إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أهدافها.. جديدها وتداعياتها.. "الصباح" تكشف محتوى مشروع مجلة البيئة..

 

تونس الصباح

 احتفلت تونس أمس على غرار بقية دول العالم باليوم العالمي للبيئة، في وقت يتفق فيه عدد من النشطاء في المجال البيئي، أن حجم الانتهاكات المسجلة، والإهمال البيئي في أكثر من منطقة وجهة بالبلاد هو في الأصل يرتقي في أغلبه إلى مستوى الجرائم البيئية، في نفس الوقت تواجه الحكومات المتعاقبة نقدا ولوما في علاقة بطريقة التعاطي الحكومي مع الوضع البيئي.

ويعتبر عدد من المدافعين عن الحقوق البيئية أن السياسات المغلوطة ولامبالاة الطرف الرسمي بصدد التسبب في خسائر مادية تهدد حياة البشر ومختلف الكائنات الحية الأخرى وتصل حد قتلها.

ويشمل التردي البيئي حسب تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أغلب ولايات الجمهورية، وتكون تداعياته ثلاثية الأبعاد، ففقدان التنوع البيولوجي هو نتيجة انتشار ظاهرة الصيد العشوائي لأصناف حيوانية برية وبحرية مهددة بالانقراض، وانتشار الحرائق المفتعلة بالغابات دون اعتبار للقيمة البيولوجية التي تمثلها هذه الثروة، واضطراب المناخ بسبب التغيرات المناخية وتأثيرها على الموارد الطبيعية في بلادنا وأهمها الماء، وكذلك تصاعد التلوث على خلفية تزايد مظاهر الاعتداء على المحيط  عبر إلقاء النفايات المضرة بطريقة عشوائية، وانتشار المصبات غير المراقبة وتلويث المنشآت الصناعية للثروة البحرية عبر السكب الصناعي ما يمس جانبين أساسيين وهما الصحة والبيئة.

وينتقد خير الدين دبية عن حركة "ستوب بولوشن"، طريقة تفاعل الحكومة البطيئة مع الملفات البيئية، ويرى أن حجم الخطر يرتفع ويتزايد من سنة إلى أخرى، ويشير دبية إلى أنه ورغم ما أطلقته الحركات البيئية من تنبيه ونداءات ولفت نظر إلى حجم الخطر والكوارث المؤجلة، مازالت الحكومة الحالية تلتزم الصمت بل أكثر من ذلك اتجهت في مختلف الملفات البيئية التي تم التوصل في شانها إلى اتفاقات وحلول ولو جزئية، إلى تغيير أو إهمال ما وقع إقراره واتخاذ مسارات جديدة، في خطوة عدوانية تجاه الناس ضحايا الكوارث البيئية المسجلة.

 ومن ضمن الملفات ذكر خير الدين دبية، مشكلة خليج قابس والتلوث الصناعي في المنطقة ومشكلة النفايات في عقارب ومعضلة الماء والتلوث الصناعي في معتمديات الحوض المنجمي..

نقد ولوم وعدم رضا

 ويبدو أن وزيرة البيئة الحالية اختارت أن تتفاعل معها تشريعيا، فقد علمت "الصباح" أن وزارة البيئة ومنذ أكثر من سنة قد انطلقت في إعداد مجلة للبيئة ستكون بمثابة الأولى من نوعها في التشريع التونسي.

وفي علاقة بمحتوى مشروع مجلة البيئة والجديد الذي ستأتي به، أفادت عفاف همامي مراكشي عضو شبكة تونس الخضراء وأستاذة القانون البيئي في الجامعة التونسية، وعضوة لجنة صياغة مجلة البيئة أن العمل على إعداد مجلة للبيئة قد انطلق منذ شهر افريل 2022، وكان في شكل مراجعة لمشروع مجلة قديم تم إعداده منذ 2013 وبقي رهين الرفوف والأدراج المغلقة.

وأشارت إلى أنه وعلى ضوء المستجدات البيئية الدولية والوطنية، تم الانطلاق في العمل على مسودات للمجلة بإشراف من لجنة قيادة بتمثيلية عن مختلف الوزارات ذات العلاقة والهياكل المختصة في المسالة البيئية، مثل بنك الجينات ووكالة حماية المحيط ووكالة الشريط الساحلي..

وكشفت عفاف همامي مراكشي في تصريح خصت به "الصباح" انه تم رسميا تقديم آخر نسخة من قبل وزير البيئة إلى الحكومة يوم 24 ماي الماضي، أي منذ نحو الأسبوع، بعد أخذ الاستشارات اللازمة في شأنها وعرضها على مجلس وزاري للمصادقة عليها، وسيتم إيداعها كمقترح مشروع مجلة للبيئة من طرف الحكومة أمام مجلس نواب الشعب من أجل المصادقة عليها.

ونصصت أستاذ القانون وعضو شبكة تونس الخضراء أن المجلة، كانت بالأساس نتاج عمل ونضالات طويلة لنشطاء ومنظمات مجتمع مدني، وأن مرحلة الصياغة تم فيها الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والمقترحات التي تم وضعها على منصة وزارة البيئة المخصصة للغرض، وحتى بعد عرضها على مجلس نواب الشعب سيواصل المجتمع المدني العمل ومتابعة نص المجلة وتقديم كل انتقاداته.

أما بخصوص الجديد الذي أتى به مشروع مجلة البيئة فقالت عفاف همامي مراكشي، إنها كمجلة تعتبر أمرا جديدا في مجال البيئة والقانون البيئي، ولم يسبق أن اتخذ هذا الشكل في التدوين، فكان في غالبيته قانونا مشتتا لا يخدم لا صالح البيئة ولا المواطن ولا القاضي.

وبالتالي وحسب الهمامي مراكشي، الهدف الأول للمجلة كان تجميع النصوص والقواعد التي لها علاقة بالبيئة وتيسير الولوج للمعلومة القانونية البيئية من قبل مختلف المتدخلين.

أما في جانب ثاني فكان تحقيق نوع من التناسق والملاءمة بين مختلف القوانين والفصول في المجال البيئي، وتفادي مختلف الثغرات والهنات والتناقضات المتأتية من مراكمة الفصول والقوانين.

وفي مرحلة أخرى تم العمل حسب عضو شبكة تونس الخضراء، على ملاءمة مشروع المجلة لكل الالتزامات الدولية من ناحية، والتغيرات المناخية وكذلك الحد من مخاطر الكوارث والتلوث والتنوع البيولوجي. ومن ناحية أخرى فقد أتت المجلة ملاءمة لتطور القوانين والتشريعات الوطنية، خاصة أن فصول الدستور الجديد تنص على الحق في الماء والبيئة سليمة والحق في الصحة..

كما لم تهمل المجلة مسالة الصمت القانوني والثغرات والفراغات التشريعية التي تم الوقوف عليها في أكثر من قضية بيئية، ولذلك حاولت أن تتدارك هذه النقائص، فتم في مشروع مجلة البيئة، التنصيص على عنوان خاص بالمناخ، حيث لم يكن لدينا في القانون التونسي نصا خاصا بالتلوث أو خاصا بالموارد الكيميائية.

كما أقرت عضو لجنة إعداد مشروع مجلة البيئة انه تم وضع عنوان خاص بالتلوث البحري، وورد في المجلة مصطلحات جديدة لم يتم اعتمادها من قبل في ما هو بيئي، على غرار النخيل (كانت تستعمل الواحة) والجبال والمشاهد الطبيعية..

وأضافت أن المجلة قد أفردت مسالة الحوكمة البيئية بعنوان خاص بها لتحدد من يقوم بماذا ومتى؟ وحددت مهام كل هيكل على حدة وأهدافه ومبادئه وآليات التدخل القبلي والتدخل البعدي وآليات الرقابة الخاصة به.

وفي سابقة أقرت المجلة أيضا توحيد الرقابة التي كانت مشتتة ووضعت خطة رقابة بيئية اعتمدت فيها مبدأ الرقمنة، كما ضبطت العقوبات حسب حجم الجرم، وتنوعت العقوبات بين إدارية وجزائية سالبة للحرية، وشملت المسؤوليات المعنوية والطبيعية والإدارية، كما اعترفت المجلة لأول مرة بالضرر البيئي الصرف.

ريم سوودي

  أهدافها.. جديدها وتداعياتها..    "الصباح" تكشف محتوى مشروع مجلة البيئة..

 

تونس الصباح

 احتفلت تونس أمس على غرار بقية دول العالم باليوم العالمي للبيئة، في وقت يتفق فيه عدد من النشطاء في المجال البيئي، أن حجم الانتهاكات المسجلة، والإهمال البيئي في أكثر من منطقة وجهة بالبلاد هو في الأصل يرتقي في أغلبه إلى مستوى الجرائم البيئية، في نفس الوقت تواجه الحكومات المتعاقبة نقدا ولوما في علاقة بطريقة التعاطي الحكومي مع الوضع البيئي.

ويعتبر عدد من المدافعين عن الحقوق البيئية أن السياسات المغلوطة ولامبالاة الطرف الرسمي بصدد التسبب في خسائر مادية تهدد حياة البشر ومختلف الكائنات الحية الأخرى وتصل حد قتلها.

ويشمل التردي البيئي حسب تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أغلب ولايات الجمهورية، وتكون تداعياته ثلاثية الأبعاد، ففقدان التنوع البيولوجي هو نتيجة انتشار ظاهرة الصيد العشوائي لأصناف حيوانية برية وبحرية مهددة بالانقراض، وانتشار الحرائق المفتعلة بالغابات دون اعتبار للقيمة البيولوجية التي تمثلها هذه الثروة، واضطراب المناخ بسبب التغيرات المناخية وتأثيرها على الموارد الطبيعية في بلادنا وأهمها الماء، وكذلك تصاعد التلوث على خلفية تزايد مظاهر الاعتداء على المحيط  عبر إلقاء النفايات المضرة بطريقة عشوائية، وانتشار المصبات غير المراقبة وتلويث المنشآت الصناعية للثروة البحرية عبر السكب الصناعي ما يمس جانبين أساسيين وهما الصحة والبيئة.

وينتقد خير الدين دبية عن حركة "ستوب بولوشن"، طريقة تفاعل الحكومة البطيئة مع الملفات البيئية، ويرى أن حجم الخطر يرتفع ويتزايد من سنة إلى أخرى، ويشير دبية إلى أنه ورغم ما أطلقته الحركات البيئية من تنبيه ونداءات ولفت نظر إلى حجم الخطر والكوارث المؤجلة، مازالت الحكومة الحالية تلتزم الصمت بل أكثر من ذلك اتجهت في مختلف الملفات البيئية التي تم التوصل في شانها إلى اتفاقات وحلول ولو جزئية، إلى تغيير أو إهمال ما وقع إقراره واتخاذ مسارات جديدة، في خطوة عدوانية تجاه الناس ضحايا الكوارث البيئية المسجلة.

 ومن ضمن الملفات ذكر خير الدين دبية، مشكلة خليج قابس والتلوث الصناعي في المنطقة ومشكلة النفايات في عقارب ومعضلة الماء والتلوث الصناعي في معتمديات الحوض المنجمي..

نقد ولوم وعدم رضا

 ويبدو أن وزيرة البيئة الحالية اختارت أن تتفاعل معها تشريعيا، فقد علمت "الصباح" أن وزارة البيئة ومنذ أكثر من سنة قد انطلقت في إعداد مجلة للبيئة ستكون بمثابة الأولى من نوعها في التشريع التونسي.

وفي علاقة بمحتوى مشروع مجلة البيئة والجديد الذي ستأتي به، أفادت عفاف همامي مراكشي عضو شبكة تونس الخضراء وأستاذة القانون البيئي في الجامعة التونسية، وعضوة لجنة صياغة مجلة البيئة أن العمل على إعداد مجلة للبيئة قد انطلق منذ شهر افريل 2022، وكان في شكل مراجعة لمشروع مجلة قديم تم إعداده منذ 2013 وبقي رهين الرفوف والأدراج المغلقة.

وأشارت إلى أنه وعلى ضوء المستجدات البيئية الدولية والوطنية، تم الانطلاق في العمل على مسودات للمجلة بإشراف من لجنة قيادة بتمثيلية عن مختلف الوزارات ذات العلاقة والهياكل المختصة في المسالة البيئية، مثل بنك الجينات ووكالة حماية المحيط ووكالة الشريط الساحلي..

وكشفت عفاف همامي مراكشي في تصريح خصت به "الصباح" انه تم رسميا تقديم آخر نسخة من قبل وزير البيئة إلى الحكومة يوم 24 ماي الماضي، أي منذ نحو الأسبوع، بعد أخذ الاستشارات اللازمة في شأنها وعرضها على مجلس وزاري للمصادقة عليها، وسيتم إيداعها كمقترح مشروع مجلة للبيئة من طرف الحكومة أمام مجلس نواب الشعب من أجل المصادقة عليها.

ونصصت أستاذ القانون وعضو شبكة تونس الخضراء أن المجلة، كانت بالأساس نتاج عمل ونضالات طويلة لنشطاء ومنظمات مجتمع مدني، وأن مرحلة الصياغة تم فيها الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والمقترحات التي تم وضعها على منصة وزارة البيئة المخصصة للغرض، وحتى بعد عرضها على مجلس نواب الشعب سيواصل المجتمع المدني العمل ومتابعة نص المجلة وتقديم كل انتقاداته.

أما بخصوص الجديد الذي أتى به مشروع مجلة البيئة فقالت عفاف همامي مراكشي، إنها كمجلة تعتبر أمرا جديدا في مجال البيئة والقانون البيئي، ولم يسبق أن اتخذ هذا الشكل في التدوين، فكان في غالبيته قانونا مشتتا لا يخدم لا صالح البيئة ولا المواطن ولا القاضي.

وبالتالي وحسب الهمامي مراكشي، الهدف الأول للمجلة كان تجميع النصوص والقواعد التي لها علاقة بالبيئة وتيسير الولوج للمعلومة القانونية البيئية من قبل مختلف المتدخلين.

أما في جانب ثاني فكان تحقيق نوع من التناسق والملاءمة بين مختلف القوانين والفصول في المجال البيئي، وتفادي مختلف الثغرات والهنات والتناقضات المتأتية من مراكمة الفصول والقوانين.

وفي مرحلة أخرى تم العمل حسب عضو شبكة تونس الخضراء، على ملاءمة مشروع المجلة لكل الالتزامات الدولية من ناحية، والتغيرات المناخية وكذلك الحد من مخاطر الكوارث والتلوث والتنوع البيولوجي. ومن ناحية أخرى فقد أتت المجلة ملاءمة لتطور القوانين والتشريعات الوطنية، خاصة أن فصول الدستور الجديد تنص على الحق في الماء والبيئة سليمة والحق في الصحة..

كما لم تهمل المجلة مسالة الصمت القانوني والثغرات والفراغات التشريعية التي تم الوقوف عليها في أكثر من قضية بيئية، ولذلك حاولت أن تتدارك هذه النقائص، فتم في مشروع مجلة البيئة، التنصيص على عنوان خاص بالمناخ، حيث لم يكن لدينا في القانون التونسي نصا خاصا بالتلوث أو خاصا بالموارد الكيميائية.

كما أقرت عضو لجنة إعداد مشروع مجلة البيئة انه تم وضع عنوان خاص بالتلوث البحري، وورد في المجلة مصطلحات جديدة لم يتم اعتمادها من قبل في ما هو بيئي، على غرار النخيل (كانت تستعمل الواحة) والجبال والمشاهد الطبيعية..

وأضافت أن المجلة قد أفردت مسالة الحوكمة البيئية بعنوان خاص بها لتحدد من يقوم بماذا ومتى؟ وحددت مهام كل هيكل على حدة وأهدافه ومبادئه وآليات التدخل القبلي والتدخل البعدي وآليات الرقابة الخاصة به.

وفي سابقة أقرت المجلة أيضا توحيد الرقابة التي كانت مشتتة ووضعت خطة رقابة بيئية اعتمدت فيها مبدأ الرقمنة، كما ضبطت العقوبات حسب حجم الجرم، وتنوعت العقوبات بين إدارية وجزائية سالبة للحرية، وشملت المسؤوليات المعنوية والطبيعية والإدارية، كما اعترفت المجلة لأول مرة بالضرر البيئي الصرف.

ريم سوودي