إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. تاجر المال..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  في صغري كنت أعتقد أن المال شيء مهم في الحياة، الآن وقد كبرت، أعلم يقينا أنه الأهم وكلّ شيء فيها.

  أنا دارس وخريج رياضيات لأنني أحب هذه المادة، لاكتشف اليوم إن حبّي أكبر لعدّ النقود وجمعها!!.

  حتى وإن غاب المال ولم نر منه سعادة فانه على الأقل يسمح لنا أن نعيش تعاستنا برفاهية.

   يخلق المال انفصالا واضحا بين الفعل الاقتصادي للإنسان وذاته، بينما يدعوه  ضميره  إلى الانسحاب والتعفّف تدفعه الرغبة  إلى علاقة أكثر ترسيخا وحميمية.

   باختصار، توفق العلاقة بالمال بين تأثيرين: من ناحية، فهو وسيلة للعلاقة والتفاهم بين الرجال من خلال طابعه الموحد وقوته في الاتحاد حول المصالح المشتركة، ومن ناحية أخرى، فإنه يسمح بواحد من أكبر الحريات والتفرد لهؤلاء الناس أنفسهم.

بالمال في جيوبنا نحن أحرار، فعندما تمتلك المال تفتح أمامنا كل الأبواب.

 ليست البنوك والمؤسسات المصرفية في حقيقة الأمر إلا تجار مال، تبيعه وتشتريه.

 نظرا لان اقتصاد المال، يفقد البعد النوعي للأشياء تركيزه النفسي، والتقييم المطلوب باستمرار وفقا للقيمة النقدية، مما يجعل الأخير يمر باعتباره العنصر الوحيد الصالح، نحن نعيش أكثر فأكثر بسرعة ونترك جانبا المعنى المحدد، الذي لا يمكن وصفه من الناحية الاقتصادية للأشياء .

    في مخيالنا العام، الأثرياء أكثر وأشدّ بخلا من الفقراء، هذا طبيعي ونفساني لانّ الثراء يتطلب المخاطرة والتفاؤل، وإن بقاء  المرء غنيا حافظا لثروته وماله،  يتطلب التقشف، والخوف، ومعرفة أن جزءًا من النجاح يرجع إلى الحظ، وأنه لا يمكن تكراره! .

 هنالك هذه الفترة، حملة شيطنة على البنوك، إحدى الجمعيات وهي "ألرت" (Alert) حولتها إلى أم المعارك بالنسبة إليها وبالنسبة لكل المواطنين ضحايا جشع وتسلّط البنوك.

بالفعل عانى ولا يزال يعاني ملايين المواطنين من سطوة هذه المؤسسات المالية  وأنانيتها المفرطة، باعتبار أن لا همّ لها إلا  مزيد سلب أموال المواطن، مقابل "خدمات" لا يفقه منها شيئا  بشتى الطرق والوسائل والأساليب.

  الحيل المصرفية والخزعبلات البنكية متنوعة وخطيرة. والعلاجات، للأسف، شبه معدومة. وحتى إن صدرت القرارات ومناشير وتعليمات البنك المركزي فهي لا تطبق.

  بالتالي يبقى  على المرء أن يكون حذرا جدا في مواجهة هذه العروض التجارية القوية التي تقدمها بعض مؤسساتنا البنكية.

 لنأخذ مثلا منظومة الفوائض فهي مركبة بشكل معقّد وغامض، وهو أمر غير بديهي بالنسبة لأدمغتنا، التي لا تستوعب الأشياء إلا بطريقة خطية.

   إن نجاح  المرء المالي في هذه الحياة لا يعتمد بالضرورة على معرفته ، يعتمد أساسا  على موقفه. ومع ذلك، فإن الحال ليس شيئًا يمكن تعلمه بسهولة، حتى عندما يكون المرء ذكيًا جدًا.

  في أغلب الأحيان، يتم تدريس التمويل باعتباره تخصصًا رياضيًا حيث يكفي إدخال البيانات وتطبيق الصيغ لمعرفة ما يجب القيام به من حيث الاستثمار أو التمويل الشخصي أو الاستراتيجيات الاقتصادية. ومع ذلك، في الحياة الواقعية، لا نتخذ قراراتنا المالية أمام جدول بيانات. نأخذها إلى مائدة العشاء العائلية أو في غرفة النوم أو حتى في قاعة الاجتماعات، الأماكن التي يتشابك فيها تاريخنا الشخصي، ووجهة نظرنا للعالم الذي نعيش والتي تخصنا فقط، وغرورنا، وفخرنا، واعتبارات العمل ورغباتنا.

  لهذا يبقى الشيء الوحيد الذي يتعذر كسبه عن طريق المال هو العقل، لانّ الإنسان صانع الثروة، في حين لم تصنع الثروة إنسانا قط.

حكاياتهم  ..  تاجر المال..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  في صغري كنت أعتقد أن المال شيء مهم في الحياة، الآن وقد كبرت، أعلم يقينا أنه الأهم وكلّ شيء فيها.

  أنا دارس وخريج رياضيات لأنني أحب هذه المادة، لاكتشف اليوم إن حبّي أكبر لعدّ النقود وجمعها!!.

  حتى وإن غاب المال ولم نر منه سعادة فانه على الأقل يسمح لنا أن نعيش تعاستنا برفاهية.

   يخلق المال انفصالا واضحا بين الفعل الاقتصادي للإنسان وذاته، بينما يدعوه  ضميره  إلى الانسحاب والتعفّف تدفعه الرغبة  إلى علاقة أكثر ترسيخا وحميمية.

   باختصار، توفق العلاقة بالمال بين تأثيرين: من ناحية، فهو وسيلة للعلاقة والتفاهم بين الرجال من خلال طابعه الموحد وقوته في الاتحاد حول المصالح المشتركة، ومن ناحية أخرى، فإنه يسمح بواحد من أكبر الحريات والتفرد لهؤلاء الناس أنفسهم.

بالمال في جيوبنا نحن أحرار، فعندما تمتلك المال تفتح أمامنا كل الأبواب.

 ليست البنوك والمؤسسات المصرفية في حقيقة الأمر إلا تجار مال، تبيعه وتشتريه.

 نظرا لان اقتصاد المال، يفقد البعد النوعي للأشياء تركيزه النفسي، والتقييم المطلوب باستمرار وفقا للقيمة النقدية، مما يجعل الأخير يمر باعتباره العنصر الوحيد الصالح، نحن نعيش أكثر فأكثر بسرعة ونترك جانبا المعنى المحدد، الذي لا يمكن وصفه من الناحية الاقتصادية للأشياء .

    في مخيالنا العام، الأثرياء أكثر وأشدّ بخلا من الفقراء، هذا طبيعي ونفساني لانّ الثراء يتطلب المخاطرة والتفاؤل، وإن بقاء  المرء غنيا حافظا لثروته وماله،  يتطلب التقشف، والخوف، ومعرفة أن جزءًا من النجاح يرجع إلى الحظ، وأنه لا يمكن تكراره! .

 هنالك هذه الفترة، حملة شيطنة على البنوك، إحدى الجمعيات وهي "ألرت" (Alert) حولتها إلى أم المعارك بالنسبة إليها وبالنسبة لكل المواطنين ضحايا جشع وتسلّط البنوك.

بالفعل عانى ولا يزال يعاني ملايين المواطنين من سطوة هذه المؤسسات المالية  وأنانيتها المفرطة، باعتبار أن لا همّ لها إلا  مزيد سلب أموال المواطن، مقابل "خدمات" لا يفقه منها شيئا  بشتى الطرق والوسائل والأساليب.

  الحيل المصرفية والخزعبلات البنكية متنوعة وخطيرة. والعلاجات، للأسف، شبه معدومة. وحتى إن صدرت القرارات ومناشير وتعليمات البنك المركزي فهي لا تطبق.

  بالتالي يبقى  على المرء أن يكون حذرا جدا في مواجهة هذه العروض التجارية القوية التي تقدمها بعض مؤسساتنا البنكية.

 لنأخذ مثلا منظومة الفوائض فهي مركبة بشكل معقّد وغامض، وهو أمر غير بديهي بالنسبة لأدمغتنا، التي لا تستوعب الأشياء إلا بطريقة خطية.

   إن نجاح  المرء المالي في هذه الحياة لا يعتمد بالضرورة على معرفته ، يعتمد أساسا  على موقفه. ومع ذلك، فإن الحال ليس شيئًا يمكن تعلمه بسهولة، حتى عندما يكون المرء ذكيًا جدًا.

  في أغلب الأحيان، يتم تدريس التمويل باعتباره تخصصًا رياضيًا حيث يكفي إدخال البيانات وتطبيق الصيغ لمعرفة ما يجب القيام به من حيث الاستثمار أو التمويل الشخصي أو الاستراتيجيات الاقتصادية. ومع ذلك، في الحياة الواقعية، لا نتخذ قراراتنا المالية أمام جدول بيانات. نأخذها إلى مائدة العشاء العائلية أو في غرفة النوم أو حتى في قاعة الاجتماعات، الأماكن التي يتشابك فيها تاريخنا الشخصي، ووجهة نظرنا للعالم الذي نعيش والتي تخصنا فقط، وغرورنا، وفخرنا، واعتبارات العمل ورغباتنا.

  لهذا يبقى الشيء الوحيد الذي يتعذر كسبه عن طريق المال هو العقل، لانّ الإنسان صانع الثروة، في حين لم تصنع الثروة إنسانا قط.