إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم الضغوط الأوروبية.. سعيد يضع حدودا لأي اتفاق محتمل بين تونس وأوروبا يتعلق بالهجرة غير النظامية

 

أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية ترفض أي اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي قوامه مقايضة وضع البلاد الصعب بحزمة من "المقترحات المذلة والمهينة"

تونس- الصباح

مع اقتراب نهاية جوان الجاري الموعد الذي حدده الاتحاد الأوروبي للحسم في مشروع اتفاق محتمل مع تونس تتعلق بخطط جديدة لمكافحة الهجرة غير النظامية مقابل وعود بحزمة مساعدات مالية واقتصادية، وضع رئيس الجمهورية قيس سعيد أمام الأوروبيين خطوطا حمراء لا يجب تجاوزها أو أن التنازل عنها وتتعلق بأمرين الأول بعدم استعداد تونس أن تكون حرس حدود للأوروبيين، والثاني رفضها أن تكون تونس مكانا لتوطين المهاجرين بطريقة قانونية سواء المرحلين من أوروبا أو الوافدين عليها من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وفيما جدد سعيد خلال لقائه أول أمس وزري خارجية ألمانيا وفرنسا شروط تونس لأي مشروع اتفاق أو مذكرة تفاهم تم الشروع في إعدادها مباشرة بعد زيارة الوفد الأوروبي لتونس قبل أسبوع بقيادة رئيسة المفوضة الأوروبية، وحضور رئيس حكومة هولاندا، ورئيسة حكومة ايطاليا.. عبرت أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية، عن رفضها أي اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي قوامه مقايضة وضع البلاد الاقتصادي والاجتماعي الصعب بحزمة من "المقترحات المذلة والمهينة" مقابل ترحيل اللاجئين من جنوب الصحراء بأوروبا لتوطينهم بـ"محتشدات" على أرض تونس وإرجاع التونسيين الذين دخلوا أوروبا عن طريق الهجرة غير النظامية.

وعبرت الأطراف الموقعة في بيان مشترك صدر أمس، ومنها ائتلاف "صمود" والحزب الاشتراكي و"آفاق تونس" و"المسار"، عن مخاوفها من إبرام "صفقة" قد تجعل تونس أرضا لاستقبال المرحلين من أوروبا من المهاجرين غير النظاميين، لاسيما في ظل مصادقة البرلمان الأوروبي على "إحداث بلد جنوب المتوسط واعتباره آمنا لتوطين المهاجرين غير النظاميين" وما تلاه من زيارات متواترة لوفود من الاتحاد الأوروبي لتونس والإعلان عن استعدادهم لإبرام اتفاق محتمل في نهاية شهر جوان 2023 مع السلطة التونسية.

فيما اعتبر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد في بيان منفصل أن « قبول مشروع الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يعد ضربا لشعارات تحقيق السيادة الوطنية ومواصلة لنفس الأجندة التي دأبت على تنفيذها الحكومات السابقة، وإتباعا لنفس المنوال التنموي مع بعض التزويق الديماغوجي".

وحذر الحزب في بيان له أصدره أول أمس من خطورة مشروع الاتفاق الذي "ينص على تنفيذ حزمة من الإجراءات تتعلق بالمساعدة المالية والاستثمار في الطاقات المتجددة والقطاع الرقمي ومقاومة الهجرة غير النظامية والتعاون الأكاديمي، في حين أن جوهره هو حراسة الحدود الجنوبية لأروبا وإعادة توطين المهاجرين ببلادنا ».

وأشار إلى أن « هذه النوايا أكدتها زيارة وزيري داخلية ألمانيا وفرنسا إلى تونس، بعد زيارة رسمية لرئيسة المفوضية الأوروبية مرفوقة برئيسة الحكومة الإيطالية والوزير الأول الهولندي إلى بلادنا، في سياق أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة وانخفاض رصيد البلاد من العملة وتخفيض الترقيم السيادي وتسارع وتيرة الهجرة غير النظامية وسعي الاتحاد الأوروبي إلى دعم موقعه في المنطقة أمام تصاعد التنافس الجيواستراتيجي في العالم ».

ومهما يكن من أمر، فإن تكرار الرئيس سعيد لهذين الشرطين في خطاباته السياسية والإعلامية وفي كل لقاء رسمي مع وفود أوروبية، يحمل في الواقع رسائل موجهة للداخل والخارج.

في الداخل، في محاولة لطمأنة الرأي العام الوطني والتونسيين ونشطاء المجتمع المدني، وردا على تشكيك المعارضة السياسية في قدرة السلطات التونسية على مقاومة "الضغوطات" الأوروبية ومغرياتها الاقتصادية خاصة أن البعض يعتبرها هزيلة بالنظر إلى حجم ملف الهجرة غير النظامية وخطورة تداعياتها على أوروبا قبل تونس..

ورسائل خارجية موجهة أساسا للاتحاد الأوروبي في مسعى ربما لتحميله مسؤولية تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية، ولتحسين شروط التفاوض بخصوص كيفية معالجتها، وعدم استعداد تونس الاكتفاء بالمقاربة الأمنية الأوروبية في تعاطيها مع الظاهرة، ورفضا قطعيا وصريحا لأي اتفاق يتضمن تنازلات خطيرة ومهنية مثل القبول بأن تكون تونس مركزا لإعادة فرز وترحيل وتوطين المهاجرين غير النظاميين..

وكان الرئيس سعيد، قد أكد خلال لقائه وزيري الداخلية الألماني والفرنسي، على أن تونس لن تقبل أبدا بأن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى كما لن تقبل بتوطين المهاجرين في ترابها. كما جدّد موقفه بضرورة اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، ودعا إلى تكاتف الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية.

ويعتبر هذا الموقف ردا غير مباشر حول بعض المقترحات التي تناقشها دوائر أوروبية بإعادة توطين المهاجرين الأفارقة في أراضي الدول التي ينطلقون منها، وأقربها تونس التي ينطلق من سواحلها الآلاف بحراً باتجاه إيطاليا ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

من الواضح أن زيارة وزيري داخلية فرنسا وألمانيا طغى عليها الهاجس الأمني في تعاطيهما مع ملف الهجرة غير النظامية، إذ كرر الوزيران أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به تونس لصد المهاجرين ومنع عمليات الهجرة نحو  السواحل الإيطالية، وناقشا دعم عمليات الترحيل القسري لمهاجرين نحو تونس، علما أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عرض على دعماً مالياً بنحو 26 مليون يورو لمساعدة السلطات التونسية في وقف قوارب المهاجرين..

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد التقى في الفترة الماضية مسؤولين أوروبيين سامين آخرهم وزيري داخلية فرنسا وألمانيا لبحث ملف الهجرة غير النظامية وأكد أمامهما على أن تونس "لن تقبل أبدا بأن تكون حارسة لحدود أية دولة أخرى كما لن تقبل بتوطين المهاجرين في ترابها". ودعا إلى اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، وإلى "تكاتف الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية".

رفيق بن عبد الله

 رغم الضغوط الأوروبية..  سعيد يضع حدودا لأي اتفاق محتمل بين تونس وأوروبا يتعلق بالهجرة غير النظامية

 

أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية ترفض أي اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي قوامه مقايضة وضع البلاد الصعب بحزمة من "المقترحات المذلة والمهينة"

تونس- الصباح

مع اقتراب نهاية جوان الجاري الموعد الذي حدده الاتحاد الأوروبي للحسم في مشروع اتفاق محتمل مع تونس تتعلق بخطط جديدة لمكافحة الهجرة غير النظامية مقابل وعود بحزمة مساعدات مالية واقتصادية، وضع رئيس الجمهورية قيس سعيد أمام الأوروبيين خطوطا حمراء لا يجب تجاوزها أو أن التنازل عنها وتتعلق بأمرين الأول بعدم استعداد تونس أن تكون حرس حدود للأوروبيين، والثاني رفضها أن تكون تونس مكانا لتوطين المهاجرين بطريقة قانونية سواء المرحلين من أوروبا أو الوافدين عليها من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وفيما جدد سعيد خلال لقائه أول أمس وزري خارجية ألمانيا وفرنسا شروط تونس لأي مشروع اتفاق أو مذكرة تفاهم تم الشروع في إعدادها مباشرة بعد زيارة الوفد الأوروبي لتونس قبل أسبوع بقيادة رئيسة المفوضة الأوروبية، وحضور رئيس حكومة هولاندا، ورئيسة حكومة ايطاليا.. عبرت أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية، عن رفضها أي اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي قوامه مقايضة وضع البلاد الاقتصادي والاجتماعي الصعب بحزمة من "المقترحات المذلة والمهينة" مقابل ترحيل اللاجئين من جنوب الصحراء بأوروبا لتوطينهم بـ"محتشدات" على أرض تونس وإرجاع التونسيين الذين دخلوا أوروبا عن طريق الهجرة غير النظامية.

وعبرت الأطراف الموقعة في بيان مشترك صدر أمس، ومنها ائتلاف "صمود" والحزب الاشتراكي و"آفاق تونس" و"المسار"، عن مخاوفها من إبرام "صفقة" قد تجعل تونس أرضا لاستقبال المرحلين من أوروبا من المهاجرين غير النظاميين، لاسيما في ظل مصادقة البرلمان الأوروبي على "إحداث بلد جنوب المتوسط واعتباره آمنا لتوطين المهاجرين غير النظاميين" وما تلاه من زيارات متواترة لوفود من الاتحاد الأوروبي لتونس والإعلان عن استعدادهم لإبرام اتفاق محتمل في نهاية شهر جوان 2023 مع السلطة التونسية.

فيما اعتبر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد في بيان منفصل أن « قبول مشروع الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يعد ضربا لشعارات تحقيق السيادة الوطنية ومواصلة لنفس الأجندة التي دأبت على تنفيذها الحكومات السابقة، وإتباعا لنفس المنوال التنموي مع بعض التزويق الديماغوجي".

وحذر الحزب في بيان له أصدره أول أمس من خطورة مشروع الاتفاق الذي "ينص على تنفيذ حزمة من الإجراءات تتعلق بالمساعدة المالية والاستثمار في الطاقات المتجددة والقطاع الرقمي ومقاومة الهجرة غير النظامية والتعاون الأكاديمي، في حين أن جوهره هو حراسة الحدود الجنوبية لأروبا وإعادة توطين المهاجرين ببلادنا ».

وأشار إلى أن « هذه النوايا أكدتها زيارة وزيري داخلية ألمانيا وفرنسا إلى تونس، بعد زيارة رسمية لرئيسة المفوضية الأوروبية مرفوقة برئيسة الحكومة الإيطالية والوزير الأول الهولندي إلى بلادنا، في سياق أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة وانخفاض رصيد البلاد من العملة وتخفيض الترقيم السيادي وتسارع وتيرة الهجرة غير النظامية وسعي الاتحاد الأوروبي إلى دعم موقعه في المنطقة أمام تصاعد التنافس الجيواستراتيجي في العالم ».

ومهما يكن من أمر، فإن تكرار الرئيس سعيد لهذين الشرطين في خطاباته السياسية والإعلامية وفي كل لقاء رسمي مع وفود أوروبية، يحمل في الواقع رسائل موجهة للداخل والخارج.

في الداخل، في محاولة لطمأنة الرأي العام الوطني والتونسيين ونشطاء المجتمع المدني، وردا على تشكيك المعارضة السياسية في قدرة السلطات التونسية على مقاومة "الضغوطات" الأوروبية ومغرياتها الاقتصادية خاصة أن البعض يعتبرها هزيلة بالنظر إلى حجم ملف الهجرة غير النظامية وخطورة تداعياتها على أوروبا قبل تونس..

ورسائل خارجية موجهة أساسا للاتحاد الأوروبي في مسعى ربما لتحميله مسؤولية تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية، ولتحسين شروط التفاوض بخصوص كيفية معالجتها، وعدم استعداد تونس الاكتفاء بالمقاربة الأمنية الأوروبية في تعاطيها مع الظاهرة، ورفضا قطعيا وصريحا لأي اتفاق يتضمن تنازلات خطيرة ومهنية مثل القبول بأن تكون تونس مركزا لإعادة فرز وترحيل وتوطين المهاجرين غير النظاميين..

وكان الرئيس سعيد، قد أكد خلال لقائه وزيري الداخلية الألماني والفرنسي، على أن تونس لن تقبل أبدا بأن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى كما لن تقبل بتوطين المهاجرين في ترابها. كما جدّد موقفه بضرورة اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، ودعا إلى تكاتف الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية.

ويعتبر هذا الموقف ردا غير مباشر حول بعض المقترحات التي تناقشها دوائر أوروبية بإعادة توطين المهاجرين الأفارقة في أراضي الدول التي ينطلقون منها، وأقربها تونس التي ينطلق من سواحلها الآلاف بحراً باتجاه إيطاليا ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

من الواضح أن زيارة وزيري داخلية فرنسا وألمانيا طغى عليها الهاجس الأمني في تعاطيهما مع ملف الهجرة غير النظامية، إذ كرر الوزيران أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به تونس لصد المهاجرين ومنع عمليات الهجرة نحو  السواحل الإيطالية، وناقشا دعم عمليات الترحيل القسري لمهاجرين نحو تونس، علما أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عرض على دعماً مالياً بنحو 26 مليون يورو لمساعدة السلطات التونسية في وقف قوارب المهاجرين..

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد التقى في الفترة الماضية مسؤولين أوروبيين سامين آخرهم وزيري داخلية فرنسا وألمانيا لبحث ملف الهجرة غير النظامية وأكد أمامهما على أن تونس "لن تقبل أبدا بأن تكون حارسة لحدود أية دولة أخرى كما لن تقبل بتوطين المهاجرين في ترابها". ودعا إلى اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، وإلى "تكاتف الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية".

رفيق بن عبد الله