى عارمة"، وهي المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية والمواد شبه الصيدلية .
وفيما يتعلّق بالرقمنة فقد شدّد عميرة على أنها هامة وضرورية لتنظيم العمل وتعاضد مجهودات الحوكمة، ومن شأنها حل إشكال فقدان الأدوية جزئيا.