لقد أتت قمة جدة في ظرف دقيق تمر به المنطقة العربية وربما تفتح صفحة جديدة في التعاون العربي على الأقل لمعالجة الشروح والكوارث التي حلت بالمنطقة حيث لاحظنا منذ الإعلان في بدء التحضير لهذه القمة من قبل المملكة العربية السعودية بروز أجواء ايجابية تلف كل كواليس التحضيرات والرغبة الجادة نحو لم الشمل العربي والعمل على تصفير الأزمات ، وصياغة رؤية عربية جماعية نستفيد من أخطاء السنوات الماضية لبلورة العمل العربي المشترك في ظل تحديات إقليمية عالمية استجدت مع الدعوة لضرورة العمل على وضع أسس جديدة للتضامن العربي بعيدة عن أسس إدارة الصراعات العربية التي سادت العلاقات البينية خلال السنوات السابقة بعد أن أدرك العرب أن النزاعات المفتوحة بينهم سوف تحصدهم جميعا وأن الحد الأدنى من التنسيق فيما بينهم يجنب كل واحد منهم العواقب الوخيمة. إذا فقمة جدة حملت أسباب نجاحها حتى قبل انعقادها بعد وضع الأسس التي تضمن تميزها، إذ تأتي القمة بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب دام 12 عاما ، والتوفق في تنظيم مباحثات سودانية في جدة، إلى جانب مصالحات تاريخية مع دول الجوار وتحديدا تركيا وإيران من شأنها أن تضع حدا للتدخلات الأجنبية في الشؤون العربية .
تدخلات القادة العرب في قمة جدة تركزت أساسا على التحديات الراهنة والمستقبلية في ظل ما يمر به العالم العربي من تحديات وصعوبات كثيرة وهو ما جعل الأمة أمام مفترق طرق يحتم عليها الوقوف صفا واحدا لتعزيز العمل العربي المشترك فبخصوص القضية الفلسطينية القضية الدائمة للأمة العربية كانت أولوية البيان الختامي للقمة الذي أكد على مركزية القضية للأمة العربية جمعاء وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين وسيادة فلسطين المطلقة على أراضيها المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية مع التمسك بمبادرة السلام العربية باعتبار الموقف العربي التوافقي الموحد وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط التي نصت على أن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي العربية والفلسطينية وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط 04/06/1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع الدعوة لضرورة استعادة حقوق الشعب الفلسطيني والحث على توجه فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة إلى جانب إدانة الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني .
لئن رحبت القمة بعودة سوريا للجامعة فإنها بذلك حددت مسارا لتمش جديد واضح مبني على انخراط عربي أكبر لإخراج سوريا من أزمتها وإيجاد حل للوضع الذي خلفته الحرب وتبعاتها وآثارها الخطيرة ومنها خاصة قضية اللاجئين التي تؤرق الأردن ولبنان مع تشديد البيان الختامي للقمة في الخصوص أن دعوة دمشق إلى الحضن العربي هي مقدمة لإنهاء الأزمة السورية وفق رؤية عربية ودور عربي أكثر فاعلية يفترض تجاوبا من الجانب السوري .
أما بخصوص الوضع في السودان أكدت القمة أن الأطراف المتقاتلة يعتقد كل منها إمكانية التوصل إلى حسم عسكري لفائدته لكن مع مضي الوقت تأكد لطرفي النزاع بصعوبة حسمه وسيكون التجاوب أكبر مع الوساطة العربية التي انطلقت من قبل المملكة السعودية لذا فستعمل الأطراف العربية تحت راية الجامعة ببذل الجهود لوقف شامل لإطلاق النار والبدء في المسار السياسي انطلاقا من قمة جدة التي ستكون نقطة البداية لإسكات البنادق في الأراضي السودانية .
أما بخصوص مسك زمام الملفات العربية فان البيان الختامي أكد على العزم و العمل على وضع الملفات الخلافية جانبا والقطع مع التعاملات السابقة التي أثبتت فشلها والتوجه نحو إعادة امتلاك القضايا و الملفات الأساسية العربية والتي كان بعضها قد خرج من الأيادي العربية لتتحكم فيه قوى أخرى وفق مصالحها الضيقة وكمثال على ذلك الأزمة السورية التي كانت محلا للتداول الإقليمي والدولي دون وجود دور عربي.
كما أن البيان الختامي للقمة لم يغفل عن الجانب الاقتصادي في ظل الوضع العالمي المتغير لذلك أكد على ضرورة عمل وتكامل عربي اقتصادي مشترك بتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية والاتحاد القمرقي واتفاقية النقل التي تعد اتفاقية إستراتيجية وهامة للتجارة البينية بين الأقطار العربية إلى جانب دفع السياحة العربية والأجندة الرقمية العربية من أجل مزيد تعزيز التكامل الاقتصادي العربي ورفع تحديات الغذاء والطاقة والمياه لا سيما في ظل تبعات الأزمة العالمية وانعكاسات الحرب الأوكرانية السلبية على المنطقة .
لقد اختتمت القمة العربية العادية في دورتها 32 وسط أجواء غلب عليها التفاؤل بحيث اعتبرت قمة الرياض بارقة أمل للعرب لترك خلافاتهم والمضي لما يفيد الشعوب العربية حاضرا ومستقبلا .
*باحث وناشط في الحقل الجمعياتي بمدينة بنزرت
بقلم : الحبيب الذوادي (*)
لقد أتت قمة جدة في ظرف دقيق تمر به المنطقة العربية وربما تفتح صفحة جديدة في التعاون العربي على الأقل لمعالجة الشروح والكوارث التي حلت بالمنطقة حيث لاحظنا منذ الإعلان في بدء التحضير لهذه القمة من قبل المملكة العربية السعودية بروز أجواء ايجابية تلف كل كواليس التحضيرات والرغبة الجادة نحو لم الشمل العربي والعمل على تصفير الأزمات ، وصياغة رؤية عربية جماعية نستفيد من أخطاء السنوات الماضية لبلورة العمل العربي المشترك في ظل تحديات إقليمية عالمية استجدت مع الدعوة لضرورة العمل على وضع أسس جديدة للتضامن العربي بعيدة عن أسس إدارة الصراعات العربية التي سادت العلاقات البينية خلال السنوات السابقة بعد أن أدرك العرب أن النزاعات المفتوحة بينهم سوف تحصدهم جميعا وأن الحد الأدنى من التنسيق فيما بينهم يجنب كل واحد منهم العواقب الوخيمة. إذا فقمة جدة حملت أسباب نجاحها حتى قبل انعقادها بعد وضع الأسس التي تضمن تميزها، إذ تأتي القمة بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب دام 12 عاما ، والتوفق في تنظيم مباحثات سودانية في جدة، إلى جانب مصالحات تاريخية مع دول الجوار وتحديدا تركيا وإيران من شأنها أن تضع حدا للتدخلات الأجنبية في الشؤون العربية .
تدخلات القادة العرب في قمة جدة تركزت أساسا على التحديات الراهنة والمستقبلية في ظل ما يمر به العالم العربي من تحديات وصعوبات كثيرة وهو ما جعل الأمة أمام مفترق طرق يحتم عليها الوقوف صفا واحدا لتعزيز العمل العربي المشترك فبخصوص القضية الفلسطينية القضية الدائمة للأمة العربية كانت أولوية البيان الختامي للقمة الذي أكد على مركزية القضية للأمة العربية جمعاء وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين وسيادة فلسطين المطلقة على أراضيها المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية مع التمسك بمبادرة السلام العربية باعتبار الموقف العربي التوافقي الموحد وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط التي نصت على أن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي العربية والفلسطينية وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط 04/06/1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع الدعوة لضرورة استعادة حقوق الشعب الفلسطيني والحث على توجه فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة إلى جانب إدانة الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني .
لئن رحبت القمة بعودة سوريا للجامعة فإنها بذلك حددت مسارا لتمش جديد واضح مبني على انخراط عربي أكبر لإخراج سوريا من أزمتها وإيجاد حل للوضع الذي خلفته الحرب وتبعاتها وآثارها الخطيرة ومنها خاصة قضية اللاجئين التي تؤرق الأردن ولبنان مع تشديد البيان الختامي للقمة في الخصوص أن دعوة دمشق إلى الحضن العربي هي مقدمة لإنهاء الأزمة السورية وفق رؤية عربية ودور عربي أكثر فاعلية يفترض تجاوبا من الجانب السوري .
أما بخصوص الوضع في السودان أكدت القمة أن الأطراف المتقاتلة يعتقد كل منها إمكانية التوصل إلى حسم عسكري لفائدته لكن مع مضي الوقت تأكد لطرفي النزاع بصعوبة حسمه وسيكون التجاوب أكبر مع الوساطة العربية التي انطلقت من قبل المملكة السعودية لذا فستعمل الأطراف العربية تحت راية الجامعة ببذل الجهود لوقف شامل لإطلاق النار والبدء في المسار السياسي انطلاقا من قمة جدة التي ستكون نقطة البداية لإسكات البنادق في الأراضي السودانية .
أما بخصوص مسك زمام الملفات العربية فان البيان الختامي أكد على العزم و العمل على وضع الملفات الخلافية جانبا والقطع مع التعاملات السابقة التي أثبتت فشلها والتوجه نحو إعادة امتلاك القضايا و الملفات الأساسية العربية والتي كان بعضها قد خرج من الأيادي العربية لتتحكم فيه قوى أخرى وفق مصالحها الضيقة وكمثال على ذلك الأزمة السورية التي كانت محلا للتداول الإقليمي والدولي دون وجود دور عربي.
كما أن البيان الختامي للقمة لم يغفل عن الجانب الاقتصادي في ظل الوضع العالمي المتغير لذلك أكد على ضرورة عمل وتكامل عربي اقتصادي مشترك بتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية والاتحاد القمرقي واتفاقية النقل التي تعد اتفاقية إستراتيجية وهامة للتجارة البينية بين الأقطار العربية إلى جانب دفع السياحة العربية والأجندة الرقمية العربية من أجل مزيد تعزيز التكامل الاقتصادي العربي ورفع تحديات الغذاء والطاقة والمياه لا سيما في ظل تبعات الأزمة العالمية وانعكاسات الحرب الأوكرانية السلبية على المنطقة .
لقد اختتمت القمة العربية العادية في دورتها 32 وسط أجواء غلب عليها التفاؤل بحيث اعتبرت قمة الرياض بارقة أمل للعرب لترك خلافاتهم والمضي لما يفيد الشعوب العربية حاضرا ومستقبلا .